لا أدري هل يدرك أصحاب القرار في السعودية، ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن شركة «سعودي أوجيه» ليست مجرد شركة مقاولات، بقدر ما هي مشروع سياسي خدم المملكة لسنوات طويلة، وكانت إحدى أدوات «قوّتها الناعمة» في لبنان وفي سوريا أيضاً؟

 

ثمة يقين بأنّ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدرك ذلك، ولذا أَحَب رفيق الحريري، وكان يبدي له كل الدعم والتأييد في المملكة وخارجها.

 

ولذا أيضا، كان الملك سلمان ـ حين كان أميراً لمنطقة الرياض ـ من أشدّ المتأثرين باغتيال الحريري، وهو الذي نصح بأن يرث سعد الحريري والده سياسياً حينما ظهرت في الأفق بوادر خلاف بين سعد وشقيقه بهاء حول الإرث السياسيّ لوالدهما. لاحقا لم يكتف بالنصح بل كان داعماً لسعد.

أذكر أنني حين كتبتُ مقالة أنتقد فيه تحالف سعد الحريري مع الرئيس أمين الجميل ومع الدكتور سمير جعجع قابلني الأمير ـ في حينه ـ سلمان بن عبد العزيز وقال لي: «دعك من الكتابة عن سعد.. إنّه ولدنا».

ليس خافيا على أحد أن «سعودي أوجيه» كانت إحدى أدوات القوة السعودية الناعمة في لبنان وسوريا،

 

للأسف، ها هي أمبراطورية «سعودي اوجيه» تنهار حاليا، ليس بسبب عدم دفع المستحقات المالية من قبل وزارة المال السعودية (تقدر بنحو 8 مليارات دولار) كما تقول مصادر اقتصادية في الرياض، وليس بسبب الإجراءات المجحفة التي تتعمد وزارة العمل السعودية اتخاذها ضد الشركة والتي زادت من أعبائها، فحسب, ولكنّ السبب الأساس هو التجاهل المتعمد من أصحاب القرار في المملكة إزاء أزمة «سعودي اوجيه»، حتى ان الأقاويل والشائعات تكثر حول سعي ولي ولي العهد السعودي للسيطرة على الشركة وشرائها.

كما أن «الود المفقود» بين الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان من جهة، وبينهما وبين الحريري من جهة ثانية، أدى الى إضعاف نفوذ الأخير في المملكة وصعّب بالتالي على الحريري الوصول إلى الملك سلمان وإقناعه بالتدخل، بالإضافة إلى ما يُحكى عن تعمّد ولي ولي العهد إبعاد ابن الشهيد عن الملك، بدليل أنه طلب أكثر من مرة موعداً من الملك ومن نجله وما زال ينتظر حتى الآن الجواب.

كلّ ذلك أدّى إلى انهيار «سعودي اوجيه» ونسيان دورها كواحدة من أهم أدوات القوة الناعمة للمملكة وللنفوذ السعودي في لبنان والمنطقة.

في المقابل، يتحدث بعض السعوديين في الرياض عن أنّ ارتكاب الحريري أخطاء سياسية (مثل قرار ترك بيروت سنوات عدة)، جعل المملكة لا تعتمد عليه كما كانت تعتمد على والده.

 

كلّ هذا يشي بأن لبنان ليس على خريطة أولويات المملكة في هذه الأيام، لا بل ثمة سياسة تخلّ سعودية عن لبنان «لأسبابٍ غير مفهومة» حتّى الآن، وإلّا لمَ لم يُعيّن سفير للمملكة في لبنان بعدما انتهت فترة عمل السفير علي عواض عسيري وغادر بيروت منذ أشهر وأحيل على التقاعد في الرياض من دون أن يعطى وقتا للقيام بزياراته البروتوكولية الوداعية على المسؤولين اللبنانيين؟

ولماذا تترك السعودية مؤسسات «المقاصد» ومستشفاها تحت طائلة الديون، فيما هذه الجمعية البيروتية معروفة تاريخياً بأنّها تحت الرعاية السعودية، حتى أن «دار الأيتام الإسلامية» التي تموّلها السعودية أيضا تم التخلي عنها سعوديا.

  • فريق ماسة
  • 2016-09-21
  • 8277
  • من الأرشيف

انهيار «سعودي أوجيه»: الحريري يطلب لقاء الملك.. و«الديوان» لا يجيب

لا أدري هل يدرك أصحاب القرار في السعودية، ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن شركة «سعودي أوجيه» ليست مجرد شركة مقاولات، بقدر ما هي مشروع سياسي خدم المملكة لسنوات طويلة، وكانت إحدى أدوات «قوّتها الناعمة» في لبنان وفي سوريا أيضاً؟   ثمة يقين بأنّ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدرك ذلك، ولذا أَحَب رفيق الحريري، وكان يبدي له كل الدعم والتأييد في المملكة وخارجها.   ولذا أيضا، كان الملك سلمان ـ حين كان أميراً لمنطقة الرياض ـ من أشدّ المتأثرين باغتيال الحريري، وهو الذي نصح بأن يرث سعد الحريري والده سياسياً حينما ظهرت في الأفق بوادر خلاف بين سعد وشقيقه بهاء حول الإرث السياسيّ لوالدهما. لاحقا لم يكتف بالنصح بل كان داعماً لسعد. أذكر أنني حين كتبتُ مقالة أنتقد فيه تحالف سعد الحريري مع الرئيس أمين الجميل ومع الدكتور سمير جعجع قابلني الأمير ـ في حينه ـ سلمان بن عبد العزيز وقال لي: «دعك من الكتابة عن سعد.. إنّه ولدنا». ليس خافيا على أحد أن «سعودي أوجيه» كانت إحدى أدوات القوة السعودية الناعمة في لبنان وسوريا،   للأسف، ها هي أمبراطورية «سعودي اوجيه» تنهار حاليا، ليس بسبب عدم دفع المستحقات المالية من قبل وزارة المال السعودية (تقدر بنحو 8 مليارات دولار) كما تقول مصادر اقتصادية في الرياض، وليس بسبب الإجراءات المجحفة التي تتعمد وزارة العمل السعودية اتخاذها ضد الشركة والتي زادت من أعبائها، فحسب, ولكنّ السبب الأساس هو التجاهل المتعمد من أصحاب القرار في المملكة إزاء أزمة «سعودي اوجيه»، حتى ان الأقاويل والشائعات تكثر حول سعي ولي ولي العهد السعودي للسيطرة على الشركة وشرائها. كما أن «الود المفقود» بين الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان من جهة، وبينهما وبين الحريري من جهة ثانية، أدى الى إضعاف نفوذ الأخير في المملكة وصعّب بالتالي على الحريري الوصول إلى الملك سلمان وإقناعه بالتدخل، بالإضافة إلى ما يُحكى عن تعمّد ولي ولي العهد إبعاد ابن الشهيد عن الملك، بدليل أنه طلب أكثر من مرة موعداً من الملك ومن نجله وما زال ينتظر حتى الآن الجواب. كلّ ذلك أدّى إلى انهيار «سعودي اوجيه» ونسيان دورها كواحدة من أهم أدوات القوة الناعمة للمملكة وللنفوذ السعودي في لبنان والمنطقة. في المقابل، يتحدث بعض السعوديين في الرياض عن أنّ ارتكاب الحريري أخطاء سياسية (مثل قرار ترك بيروت سنوات عدة)، جعل المملكة لا تعتمد عليه كما كانت تعتمد على والده.   كلّ هذا يشي بأن لبنان ليس على خريطة أولويات المملكة في هذه الأيام، لا بل ثمة سياسة تخلّ سعودية عن لبنان «لأسبابٍ غير مفهومة» حتّى الآن، وإلّا لمَ لم يُعيّن سفير للمملكة في لبنان بعدما انتهت فترة عمل السفير علي عواض عسيري وغادر بيروت منذ أشهر وأحيل على التقاعد في الرياض من دون أن يعطى وقتا للقيام بزياراته البروتوكولية الوداعية على المسؤولين اللبنانيين؟ ولماذا تترك السعودية مؤسسات «المقاصد» ومستشفاها تحت طائلة الديون، فيما هذه الجمعية البيروتية معروفة تاريخياً بأنّها تحت الرعاية السعودية، حتى أن «دار الأيتام الإسلامية» التي تموّلها السعودية أيضا تم التخلي عنها سعوديا.

المصدر : الماسة السورية/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة