نجح مشروع توسيع التسويات المحلية بقضم منطقةٍ جديدة بجوار دمشق، هي منطقة قدسيا، وذلك في الوقت الذي تعقّدت فيه التسوية في منطقة الهامة المجاورة لها.

وقال عضو في لجنة المصالحة الوطنية لـ «السفير» أمس إن اللجنة تتوقعُ مغادرةَ آخر دفعةٍ من المسلحين الموجودين في قدسيا خلال أيام، وذلك إلى إحدى وجهتين، هما حماه وإدلب.

وفاجأت التطورات السريعة في قدسيا الجميع، باعتبار أن البلدة تعيش «حالة مصالحة» مع الجيش منذ ما يزيد عن العام تسمح بالدخول والخروج اليها، وتبقيها خارج الصراع، رغم أن توتراتٍ عديدة كانت تتكرر بين المسلحين الموجودين في البلدة وعناصر الجيش من حينٍ إلى آخر.

ومنذ اسبوع، تحركت وحداتٌ من الجيش باتجاه أحد مداخل البلدة، لأسباب قيل إنها مرتبطةٌ باختطاف عناصر من الجيش أو قنص بعض الجنود، وتسارعت وتيرة التصعيد، ما قاد إلى اجتماعٍ سريع للجان مصالحة محلية بحضور ضباط من الجيش، تمّ التوصل بعده إلى اتفاق نهائي.

ووفقاً للمصدر نفسه، تمّ توقيع التسوية الأسبوع الماضي بين الجيش ولجنة التفاوض، وهي تنص على «وقف إطلاق النار، وخروج كل من لا يرغب في تسوية وضعه، وتسليم السلاح، وتسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية والفارين منها، ودخول مؤسسات الدولة بمختلف أصنافها، والسماح لقوات الأمن السورية بالدخول والتفتيش متى أرادت ذلك»، على أن يتولى «الحرس الجمهوري» في الجيش السوري تنفيذ هذه الاتفاقية. وذكرت مواقع معارضة أن «تنفيذ هذه المبادرة سيجري تحت إشراف ومتابعة مفتي دمشق وريفها»، فيما تختص محافظة ريف دمشق بإعادة الخدمات المتوقفة للمدينة بمجرد إخلائها من المسلحين.

وقدّرت المصادر أن يتراوح عدد المسلحين المسجلين للمغادرة بين 300 و 400 من دون عوائلهم (ما يرفعهم مع عوائلهم إلى الآلاف)، وسيتم نقلهم إلى محافظتي حماه وإدلب بناءً على رغبتهم.

ومن المتوقع أن تحصل عمليات الخروج «خلال ثلاثة أيام على أبعد تقدير»، على أن تعلن بعدها البلدة ضمن اطار التسويات الجديدة «فتعود اليها الحياة كالسابق، وتتم إعادة فتح الطرق وعودة مؤسسات الدولة وخدماتها».

وكانت مواقع المعارضة ذكرت أمس الاول أن عدداً كبيراً من المسلحين (قدّرتهم بالآلاف) تقدم فعلياً إلى لجان المصالحة لتسجيل اسمه في لوائح المغادرين. وعزت المصادر السرعة في التوصل إلى تسوية في البلدة إلى عاملين، الأول هو كثافة الهاربين من جحيم الحرب في الغوطة الشرقية إلى البلدة، ممن لا يريدون تكرار السيناريوهات التي سبق وعايشوها في مناطقهم، ووفقاً لمصادر محلية يزيد عددهم عن نصف مليون شخص، فيما لم يكن عدد سكان قدسيا يتجاوز 50 ألفاً قبل الاحداث، وفقا للمصدر السابق.

وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لـ «تظاهرة خرج بها سكان البلدة في احد الشوارع مطالبةً المسلحين بالمغادرة والقبول بالتسوية»، حيث يأتي هنا العامل الثاني وفقاً للمصادر السابقة، كون كثر من المقاتلين في قدسيا «اصحاب سوابق جنائية»، و «من سكان البلدة اساساً»، ما سرّع بقبولهم كونهم لا يملكون «خلفيات عقائدية».

إلا أن سلاسة الأمور في قدسيا، لم تسر على الهامة التي كان من المقرر أن تشملها التسوية هي الاخرى، بل على العكس، صعدّ الجيشُ من كثافة حملته النارية على البلدة مستخدماً المدفعية والدبابات لقصف مقار المسلحين، وخصوصاً على محور طريق بيروت القديم ومحور جمرايا، حيث تتواجد فصائل لـ «جبهة النصرة»، وتخضع المنطقة لحصار شبه كامل منذ ثلاث سنوات تقريباً.

ونقل معارضون في المنطقة صباح الأحد الماضي أن لجان التفاوض في الهامة «ما زالت تعقد اجتماعاتها بغرض تثبيت تسوية مع الجيش»، مشيرين إلى أن القصف المستمر «يُعقدّ الأمور»، كما أن «مطالبة الراغبين بالخروج بحماية الامم المتحدة كما سبق وحصل في داريا» تزيد من صعوبة التوصل إلى تسوية، بسبب رفض مكتب الهيئة الدولية في سوريا المشاركة مجدداً في «هذا النوع من التسويات». إلا أن الطرفين يتحدثان عن امكانية «حصول انفراج غير بعيد» في الوقت ذاته.

وبكل الاحوال، يثبت ما جرى في قدسيا، أن سياسة استعادة السيطرة بالتسويات، مستمرة وتلاقي نجاحاً، خصوصاً أنها تأتي كمرحلة لاحقة للمصالحات التي تجري، وتحتكم في نتائجها إلى موازين القوى التي تميل بطبعها للجيش والدولة في مختلف المناطق القريبة من العاصمة دمشق.

  • فريق ماسة
  • 2016-10-03
  • 17445
  • من الأرشيف

تسوية قدسيا تسير بسلاسة.. وتتعقد في الهامة

نجح مشروع توسيع التسويات المحلية بقضم منطقةٍ جديدة بجوار دمشق، هي منطقة قدسيا، وذلك في الوقت الذي تعقّدت فيه التسوية في منطقة الهامة المجاورة لها. وقال عضو في لجنة المصالحة الوطنية لـ «السفير» أمس إن اللجنة تتوقعُ مغادرةَ آخر دفعةٍ من المسلحين الموجودين في قدسيا خلال أيام، وذلك إلى إحدى وجهتين، هما حماه وإدلب. وفاجأت التطورات السريعة في قدسيا الجميع، باعتبار أن البلدة تعيش «حالة مصالحة» مع الجيش منذ ما يزيد عن العام تسمح بالدخول والخروج اليها، وتبقيها خارج الصراع، رغم أن توتراتٍ عديدة كانت تتكرر بين المسلحين الموجودين في البلدة وعناصر الجيش من حينٍ إلى آخر. ومنذ اسبوع، تحركت وحداتٌ من الجيش باتجاه أحد مداخل البلدة، لأسباب قيل إنها مرتبطةٌ باختطاف عناصر من الجيش أو قنص بعض الجنود، وتسارعت وتيرة التصعيد، ما قاد إلى اجتماعٍ سريع للجان مصالحة محلية بحضور ضباط من الجيش، تمّ التوصل بعده إلى اتفاق نهائي. ووفقاً للمصدر نفسه، تمّ توقيع التسوية الأسبوع الماضي بين الجيش ولجنة التفاوض، وهي تنص على «وقف إطلاق النار، وخروج كل من لا يرغب في تسوية وضعه، وتسليم السلاح، وتسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية والفارين منها، ودخول مؤسسات الدولة بمختلف أصنافها، والسماح لقوات الأمن السورية بالدخول والتفتيش متى أرادت ذلك»، على أن يتولى «الحرس الجمهوري» في الجيش السوري تنفيذ هذه الاتفاقية. وذكرت مواقع معارضة أن «تنفيذ هذه المبادرة سيجري تحت إشراف ومتابعة مفتي دمشق وريفها»، فيما تختص محافظة ريف دمشق بإعادة الخدمات المتوقفة للمدينة بمجرد إخلائها من المسلحين. وقدّرت المصادر أن يتراوح عدد المسلحين المسجلين للمغادرة بين 300 و 400 من دون عوائلهم (ما يرفعهم مع عوائلهم إلى الآلاف)، وسيتم نقلهم إلى محافظتي حماه وإدلب بناءً على رغبتهم. ومن المتوقع أن تحصل عمليات الخروج «خلال ثلاثة أيام على أبعد تقدير»، على أن تعلن بعدها البلدة ضمن اطار التسويات الجديدة «فتعود اليها الحياة كالسابق، وتتم إعادة فتح الطرق وعودة مؤسسات الدولة وخدماتها». وكانت مواقع المعارضة ذكرت أمس الاول أن عدداً كبيراً من المسلحين (قدّرتهم بالآلاف) تقدم فعلياً إلى لجان المصالحة لتسجيل اسمه في لوائح المغادرين. وعزت المصادر السرعة في التوصل إلى تسوية في البلدة إلى عاملين، الأول هو كثافة الهاربين من جحيم الحرب في الغوطة الشرقية إلى البلدة، ممن لا يريدون تكرار السيناريوهات التي سبق وعايشوها في مناطقهم، ووفقاً لمصادر محلية يزيد عددهم عن نصف مليون شخص، فيما لم يكن عدد سكان قدسيا يتجاوز 50 ألفاً قبل الاحداث، وفقا للمصدر السابق. وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لـ «تظاهرة خرج بها سكان البلدة في احد الشوارع مطالبةً المسلحين بالمغادرة والقبول بالتسوية»، حيث يأتي هنا العامل الثاني وفقاً للمصادر السابقة، كون كثر من المقاتلين في قدسيا «اصحاب سوابق جنائية»، و «من سكان البلدة اساساً»، ما سرّع بقبولهم كونهم لا يملكون «خلفيات عقائدية». إلا أن سلاسة الأمور في قدسيا، لم تسر على الهامة التي كان من المقرر أن تشملها التسوية هي الاخرى، بل على العكس، صعدّ الجيشُ من كثافة حملته النارية على البلدة مستخدماً المدفعية والدبابات لقصف مقار المسلحين، وخصوصاً على محور طريق بيروت القديم ومحور جمرايا، حيث تتواجد فصائل لـ «جبهة النصرة»، وتخضع المنطقة لحصار شبه كامل منذ ثلاث سنوات تقريباً. ونقل معارضون في المنطقة صباح الأحد الماضي أن لجان التفاوض في الهامة «ما زالت تعقد اجتماعاتها بغرض تثبيت تسوية مع الجيش»، مشيرين إلى أن القصف المستمر «يُعقدّ الأمور»، كما أن «مطالبة الراغبين بالخروج بحماية الامم المتحدة كما سبق وحصل في داريا» تزيد من صعوبة التوصل إلى تسوية، بسبب رفض مكتب الهيئة الدولية في سوريا المشاركة مجدداً في «هذا النوع من التسويات». إلا أن الطرفين يتحدثان عن امكانية «حصول انفراج غير بعيد» في الوقت ذاته. وبكل الاحوال، يثبت ما جرى في قدسيا، أن سياسة استعادة السيطرة بالتسويات، مستمرة وتلاقي نجاحاً، خصوصاً أنها تأتي كمرحلة لاحقة للمصالحات التي تجري، وتحتكم في نتائجها إلى موازين القوى التي تميل بطبعها للجيش والدولة في مختلف المناطق القريبة من العاصمة دمشق.

المصدر : زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة