مع تقدّم الجيش السوري وحلفائه في ريف حلب الشمالي وقطع طريق الكاستيلو، خط امداد شريان المسلحين الوحيد الى المدينة، ارتفعت سريعا أصوات الجماعات المسلحة المندّدة بـ «حصار المدنيين» ....

ونفاد المواد الغذائية والطبية في الاحياء الشرقية التي يسكنها حوالي 200 ألف نسمة، بينهم عدد كبير موال للدولة السورية، والعدد الآخر من عوائل المسلحين وبيئة حاضنة لهم.

وقد كشفت مصادر لـ «السفير» ان اتصالات دولية على اعلى المستويات طلبت من الحكومة السورية فتح ممر وإدخال تموين الى الاحياء المحاصرة. مصادر سورية أكّدت لـ «السفير» ان المساعدات لم ولن تنقطع عن تلك الاحياء، مشيرة الى ان «المدنيين خط أحمر، المعركة والحصار ضد المسلحين الارهابيين وليس المدنيين».

على صعيد آخر، أكدت معلومات ميدانية وصول تعزيزات عسكرية الى ريف حلب لاستكمال المعركة. واذا كانت ورقة المدنيين التي تستغلها الجماعات المسلحة بعد تقدّم الجيش هي خط أحمر بالنسبة الى الدولة السورية، فما هي الخطوات المقبلة في الملفين الانساني والعسكري؟

في مثل هذه الايام من العام 2012، شنّت الجماعات المسلحة هجوما كبيرا على الاحياء الشرقية لمدينة حلب وسيطرت عليها بشكل كامل. وفيما كان عدد سكان الاحياء الشرقية يبلغ حوالي المليونين في تلك الفترة، ومع نزوح أكثر من مليون ونصف منهم الى احياء اخرى في حلب والساحل السوري، بقي حوالي 200 ألف نسمة، ينقسمون بين مؤيد ومعارض للحكومة السورية وجيشها. وبعد مرور أربع سنوات، يبدي محور سوريا ـ روسيا ـ ايران و «حزب الله» ارتياحه الكبير لمجريات التطورات الميدانية في ريف حلب اليوم، خصوصاً بعد قطع طريق الكاستيلو ناريا عن المسلحين، في ظل عزم على استكمال العملية العسكرية المخطط لها في كامل ارياف حلب.

ويعيش المسلحون اليوم بين فكي كماشة، بين دوار الليرمون من جهة ومزارع الملاح من جهة ثانية. طريق الكاستيلو قطع ناريا، بانتظار الخطوة المقبلة وهي وصول قوات المشاة الى الطريق والتثبيت فيها. هذه الخطوة ستشكّل تغيّراً جذرياً في المعركة، إما انسحاب المسلحين باتجاه إدلب وهو السيناريو المتوقع بعد وصول الجيش السوري الى منتجع ومطعم الكاستيلو ودوار الليرمون. والخروج سيكون عبر بلدة ضهرة عبد ربه الواقعة في الوسط التي شقّ المسلحون منها طريقا ترابيا حديثاً بعد قطع الكاستيلو. غير ان الجيش السوري يستهدف الجماعات المسلحة التي تسلك هذا الطريق. أما السيناريو الآخر، فسيكون بحصارهم بشكل كامل الى حين ابرام تسوية ما.

وفي هذا الصدد، علمت «السفير» ان تعزيزات عسكرية وصلت الى حلب، وهي نخبة من الحرس الجمهوري لدعم القوات المتقدمة باتجاه دوار الليرمون بهدف استنزاف المسلحين مع الحفاظ على المدنيين في الاحياء الشرقية. من جهة ثانية، ينتشر الحلفاء من «حزب الله» والقوات الايرانية بكثافة من جهة الراموسة، جنوب مدينة حلب، وحتى بلدة الحاضر في ريف حلب الجنوبي، الى جانب الجيش السوري. التعزيزات العسكرية لـ«حزب الله» وصلت بعيد الخطاب الاخير للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والذي حدّد فيه أوليات معركة حلب في صلب الصراع السوري.

ماذا عن 200 الف مدني في الاحياء الشرقية؟

في حديث مع «السفير»، لفت عضو مجلس الشعب السوري عن محافظة حلب ورئيس اتحاد الصناعة في حلب فارس الشهابي، ان إدخال المساعدات الى المدنيين مستمر ومنذ أسابيع تم إدخال مواد غذائية وحليب الى الاطفال «بناء على طلب أهالينا في الداخل»، مشددا على ان الحصار هو «على المسلحين فقط».

وأكّد الشهابي أن هناك تواصلا دائما من قبله ومن قبل فعاليات عدة وقادة عسكريين وامنيين مع المدنيين في الاحياء الشرقية، مشيرا الى ان هناك «عتبا من قبلهم لتأخر الحسم العسكري ونداءات بشكل يومي لضم الاحياء الى كنف الدولة والانتهاء من المسلحين لا سيّما الغرباء منهم».

احد المواطنين الذين يسكنون في حي الشعار الذي تسيطر عليه الجماعات المسلحة، يشكو الى «السفير» المعاناة التي يعيشها مع عائلته من فرض أحكام شرعية لم تعرفها مدينة حلب مسبقاً. عبد الرحمن الذي كان مقرّبا من «الجيش الحر» في بداية الازمة، ابتعد عن «الثورة» بعد رضوخ «الحر» لاحكام وقوانين «النصرة». وقال «قعدت ببيتي مع عيالي وناطرين الفرج لانو تعبنا». يؤّكد عبد الرحمن ان الخلافات بين المسلحين ارتفعت وتيرتها مؤخرا مع تقدم الجيش السوري وحلفائه، مشيرا الى أن بعض المسلحين الغرباء بدأوا يبيعون أثاث منازلهم للهروب الى إدلب.

في المقابل، يستمر استنزاف الدم اليومي في مدينة حلب واريافها، خصوصا تلك المتواجدة على خطوط التماس مع المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين.

وبحسب الاحصاءات، يقول الشهابي ان حصيلة الشهداء المدنيين بلغت في الاشهر الاخيرة «ألف شهيد بينهم نساء وأطفال نتيجة سقوط آلاف الصواريخ والقذائف من اماكن سيطرة المسلحين»، أما من العام 2012 وحتى اليوم، فقد بلغ عدد الشهداء المدنيين نتيجة اعتداءات المسلحين «اكثر من 10 آلاف شهيد موثقين بالاسماء».

في هذه الاثناء، لا عودة عن قرار الحسم العسكري للجيش السوري وحلفائه في حلب واريافها مع الحفاظ على حياة المدنيين في كامل الاحياء ، في الوقت الذي بدأت تلوّح فيه الجماعات المسلحة الى معركة مرتقبة وحشد الالاف لاعادة ما خسرته وإحراز تقدّم على الارض وإطلاقها النفير العام. وقد نشرت التنسيقات التابعة للمسلحين أمس، ان هناك «ملحمة كبرى» ستجري على 6 مراحل في حلب بقيادة «جيش الفتح» وفصائل أخرى. وقد وضع مصدر ميداني هذه الاخبار في سياق «إما رفع المعنويات او ضرب من الجنون سيكون ثمنه غاليا».

الاف المدنيين في حلب وريفها ينتظرون الخلاص من مسلسل الآلام الدموي اليومي، في وقت ستفوّت فيه القيادة السورية فرصة استخدام الملف الانساني واستغلاله من قبل الجماعات المسلحة، وذلك من خلال حسم معركة حلب لانها أصبحت المفصل الاول والاخير لاي حلّ للازمة في سوريا.

  • فريق ماسة
  • 2016-07-19
  • 12235
  • من الأرشيف

دمشق: لا حصار على مدنيي شرق حلب ....تعزيزات عسكرية للجيش والحلفاء لاستكمال معركة حلب الصامدة

مع تقدّم الجيش السوري وحلفائه في ريف حلب الشمالي وقطع طريق الكاستيلو، خط امداد شريان المسلحين الوحيد الى المدينة، ارتفعت سريعا أصوات الجماعات المسلحة المندّدة بـ «حصار المدنيين» .... ونفاد المواد الغذائية والطبية في الاحياء الشرقية التي يسكنها حوالي 200 ألف نسمة، بينهم عدد كبير موال للدولة السورية، والعدد الآخر من عوائل المسلحين وبيئة حاضنة لهم. وقد كشفت مصادر لـ «السفير» ان اتصالات دولية على اعلى المستويات طلبت من الحكومة السورية فتح ممر وإدخال تموين الى الاحياء المحاصرة. مصادر سورية أكّدت لـ «السفير» ان المساعدات لم ولن تنقطع عن تلك الاحياء، مشيرة الى ان «المدنيين خط أحمر، المعركة والحصار ضد المسلحين الارهابيين وليس المدنيين». على صعيد آخر، أكدت معلومات ميدانية وصول تعزيزات عسكرية الى ريف حلب لاستكمال المعركة. واذا كانت ورقة المدنيين التي تستغلها الجماعات المسلحة بعد تقدّم الجيش هي خط أحمر بالنسبة الى الدولة السورية، فما هي الخطوات المقبلة في الملفين الانساني والعسكري؟ في مثل هذه الايام من العام 2012، شنّت الجماعات المسلحة هجوما كبيرا على الاحياء الشرقية لمدينة حلب وسيطرت عليها بشكل كامل. وفيما كان عدد سكان الاحياء الشرقية يبلغ حوالي المليونين في تلك الفترة، ومع نزوح أكثر من مليون ونصف منهم الى احياء اخرى في حلب والساحل السوري، بقي حوالي 200 ألف نسمة، ينقسمون بين مؤيد ومعارض للحكومة السورية وجيشها. وبعد مرور أربع سنوات، يبدي محور سوريا ـ روسيا ـ ايران و «حزب الله» ارتياحه الكبير لمجريات التطورات الميدانية في ريف حلب اليوم، خصوصاً بعد قطع طريق الكاستيلو ناريا عن المسلحين، في ظل عزم على استكمال العملية العسكرية المخطط لها في كامل ارياف حلب. ويعيش المسلحون اليوم بين فكي كماشة، بين دوار الليرمون من جهة ومزارع الملاح من جهة ثانية. طريق الكاستيلو قطع ناريا، بانتظار الخطوة المقبلة وهي وصول قوات المشاة الى الطريق والتثبيت فيها. هذه الخطوة ستشكّل تغيّراً جذرياً في المعركة، إما انسحاب المسلحين باتجاه إدلب وهو السيناريو المتوقع بعد وصول الجيش السوري الى منتجع ومطعم الكاستيلو ودوار الليرمون. والخروج سيكون عبر بلدة ضهرة عبد ربه الواقعة في الوسط التي شقّ المسلحون منها طريقا ترابيا حديثاً بعد قطع الكاستيلو. غير ان الجيش السوري يستهدف الجماعات المسلحة التي تسلك هذا الطريق. أما السيناريو الآخر، فسيكون بحصارهم بشكل كامل الى حين ابرام تسوية ما. وفي هذا الصدد، علمت «السفير» ان تعزيزات عسكرية وصلت الى حلب، وهي نخبة من الحرس الجمهوري لدعم القوات المتقدمة باتجاه دوار الليرمون بهدف استنزاف المسلحين مع الحفاظ على المدنيين في الاحياء الشرقية. من جهة ثانية، ينتشر الحلفاء من «حزب الله» والقوات الايرانية بكثافة من جهة الراموسة، جنوب مدينة حلب، وحتى بلدة الحاضر في ريف حلب الجنوبي، الى جانب الجيش السوري. التعزيزات العسكرية لـ«حزب الله» وصلت بعيد الخطاب الاخير للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والذي حدّد فيه أوليات معركة حلب في صلب الصراع السوري. ماذا عن 200 الف مدني في الاحياء الشرقية؟ في حديث مع «السفير»، لفت عضو مجلس الشعب السوري عن محافظة حلب ورئيس اتحاد الصناعة في حلب فارس الشهابي، ان إدخال المساعدات الى المدنيين مستمر ومنذ أسابيع تم إدخال مواد غذائية وحليب الى الاطفال «بناء على طلب أهالينا في الداخل»، مشددا على ان الحصار هو «على المسلحين فقط». وأكّد الشهابي أن هناك تواصلا دائما من قبله ومن قبل فعاليات عدة وقادة عسكريين وامنيين مع المدنيين في الاحياء الشرقية، مشيرا الى ان هناك «عتبا من قبلهم لتأخر الحسم العسكري ونداءات بشكل يومي لضم الاحياء الى كنف الدولة والانتهاء من المسلحين لا سيّما الغرباء منهم». احد المواطنين الذين يسكنون في حي الشعار الذي تسيطر عليه الجماعات المسلحة، يشكو الى «السفير» المعاناة التي يعيشها مع عائلته من فرض أحكام شرعية لم تعرفها مدينة حلب مسبقاً. عبد الرحمن الذي كان مقرّبا من «الجيش الحر» في بداية الازمة، ابتعد عن «الثورة» بعد رضوخ «الحر» لاحكام وقوانين «النصرة». وقال «قعدت ببيتي مع عيالي وناطرين الفرج لانو تعبنا». يؤّكد عبد الرحمن ان الخلافات بين المسلحين ارتفعت وتيرتها مؤخرا مع تقدم الجيش السوري وحلفائه، مشيرا الى أن بعض المسلحين الغرباء بدأوا يبيعون أثاث منازلهم للهروب الى إدلب. في المقابل، يستمر استنزاف الدم اليومي في مدينة حلب واريافها، خصوصا تلك المتواجدة على خطوط التماس مع المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين. وبحسب الاحصاءات، يقول الشهابي ان حصيلة الشهداء المدنيين بلغت في الاشهر الاخيرة «ألف شهيد بينهم نساء وأطفال نتيجة سقوط آلاف الصواريخ والقذائف من اماكن سيطرة المسلحين»، أما من العام 2012 وحتى اليوم، فقد بلغ عدد الشهداء المدنيين نتيجة اعتداءات المسلحين «اكثر من 10 آلاف شهيد موثقين بالاسماء». في هذه الاثناء، لا عودة عن قرار الحسم العسكري للجيش السوري وحلفائه في حلب واريافها مع الحفاظ على حياة المدنيين في كامل الاحياء ، في الوقت الذي بدأت تلوّح فيه الجماعات المسلحة الى معركة مرتقبة وحشد الالاف لاعادة ما خسرته وإحراز تقدّم على الارض وإطلاقها النفير العام. وقد نشرت التنسيقات التابعة للمسلحين أمس، ان هناك «ملحمة كبرى» ستجري على 6 مراحل في حلب بقيادة «جيش الفتح» وفصائل أخرى. وقد وضع مصدر ميداني هذه الاخبار في سياق «إما رفع المعنويات او ضرب من الجنون سيكون ثمنه غاليا». الاف المدنيين في حلب وريفها ينتظرون الخلاص من مسلسل الآلام الدموي اليومي، في وقت ستفوّت فيه القيادة السورية فرصة استخدام الملف الانساني واستغلاله من قبل الجماعات المسلحة، وذلك من خلال حسم معركة حلب لانها أصبحت المفصل الاول والاخير لاي حلّ للازمة في سوريا.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة