دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بصمتٍ واحتجاب، يخوض الجيش السوري عمليات هادئةٍ وخاطفة ونظيفة لجهة الخسائر البشرية في مناطق الغوطة الشرقية للعاصمة.
فبعد عملية فصل الجيب الجنوبي للغوطة الذي يضم بلدات دير العصافير وزبدين وحرستا القنطرة وغيرها من القرى التي تشكل بمجملها مساحة تقدر بـ40 كيلومترا مربعا في 19 أيار الماضي، استكمل الجيش بهدوء معارك تقسيم الغوطة إلى قطاعات وجيوب.
عملية اقتطاع جيبٍ آخر في الغوطة الشرقية انتهت وفق الخطط المرسومة وأهدافها «اختراق الغوطة من أقصى الشرق بعد محورها الجنوبي»، بعدما بدأت قبل أسابيع عبر السيطرة أولاً على البحارية وتل أصفر المشرف والحاكم، ثم الانعطاف والتقدم شمالاً باتجاه مزارع ميدعا، ثم تطويق البلدة ودخولها خطفاً، وصولاً إلى تأمين الاتصال مع حامية بلدة الصغيرية، حيث التقت القوات المتقدمة مع العناصر المتواجدة أصلاً في هذه البلدة، وبالتالي أنجزت قاعدة المثلث الجغرافي الذي ينتهي رأسه عند مقر «اللواء 39» الاستراتيجي في مواجهة محوري تل صوان وتل كردي.
التقاء القوات في هذا المثلث أمّن الفصل بين محاور المسلحين من جهة، وأسقط عملاتياً منطقة واسعة تقدر مساحتها بـ25 كيلومترا مربعا هي الجيب الشرقي للغوطة الشرقية. وشلت هذه السيطرة دروب إمداد المسلحين من الغوطة إلى الضمير والقلمون الشرقي، لكون ميدعا الواقعة على طريق الإمداد تماماً، كان يتم عبرها إدخال الذخيرة والتمويل والإمداد إلى المنطقة، كما أنها أقرب نقطة لـ «جيش الإسلام» إلى مطار الضمير العسكري.
هذا التمدد الذي تحرزه القوات الحكومية السورية إلى جانب عناصر من «حزب الله» و «جيش التحرير الفلسطيني»، على حساب فصائل الغوطة، وضَعها مباشرةً على تخوم تماسٍ جديد مع مناطق أكثر أهمية في عمق مناطق المسلحين الحساسة، فضلاً عن بدء مناوشات جديدة ورمايات تمهيدية على بلدتي حَزرما ومَيدعانة، وهما بلدتان صغيرتان على ذات المحور، ليقترب الجيش السوري بذلك من بلدة حوش الفارة، خط الدفاع الأول عن مدينة دوما، عمق نواة «جيش الإسلام» وعاصمته العسكرية والحيوية، كذلك فتحَ الجيش محور إشغال آخر للمسلحين باتجاه حوش الفضائية وحوش الصالحية والنشابية، وهذه الأخيرة أيضاً خاصرة صدٍّ قوية أكثر تحصيناً ضد موجات الهجمات على مراكز القيادة في ميليشيا «جيش الإسلام».
وفي المحصلة، فإن عمليات قضم المناطق وتجزئة الغوطة إلى جيوب، ومن ثم إطباق الخناق عليها وسقوطها عسكرياً، تعني أن قراراً اتخذ بتوسيع مناطق نفوذ الدولة وحضورها في محيط العاصمة، كما أن حشر مسلحي الغوطة الشرقية المتناحرين في مساحات أضيق يرجح حسب مصادر مطلعة دفع بعضهم للاستجابة والرضوخ لمطالب دمشق، سيما تلك الفصائل التي لا امتداد خارجيا ولا تواجد فاعلاً لها خارج حدود دمشق الإدارية، «جيش الإسلام» و «فيلق الرحمن»، على خلاف «جبهة النصرة» التي لا تعد الأقوى نفوذاً في الغوطة وعموم محيط المدينة، والتي بالتالي لن ترضخ لمشاريع التسويات والهدن التي تسعى دمشق لاستثمارها لصالح تنظيف محيط المدينة من النشاط المسلح المعارض.
المصدر :
السفير/زهراء فارس
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة