دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تزامنآ ، مع بدء فعاليات الاستعراض العسكري للقوات المسلحة الإيرانية في جميع المدن والمحافظات الإيرانية والذي يقام في ذكرى أسبوع 'الدفاع المقدس'، جرى استعراض عسكري كبير في ميناء بندر عباس ،والواضح 'إن هذا الاستعراض هو أكبر استعراض عسكري للقوات المسلحة الإيرانية والذي تشارك فيه 500 قطعة بحرية عائمة وغاطسة، إضافة إلى مقاتلات وطائرات حربية في ميناء بندر عباس الإيراني '،ويُعد هذا الاستعراض الأول من نوعه، وينطلق بإشراف وتنظيم الحرس الثوري، حيث ستشارك كل من القوات البحرية والبرية والجوية التابعة للجيش الإيراني وحرس الثورة، إضافة إلى قوات الشرطة والتعبئة وقوات شعبية محلية .
هذا الاستعراض العسكري ،يأتي بعد عدة شهور على مناورات عسكرية بحرية ضخمة قادتها القوات الإيرانية تحت تسمية ”الولاية 94″ في مياه الخليج وشارك فيها مدمرات وسفن لوجيستية وسفن قاذفة للصواريخ وغواصات ،بالمحصلة يمكن تأكيد أن هذا الاستعراض وتلك المناورات تأتي ،بالتزامن مع مسار ضغط سياسي وامني كبير يخص علاقة إيران بجيرانها الخليجيين بالتحديد، بالاضافة إلى مجموعة ظروف أخرى تعيشها المنطقة بعد التوقيع على الملف النووي الايراني ، كتطورات الحرب على سورية واليمن والازمة في العراق،وتهديدات الكيان الصهيوني العسكرية المتكررة للدولة الايرانية ومحاولة عرقلة تنفيذ بنود اتفاقها النووي مع قوى 5+1، وفي ظل علاقة الدولة الايرانية المتوترة مع بعض دول الخليج العربي بهذه الفترة تحديدآ، وتكرار حديث بعض دول الخليج عن ضرورة تشكيل جيش خليجي موحد جزء من أهدافه كما تؤكد بعض الانظمة الخليجية التصدي للتمدد الايراني بالمنطقة .
وهنا ، يمكن تأكيد أن هذا الاستعراض العسكري ،يأتي اليوم استكمالآ لحزمة مناورات كبرى قامت بها القوات الإيرانية خلال الاعوام الثلاث الاخيرة،كان إبرزها مناورة”الولاية 94″ و “الرسول الاعظم 9” وقد شهدت مناورة “الرسول الاعظم 9” حينها تطور هام بملف عمل وتطوير الجانب التسليحي الإيراني ،ولأول مره بتاريخ المناورات العسكرية الايرانية تشهد المناورات تدمير مجسم ضخم يحاكي نموذجاً لحاملة طائرات ، فقد شهدت مناورة “الرسول الاعظم 9″ أنطلاق مناورات عسكرية كبيرة في جنوب شرق البلاد، في مضيق هرمز” نقطة التقاء الخليج العربي بخليج عدن و الذي يعبر من خلاله35%من حركة النفط البحرية العالمية”، واختبرت من خلالها حينها عشرين صاروخًا جديدًا بما فيها طوربيدات “الطُوربيد صاروخ يستعمل لمحاربة السفن ويمكن إطلاقه من غواصة أو من طائرة”،وتم إطلاق أربعمائة صاروخ من على قطع بحرية حربية متطورة وأنواعا من الصواريخ، و إمتدت على مساحة بحرية واسعة ، وهذه المناورات تأتي استكمالآ للمناورات”التاريخية ” التي أطلقتها الجمهورية الاسلامية الايرانية بآواخر العام قبل الماضي”2014″،وشملت بحر عمان، ومضيق هرمز حتى خليج عدن، تحت تسمية “محمد رسول الله” واستمرت لمدة 6 أيام وأختبرت خلالها أنواعا من الصواريخ والطائرات من دون طيار ، وأمتدت على مساحة 2.2 مليون كلم مربع.
من هنا يمكن قراءة أن هذا الاستعراض العسكري وهذه المناورات بمجموعها جاءت بهذه الفترة تحديدآ لتحمل عدة رسائل خارجية وداخلية ، فهذه المناورات وفق حجمها الهائل ومساحتها الشاسعة وتطور عملها، وتوسعها بالعمل البحري “تحديدآ” ، ومع بروز حجم التطور الصناعي العسكري الايراني ،وقدرة الجيش الايراني الواسعة والمحكمة بالقيام بعمليات هجومية بحرية واسعة ، ومع تطور عمل وتقنيات السلاح العسكري البحري -الجوي -البري -الناري للجيش الايراني ، فكل هذه العوامل تدفع لقراءة أن مضامين الرسائل الايرانية من وراء هذه المناورات تحمل عدة ابعاد والمقصود بها عدة أطراف داخلية وخارجية اقليمية ودولية ، وتحمل عدة رسائل رئيسية.
أولى :هذه الرسائل التي يحملها الاستعراض العسكري وتلك المناورات ، هي موجهة إلى بعض دول الاقليم وتحديدآ بعض دول الخليج بالاضافة الى الكيان الصهيوني “اسرائيل” ، فهذه الدول التي تحيط بالدولة الإيرانية ، والتي حاولت وما زالت تحاول بالفترة الاخيرة، أن تضغط على الدولة الإيرانية أقتصاديآ وسياسيآ وحتى أمنيآ ،من خلال تلويح هذه الدول بأنشاء جيش خليجي والقيام بمناورات كبرى “رعد الشمال “، أو ضربات عسكرية صهيونية تستهدف قواعد المفاعلات النووية الايرانية، بالتزامن مع اشعال وتيرة حرب النفط تزامنآ مع بدء رفع العقوبات عن الدولة الإيرانية تنفيذآ لبنود الاتفاق النووي الإيراني ،ومن هنا جاءت هذه الاستعراضات وتلك المناورات العسكرية الايرانية لتثبت لهذه الدول أن إيران حاضرة وحاضرة بقوة في الاقليم ككل كقوة اقليمية، فقيامها بمناورات عسكرية كبيرة في جنوب شرق البلاد، وبحر عمان، ومضيق هرمز حتى خليج عدن، واستخدام صنوف أسلحة متطورة، يعني أن الدولة الإيرانية ما زالت حاضرة وبقوة بالمشهد الاقليمي،وأنها قادرة على الرد على أي عمل عدواني من أي جهة كانت ، فالواضح هنا ان هذه المناورات من خلال طريقة عملها تثبت أن المناورات ذات طابع هجومي وليست ذات طابع دفاعي.
ثانية: هذه الرسائل ،موجهة إلى كل دولة ونظام وهيئة دولية تحاول الضغط على الدولة الإيرانية من خلال الاتفاق النووي،سواء أكان اقتصاديآ وسياسيآ وامنيآ ، وبالخصوص هي موجهة إلى محور واشنطن – باريس – لندن – برلين ، ومضمون هذه الرسالة أن الدولة الإيرانية لن ترضخ لأي املاءات تسعى الدول الغربية لفرضها على إيران كثمن للاتفاق النووي، لا بل على العكس فالدولة الإيرانية ستستمر بمسار بناء وتطوير قدرات الدولة الايرانية بمختلف المجالات ، ومن خلال قراءة عمليات ومسارات الاستعراض العسكري الاخير ،يمكن القول أن الدولة الإيرانية قد أوصلت رسالتها للغرب ومضمونها أنه لايمكن لايران أن تقدم أي تنازلات تخرج عن مصلحتها الوطنية العليا ، وهي جاهزة لكل الخيارات ، ومنها الخيار العسكري، فهي هنا إبرزت حجم قدراتها القتالية والعسكرية ، كدليل على أنها لن تقبل أن تقدم أي تنازلات عن مرتكزات سيادية وامنيه كثمن للاتفاق النووي .
ثالثة: هذه الرسائل واهمها ،هي موجهة إلى الداخل الايراني ، فقد برز واضحآ أن الدولة الإيرانية قد بدأت فعليآ بترجمة واقعية للاتفاق النووي مع مجموعة 5+1،وهي اليوم تسعى فعليآ لبناء إستراتيجية أقتصادية وأمنية بناءة ، فمؤشرات الاقتصاد تحسنت رغم “حرب النفط “، ومن جهة أخرى برز من خلال هذا الاستعراض العسكري مدى تطور القوة العسكرية الإيرانية ، ومن هنا وصلت الرسالة للشعب الايراني وجزء منه بعض الجماعات المعارضة بالداخل الايراني، ولبعض ألاطراف التي راهنت على الشعب الايراني ، ومضمونها أن الدولة الإيرانية ما زالت تتمتع بقوة كبيرة ، وهي بحالة تتطور مستمر ، وأن التهديد بالعقوبات الدولية مجددآ وحروب النفط لن تثني الدولة الايرانية عن إستمرار مسيرة البناء بالداخل الايراني .
رابعة: هذه الرسائل ، موجهة إلى حلفاء الدولة الإيرانية، إقليميآ ودوليآ، دمشق – موسكو -بكين “تحديدآ” وإلى بعض فصائل وقوى المقاومة بلبنان وفلسطين، وإلى بعض القوى بالداخل اليمني ، ومضمون هذه الرسالة هو أن إيران ما زالت تمتلك الكثير من أوراق القوة ولديها الكثير من الامكانيات والمقومات التي ستوفر لها ولحلفائها بالاقليم تحديدآ نوعآ من التوازن العسكري والامني بعد إنجازها لملفها النووي ، مع حلف اخر يسعى لا سقاط تحالف إيران الاقليمي والدولي .
ختامآ ، أن مسار هذا الاستعراض العسكري وتلك المناورات العسكرية الواسعة والشاملة للدولة الإيرانية والتي بدأت منذ نهاية العام 2014 بأخذ مسار تطويري عسكري كبير ، تؤكد أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانت طوال الفترة الماضية وإلى الان قادرة على ردع أي خطر أقليمي أو دولي يتهدد اراضيها وشعبها، فهي أثبتت بهذا الاستعراض العسكري وتلك المناورات بأنها مازالت قوة اقليمية كبرى، وأنها مازالت قادرة على الحفاظ على مصالح الشعب الايراني داخليآ وتطوير وبناء مؤسسات الدولة الايرانية دون الارتهان لمسار الضغوط وبجهود وقدرات ذاتية، وأنها بذات الاطار قادرة وباستمرار على المحافظة على مكانتها الإقليمية والتصدي لكل من يحاول التعدي على هذه المكانة الاقليمية ، واخيرآ فقد أثبتت للحلفاء وللاعداء أنها مازالت حاضرة وبقوة ولن ترضخ لأي ضغوط تحاول بعض الاطراف فرضها عليها، وأنها حاضرة وبكل خياراتها للتصدي لأي خطر يتهدد الدولة الإيرانية بكل اركانها .
المصدر :
الماسة السورية//هشام الهبيشان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة