بعملية خاطفة وسريعة، حقق الجيش السوري تقدماً مهماً في مدينة داريا، جنوب غرب دمشق، الأمر الذي سرق بعض أضواء لهيب المعارك من مدينة حلب، التي تعيش نشوة الطوق العسكري الذي فرضته القوات السورية والحلفاء في محيط المدينة، عازلةً مسلحي الداخل عن الريف المفتوح على تركيا.

وجاءت هذه التطورات مع قيام قاذفات روسية، انطلقت من الاراضي الروسية، بضرب مواقع لتنظيم «داعش» بالقرب من مدينة تدمر، عشية الزيارة التي يعتزم وزير الخارجية الاميركي جون كيري القيام بها الى موسكو، المستاءة من عدم التزام واشنطن حتى الان بما اسمته «وعدها» بالعمل على فصل الفصائل «المعتدلة» عن تنظيم «جبهة النصرة» التي وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنها «تتلون كالحرباء».

 ومن بيروت خرج تصريح لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت يدعو الى فك ما وصفه بحصار حلب، بعدما نجح الجيش والحلفاء في تطويق مسلحي المعارضة الذين يحتلون الشطر الشرقي من المدينة، وعزلهم عن خطوط امدادهم من محافظة ادلب والأراضي التركية.

وعلى نحوٍ يوازي ما قام به والفصائل التي تؤازره في مدينة حلب، عمل الجيش السوري على تمتين الطوق المحيط بمدينة دمشق، والذي يخرقه حي جوبر، بعدما نجح في إخراج مناطق عديدة عن خطوط المواجهة عبر عمليات عسكرية ومصالحات، مثل برزة وغيرها، في حين ضيّق الخناق بشكل تدريجي على المسلحين عبر محاصرتهم داخل مدينة داريا.

وتمكنت قوات الجيش السوري والفصائل المؤازرة له من السيطرة على المناطق الزراعية المحيطة بداريا بمساحة كيلومترين، بالإضافة إلى قضم نحو 17 كتلة بناء في مشارف المدينة الجنوبية الغربية. واتبع الجيش السوري في معاركه الأخيرة تكتيك التقدم السريع والمباغت بعد فترة استنزاف طويلة، خصوصاً أن مسلحي المدينة الذين يتبعون إلى «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و «الجيش الحر» معزولون داخل المدينة المحاصرة.

التقدم الأخير للجيش السوري قوبل بردّة فعل إعلامية كبيرة شنّتها المعارضة السورية، الأمر الذي يفسّر أهمية المدينة بالنسبة للجنوب السوري.

وفي هذا السياق، يشرح العميد المتقاعد هيثم حسّون لـ «السفير» أن مدينة داريا تمثل نقطة الوصل بين المنطقة الجنوبية ومناطق جنوب دمشق، كما يمثل مصيرها مصير الغوطة الغربية بشكل كامل. ويضيف أن «هذا التقدم في داريا يمثل مدخلاً لعملية عسكرية واسعة سيشهدها الجنوب السوري قريباً، بعد الانتهاء من التحضيرات، حيث تمثل داريا نقطة ربط ريف القنيطرة بريف دمشق الغربي وصولاً إلى الأحياء الجنوبية في دمشق».

وأمام الضعف العسكري للفصائل الموجودة في داريا، اعتمدت «المعارضة» في حملتها الإعلامية على العامل الانساني بداعي محاصرة «قوات النظام لأكثر من سبعة آلاف مدني باتوا دون غذاء بعد خروج المساحات الزراعية». وطالب رئيس «الائتلاف» المعارض أنس العبدة في مؤتمر صحافي عقده أمس، مجلس الأمن وجامعة الدول العربية بضرورة عقد اجتماع عاجل لبحث مصير القرارات الدولية حول سوريا.

 وفي وقت أكدت فيه قيادات عسكرية معارضة «عزمها مقاومة تقدم الجيش السوري في داريا وشن حملات عسكرية على مواقع النظام» بالإضافة إلى «الدعوات للنفير العام»، قلل العميد المتقاعد من أهمية هذه التصريحات، موضحاً أن «داريا فعلياً ساقطة بالمفهوم العسكري كونها محاصرة، وكون الجيش قد تمكن من استنزاف قوة ما تبقى من مسلحين بداخلها». وأضاف أن «الحديث في الوقت الحالي عن معارك الجنوب السوري وريف القنيطرة، فداريا فعلياً أصبحت بحكم المنتهية وقد تشهد اتفاقاً يقضي بإخراج مسلحيها العاجزين عن أي ردة فعل».

روسيا وتدمر

أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها أن ست قاذفات روسية بعيدة المدى من نوع «تو 22 ام 3» انطلقت من قاعدة جوية في روسيا الاتحادية ووجهت ضربات إلى منشآت ومواقع لتنظيم «داعش» شرق تدمر وفي السخنة وآراك، وعادت إلى قواعدها».

وأوضحت الوزارة أن الضربات أدت إلى «تدمير معسكر ميداني كبير لإرهابيي داعش وثلاثة مخازن للأسلحة والذخائر وثلاث دبابات وأربع مصفحات وثماني سيارات مزودة برشاشات ثقيلة «. ويأتي هذا التطور بعد أسبوع من المعارك المندلعة شرق تدمر، وسط سوريا، خلال محاولات مسلحي «داعش» تحقيق خروقات باتجاه المدينة الأثرية التي تحصنها قوات مشتركة سورية ـ روسية.

لافروف وكيري

وفيما يصل وزير الخارجية الاميركي الى موسكو غدا، حيث من المتوقع ان يستقبله الرئيس فلاديمير بوتين، انتقد لافروف موفد الامم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا واتهمه بـ «التخلي عن مسؤولياته»، مشيرا الى انه سيبحث مع كيري خلال زيارته سبل مكافحة تنظيم «جبهة النصره».

 واتهم لافروف دي ميستورا «بالتخلي عن مسؤولياته». موضحا ان الموفد الدولي «يقول إنه اذا اتفقت روسيا والولايات المتحدة فيما بينهما حول سوريا، عندها ستنظم الامم المتحدة سلسلة جديدة من المشاورات بين السوريين... هذا ليس النهج المناسب». وحذّر من أن الكلام عن استبدال مفاوضات جنيف بالمشاورات الروسية ـ الاميركية يبعث إشارات ضارة للغاية إلى المعارضة السورية، وتحديدا لهيئة المفاوضات العليا المنبثقة عن قائمة الرياض، والتي تطرح دائما إنذارات وهي تطالب برحيل بشار الأسد وتحديد «مواعيد قصوى ما» للعملية السياسية.

وقال لافروف إن القضية الرئيسية التي تعرقل تنفيذ اتفاقات التهدئة تكمن في أن النصرة «تتلون كالحرباء» ، لا سيما في ريف حلب، وتنشئ حولها تنظيمات أخرى تدعي بأنها غير تابعة لها وتجاهر باستعدادها للانضمام إلى نظام الهدنة، بموازاة تحالفها الميداني مع «النصرة». وأضاف «وعدت الولايات المتحدة في كانون الثاني بأن ينسحب جميع المقاتلين المتعاونين مع واشنطن من المواقع التي تحتلها جبهة النصرة، لكن هذا لم يحصل حتى الان... سنبحث هذه المسالة خلال زيارة كيري الى موسكو، لأنه وعد قطعته الولايات المتحدة».

  • فريق ماسة
  • 2016-07-12
  • 10805
  • من الأرشيف

القاذفات الروسية تعود.. وطوق داريا يتعزز

بعملية خاطفة وسريعة، حقق الجيش السوري تقدماً مهماً في مدينة داريا، جنوب غرب دمشق، الأمر الذي سرق بعض أضواء لهيب المعارك من مدينة حلب، التي تعيش نشوة الطوق العسكري الذي فرضته القوات السورية والحلفاء في محيط المدينة، عازلةً مسلحي الداخل عن الريف المفتوح على تركيا. وجاءت هذه التطورات مع قيام قاذفات روسية، انطلقت من الاراضي الروسية، بضرب مواقع لتنظيم «داعش» بالقرب من مدينة تدمر، عشية الزيارة التي يعتزم وزير الخارجية الاميركي جون كيري القيام بها الى موسكو، المستاءة من عدم التزام واشنطن حتى الان بما اسمته «وعدها» بالعمل على فصل الفصائل «المعتدلة» عن تنظيم «جبهة النصرة» التي وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنها «تتلون كالحرباء».  ومن بيروت خرج تصريح لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت يدعو الى فك ما وصفه بحصار حلب، بعدما نجح الجيش والحلفاء في تطويق مسلحي المعارضة الذين يحتلون الشطر الشرقي من المدينة، وعزلهم عن خطوط امدادهم من محافظة ادلب والأراضي التركية. وعلى نحوٍ يوازي ما قام به والفصائل التي تؤازره في مدينة حلب، عمل الجيش السوري على تمتين الطوق المحيط بمدينة دمشق، والذي يخرقه حي جوبر، بعدما نجح في إخراج مناطق عديدة عن خطوط المواجهة عبر عمليات عسكرية ومصالحات، مثل برزة وغيرها، في حين ضيّق الخناق بشكل تدريجي على المسلحين عبر محاصرتهم داخل مدينة داريا. وتمكنت قوات الجيش السوري والفصائل المؤازرة له من السيطرة على المناطق الزراعية المحيطة بداريا بمساحة كيلومترين، بالإضافة إلى قضم نحو 17 كتلة بناء في مشارف المدينة الجنوبية الغربية. واتبع الجيش السوري في معاركه الأخيرة تكتيك التقدم السريع والمباغت بعد فترة استنزاف طويلة، خصوصاً أن مسلحي المدينة الذين يتبعون إلى «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و «الجيش الحر» معزولون داخل المدينة المحاصرة. التقدم الأخير للجيش السوري قوبل بردّة فعل إعلامية كبيرة شنّتها المعارضة السورية، الأمر الذي يفسّر أهمية المدينة بالنسبة للجنوب السوري. وفي هذا السياق، يشرح العميد المتقاعد هيثم حسّون لـ «السفير» أن مدينة داريا تمثل نقطة الوصل بين المنطقة الجنوبية ومناطق جنوب دمشق، كما يمثل مصيرها مصير الغوطة الغربية بشكل كامل. ويضيف أن «هذا التقدم في داريا يمثل مدخلاً لعملية عسكرية واسعة سيشهدها الجنوب السوري قريباً، بعد الانتهاء من التحضيرات، حيث تمثل داريا نقطة ربط ريف القنيطرة بريف دمشق الغربي وصولاً إلى الأحياء الجنوبية في دمشق». وأمام الضعف العسكري للفصائل الموجودة في داريا، اعتمدت «المعارضة» في حملتها الإعلامية على العامل الانساني بداعي محاصرة «قوات النظام لأكثر من سبعة آلاف مدني باتوا دون غذاء بعد خروج المساحات الزراعية». وطالب رئيس «الائتلاف» المعارض أنس العبدة في مؤتمر صحافي عقده أمس، مجلس الأمن وجامعة الدول العربية بضرورة عقد اجتماع عاجل لبحث مصير القرارات الدولية حول سوريا.  وفي وقت أكدت فيه قيادات عسكرية معارضة «عزمها مقاومة تقدم الجيش السوري في داريا وشن حملات عسكرية على مواقع النظام» بالإضافة إلى «الدعوات للنفير العام»، قلل العميد المتقاعد من أهمية هذه التصريحات، موضحاً أن «داريا فعلياً ساقطة بالمفهوم العسكري كونها محاصرة، وكون الجيش قد تمكن من استنزاف قوة ما تبقى من مسلحين بداخلها». وأضاف أن «الحديث في الوقت الحالي عن معارك الجنوب السوري وريف القنيطرة، فداريا فعلياً أصبحت بحكم المنتهية وقد تشهد اتفاقاً يقضي بإخراج مسلحيها العاجزين عن أي ردة فعل». روسيا وتدمر أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها أن ست قاذفات روسية بعيدة المدى من نوع «تو 22 ام 3» انطلقت من قاعدة جوية في روسيا الاتحادية ووجهت ضربات إلى منشآت ومواقع لتنظيم «داعش» شرق تدمر وفي السخنة وآراك، وعادت إلى قواعدها». وأوضحت الوزارة أن الضربات أدت إلى «تدمير معسكر ميداني كبير لإرهابيي داعش وثلاثة مخازن للأسلحة والذخائر وثلاث دبابات وأربع مصفحات وثماني سيارات مزودة برشاشات ثقيلة «. ويأتي هذا التطور بعد أسبوع من المعارك المندلعة شرق تدمر، وسط سوريا، خلال محاولات مسلحي «داعش» تحقيق خروقات باتجاه المدينة الأثرية التي تحصنها قوات مشتركة سورية ـ روسية. لافروف وكيري وفيما يصل وزير الخارجية الاميركي الى موسكو غدا، حيث من المتوقع ان يستقبله الرئيس فلاديمير بوتين، انتقد لافروف موفد الامم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا واتهمه بـ «التخلي عن مسؤولياته»، مشيرا الى انه سيبحث مع كيري خلال زيارته سبل مكافحة تنظيم «جبهة النصره».  واتهم لافروف دي ميستورا «بالتخلي عن مسؤولياته». موضحا ان الموفد الدولي «يقول إنه اذا اتفقت روسيا والولايات المتحدة فيما بينهما حول سوريا، عندها ستنظم الامم المتحدة سلسلة جديدة من المشاورات بين السوريين... هذا ليس النهج المناسب». وحذّر من أن الكلام عن استبدال مفاوضات جنيف بالمشاورات الروسية ـ الاميركية يبعث إشارات ضارة للغاية إلى المعارضة السورية، وتحديدا لهيئة المفاوضات العليا المنبثقة عن قائمة الرياض، والتي تطرح دائما إنذارات وهي تطالب برحيل بشار الأسد وتحديد «مواعيد قصوى ما» للعملية السياسية. وقال لافروف إن القضية الرئيسية التي تعرقل تنفيذ اتفاقات التهدئة تكمن في أن النصرة «تتلون كالحرباء» ، لا سيما في ريف حلب، وتنشئ حولها تنظيمات أخرى تدعي بأنها غير تابعة لها وتجاهر باستعدادها للانضمام إلى نظام الهدنة، بموازاة تحالفها الميداني مع «النصرة». وأضاف «وعدت الولايات المتحدة في كانون الثاني بأن ينسحب جميع المقاتلين المتعاونين مع واشنطن من المواقع التي تحتلها جبهة النصرة، لكن هذا لم يحصل حتى الان... سنبحث هذه المسالة خلال زيارة كيري الى موسكو، لأنه وعد قطعته الولايات المتحدة».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة