دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يبدو الأوروبيون اليوم الأشدّ حرصاً على إنجاح أي تعاون عسكري بين موسكو وواشنطن في سوريا، والانضواء تحت أولوية مكافحة الإرهاب، في محاولة لضمان أمنهم المهدّد، إثر عودة عشرات المقاتلين لتنفيذ هجمات على الأراضي الأوروبية
بعد أقل من أربع سنوات على ثناء وزير الخارجية الفرنسي السابق، لوران فابيوس، على «العمل الميداني الجيّد» الذي تقوم به «جبهة النصرة»، تبدو نظرة باريس، ومن ورائها أوروبا، أنها قد تغيّرت تجاه «أصدقاء» الميدان، بعد دعوة الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، واشنطن وموسكو إلى توجيه ضربات جوية ضد تنظيم «جبهة النصرة»، بالتوازي مع استهداف «داعش». المنابر الأوروبية التي سوّقت «الفصائل المعتدلة» كبديل «وطني» يحارب «قوات النظام» أولاً وبعدها تنظيم «داعش الإرهابي»، وجدت نفسها في مواجهة الإرهاب على أراضيها، بعدما بنى ركيزة قوية بأسلحة ودعم غربي ـــ خليجي، أتى لتعزيز «المعتدلين» على خلاف فصائلهم.
فرنسا التي كانت من أهم الداعمين لفصائل المعارضة المسلحة التي تنسّق عملياتها مع «النصرة»، أعربت عن قلقها ـــ على لسان الرئيس هولاند، في ختام اجتماع مع نظيره الأميركي باراك أوباما وعدد من القادة الأوروبيين، على هامش قمة «الأطلسي» في وارسو أول من أمس ـــ من تعاظم قوة فصائل كـ«جبهة النصرة»، بالتوازي مع «إضعاف داعش» عبر الغارات الجوية.
اليوم، وبعدما أصبحت مكافحة الإرهاب أولوية أوروبية، تظهر جلية أهمية التنسيق الأمني مع دمشق، وهو ما حاولت العواصم الأوروبية إبقاءه تحت الطاولة، وفق ما ذكر الرئيس السوري بشار الأسد مؤخراً، في ظل إصرار سوري على عودة العلاقات الدبلوماسية وإنهاء العقوبات كشرط لإنجاحه. العديد من الزيارات الأمنية والدبلوماسية حملت عدداً من الشخصيات الأوروبية إلى دمشق، وبالعكس، وكان آخرها زيارة مدير إدارة المخابرات العامة، ديب زيتون، للعاصمة الإيطالية روما، والتي أُتبعت بزيارة وفد أمني إيطالي لدمشق، أجرى «محادثات ركّزت على تطبيع العلاقات بين البلدين، وفكّ الحصار الأوروبي»، وفق مصدر مطّلع.
وبعد زيارة وفد بلجيكي وآخر فرنسي يضم برلمانيين ومثقفين وباحثين وإعلاميين، في آذار الماضي، لدمشق، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، خافيير كوسو، برفقة عضوين في البرلمان. ورأى الأسد، خلال اللقاء، أن سياسة بعض قادة الغرب بدعم وتوفير الغطاء السياسي للمجموعات الإرهابية في سوريا، سبّبت مشاكل الإرهاب والتطرف وموجات الهجرة، التي تواجهها أوروبا. وأضاف أن ما يجري في سوريا والمنطقة من الطبيعي أن يؤثر بشكل كبير على أوروبا بحكم الموقع الجغرافي والتواصل الثقافي بينهما. وشدد على أهمية دور البرلمانيين الأوروبيين في «تصويب السياسات الخاطئة لبعض حكوماتهم والتي أدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين عبر الحصار الاقتصادي الذي فرضوه... ما دفع كثيراً منهم إلى مغادرة بلدهم واللجوء إلى الدول الأخرى».
من جهة أخرى، أشار البرلمانيون الأوروبيون إلى أن زيارتهم ومشاهدتهم لما يعانيه الشعب السوري من جرائم الإرهاب، ستمكّنانهم من العمل من أجل تصحيح سياسات الحكومات الأوروبية والضغط باتجاه رفع العقوبات الجائرة المفروضة. وشدّدوا على ضرورة الحفاظ على سيادة سوريا وعدم المساس بها، وعلى ضرورة أن يقرر السوريون وحدهم مستقبل بلدهم بعيداً عن أي تدخل خارجي. كذلك، زار الوفد مركزاً صحياً يستقبل الجرحى من عناصر الجيش السوري، ومراكز لإيواء النازحين في محافظة دمشق.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة