بينما تنشغل القوى الإقليمية والعظمى، ومعها أجهزتها الإعلامية بالهجوم الذي يستهدف انهاء سيطرة قوات “الدولة الإسلامية” على مدينة الموصل، تتواصل الاستعدادات العسكرية الروسية السورية لاستعادة مدينة حلب، والاحياء الشرقية منها، على وجه الخصوص، التي تتمترس فيها المعارضة المسلحة، معتدلة ومتشددة، بزعامة “فتح الشام” او “النصرة” سابقا، وفصيل “احرار الشام”، و”جيش الفتح”، وفصائل في الجيش السوري الحر، وتقدر الأمم المتحدة عدد هؤلاء بحوالي 8 آلاف مقاتل.

امران يؤكدان هذا التطور الذي ربما يكون الأهم في الازمة السورية، ويشكل نقطة تحول رئيسية في مسارها:

 

    الأول: الحديث الذي ادلى به الرئيس السوري بشار الأسد اثناء استقباله امس عدد من الصحافيين الأمريكيين والبريطانيين والمحليين السياسيين، ونشرته صحيفة “نيويورك تايمز″ التي حضر مندوبها اللقاء، واكد فيه، أي الرئيس الأسد، انه سيبقى على رأس السلطة حتى انتهاء فترة ولايته الرئاسية الحالية والثالثة عام 2021.

    الثاني: اجلاء الأمم المتحدة لموظفيها الأجانب من مدينة حلب، ونقلهم الى دمشق بعد تعرض الفندق الذي يقيمون فيه الى قصف مدفعي، لكن هناك مصادر اممية اكدت بأن قرار الاجلاء جرى اتخاذه قبل هذا القصف، تحسبا لحدوث هجوم روسي سوري شرس ووشيك، للقضاء على المعارضة المسلحة التي تتمركز في الاحياء الشرقية.

 

***

التقارير الاستخبارية الغربية التي جرى تسريب بعضها الى صحيفة “التايمز″ البريطانية، ونشرتها قبل يومين، تؤكد ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عاقد العزم على استغلال الفراغ السياسي الذي سيحدث في واشنطن اثناء الانتخابات الرئاسية الامريكية، وما بعدها، لضمان تحقيق “نصر حاسم” لصالح حليفه الرئيس الأسد في حلب.

ما يؤكد هذه التقارير، وصول حاملات طائرات، وسفن حربية روسية الى شرق المتوسط، أي قبالة السواحل السورية، استعدادا لمعركة حلب الكبرى وربما النهائية.

سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي الذي بات يأخذ زمام المبادرة، ويتقدم الصفوف هذه الأيام، ويدير المعركة السياسية والإعلامية، فيما يتوارى زميله سيرغي لافروف، وزير الخارجية عن الأنظار تدريجيا، لم يتردد في تأكيد الحشود البحرية الروسية، والجزم بأن آفاق الحل السياسي في سورية باتت بعيدة جدا، ان لم تكن معدومة.

وما يعزز اغلاق الأبواب في وجه الحلول السياسية التفاوضية لمصلحة تقدم الخيار العسكري، حالة الثقة التي كانت بادية على الرئيس الأسد اثناء لقائه بالصحافيين الغربيين، واستبعاده أي تغييرات سياسية قبل الانتصار في الحرب القائمة، واعرب عن ايمانه وقناعته الراسخة، بان القوات الحكومية السورية ستستعيد السيطرة على البلد، محملا الولايات المتحدة والمتشددين الإسلاميين مسؤولية هذه الحرب، حسب ما جاء في الصحيفة الامريكية.

معركة حلب ما زالت الأكثر أهمية، لان المنتصر فيها سيلعب الدور الأبرز في إعادة رسم هوية المنطقة وحدودها، وتوازنات القوى فيها، وهذا ما يفسر التحشيد العسكري الروسي الكبير لحسمها، وقبل نهاية هذا العام.

 مصدر في الأمم المتحدة، اكد لي اثناء لقائي به الثلاثاء الماضي على هامش ندوة مغلقة شاركت فيها في البحر الميت بالأردن، ان الاستعدادات اوشكت على الاكتمال لمواجهة عملية نزوح كبيرة من المدينة، ووقوع خسائر في الأرواح واصابات في صفوف المدنيين على جانبي الخط الفاصل بين المتحاربين بين “الحلبين” الشرقية والغربية، وهذا ما يفسر تصريح السيدة رافينا مداساني، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان اليوم الثلاثاء، بأن قوات المعارضة والقوات الحكومية في سورية ربما ارتكبت جرائم حرب خلال هجماتها العشوائية.

***

متى كانت الأمم المتحدة تساوي بين الحكومة والمعارضة في ارتكاب جرائم في حق المدنيين؟ ومتى كان الرئيس الأسد يستقبل هذا العدد من المراسلين والمحللين الامريكان والبريطانيين؟

راقبوا الموصل وتطورات الحرب فيها، لكن لا تغلقوا اعينكم واذانكم عن حلب في الوقت نفسه، فهي مركز تجمع أعصاب المنطقة، وعنوان السلم والحرب فيها، والأيام والاسابيع المقبلة ستشهد مفاجآت عديدة، بعضها صادم، وهذا يعتمد على الخندق الذي يقف فيه المرء، ونترك الباقي لفهمكم.

  • فريق ماسة
  • 2016-11-01
  • 16136
  • من الأرشيف

الروس يحشدون لحسم الحرب في حلب استغلالا للفراغ السياسي في واشنطن اثناء فترة الانتخابات الرئاسية..

بينما تنشغل القوى الإقليمية والعظمى، ومعها أجهزتها الإعلامية بالهجوم الذي يستهدف انهاء سيطرة قوات “الدولة الإسلامية” على مدينة الموصل، تتواصل الاستعدادات العسكرية الروسية السورية لاستعادة مدينة حلب، والاحياء الشرقية منها، على وجه الخصوص، التي تتمترس فيها المعارضة المسلحة، معتدلة ومتشددة، بزعامة “فتح الشام” او “النصرة” سابقا، وفصيل “احرار الشام”، و”جيش الفتح”، وفصائل في الجيش السوري الحر، وتقدر الأمم المتحدة عدد هؤلاء بحوالي 8 آلاف مقاتل. امران يؤكدان هذا التطور الذي ربما يكون الأهم في الازمة السورية، ويشكل نقطة تحول رئيسية في مسارها:       الأول: الحديث الذي ادلى به الرئيس السوري بشار الأسد اثناء استقباله امس عدد من الصحافيين الأمريكيين والبريطانيين والمحليين السياسيين، ونشرته صحيفة “نيويورك تايمز″ التي حضر مندوبها اللقاء، واكد فيه، أي الرئيس الأسد، انه سيبقى على رأس السلطة حتى انتهاء فترة ولايته الرئاسية الحالية والثالثة عام 2021.     الثاني: اجلاء الأمم المتحدة لموظفيها الأجانب من مدينة حلب، ونقلهم الى دمشق بعد تعرض الفندق الذي يقيمون فيه الى قصف مدفعي، لكن هناك مصادر اممية اكدت بأن قرار الاجلاء جرى اتخاذه قبل هذا القصف، تحسبا لحدوث هجوم روسي سوري شرس ووشيك، للقضاء على المعارضة المسلحة التي تتمركز في الاحياء الشرقية.   *** التقارير الاستخبارية الغربية التي جرى تسريب بعضها الى صحيفة “التايمز″ البريطانية، ونشرتها قبل يومين، تؤكد ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عاقد العزم على استغلال الفراغ السياسي الذي سيحدث في واشنطن اثناء الانتخابات الرئاسية الامريكية، وما بعدها، لضمان تحقيق “نصر حاسم” لصالح حليفه الرئيس الأسد في حلب. ما يؤكد هذه التقارير، وصول حاملات طائرات، وسفن حربية روسية الى شرق المتوسط، أي قبالة السواحل السورية، استعدادا لمعركة حلب الكبرى وربما النهائية. سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي الذي بات يأخذ زمام المبادرة، ويتقدم الصفوف هذه الأيام، ويدير المعركة السياسية والإعلامية، فيما يتوارى زميله سيرغي لافروف، وزير الخارجية عن الأنظار تدريجيا، لم يتردد في تأكيد الحشود البحرية الروسية، والجزم بأن آفاق الحل السياسي في سورية باتت بعيدة جدا، ان لم تكن معدومة. وما يعزز اغلاق الأبواب في وجه الحلول السياسية التفاوضية لمصلحة تقدم الخيار العسكري، حالة الثقة التي كانت بادية على الرئيس الأسد اثناء لقائه بالصحافيين الغربيين، واستبعاده أي تغييرات سياسية قبل الانتصار في الحرب القائمة، واعرب عن ايمانه وقناعته الراسخة، بان القوات الحكومية السورية ستستعيد السيطرة على البلد، محملا الولايات المتحدة والمتشددين الإسلاميين مسؤولية هذه الحرب، حسب ما جاء في الصحيفة الامريكية. معركة حلب ما زالت الأكثر أهمية، لان المنتصر فيها سيلعب الدور الأبرز في إعادة رسم هوية المنطقة وحدودها، وتوازنات القوى فيها، وهذا ما يفسر التحشيد العسكري الروسي الكبير لحسمها، وقبل نهاية هذا العام.  مصدر في الأمم المتحدة، اكد لي اثناء لقائي به الثلاثاء الماضي على هامش ندوة مغلقة شاركت فيها في البحر الميت بالأردن، ان الاستعدادات اوشكت على الاكتمال لمواجهة عملية نزوح كبيرة من المدينة، ووقوع خسائر في الأرواح واصابات في صفوف المدنيين على جانبي الخط الفاصل بين المتحاربين بين “الحلبين” الشرقية والغربية، وهذا ما يفسر تصريح السيدة رافينا مداساني، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان اليوم الثلاثاء، بأن قوات المعارضة والقوات الحكومية في سورية ربما ارتكبت جرائم حرب خلال هجماتها العشوائية. *** متى كانت الأمم المتحدة تساوي بين الحكومة والمعارضة في ارتكاب جرائم في حق المدنيين؟ ومتى كان الرئيس الأسد يستقبل هذا العدد من المراسلين والمحللين الامريكان والبريطانيين؟ راقبوا الموصل وتطورات الحرب فيها، لكن لا تغلقوا اعينكم واذانكم عن حلب في الوقت نفسه، فهي مركز تجمع أعصاب المنطقة، وعنوان السلم والحرب فيها، والأيام والاسابيع المقبلة ستشهد مفاجآت عديدة، بعضها صادم، وهذا يعتمد على الخندق الذي يقف فيه المرء، ونترك الباقي لفهمكم.

المصدر : عبد الباري عطوان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة