دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
صدمة كبيرة تلقتها الفصائل المسلحة بعد سيطرة الجيش السوري والفصائل التي تؤازره على طريق كاستيلو شمال حلب الذي كان يمثل آخر المنافذ التي تصل مناطق سيطرة المسلحين بالريف المفتوح على تركيا.
ردة فعل الفصائل المسلحة وصفتها مصادر عديدة مؤيدة ومعارضة بأنها «انتحارية» انتهت بمقتل ما يزيد عن مئة مسلح نشرت أسماء نحو 75 منهم بينهم قياديون، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 200 آخرين، وفق مصدر معارض، تم نقل معظمهم إلى مدينة اعزاز وإلى مستشفيات في الجانب التركي.
وجاء ذلك في وقت حذر فيه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في نهاية اجتماع في وارسو، مع عدد من القادة أبرزهم الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، من أن يؤدي إضعاف تنظيم «داعش» في سوريا إلى تعزيز فصائل متطرفة أخرى مثل «جبهة النصرة»، مطالبا واشنطن وموسكو بأن تستهدفا في غاراتهما أيضا هذا الفرع السوري لتنظيم «القاعدة».
وأعلنت القيادة العسكرية السورية تمديد التهدئة على كامل الأراضي السورية 72 ساعة أخرى بعد أن أعلنت التهدئة الأولى في اليوم الأول من عيد الفطر من دون أن تشمل هذه التهدئة مواقع سيطرة كل من «داعش» و «جبهة النصرة»، حيث وقعت معارك عنيفة في الوقت ذاته شرق مدينة تدمر وسط سوريا بعد هجمة نفذها مسلحو تنظيم «داعش» قتل خلالها طياران روسيان أسقطت حوامتهما من طراز ام آي- 25 الجمعة ليرتفع العدد الرسمي للجنود الروس الذين قتلوا في سوريا منذ بدء العمليات الروسية في أيلول من العام الماضي إلى 12 جنديا.
في حلب، حاولت فصائل مسلحة عديدة أبرزها «أحرار الشام» و «حركة نور الدين الزنكي» و «فيلق الشام» وفصائل أخرى الهجوم على مواقع الجيش السوري في مزارع الملاح تحت قيادة «جبهة النصرة» من ثلاثة محاور ( الجنوبي والغربي والشرقي) حيث وقعت معارك عنيفة استمرت أكثر من 10 ساعات وفق مصدر عسكري.
وبدأ الهجوم بتفجير 6 سيارات مفخخة تبعها قصف عنيف على مواقع الجيش السوري ومحاولات تقدم إلى هذه المواقع ردت عليها قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازره بعنف. كما شارك سلاحا الجو الروسي والسوري في قصف مواقع الفصائل المهاجمة الأمر الذي أدى إلى «محرقة كبيرة في صفوف المهاجمين» وفق تعبير مصدر ميداني تحدث إلى «السفير».
أثناء الهجوم، نشرت قناة «الجزيرة» القطرية خبرا مُضَلِّلا عن سيطرة الفصائل على طريق كاستيلو وإعادة فتحه الأمر الذي دفع مجموعات مسلحة عدة إلى التوجه إليه سعيا للخروج من مدينة حلب، فقامت قوات الجيش السوري باستهداف هذه السيارات بالقذائف الحرارية ما أدى إلى مقتل كل من كان فيها، الأمر الذي تسبب بردة فعل غاضبة في أوساط الفصائل والمعارضِين، فشن ناشطون حملة إعلامية ضد القناة القطرية عمت مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم «الجزيرة تكذب».
ولم يكد هجوم الفصائل المسلحة يفشل، حتى أعلنت «جبهة النصرة» انسحابها من هذه المعارك لأسباب «عسكرية» وفق وصفها، الأمر الذي أعاد الهدوء إلى هذه الجبهة التي يُحكِم الجيش السوري سيطرته عليها، ويقطع ناريا طرق إمداد المسلحين.
ويسيطر الجيش السوري على مزارع الملاح والجرف الصخري المطل على نقطة الكاستيلو على بعد أقل من 400 متر، ما يمكنه من قطع الطريق ناريا في الوقت الحالي في انتظار استكمال التقدم وبسط السيطرة بشكل كامل على هذه النقطة وهو ما يلزمه بالسيطرة على مرتفع الشويحنة بالإضافة إلى نقاط أخرى متقدمة في محيط الطريق لضمان قطع جميع الخطوط بين أحياء مدينة حلب والريف الشمالي من جهة، وتأمين مواقع سيطرة الجيش السوري من جهة أخرى، خصوصا أن مواقع الجيش السوري مكشوفة من ثلاثة محاور، ما يعني قابلية تعرضها لهجمات عديدة مستقبلا في حال لم يتم تأمين مواقع السيطرة عن طريق إحكام السيطرة على المرتفعات والتمدد إلى نقاط متقدمة.
وفي وقت اكتفت فيه «جبهة النصرة» بإعلان أن سبب انسحابها «عسكري» من دون توضيحات أخرى، أكدت مصادر ميدانية ومعارِضة متقاطعة أن الفصائل المهاجمة فوجئت بردة فعل القوات المدافعة، الأمر الذي غَيَّر من مسار الهجوم من محاولات لاستعادة السيطرة على مزارع الملاح وفتح طريق كاستيلو إلى محاولة إشعال الجبهات سعيا لفتح ثغرات لإخراج عدد من القياديين المحاصَرين داخل أحياء مدينة حلب، وهو ما حدث بالفعل حيث حاول عدد من القياديين مغادرة مدينة حلب، إلا أن معظمهم قُتلوا في استهدافات نفذتها قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازرها لعربات حاولت الخروج من المدينة.
كذلك، ذكرت مصادر معارضة أن اجتماعات مكوكية تعقدها الفصائل المسلحة لبحث قضية طريق كاستيلو وطرق استرجاع الطريق أو فتح ثغرات لإخراج من يمكن إخراجه من مدينة حلب «في أسوأ الاحتمالات». وذكر مصدر ميداني معارِض أن الحديث يجري في الوقت الحالي عن نقل فصائل من الحزب الإسلامي التركستاني تقاتل على جبهة ريف حلب الجنوبي إلى هذه المنطقة، أخذا بالاعتبار «خبرة التركستان في هذا النوع من المعارك، بالإضافة إلى كونهم استعادوا مزارع الملاح من قبضة الجيش السوري بعد هجوم نفذه الجيش العام الماضي»، إلا أن هذه المداولات ما زالت قيد الدراسة في الوقت الحالي.
بالتزامن مع اشتعال جبهة ريف حلب الشمالي، كثفت الفصائل المتمركزة داخل أحياء المدينة قصفها للأحياء التي تسيطر عليها الحكومة والمكتظة بالسكان، ما تسبب بسقوط مئات الضحايا قَدَّرها مصدر طبي تحدث إلى «السفير» بأكثر من 50 مدنيا بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 350 شخصا آخرين. وطالت القذائف الصاروخية معظم الأحياء التي تسيطر عليها الحكومة في وقت متزامن أطلقتها الفصائل من مواقع سيطرتها، كذلك تصدت قوات الجيش السوري لهجوم في محيط قلعة حلب من دون أية تغيرات في خريطة السيطرة.
الجديد في قصف حلب هذه المرة استعمال المسلحين للمرة الاولى في سوريا، صواريخ من نوع 9M27K تطلق من راجمات أورَغان الروسية الصنع، وهي صواريخ تتميز برؤوس حربية عنقودية الأمر الذي يفسر الدمار الكبير الذي ألحقته هذه الصواريخ في مواقع سقوطها، بالإضافة إلى العدد الكبير للضحايا. وترجح مصادر متطابقة أن تكون هذه الصواريخ قد دخلت سوريا مطلع العام الحالي عن طريق تركيا بهدف استعمالها في حال حوصرت الفصائل المسلحة داخل أحياء مدينة حلب. كذلك يتقاطع استعمال هذه الصواريخ مع التصريحات العديدة التي اطلقتها روسيا مطلع العام الحالي حول «ورود معلومات دقيقة عن إدخال أسلحة إلى الفصائل المسلحة قادمة من تركيا». رغم ذلك، يتابع الجيش السوري والفصائل التي تؤازره إتمام العملية العسكرية الأهم بالنسبة لمدينة حلب بانتظار الانتقال إلى الخطوة التالية بعد تأمين «طوق المدينة» عبر التضييق على المسلحين الموجودين داخل حلب للوصول إلى تسوية تقضي بإخراجهم وفق سيناريو حمص لإعلان مدينة حلب خالية من المسلحين.
المصدر :
الماسة السورية/السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة