سطع نجم الفنان عادل إمام في مطلع السبعينيات بعد أن شارك في عدة أفلام في النصف الثاني من الستينيات ،وتربع على عرش الكوميديا السينمائية في الربع الأخير من القرن العشرين ،لكنه في العقد الأخير من الزمن بدا أنه يتسول الجمهور حينا والمنتجين حينا آخر .

‏لكن مشكلة عادل إمام أن لا يحسب لتاريخه الفني حسابا ،ولا يريد الاعتراف أن جمهور اليوم من جيل مختلف عن ذلك الجيل الذي اعتزل دور السينما بعد أن كان يملؤها ويضحك على مغامرات الفتى الطائش عادل إمام كما لا يريد أن يعترف أنه بلغ سن التقاعد ،ولم يعد لديه شيء مهم يقدمه للجمهور.

لنلاحظ السقوط المحزن لعادل إمام في أفلامه الأخيرة ( أمير الظلام وبوبوس ومرجان أحمد مرجان ،وأخيرا زهايمر)، ولم يكن سقوطه تجاريا فحسب بل تعداها إلى الأداء ،وزاد في الطنبور نغما أن الأفلام المذكورة مسروقة من أفلام أجنبية لم يمض وقت طويل على عرضها.

ففيلم أمير الظلام مسروق من الفيلم الأميركي (عطر امرأة ) وأدى فيه عادل إمام شخصية آل باشينو في الفيلم الأميركي ،وفيلم مرجان أحمد مرجان مسروق من فيلم (العودة إلى المدرسة) المنتج في عام 1986  و(بوبس) من فيلم (مستر ومسز سميث) .

أما فيلمه الجديد جدا (زهايمر ) فهاهي المواقع الألكترونية تنقل التشابه بينه وبين فيلم (حول شميدت) بطولة جاك نيكلسون ، ووصل التشابه إلى أن ملصق فيلم عادل إمام منقول حرفيا من فيلم جاك نيكلسون .

فيلم ( زهايمر) وسيناريو نادر صلاح الدين واخراج عمرو عرفه وأداء عادل امام ونيللي كريم وفتحي عبد الوهاب و « احمد رزق و رانيا يوسف ،يحكي عن ثري يدعى (محمود ) يؤديه عادل امام ولديه ابنان سامح وكريم يخسران في البورصة ويستدينان من البنوك، ويجدان في فقدان ذاكرة الأب الطريقة المثلى للاستيلاء على أمواله عن طريق الحجر عليه وعلى أمواله ، وذلك بإعطائه دواء يفقده الذاكرة ،وبالتالي استصدار شهادة عدم اهلية له .

يبدو عادل إمام في (زهايمر ) في أسوأ حالاته من ناحية الأداء ،فهو نمطي إلى درجة التطابق الحرفي في أفلامه الأخيرة على الرغم من اختلاف مواضيعها ، فهو في (زهايمر ) ذاته في (مرجان ) بنبرات صوته وتعبيرات وجهه.

وإذا أراد مشاهد ما أن يحضر الفيلم ليضحك باعتبار أن عادل إمام محسوب على نجوم الكوميديا ،فإنه سيجد نفسه وقد خرج خائبا في اقتناص حتى ولو مجرد ابتسامة خفيفة ،لأن الفيلم ليس فيه شيء من عناصر الفيلم الكوميدي ،ابتداء من الموضوع ومرورا بطريقة السرد والعقدة المترهلة وانتهاء بأداء صاحبنا المخيب لجمهور الكوميديا .

فقد غابت عنه ( أفيهات )عادل إمام التي أضحكتنا عندما كنا صغارا كالابتسامة العريضة، و(فنجرة )عيناه أو تحريك شفتيه، وارتفاع نبرة الصوت في بعض المواقف تارة ثم خفضه تارة أخرى .

تصل الأحداث الدرامية إلى درجة السذاجة ، فهو يريد ان يثبت أنه مصاب بالخرف وفقدان الذاكرة (الزهايمر) لكنه لم يكن مقنعا في المواقف التي يقدمها ،لنتابع مثلا حكاية سفر محمود إلى بيروت ليقابل صديقا يرتب معه طريقه ، ليقوم بتهريب حقيبة مخدرات ويتصل بأبنائه ،ويوافقون بدورهم على حمل الحقيبة ،وفي المطار يشي بهم، ويتحولون للقضاء ، وبعد تحليل المختبر الجنائي يتبين أن الشحنة عبارة عن طحين،والهدف المعلن من هذه التركيبة كشف نفوس أولاده وتعريتها .

في الفيلم أفكار مقبولة تعري سلوك بعض الأبناء تجاه أبويهم ،والذين يريدون الوصاية على أموالهم باتهامهم بفقدان الذاكرة ،وهذا السلوك موجود في كل بلاد العالم ، لكن تبقى طريقة معالجة الموضوع وكيفية إيصاله إلى المشاهد هي بيت القصيد في الفيلم السينمائي، وما حدث في (زهايمر ) أنه لم يستطع صنع انطباع إيجابي عند المشاهد ، لافتقاده إلى العناصر الدرامية، ومنها قوة الإقناع والتشويق،فقد كان مقتل زهايمر في سيناريو ضعيف، وشخصيات ليس لها بعد إنساني،وكأنها دمى متحركة بلا مشاعر ،وربما هكذا أرادها عادل إمام لتبقى شخصيته الشخصية الاستثنائية ذات التركيبة الدرامية المقبولة ،وإن لم يستطع أن يؤديها ويعبر عناها بأسلوب متوازن يمنحها الأبعاد المطلوبة ولو فعل ذلك لكنا أمام شخصية جميلة وفيلم إنساني مؤثر.

طبعا النهاية التقليدية أن يعود كل إلى صوابه، ومن ثم يتم استدرار عطف الأب بواسطة الأحفاد.

  • فريق ماسة
  • 2011-01-31
  • 10131
  • من الأرشيف

(زهايمر ) لم يصنع انطباع إيجابي عند المشاهد

سطع نجم الفنان عادل إمام في مطلع السبعينيات بعد أن شارك في عدة أفلام في النصف الثاني من الستينيات ،وتربع على عرش الكوميديا السينمائية في الربع الأخير من القرن العشرين ،لكنه في العقد الأخير من الزمن بدا أنه يتسول الجمهور حينا والمنتجين حينا آخر . ‏لكن مشكلة عادل إمام أن لا يحسب لتاريخه الفني حسابا ،ولا يريد الاعتراف أن جمهور اليوم من جيل مختلف عن ذلك الجيل الذي اعتزل دور السينما بعد أن كان يملؤها ويضحك على مغامرات الفتى الطائش عادل إمام كما لا يريد أن يعترف أنه بلغ سن التقاعد ،ولم يعد لديه شيء مهم يقدمه للجمهور. لنلاحظ السقوط المحزن لعادل إمام في أفلامه الأخيرة ( أمير الظلام وبوبوس ومرجان أحمد مرجان ،وأخيرا زهايمر)، ولم يكن سقوطه تجاريا فحسب بل تعداها إلى الأداء ،وزاد في الطنبور نغما أن الأفلام المذكورة مسروقة من أفلام أجنبية لم يمض وقت طويل على عرضها. ففيلم أمير الظلام مسروق من الفيلم الأميركي (عطر امرأة ) وأدى فيه عادل إمام شخصية آل باشينو في الفيلم الأميركي ،وفيلم مرجان أحمد مرجان مسروق من فيلم (العودة إلى المدرسة) المنتج في عام 1986  و(بوبس) من فيلم (مستر ومسز سميث) . أما فيلمه الجديد جدا (زهايمر ) فهاهي المواقع الألكترونية تنقل التشابه بينه وبين فيلم (حول شميدت) بطولة جاك نيكلسون ، ووصل التشابه إلى أن ملصق فيلم عادل إمام منقول حرفيا من فيلم جاك نيكلسون . فيلم ( زهايمر) وسيناريو نادر صلاح الدين واخراج عمرو عرفه وأداء عادل امام ونيللي كريم وفتحي عبد الوهاب و « احمد رزق و رانيا يوسف ،يحكي عن ثري يدعى (محمود ) يؤديه عادل امام ولديه ابنان سامح وكريم يخسران في البورصة ويستدينان من البنوك، ويجدان في فقدان ذاكرة الأب الطريقة المثلى للاستيلاء على أمواله عن طريق الحجر عليه وعلى أمواله ، وذلك بإعطائه دواء يفقده الذاكرة ،وبالتالي استصدار شهادة عدم اهلية له . يبدو عادل إمام في (زهايمر ) في أسوأ حالاته من ناحية الأداء ،فهو نمطي إلى درجة التطابق الحرفي في أفلامه الأخيرة على الرغم من اختلاف مواضيعها ، فهو في (زهايمر ) ذاته في (مرجان ) بنبرات صوته وتعبيرات وجهه. وإذا أراد مشاهد ما أن يحضر الفيلم ليضحك باعتبار أن عادل إمام محسوب على نجوم الكوميديا ،فإنه سيجد نفسه وقد خرج خائبا في اقتناص حتى ولو مجرد ابتسامة خفيفة ،لأن الفيلم ليس فيه شيء من عناصر الفيلم الكوميدي ،ابتداء من الموضوع ومرورا بطريقة السرد والعقدة المترهلة وانتهاء بأداء صاحبنا المخيب لجمهور الكوميديا . فقد غابت عنه ( أفيهات )عادل إمام التي أضحكتنا عندما كنا صغارا كالابتسامة العريضة، و(فنجرة )عيناه أو تحريك شفتيه، وارتفاع نبرة الصوت في بعض المواقف تارة ثم خفضه تارة أخرى . تصل الأحداث الدرامية إلى درجة السذاجة ، فهو يريد ان يثبت أنه مصاب بالخرف وفقدان الذاكرة (الزهايمر) لكنه لم يكن مقنعا في المواقف التي يقدمها ،لنتابع مثلا حكاية سفر محمود إلى بيروت ليقابل صديقا يرتب معه طريقه ، ليقوم بتهريب حقيبة مخدرات ويتصل بأبنائه ،ويوافقون بدورهم على حمل الحقيبة ،وفي المطار يشي بهم، ويتحولون للقضاء ، وبعد تحليل المختبر الجنائي يتبين أن الشحنة عبارة عن طحين،والهدف المعلن من هذه التركيبة كشف نفوس أولاده وتعريتها . في الفيلم أفكار مقبولة تعري سلوك بعض الأبناء تجاه أبويهم ،والذين يريدون الوصاية على أموالهم باتهامهم بفقدان الذاكرة ،وهذا السلوك موجود في كل بلاد العالم ، لكن تبقى طريقة معالجة الموضوع وكيفية إيصاله إلى المشاهد هي بيت القصيد في الفيلم السينمائي، وما حدث في (زهايمر ) أنه لم يستطع صنع انطباع إيجابي عند المشاهد ، لافتقاده إلى العناصر الدرامية، ومنها قوة الإقناع والتشويق،فقد كان مقتل زهايمر في سيناريو ضعيف، وشخصيات ليس لها بعد إنساني،وكأنها دمى متحركة بلا مشاعر ،وربما هكذا أرادها عادل إمام لتبقى شخصيته الشخصية الاستثنائية ذات التركيبة الدرامية المقبولة ،وإن لم يستطع أن يؤديها ويعبر عناها بأسلوب متوازن يمنحها الأبعاد المطلوبة ولو فعل ذلك لكنا أمام شخصية جميلة وفيلم إنساني مؤثر. طبعا النهاية التقليدية أن يعود كل إلى صوابه، ومن ثم يتم استدرار عطف الأب بواسطة الأحفاد.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة