لم تكن عملية السيطرة على مدينة منبج وطرد تنظيم داعش منها ترتدي الأهمية التي تحتلها الآن من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. كانت أولوية الولايات المتحدة هي الرقة وذلك لسببين رئيسيين،

  السبب الأول أنّ السيطرة على الرقة يمنح الولايات المتحدة موقعاً تفاوضياً مع روسيا ومع الدولة الروسية يعوّضها عن الخسائر التي لحقت بالجماعات المسلحة المدعومة من قبلها في ريف اللاذقية وأرياف حلب وفي الغوطة الشرقية ومحافظة درعا. السبب الثاني، السيطرة على الرقة يضع الولايات في مكانة تستطيع معها إدارة أوباما، مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، الادّعاء بأنها جادّة في القضاء على داعش، لأنّ جميع المكاسب التي تحققت سابقاً ضدّ داعش، سواء في سورية أو في العراق، لم تكن المشاركة الأميركية فعّالة في الهجمات التي أدّت إلى تقهقر داعش.

 لكن بعد حملة إعلامية عن قرب السيطرة على الرقة وطرد داعش منها، وهجمات استمرت لمدة تزيد عن أسبوعين تكشفت عن تقدّم محدود لقوات «سورية الديمقراطية» اقتصر على السيطرة على بلدتين بالقرب من عين عيس، فجأة أطلقت الولايات المتحدة معركة السيطرة على منبج، وأسدلت الستار على معركة السيطرة على الرقة، على الأقلّ الآن.

 في حسابات الولايات المتحدة أن السيطرة على داعش سيكون أسهل من السيطرة على الرقة ولا يواجه التعقيدات التي تواجه معركة السيطرة على هذه المدينة والمحافظة التي لا وجود كبير للأكراد فيها، والأكراد يمثلون القوة الرئيسية في التحالف الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة.

 لكن هل معركة السيطرة على منبج بهذه السهولة التي تتوقعها الولايات المتحدة؟

 لا شك أنّ معركة السيطرة على منبج بالمقارنة مع معركة السيطرة على الرقة هي أسهل. أولاً لأنّ الرقة هي معقل داعش، وثانياً الرقة مفتوحة على عمق يتصل بدير الزور ومنها إلى العراق، ويتصل بمحافظة الحسكة عبر جبل عبد العزيز، إضافة إلى أنّ سكان المحافظة العرب لا يحبّذون أن يكون الأكراد هم الذين يقومون بطرد داعش من مدينتهم ومن محافظتهم.

 معركة منبج أيضاً أسهل لأنّ لدى الأكراد حوافز أقوى للقتال في هذه المنطقة لأنهم يتطلعون إلى ربط قضاء عفرين بعين العرب، وكشفت الشعارات التي كتبت على الجدران في القرى التي سيطر عليها الأكراد و«قوات سورية الديمقراطية» التي حملت عبارة «قادمون يا عفرين» عن المحرك وراء السعي للسيطرة على منبج.

 لكن على الرغم من كلّ هذه العوامل الإيجابية والتي تعمل في مصلحة التحالف الأميركي الكردي، إلا أنّ معركة السيطرة على منبج لن تكون بالسهولة التي يتوقعها البعض، لأنّ ما أنجز حتى الآن هو القسم السهل من العملية، أما القسم الأصعب، فما زال دونه المزيد من المعارك، والأرجح أنّ معركة السيطرة على منبج ستكون أقرب إلى سيناريو السيطرة على عين العرب منه إلى أيّ شيء آخر، أيّ أنها سوف تستمرّ أسابيع طويلة وربما أشهر.

 

  • فريق ماسة
  • 2016-06-15
  • 10721
  • من الأرشيف

معركة منبج بين الصعب والسهل ....حميدي العبدالله

لم تكن عملية السيطرة على مدينة منبج وطرد تنظيم داعش منها ترتدي الأهمية التي تحتلها الآن من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. كانت أولوية الولايات المتحدة هي الرقة وذلك لسببين رئيسيين،   السبب الأول أنّ السيطرة على الرقة يمنح الولايات المتحدة موقعاً تفاوضياً مع روسيا ومع الدولة الروسية يعوّضها عن الخسائر التي لحقت بالجماعات المسلحة المدعومة من قبلها في ريف اللاذقية وأرياف حلب وفي الغوطة الشرقية ومحافظة درعا. السبب الثاني، السيطرة على الرقة يضع الولايات في مكانة تستطيع معها إدارة أوباما، مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، الادّعاء بأنها جادّة في القضاء على داعش، لأنّ جميع المكاسب التي تحققت سابقاً ضدّ داعش، سواء في سورية أو في العراق، لم تكن المشاركة الأميركية فعّالة في الهجمات التي أدّت إلى تقهقر داعش.  لكن بعد حملة إعلامية عن قرب السيطرة على الرقة وطرد داعش منها، وهجمات استمرت لمدة تزيد عن أسبوعين تكشفت عن تقدّم محدود لقوات «سورية الديمقراطية» اقتصر على السيطرة على بلدتين بالقرب من عين عيس، فجأة أطلقت الولايات المتحدة معركة السيطرة على منبج، وأسدلت الستار على معركة السيطرة على الرقة، على الأقلّ الآن.  في حسابات الولايات المتحدة أن السيطرة على داعش سيكون أسهل من السيطرة على الرقة ولا يواجه التعقيدات التي تواجه معركة السيطرة على هذه المدينة والمحافظة التي لا وجود كبير للأكراد فيها، والأكراد يمثلون القوة الرئيسية في التحالف الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة.  لكن هل معركة السيطرة على منبج بهذه السهولة التي تتوقعها الولايات المتحدة؟  لا شك أنّ معركة السيطرة على منبج بالمقارنة مع معركة السيطرة على الرقة هي أسهل. أولاً لأنّ الرقة هي معقل داعش، وثانياً الرقة مفتوحة على عمق يتصل بدير الزور ومنها إلى العراق، ويتصل بمحافظة الحسكة عبر جبل عبد العزيز، إضافة إلى أنّ سكان المحافظة العرب لا يحبّذون أن يكون الأكراد هم الذين يقومون بطرد داعش من مدينتهم ومن محافظتهم.  معركة منبج أيضاً أسهل لأنّ لدى الأكراد حوافز أقوى للقتال في هذه المنطقة لأنهم يتطلعون إلى ربط قضاء عفرين بعين العرب، وكشفت الشعارات التي كتبت على الجدران في القرى التي سيطر عليها الأكراد و«قوات سورية الديمقراطية» التي حملت عبارة «قادمون يا عفرين» عن المحرك وراء السعي للسيطرة على منبج.  لكن على الرغم من كلّ هذه العوامل الإيجابية والتي تعمل في مصلحة التحالف الأميركي الكردي، إلا أنّ معركة السيطرة على منبج لن تكون بالسهولة التي يتوقعها البعض، لأنّ ما أنجز حتى الآن هو القسم السهل من العملية، أما القسم الأصعب، فما زال دونه المزيد من المعارك، والأرجح أنّ معركة السيطرة على منبج ستكون أقرب إلى سيناريو السيطرة على عين العرب منه إلى أيّ شيء آخر، أيّ أنها سوف تستمرّ أسابيع طويلة وربما أشهر.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة