عرضت صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" لرأي المحلل السياسي ميخائيل نيجماكوف بالنسبة إلى الأسباب، التي تحول دون توصل روسيا والولايات المتحدة إلى حل وسط بشأن سوريا.

 

جاء في مقال الصحيفة:

 

أوقفت الولايات المتحدة في بداية هذا الأسبوع التعاون مع روسيا بشأن الهدنة في سوريا. وقد عللت الخارجية الأمريكية ذلك بأن "موسكو لم تنفذ التزاماتها"؛ في حين أن الخارجية الروسية وصفت قرار الولايات المتحدة بأنه "صفقة مع الشيطان". كل هذا يشير إلى أن الطرفين لن يتمكنا من التوصل إلى أي اتفاق خلال الفترة المقبلة.

 

يقول رئيس مركز تحليل السياسة العالمية ميخائيل نيجماكوف إن أسباب عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، هي:

 

1-  الولايات المتحدة في "فترة خلو العرش" وعلى تخوم إدارتين.

 

يلعب رؤساء الولايات المتحدة في نهاية فترة رئاستهم دور "الشرطي الشرير" في السياسة الخارجية، وعلى خلفيتهم يبدو الرئيس الجديد "شرطيا طيبا". ويبدو ذلك واضحا في الأحداث التي وقعت في نهاية ولاية جورج بوش-الابن، حيث توقع الكثيرون أن تغزو القوات الأمريكية إيران. أما بالنسبة لباراك أوباما، فإنه يريد أن يتحقق تقدم ملموس في المسألة السورية في نهاية فترة رئاسته. ولكن التقدم السريع لم يحدث. لذلك، فإن البيت الأبيض حاليا يظهر عناده ولا يقدم التنازلات تاركا المسائل غير المحلولة في النزاع السوري إلى الرئيس الجديد للولايات المتحدة.

 

2-   استمرار النزاع السوري يجلب ليس المشكلات فقط، بل ويعود على الولايات المتحدة بالفائدة. إن استمرار النزاع ومشاركة روسيا فيه يزعج حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة؛ لأن عدم وضوح الموقف يدفعهم أكثر إلى أحضان واشنطن، ودعوتها إلى الضغط على موسكو. وعمليا، فإن إطالة المفاوضات مع روسيا أو تخلي الولايات المتحدة عنها، هي اللعبة المفضلة لواشنطن في "الفوضى الموجهة".

 

3-   اختلاف وجهات النظر في النخبة الأمريكية حول النزاع السوري.

 

هل تتذكرون ما قيل عن رئيس البيت الأبيض في المسلسل التلفزيوني "بيت من ورق": "الرئيس مثل شجرة وحيدة في حقل مقفر، تتمايل مع الرياح". من الممكن أن يدعو "الصقور" علانية إلى مهاجمة قوات الحكومة السورية، وليس "عرضيا" (لنتذكر الطلب الذي أرسله العاملون في الخارجية الأمريكية في شهر يونيو/حزيران 2016). أما الأمريكيون المعتدلون، فهم على استعداد للموافقة على بقاء الرئيس السوري الحالي في منصبه على الأقل "خلال الفترة الانتقالية" غير المحددة. وأوباما هو تلك "الشجرة الوحيدة". فهو مضطر لتحقيق توازن بين مختلف القوى في النخبة الأمريكية. وهذا هو أحد أسباب تغير لهجة واشنطن بشأن النزاع السوري، الأمر الذي يسبب إطالة المفاوضات.

 

4-   رفض الولايات المتحدة الاتفاق مع روسيا حول المشكلات لا علاقة له بسوريا بما في ذلك العقوبات. كان الكثيرون يأملون في السنة الماضية بأن دور روسيا في النزاع السوري سيسمح لها بالحصول على تنازلات من الجانب الأمريكي بشأن المشكلات الأخرى، وخاصة في مسالة العقوبات المفروضة. ولكن واشنطن لا تنوي التراجع في هذه المسألة، لأن العقوبات بالنسبة إليها حجة جيدة للمساومة، ولن تتخلى عنها إلا بعد أن تجني منها على أكثر ما يمكن من الفائدة.

 

5-   الاتفاقات التكتيكية المؤقتة بين البلدان الضالعة في النزاع. فمثلا في شهر أغسطس/آب الماضي توصلت روسيا وتركيا إلى حل وسط مؤقت بشأن سوريا. ولكن إذا تمكنت أنقرة من إضعاف موقف الوحدات الكردية في شمال سوريا، فإنها سوف تطلب من موسكو وطهران تنازلات أكثر في مسألة مستقبل سوريا. مثل هذه العوامل تؤثر أيضا في المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة.

 

6-   عدد المشاركين في الأزمة السورية. من الصعوبة التوفيق بين مصالح جميع الأطراف وبالتالي التوصل إلى اتفاق طويل الأمد. فحتى إذا توصلت موسكو وواشنطن إلى اتفاق تام، فسيظهر عدد من اللاعبين الإقليميين الذين سيعارضون الاتفاق لأنه لا يستجيب لمصالحهم.

  • فريق ماسة
  • 2016-10-08
  • 5297
  • من الأرشيف

ستة أسباب تمنع موسكو وواشنطن من الاتفاق حول سورية

عرضت صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" لرأي المحلل السياسي ميخائيل نيجماكوف بالنسبة إلى الأسباب، التي تحول دون توصل روسيا والولايات المتحدة إلى حل وسط بشأن سوريا.   جاء في مقال الصحيفة:   أوقفت الولايات المتحدة في بداية هذا الأسبوع التعاون مع روسيا بشأن الهدنة في سوريا. وقد عللت الخارجية الأمريكية ذلك بأن "موسكو لم تنفذ التزاماتها"؛ في حين أن الخارجية الروسية وصفت قرار الولايات المتحدة بأنه "صفقة مع الشيطان". كل هذا يشير إلى أن الطرفين لن يتمكنا من التوصل إلى أي اتفاق خلال الفترة المقبلة.   يقول رئيس مركز تحليل السياسة العالمية ميخائيل نيجماكوف إن أسباب عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، هي:   1-  الولايات المتحدة في "فترة خلو العرش" وعلى تخوم إدارتين.   يلعب رؤساء الولايات المتحدة في نهاية فترة رئاستهم دور "الشرطي الشرير" في السياسة الخارجية، وعلى خلفيتهم يبدو الرئيس الجديد "شرطيا طيبا". ويبدو ذلك واضحا في الأحداث التي وقعت في نهاية ولاية جورج بوش-الابن، حيث توقع الكثيرون أن تغزو القوات الأمريكية إيران. أما بالنسبة لباراك أوباما، فإنه يريد أن يتحقق تقدم ملموس في المسألة السورية في نهاية فترة رئاسته. ولكن التقدم السريع لم يحدث. لذلك، فإن البيت الأبيض حاليا يظهر عناده ولا يقدم التنازلات تاركا المسائل غير المحلولة في النزاع السوري إلى الرئيس الجديد للولايات المتحدة.   2-   استمرار النزاع السوري يجلب ليس المشكلات فقط، بل ويعود على الولايات المتحدة بالفائدة. إن استمرار النزاع ومشاركة روسيا فيه يزعج حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة؛ لأن عدم وضوح الموقف يدفعهم أكثر إلى أحضان واشنطن، ودعوتها إلى الضغط على موسكو. وعمليا، فإن إطالة المفاوضات مع روسيا أو تخلي الولايات المتحدة عنها، هي اللعبة المفضلة لواشنطن في "الفوضى الموجهة".   3-   اختلاف وجهات النظر في النخبة الأمريكية حول النزاع السوري.   هل تتذكرون ما قيل عن رئيس البيت الأبيض في المسلسل التلفزيوني "بيت من ورق": "الرئيس مثل شجرة وحيدة في حقل مقفر، تتمايل مع الرياح". من الممكن أن يدعو "الصقور" علانية إلى مهاجمة قوات الحكومة السورية، وليس "عرضيا" (لنتذكر الطلب الذي أرسله العاملون في الخارجية الأمريكية في شهر يونيو/حزيران 2016). أما الأمريكيون المعتدلون، فهم على استعداد للموافقة على بقاء الرئيس السوري الحالي في منصبه على الأقل "خلال الفترة الانتقالية" غير المحددة. وأوباما هو تلك "الشجرة الوحيدة". فهو مضطر لتحقيق توازن بين مختلف القوى في النخبة الأمريكية. وهذا هو أحد أسباب تغير لهجة واشنطن بشأن النزاع السوري، الأمر الذي يسبب إطالة المفاوضات.   4-   رفض الولايات المتحدة الاتفاق مع روسيا حول المشكلات لا علاقة له بسوريا بما في ذلك العقوبات. كان الكثيرون يأملون في السنة الماضية بأن دور روسيا في النزاع السوري سيسمح لها بالحصول على تنازلات من الجانب الأمريكي بشأن المشكلات الأخرى، وخاصة في مسالة العقوبات المفروضة. ولكن واشنطن لا تنوي التراجع في هذه المسألة، لأن العقوبات بالنسبة إليها حجة جيدة للمساومة، ولن تتخلى عنها إلا بعد أن تجني منها على أكثر ما يمكن من الفائدة.   5-   الاتفاقات التكتيكية المؤقتة بين البلدان الضالعة في النزاع. فمثلا في شهر أغسطس/آب الماضي توصلت روسيا وتركيا إلى حل وسط مؤقت بشأن سوريا. ولكن إذا تمكنت أنقرة من إضعاف موقف الوحدات الكردية في شمال سوريا، فإنها سوف تطلب من موسكو وطهران تنازلات أكثر في مسألة مستقبل سوريا. مثل هذه العوامل تؤثر أيضا في المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة.   6-   عدد المشاركين في الأزمة السورية. من الصعوبة التوفيق بين مصالح جميع الأطراف وبالتالي التوصل إلى اتفاق طويل الأمد. فحتى إذا توصلت موسكو وواشنطن إلى اتفاق تام، فسيظهر عدد من اللاعبين الإقليميين الذين سيعارضون الاتفاق لأنه لا يستجيب لمصالحهم.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة