دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
اليوم وتحت ضربات الجيش العربي السوري تتساقط بؤر الإرهاب وتتساقط معها أحلام وأوهام عاشها بعض المغفلين الذين توهموا سهولة إسقاط سورية، فبعد سلسلة الهزائم التي منيت بها هذه القوى الطارئة والمتآمرة، بدأت هذه القوى إعادة النظر في استراتيجيتها القائمة والمعلنة تجاه سورية، ونحن نلاحظ أنّ حجم الضغوط العسكرية في الداخل السوري بدأ بالتلاشي مع انهيار بنية التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً بعد إشعال الجيش وقوى المقاومة الشعبية معارك كبرى وعلى عدة جبهات، فمنذ مطلع شهر تشرين أول من العام الماضي لاحظ جميع المتابعين لمجريات الحرب التي عصفت وما زالت تعصف بسورية تغيّراً مضطرداً في قواعد اللعبة السياسية والعسكرية، والذي يصبّ في مصلحة الدولة السورية التي كسبت نقاطاً عدّة، بينما خسرت قوى التآمر الكثير من نقاطها، بل تعرّت في شكل كامل أمام الجميع.
وبقراءة موضوعية للأحداث على الأرض السورية، هناك مؤشرات إلى تحسُّن ملحوظ فيما يخصّ الأمن المجتمعي والأمن الاقتصادي، رغم حجم الماسأة التي لحقت بالسوريين نتيجة الحرب على وطنهم. وفي السياق نفسه، هناك رؤية بدأت تتبلور في أروقة صنع القرارات الدولية حول الملف السوري، وتركز هذه الرؤية على وجوب تجاوز فرضية إسقاط الدولة والنظام في سورية لأنّ الوقائع على الأرض أثبتت عدم جدوى هذه الفرضية.
لقد تجاوزت سورية المرحلة الأصعب من عمر الحرب المفروضة عليها، ومهما حاولت دول التآمر إعادة الأمور إلى سياقها المرسوم وفق الخطة المرسومة لاسقاط سورية ، فإنها لن تستطيع الوصول إلى أهدافها، لأنّ حقائق تلك الحرب تكشفت للجميع، لذلك أقرّت القوى المتآمرة على سورية بأنه يجب التعامل معها بأسلوب مختلف والانفتاح عليها لأنها ستكون، بصمودها هذا، محوراً جديداً في هذا العالم، وسيحدّد هذا الصمود شكل العالم الجديد.
الدولة سورية تعرضت لحرب قذرة،فالتقارير ومراكز الدراسات العالمية أكدت أنّ عدد الدول التي تصدر الارهابيين إلى سورية تجاوز اثنين وتسعين دولة وأنّ هناك غرف عمليات منظمة ضمن بعض المناطق المحاذية لسورية، لتدريب وتسليح هؤلاء الارهابيين ثم توريدهم وتسهيل عبورهم من أغلب المنافذ الحدودية، وخصوصاً الحدود التركية، والتي تحدثت هذه الدراسات عنها بإسهاب، شارحة كيف سمحت تركيا بعبور عشرات الآلاف من الارهابيين، لذلك من الطبيعي أن نجد اليوم كمّاً هائلاً من الإرهابيين قد دخل إلى سورية، بهدف ضرب المنظومة السورية المعادية للمشروع الصهيو -أميركي ، وضرب الفكر العقائدي المقاوم لهذه المشاريع، وخصوصاً المنظومة العقائدية للجيش العربي السوري واستنزاف قدراته اللوجيستية والبشرية، كهدف تتبعه أهداف أخرى في المنظومة الاستراتيجية للمؤامرة الكبرى على سورية، لأنّ تفكيك الدولة يستلزم تفكيك الجيش ومن ثمّ المجتمع ومن ثمّ الجغرافيا، وكان هذا الرهان هو الهدف الأساس من عسكرة الداخل السوري.
ومع استمرار إنتصارات الجيش العربي السوري وتماسكه وتلاحم الشعب مع هذا الجيش العقائدي، انهارت في شكل تدريجي أهداف هذه المنظومة،أمام إرادة الجيش وتلاحمه مع كلّ كيانات الداخل السوري من شعب وقياده سياسية رغم محاولات شيطنته إعلامياً من قبل وسائل الإعلام المتآمرة ،وقد شكلت معركة تحرير حلب التي يخوضها الجيش العربي السوري بدعم من حلفائه وما سيتبعها من معارك ،البداية لإسقاط هذا المشاريع التقسيمية للدولة السورية وللمنطقة العربية ككل، فاليوم من المتوقع أن يفتح الباب أمام معارك التحرير الكبرى في حلب وريف حمص الشمالي وارياف حماة ودمشق وريفيها الشرقي والغربي ودرعا والقنيطرة، انتقالاً إلى معارك دير الزور .
بهذه المرحلة من الواضح أيضآ،إنّ لتماسك وتلاحم القوى الوطنية في الداخل السوري، والتي تؤمن جميعها بقضيتها والمتفهمة لحقيقة وطبيعة هذه الحرب أبعاداً وخلفيات،دورآ بارزآ بالتصدي لهذه المؤامرة ودعم مسارات عمل الجيش العربي السوري ، ومن هنا فقد أجهض هذا التلاحم لثلاثية الجيش والشعب والقيادة السياسية خطط المتآمرين وأسقط أهدافهم بالتضحيات الجسام، فالمؤسسة العسكرية السورية، ورغم كلّ ما أصابها، أرسلت رسائل واضحة وأثبتت أنها مؤسسة عميقة ووطنية وقومية جامعة لا يمكن إسقاطها أو تفكيكها ضمن حرب إعلامية، أو خلق نقاط إرهابية ساخنة في مناطق متعدّدة لمواجهتها، فانتفاضة الجيش العربي السوري الاخيرة والسريعة في وجه كلّ النقاط الساخنة وبدعم كامل من غالبية الشعب السوري، شكلا حالة من الإحباط عند أعداء سورية وأديا إلى خلط أوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة، فاليوم سقطت يافطة "إسقاط سورية"، بتلاحم الجيش والشعب والقيادة السياسية.
ختاماً، علينا أن نقرّ جميعاً بأنّ صمود الجيش السوري والتلاحم بين أركان الدولة وشعبها وجيشها للحفاظ على وحدة الجغرافيا والديموغرافيا من الأعداء والمتآمرين والكيانات الطارئة في المنطقة والتي تحاول المسّ بوحدتها، ما هو إلا فصل من فصول قادمة سيثبت من خلالها السوريون أنهم كانوا وما زالوا وسيبقون بتكامل وحدتهم، صفاً واحداً ضدّ جميع مشاريع التقسيم، وسيستمرون في التصدي لهذه المشاريع، إلى أن تعلن سورية أنها أسقطت المشروع الصهيو -أميركي ،وانتصرت عليه، وهذا ليس ببعيد بل يبدو أنه قريب جدّاً.
المصدر :
الماسة السورية//هشام الهبيشان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة