حزين ام غاضب ام محبط ام حائر ام ثائر الملك سلمان بن عبد العزيز؟

 

العاهل السعودي، حاليا، كل هذا. منذ نعومة اظفاره، كان يلاحظ كيف ان والده، مؤسس المملكة، كان يسند ظهره الى اميركا على انها من تتولى ادارة الكرة الارضية بأصابعها، ربما تتولى ايضا ادارة القضاء والقدر بأساطيلها...

 

من اجل اللقاء مع الملك عبد العزيز آل سعود على متن الباخرة كوينسي، قطع الرئيس فرنكلين روزفلت نصف المعمورة، من يالطا الى قناة السويس، وفي ساقيه 7 كيلوغرامات من الحديد.

بعد المؤتمر الشهير في شباط 1945 مع جوزف ستالين وونستون تشرشل لم يكن ذلك اللقاء بالامر العادي قطعا.

اكثر من مرة قلنا ان ما من دولة في العالم قدمت اكثر من المملكة تلك الخدمات الاستراتيجية للولايات المتحدة، قبل ان يفاجأ البلاط بأن ريتشارد بيرل كان يستجلب الباحثين والمنظرين الى البنتاغون ليحاضروا في الجنرالات، وفي المخططين الاستراتيجيين، حول المملكة كدولة من القرون الوسطى وينبغي تغيير كل شيء فيها من بنية السلطة وحتى...اكل الولد التفاحة...

كان هذا ايام الرئيس جورج دبليو بوش الذي حنث بتعهده احتلال دمشق وتغيير النظام فيها فور احتلال بغداد وتغيير النظام فيها، وان كان هناك من يرى ان غرق الرئيس الاميركي في النيران العراقية المتحركة هو الذي حال دون اكمال سيره من عاصمة الراشدين الى عاصمة الامويين...

ايضا، كانت الرياض تراهن على دور اميركي عاصف في اسقاط النظام في سوريا اثر اندلاع الازمة وعسكرتها هناك، وتعيين عضو في العائلة المالكة السعودية اميراعلى الديارالسورية، او على الاقل تعيين متصرف عليها لا يقل شأنا، وعبقرية، وخشبية، عن رياض حجاب...

هذا لم يحصل، ليس لان اميركا ضنينة بسوريا او بأهل سوريا،  وانما لانها مثلما رسمت حدودا للدور التركي، ومثلما اغتالت الدور المصري، وضعت خطوطا حمراء كثيرة امام الدور السعودي، لا سيما بعدما اعتبرت ان ما حدث في 11 ايلول 2001 انما هو احد تجليات الايديولوجيا السعودية، على انها، وكما قال بيرل نفسه، ضاربة في العنف، والانغلاق، والكراهية...

السعوديون الذين لا تفوتهم فراسة سكان البادية كانوا يستشعرون ان ثمة خللا بنيويا، خللا خطيرا، في العلاقة بينهم وبين الولايات المتحدة. ولكن ما العمل وما البديل؟ هم قرأوا جيدا ما تردد إبان عهد الرئيس بيل كلينتون حول تغيير الوجوه، قبل ان تتطور هذه الجدلية باتجاه تغيير الانظمة وصولا الى تغيير الخرائط...

في هذه الحال، لا مجال الا للتعايش مع الخلل،وبعدما راح منظّرون اميركيون يروجون لفكرة الفصل بين نجد والحجاز، اي بين الثروة النفطية والثروة...الالهية!

اذاً، موقف الكونغرس لم يكن مفاجئاً، هو امتداد لسياسات طالما اعتبرت ان البنية الايديولوجية للمملكة هي ولاّدة للعنف العابر للقارات الذي ضرب نيويورك، وما تعنيه بالنسبة الى العظمة الاميركية، هو السعودي، ابن العائلة الثرية، والفاعلة، اسامة بن لادن، ومعظم السعوديين الذين شاركوا في التنفيذ لا ينتمون الى الطبقات الدنيا. بعضهم خريجو جامعات كبرى. اذاً انه، وبالحرف الواحد، كما قيل في واشنطن، الاخطبوط العقائدي.

كيف لا يكون صاحب الجلالة غاضبا، وحزينا، ومحبطا حين يعلم ان مجلس الشيوخ اسقط الفيتو الرئاسي على قانون مقاضاة السعودية بـ97 صوتا من اصل 100. كان ثمة سيناتور واحد معترض هو زعيم الاقلية الديمقراطية هاري ريد...

كيف يمكن للملك ان يصدق ان اولئك الذين اُغدق عليهم المال السعودي، وبينهم السناتور جون ماكين والسناتور لندسي غراهام، يرتكبون تلك الخيانة، الخيانة العظمى، الامر الذي ينسحب على مجلس النواب حيث تم تجاوز الفيتو بـ 348 صوتا مقابل 77.

المملكة دون حصانة قضائية في اميركا، فهل هي دون حصانة استراتيجية في الشرق الاوسط؟ ثم الم ينقل عن مسؤول سعودي بارز قوله ان اميركا «اعلنت الحرب علينا في اليمن». الملك خائف على ابنه الامير محمد من الولايات المتحدة..

العلاقات السعودية مع واشنطن في مأزق مثلما هي العلاقات الايرانية مع واشنطن، وحيث لم يقدم الاميركيون الى الرئيس حسن روحاني، وبعد اتفاق فيينا، سوى الفتات.

لا نتوقع ان تحذو الرياض حذو طهران، وتنسق استراتيجيا مع موسكو، ولكن اليس هذا هو الوقت المثالي لاستعادة طرح الرئيس محمد خاتمي اقامة منظومة امنية على ضفتي الخليج بدل الرهان السيزيفي على لعبة الامم؟

كلنا ماضون في لعبة القبائل. لا تظنوا انها اقل هولاً من...لعبة الامم.

  • فريق ماسة
  • 2016-10-03
  • 12678
  • من الأرشيف

صاحب الجلالة حزيناً وغاضباً

حزين ام غاضب ام محبط ام حائر ام ثائر الملك سلمان بن عبد العزيز؟   العاهل السعودي، حاليا، كل هذا. منذ نعومة اظفاره، كان يلاحظ كيف ان والده، مؤسس المملكة، كان يسند ظهره الى اميركا على انها من تتولى ادارة الكرة الارضية بأصابعها، ربما تتولى ايضا ادارة القضاء والقدر بأساطيلها...   من اجل اللقاء مع الملك عبد العزيز آل سعود على متن الباخرة كوينسي، قطع الرئيس فرنكلين روزفلت نصف المعمورة، من يالطا الى قناة السويس، وفي ساقيه 7 كيلوغرامات من الحديد. بعد المؤتمر الشهير في شباط 1945 مع جوزف ستالين وونستون تشرشل لم يكن ذلك اللقاء بالامر العادي قطعا. اكثر من مرة قلنا ان ما من دولة في العالم قدمت اكثر من المملكة تلك الخدمات الاستراتيجية للولايات المتحدة، قبل ان يفاجأ البلاط بأن ريتشارد بيرل كان يستجلب الباحثين والمنظرين الى البنتاغون ليحاضروا في الجنرالات، وفي المخططين الاستراتيجيين، حول المملكة كدولة من القرون الوسطى وينبغي تغيير كل شيء فيها من بنية السلطة وحتى...اكل الولد التفاحة... كان هذا ايام الرئيس جورج دبليو بوش الذي حنث بتعهده احتلال دمشق وتغيير النظام فيها فور احتلال بغداد وتغيير النظام فيها، وان كان هناك من يرى ان غرق الرئيس الاميركي في النيران العراقية المتحركة هو الذي حال دون اكمال سيره من عاصمة الراشدين الى عاصمة الامويين... ايضا، كانت الرياض تراهن على دور اميركي عاصف في اسقاط النظام في سوريا اثر اندلاع الازمة وعسكرتها هناك، وتعيين عضو في العائلة المالكة السعودية اميراعلى الديارالسورية، او على الاقل تعيين متصرف عليها لا يقل شأنا، وعبقرية، وخشبية، عن رياض حجاب... هذا لم يحصل، ليس لان اميركا ضنينة بسوريا او بأهل سوريا،  وانما لانها مثلما رسمت حدودا للدور التركي، ومثلما اغتالت الدور المصري، وضعت خطوطا حمراء كثيرة امام الدور السعودي، لا سيما بعدما اعتبرت ان ما حدث في 11 ايلول 2001 انما هو احد تجليات الايديولوجيا السعودية، على انها، وكما قال بيرل نفسه، ضاربة في العنف، والانغلاق، والكراهية... السعوديون الذين لا تفوتهم فراسة سكان البادية كانوا يستشعرون ان ثمة خللا بنيويا، خللا خطيرا، في العلاقة بينهم وبين الولايات المتحدة. ولكن ما العمل وما البديل؟ هم قرأوا جيدا ما تردد إبان عهد الرئيس بيل كلينتون حول تغيير الوجوه، قبل ان تتطور هذه الجدلية باتجاه تغيير الانظمة وصولا الى تغيير الخرائط... في هذه الحال، لا مجال الا للتعايش مع الخلل،وبعدما راح منظّرون اميركيون يروجون لفكرة الفصل بين نجد والحجاز، اي بين الثروة النفطية والثروة...الالهية! اذاً، موقف الكونغرس لم يكن مفاجئاً، هو امتداد لسياسات طالما اعتبرت ان البنية الايديولوجية للمملكة هي ولاّدة للعنف العابر للقارات الذي ضرب نيويورك، وما تعنيه بالنسبة الى العظمة الاميركية، هو السعودي، ابن العائلة الثرية، والفاعلة، اسامة بن لادن، ومعظم السعوديين الذين شاركوا في التنفيذ لا ينتمون الى الطبقات الدنيا. بعضهم خريجو جامعات كبرى. اذاً انه، وبالحرف الواحد، كما قيل في واشنطن، الاخطبوط العقائدي. كيف لا يكون صاحب الجلالة غاضبا، وحزينا، ومحبطا حين يعلم ان مجلس الشيوخ اسقط الفيتو الرئاسي على قانون مقاضاة السعودية بـ97 صوتا من اصل 100. كان ثمة سيناتور واحد معترض هو زعيم الاقلية الديمقراطية هاري ريد... كيف يمكن للملك ان يصدق ان اولئك الذين اُغدق عليهم المال السعودي، وبينهم السناتور جون ماكين والسناتور لندسي غراهام، يرتكبون تلك الخيانة، الخيانة العظمى، الامر الذي ينسحب على مجلس النواب حيث تم تجاوز الفيتو بـ 348 صوتا مقابل 77. المملكة دون حصانة قضائية في اميركا، فهل هي دون حصانة استراتيجية في الشرق الاوسط؟ ثم الم ينقل عن مسؤول سعودي بارز قوله ان اميركا «اعلنت الحرب علينا في اليمن». الملك خائف على ابنه الامير محمد من الولايات المتحدة.. العلاقات السعودية مع واشنطن في مأزق مثلما هي العلاقات الايرانية مع واشنطن، وحيث لم يقدم الاميركيون الى الرئيس حسن روحاني، وبعد اتفاق فيينا، سوى الفتات. لا نتوقع ان تحذو الرياض حذو طهران، وتنسق استراتيجيا مع موسكو، ولكن اليس هذا هو الوقت المثالي لاستعادة طرح الرئيس محمد خاتمي اقامة منظومة امنية على ضفتي الخليج بدل الرهان السيزيفي على لعبة الامم؟ كلنا ماضون في لعبة القبائل. لا تظنوا انها اقل هولاً من...لعبة الامم.

المصدر : الديار / نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة