يندرج فيلم محمد عبد العزيز «دمشق مع حبّي» تحت عنوانه، محمّلاً بالحب لهذه المدينة بالمعنى الإنساني والسينمائي في آن. المدخل إلى ذلك وفق السيناريو سيكون عبر الأقلية اليهودية. لدينا التاجر اليهودي ألبرت مرزاحي (خالد تاجا) وابنته هالا (مرح جبر) وهما يغادران دمشق إلى إيطاليا، بوصفهما من أواخر المواطنين السوريين اليهود. في المطار، ستكتشف الابنة أنّ حبيبها المسيحي نبيل (بيار داغر) لم يمت كما قيل لها. هكذا، ستلغي سفرها وتعود إلى البيت المهجور في حارة اليهود الدمشقية. بينما سينتظر الأب موته في إيطاليا ومرطبان من تراب دمشق بين يديه. تبدأ هالا رحلة البحث عن حبيبها المفقود. وعبر هذه الرحلة، سيتحوّل الشريط إلى ما يشبه فيلم طريق، مأهول بالتقاط الجميل مع كل قصة حب تبدأ من الطريق وتنتهي عنده، وبكوميديا مستقاة من الريف السوري.

الشخصيات الثانوية ستكون بورتريهات سورية، كما هي الحال مع فارس الحلو بوصفه صديق نبيل الذي يستدعي معه ـــ بأداء فارس المميز ـــ بورتريهات أخرى تأتي كعناصر توثيقية لنماذج في معترك الحياة السورية المعاصرة. وهنا ينتقل الفيلم إلى مستوى واقعي سرعان ما يتخلى عنه، ويعود إلى مستويات أخرى متسلحة بواقعية، لكن سحرية. هذا التنويع سيكون فضيلة الفيلم الرئيسية. المونتاج والتصوير سيتحالفان مع انتقالنا إلى دمشق المدينة بالمعنى المكاني والتاريخي واليومي. وعليه، فالبحث سيكون المبرر الدرامي الجميل في التنقلات التي سيحدثها عبد العزيز خلال التوثيق لمدينته والاحتفاء بها. يمنحنا الفيلم مساحة مغايرة عن كل ما حملته السينما السورية عبر انغماساتها في الواقعية، من دون أن يكون معنياً بالجوانب المظلمة، أو بمقاربات مؤدلجة هيمنت على أجيال متعاقبة على هذه السينما. مع هذا الفيلم، يمكن الحديث عن أدلجة من نوع آخر تمضي إلى المطمح الافتراضي لدمشق بوصفها المدينة الفاضلة. «دمشق مع حبي» ثاني أفلام عبد العزيز الروائية الطويلة لا يقودنا إلى الحديث مجدداً عن إنتاجات القطاع الخاص السوري بوصفها مغامرة (الفيلم من إنتاج نبيل طعمة) بل بوصفها تجربة تسعى إلى معانقة الجمهور السوري. إذ برهن على قدرته أن يكون فيلم شباك تذاكر، مصنوعاً بحرفية عالية، ومشغولاً بما يودّ قوله من خلال الاتكاء على أدوات جذب ليست الكوميديا سوى واحدة منها.

  • فريق ماسة
  • 2011-01-17
  • 13649
  • من الأرشيف

(دمشق مع حبّي) شباط القادم في سينما سيتي

يندرج فيلم محمد عبد العزيز «دمشق مع حبّي» تحت عنوانه، محمّلاً بالحب لهذه المدينة بالمعنى الإنساني والسينمائي في آن. المدخل إلى ذلك وفق السيناريو سيكون عبر الأقلية اليهودية. لدينا التاجر اليهودي ألبرت مرزاحي (خالد تاجا) وابنته هالا (مرح جبر) وهما يغادران دمشق إلى إيطاليا، بوصفهما من أواخر المواطنين السوريين اليهود. في المطار، ستكتشف الابنة أنّ حبيبها المسيحي نبيل (بيار داغر) لم يمت كما قيل لها. هكذا، ستلغي سفرها وتعود إلى البيت المهجور في حارة اليهود الدمشقية. بينما سينتظر الأب موته في إيطاليا ومرطبان من تراب دمشق بين يديه. تبدأ هالا رحلة البحث عن حبيبها المفقود. وعبر هذه الرحلة، سيتحوّل الشريط إلى ما يشبه فيلم طريق، مأهول بالتقاط الجميل مع كل قصة حب تبدأ من الطريق وتنتهي عنده، وبكوميديا مستقاة من الريف السوري. الشخصيات الثانوية ستكون بورتريهات سورية، كما هي الحال مع فارس الحلو بوصفه صديق نبيل الذي يستدعي معه ـــ بأداء فارس المميز ـــ بورتريهات أخرى تأتي كعناصر توثيقية لنماذج في معترك الحياة السورية المعاصرة. وهنا ينتقل الفيلم إلى مستوى واقعي سرعان ما يتخلى عنه، ويعود إلى مستويات أخرى متسلحة بواقعية، لكن سحرية. هذا التنويع سيكون فضيلة الفيلم الرئيسية. المونتاج والتصوير سيتحالفان مع انتقالنا إلى دمشق المدينة بالمعنى المكاني والتاريخي واليومي. وعليه، فالبحث سيكون المبرر الدرامي الجميل في التنقلات التي سيحدثها عبد العزيز خلال التوثيق لمدينته والاحتفاء بها. يمنحنا الفيلم مساحة مغايرة عن كل ما حملته السينما السورية عبر انغماساتها في الواقعية، من دون أن يكون معنياً بالجوانب المظلمة، أو بمقاربات مؤدلجة هيمنت على أجيال متعاقبة على هذه السينما. مع هذا الفيلم، يمكن الحديث عن أدلجة من نوع آخر تمضي إلى المطمح الافتراضي لدمشق بوصفها المدينة الفاضلة. «دمشق مع حبي» ثاني أفلام عبد العزيز الروائية الطويلة لا يقودنا إلى الحديث مجدداً عن إنتاجات القطاع الخاص السوري بوصفها مغامرة (الفيلم من إنتاج نبيل طعمة) بل بوصفها تجربة تسعى إلى معانقة الجمهور السوري. إذ برهن على قدرته أن يكون فيلم شباك تذاكر، مصنوعاً بحرفية عالية، ومشغولاً بما يودّ قوله من خلال الاتكاء على أدوات جذب ليست الكوميديا سوى واحدة منها.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة