منذ مطلع العام 2014، وتحديدًا بعد إعلان الجماعات المسلحة عن بدء معركة "بتر الكافرين" وفي مثل هذه الأيام عندما أطلقوا معركة "والمغيرات صبحًا"، والجيش السوري يراكم في حلب وأريافها إنجازات متتالية على حساب الجماعات المسلحة، هذا اذا تكلمنا في البعد الشامل للمعركة مع الإشارة الى بعض الإخفاقات التكتية (الموضعية) على أكثر من محور، وهي في أغلبها إجراءات إعادة تموضع لتحسين شروط المدافعة أولًا وتثبيت نقاط ارتكاز لهجمات لاحقة ثانيًا.

 وما الإشارة الى المعركتين المذكورتين أعلاه إلّا للتذكير بأنهما ارتبطتا بالهجوم على نفس المناطق التي تهاجمها الجماعات المسلحة حاليًا باستثناء محور المخابرات الجوية شمال حلب، حيث كانت معركة "بتر الكافرين" على محورين شمال المدينة على محور المخابرات الجوية وجنوبها عند محور الراموسة.

 منذ سنتين ونصف أطلقت الجماعات المسلحة عشرات الهجمات الكبيرة والصغيرة، ولم تحقّق أي تقدم يمكن وصفه بالهام، ويمكن القول من خلاله إنّ متغيرات ميدانية جذرية قد حصلت إلّا أنّ الهجوم الحالي يتميز عن غيره من الهجمات بأنه الأضخم على مستوى العديد البشري الذي وصل الى 9 آلاف مهاجم، وبعد تحول ميداني مفصلي وهو اكمال الطوق على الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة لدرجة يمكن وصفها بأنها معركة حياة أو موت بالنسبة لهذه الجماعات.

 في الجانب الميداني كان واضحًا أنّ شن الهجوم على أكثر من محور هدفه تثبيت قوات الجيش السوري ومنعه من المناورة بالحركة والنار، ومنعه من تحديد وجهة الهجوم الرئيسية التي كان واضحًا انها تستهدف السيطرة على منطقة الراموسة من خلال الهجوم المباشر عبر الجهة الغربية انطلاقًا من المنصورة باتجاه حلب الجديدة وقرية منيان، ومن الراشدين 4 باتجاه مشروع الـ1070 بعد السيطرة على مدرسة الحكمة، ومن الراشدين 5 باتجاه تل أُحد ومن محور خان طومان - معراته باتجاه تل مؤتة، ومن القراصة جنوب شرق خان طومان باتجاه الحويز.

 التطور اللافت كان تزامن هذه الهجمات مع هجمات انطلقت من الأحياء الشرقية بأعداد كبيرة من احياء الشيخ سعيد والسكري للإطباق على منطقة الراموسة، وقطع الطريق الى أحياء حلب الغربية التي يسيطر عليها الجيش السوري.

 وبنظرة سريعة، كان واضحًا أنّ الهدف الأساسي هو السيطرة على الحمدانية بعد السيطرة على مشروع الـ1070 والإلتفاف من الخطوط الخلفية جنوبًا لوضع مدرسة المدفعية ضمن الطوق، وإكمال الطوق من جهة الشيخ سعد والسكري والسيطرة على طريق الراموسة بشكل نهائي وقلب المشهد الميداني كله، بحيث تصبح الأحياء الغربية مطوقة ويتم كسر الحصار عن الأحياء الشرقية.

 صد الهجوم الكبير تمّ بعقل بارد وحيطة مسبقة وتحضير جيد لمسرح العمليات من قبل الجيش السوري وحلفائه، الذين كانوا يتوقعون قيام الجماعات المسلحة بردة فعل بنتيجة حصار الأحياء الشرقية، وكان واضحًا أيضًا أنّ هذه الجماعات ستستخدم المحاور المذكورة اعلاه، لهذا تم التخطيط لوضع المهاجمين ضمن بقع الرّوع التي اُعدّت خطط المواجهة فيها مسبقًا من قطاعات النار الى الكمائن والألغام وتوضيع الوسائط النارية بما يسمح بصد الهجمات بعد استيعاب الصدمة الأولى لها والإنتقال الى مرحلة الإشتباك.

 وبعد مرور أربعة أيام على الهجمات، يمكن القول إنّ التعامل مع موجات الهجوم كان جيدًا لكن تطورات خطيرة بدأت تلوح في الأفق من خلال استخدام حركة نور الدين زنكي لغازات سامة وتهديد الأهالي الراغبين في الخروج من الأحياء الشرقية بالقتل، إضافةً الى المسلحين الراغبين بتسوية اوضاعهم وتسليم اسلحتهم وهي تدابير ستتصاعد في الأيام القادمة، وهو ما يحصل بتزامن مع مواقف أميركية مندّدة بعمليات الجيش السوري دون أن تشير الى عمليات الجماعات المسلحة، رغم أنّ الروس أبلغوا الأميركيين عن استخدام الغازات السامة وحددوا الجهة التي استخدمت الغازات، علمًا بأن الأميركيين استبقوا استخدام الغازات في حلب بالإشارة الى استخدام غازات سامة في محيط سقوط الطوافة الروسية، وكأننا امام تلويح باتهام روسيا وسوريا كذلك باستخدام غازات سامة.

ولأنّ المعركة بالنسبة للجماعات المسلحة هي معركة حياة او موت، فإنهم وإن تراجعوا بعد اربعة ايام سيقومون بهجمات جديدة وربما يقومون في المرة القادمة بفتح جبهة المخابرات الجوية للضغط أكثر على الجيش السوري ومحاولة تحقيق خرق، ما يساعدهم في تنفيذ خططهم اليائسة والفاشلة وهو أمر مستبعد أقله في المنظور القريب.

  • فريق ماسة
  • 2016-08-03
  • 13678
  • من الأرشيف

هجمات اليأس الفاشلة في حلب؟.....بقلم عمر معربوني

منذ مطلع العام 2014، وتحديدًا بعد إعلان الجماعات المسلحة عن بدء معركة "بتر الكافرين" وفي مثل هذه الأيام عندما أطلقوا معركة "والمغيرات صبحًا"، والجيش السوري يراكم في حلب وأريافها إنجازات متتالية على حساب الجماعات المسلحة، هذا اذا تكلمنا في البعد الشامل للمعركة مع الإشارة الى بعض الإخفاقات التكتية (الموضعية) على أكثر من محور، وهي في أغلبها إجراءات إعادة تموضع لتحسين شروط المدافعة أولًا وتثبيت نقاط ارتكاز لهجمات لاحقة ثانيًا.  وما الإشارة الى المعركتين المذكورتين أعلاه إلّا للتذكير بأنهما ارتبطتا بالهجوم على نفس المناطق التي تهاجمها الجماعات المسلحة حاليًا باستثناء محور المخابرات الجوية شمال حلب، حيث كانت معركة "بتر الكافرين" على محورين شمال المدينة على محور المخابرات الجوية وجنوبها عند محور الراموسة.  منذ سنتين ونصف أطلقت الجماعات المسلحة عشرات الهجمات الكبيرة والصغيرة، ولم تحقّق أي تقدم يمكن وصفه بالهام، ويمكن القول من خلاله إنّ متغيرات ميدانية جذرية قد حصلت إلّا أنّ الهجوم الحالي يتميز عن غيره من الهجمات بأنه الأضخم على مستوى العديد البشري الذي وصل الى 9 آلاف مهاجم، وبعد تحول ميداني مفصلي وهو اكمال الطوق على الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة لدرجة يمكن وصفها بأنها معركة حياة أو موت بالنسبة لهذه الجماعات.  في الجانب الميداني كان واضحًا أنّ شن الهجوم على أكثر من محور هدفه تثبيت قوات الجيش السوري ومنعه من المناورة بالحركة والنار، ومنعه من تحديد وجهة الهجوم الرئيسية التي كان واضحًا انها تستهدف السيطرة على منطقة الراموسة من خلال الهجوم المباشر عبر الجهة الغربية انطلاقًا من المنصورة باتجاه حلب الجديدة وقرية منيان، ومن الراشدين 4 باتجاه مشروع الـ1070 بعد السيطرة على مدرسة الحكمة، ومن الراشدين 5 باتجاه تل أُحد ومن محور خان طومان - معراته باتجاه تل مؤتة، ومن القراصة جنوب شرق خان طومان باتجاه الحويز.  التطور اللافت كان تزامن هذه الهجمات مع هجمات انطلقت من الأحياء الشرقية بأعداد كبيرة من احياء الشيخ سعيد والسكري للإطباق على منطقة الراموسة، وقطع الطريق الى أحياء حلب الغربية التي يسيطر عليها الجيش السوري.  وبنظرة سريعة، كان واضحًا أنّ الهدف الأساسي هو السيطرة على الحمدانية بعد السيطرة على مشروع الـ1070 والإلتفاف من الخطوط الخلفية جنوبًا لوضع مدرسة المدفعية ضمن الطوق، وإكمال الطوق من جهة الشيخ سعد والسكري والسيطرة على طريق الراموسة بشكل نهائي وقلب المشهد الميداني كله، بحيث تصبح الأحياء الغربية مطوقة ويتم كسر الحصار عن الأحياء الشرقية.  صد الهجوم الكبير تمّ بعقل بارد وحيطة مسبقة وتحضير جيد لمسرح العمليات من قبل الجيش السوري وحلفائه، الذين كانوا يتوقعون قيام الجماعات المسلحة بردة فعل بنتيجة حصار الأحياء الشرقية، وكان واضحًا أيضًا أنّ هذه الجماعات ستستخدم المحاور المذكورة اعلاه، لهذا تم التخطيط لوضع المهاجمين ضمن بقع الرّوع التي اُعدّت خطط المواجهة فيها مسبقًا من قطاعات النار الى الكمائن والألغام وتوضيع الوسائط النارية بما يسمح بصد الهجمات بعد استيعاب الصدمة الأولى لها والإنتقال الى مرحلة الإشتباك.  وبعد مرور أربعة أيام على الهجمات، يمكن القول إنّ التعامل مع موجات الهجوم كان جيدًا لكن تطورات خطيرة بدأت تلوح في الأفق من خلال استخدام حركة نور الدين زنكي لغازات سامة وتهديد الأهالي الراغبين في الخروج من الأحياء الشرقية بالقتل، إضافةً الى المسلحين الراغبين بتسوية اوضاعهم وتسليم اسلحتهم وهي تدابير ستتصاعد في الأيام القادمة، وهو ما يحصل بتزامن مع مواقف أميركية مندّدة بعمليات الجيش السوري دون أن تشير الى عمليات الجماعات المسلحة، رغم أنّ الروس أبلغوا الأميركيين عن استخدام الغازات السامة وحددوا الجهة التي استخدمت الغازات، علمًا بأن الأميركيين استبقوا استخدام الغازات في حلب بالإشارة الى استخدام غازات سامة في محيط سقوط الطوافة الروسية، وكأننا امام تلويح باتهام روسيا وسوريا كذلك باستخدام غازات سامة. ولأنّ المعركة بالنسبة للجماعات المسلحة هي معركة حياة او موت، فإنهم وإن تراجعوا بعد اربعة ايام سيقومون بهجمات جديدة وربما يقومون في المرة القادمة بفتح جبهة المخابرات الجوية للضغط أكثر على الجيش السوري ومحاولة تحقيق خرق، ما يساعدهم في تنفيذ خططهم اليائسة والفاشلة وهو أمر مستبعد أقله في المنظور القريب.

المصدر : الماسة السورية/بيروت برس


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة