تلقيت اتصالا هاتفيا اول امس بينما كنت في مطار استنبول قادما من موسكو قاصدا بيروت المتحدث هو صديق صحفي، كشف لي أثناء حديثنا أن أنقرة استدعت رئيس الهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب  إلى أنقرة ، وأنها طلبت منه طرح مبادرة لوقف النار خلال شهر رمضان بشكل فوري . ما أن وصلت إلى بيروت حتى وجدت حجاب قد أطلق المبادرة بالفعل من تركيا بعد لقائه مولود جاويشاوغلوطالبا رعاية دولية لها ، لم يخطر ببالي إلا سؤال واحد ، لماذا يريد الأتراك وقف النار ؟ ليس هناك سوى جواب واحد  ايضا لهذا السؤال تفرضه صورة الميدان السوري هذه الأيام . إذ يبدو أن الأتراك يراقبون عن كثب وبقلق التحركات العسكرية في الشمال ، والاندفاع الروسي السوري الإيراني لاستثمار فرصة الأسابيع القليلة قبل أن يعيد الوسيط الدولي إطلاق شارة عودة التفاوض من جديد في جنيف . ويريد الجانب التركي على مايبدو فرملة هذه الاندفاعه وإحراج روسيا التي تتبنى فكرة وقف النار وتشكو من خروقاتها ، فكيف سترفضها  الآن روسيا وهو صادرة عن رئيس هيئة  المفاوضات السيد حجاب ، بالمناسبة حجاب هو صاحب قرار وقف التفاوض والعودة إلى الميدان،  كما قال بلسانه في الجولة الماضية في جنيف .

 الرد على مبادرة حجاب جاء من وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان بعد اجتماعه الثلاثي بنظيريه السوري والروسي في طهران ، حيث قال إن طهران توافق على وقف النار اذا كان مضمونا . هل حققت تركيا  اذا أهدافها بهذه النتيجة؟؟ الجواب باعتقادنا… لا .

 فدهقان والقادة المجتمعون معه رفعتإقلامهموجفت صحفهم . وهم على علم مسبق بالمناورة التركية وباعتقادنا أن دهقان  قال نعم لوقف النار وهو يهز رأسه قائلا في نفسه …سنرى

لا نخترع العجلة اذا قلنا أن الاجتماع العسكري الثلاثي لوزراء دفاع الدول المتحالفة ( روسيا إيران سوريا ) انعقد لتقدير الموقف العسكري على أبواب استحقاقات كبرى في الميدان السوري الجانب الإيراني السوري يضع حلب نصب عينيه كاولوية لانجاز عملية كسر إستراتيجي للجبهة  المقابلة . بينما يسابق الروسي نحو الرقة بوضع قدم الى جانب قوات سوريا الديمقراطية التي دعمت عمودها الفقري وحدات الحماية الكردية في وقت مبكر قبل أن تعمل واشنطن على توسيعها في إطار قوة عسكرية تضم الكرد وغير الكرد ، كبديل عن فشل مشروع تدريب قوة عسكرية معتدلة حليفة لها على الأرض.

بينما تقف القدم الروسية الأخرى مع الجيش السوري وحلفائه للمشاركة في قطف إنجاز الرقة .

لكن التنسيق العسكري الطبيعي بين حلفاء يقاتلون على رقعة جغرافية واحدة على أهميته لم يكن السبب الجوهري للقاء العسكري الثلاثي في طهران ، هناك ما هو  أهم في إطار التنسيق نفسه ، ولا أتردد مطلقا في قول  أن هناك ثمة  قرار استراتيجي كبيركانت طهران تريد تأكيد موافقة الحلفاء عليه رسميا وهو محدد في إطار الميدان السوري واولوياته .أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شامخاني  رأى أنه على المجتمع الدولي أن يدرك دور ايران وروسيا وسوريا في محاربة الارهاب ويتعاون معها من خلال حشد كل الطاقات للتضييق على الدول التي تدعم الارهاب التكفيري سرا وعلانية. أذا الامر الآخر  يتعلق بتركيا وحدودها ومعضلة تدفق السلاح والمقاتلين عبرها ، إذ سيتجاوز الثلاثي زمن الشكوى منه والانتقال إلى مرحلة حسمه بخيارات جديدة .الأتراك يدرسون خيارات جديدة أيضا . ويحتاجون للوقت فقط لإتاحة فرصة طرحها ، ولا يرغبون أن تطرح على وقع الضغط العسكري .

وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان  عبر عن ذلك بعد الاجتماع وأوضح أنه تم تحديد الاولويات والبرنامج الزمني للمرحلة المقبلة وتم الاتفاق على الخطط بشكل شامل كما تم تشكيل لجنة تنسيق مشتركة، مشددا على أن الايام المقبلة ستشهد ما تم الاتفاق عليه.

مخطئ من يراهن على كشف تفاصيل الاجتماع بالمدى المنظور وماهو الأمر المهم الذي أرادت إيران أخذ قرار نهائي به أو ماهي خيارات التعامل مع الحدود المفتوحه للدعم العسكري من الشمال ، إلا أن الإجابات يمكن التقاطها في متغيرات جبهات القتال ، أكاد أجزم أننا سنكون أمام جولة مختلفة عن كل سابقاتها في جنيف السوري ، حيث ستكون المعطيات العسكرية والسياسية وخيارات وسقوف التسوية قد اختلفت عند الأطراف.

  • فريق ماسة
  • 2016-06-11
  • 10755
  • من الأرشيف

الاجتماع الثلاثي العسكري في طهران.. رفعت الأقلام وجفت الصحف ...بقلم كمال خلف

تلقيت اتصالا هاتفيا اول امس بينما كنت في مطار استنبول قادما من موسكو قاصدا بيروت المتحدث هو صديق صحفي، كشف لي أثناء حديثنا أن أنقرة استدعت رئيس الهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب  إلى أنقرة ، وأنها طلبت منه طرح مبادرة لوقف النار خلال شهر رمضان بشكل فوري . ما أن وصلت إلى بيروت حتى وجدت حجاب قد أطلق المبادرة بالفعل من تركيا بعد لقائه مولود جاويشاوغلوطالبا رعاية دولية لها ، لم يخطر ببالي إلا سؤال واحد ، لماذا يريد الأتراك وقف النار ؟ ليس هناك سوى جواب واحد  ايضا لهذا السؤال تفرضه صورة الميدان السوري هذه الأيام . إذ يبدو أن الأتراك يراقبون عن كثب وبقلق التحركات العسكرية في الشمال ، والاندفاع الروسي السوري الإيراني لاستثمار فرصة الأسابيع القليلة قبل أن يعيد الوسيط الدولي إطلاق شارة عودة التفاوض من جديد في جنيف . ويريد الجانب التركي على مايبدو فرملة هذه الاندفاعه وإحراج روسيا التي تتبنى فكرة وقف النار وتشكو من خروقاتها ، فكيف سترفضها  الآن روسيا وهو صادرة عن رئيس هيئة  المفاوضات السيد حجاب ، بالمناسبة حجاب هو صاحب قرار وقف التفاوض والعودة إلى الميدان،  كما قال بلسانه في الجولة الماضية في جنيف .  الرد على مبادرة حجاب جاء من وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان بعد اجتماعه الثلاثي بنظيريه السوري والروسي في طهران ، حيث قال إن طهران توافق على وقف النار اذا كان مضمونا . هل حققت تركيا  اذا أهدافها بهذه النتيجة؟؟ الجواب باعتقادنا… لا .  فدهقان والقادة المجتمعون معه رفعتإقلامهموجفت صحفهم . وهم على علم مسبق بالمناورة التركية وباعتقادنا أن دهقان  قال نعم لوقف النار وهو يهز رأسه قائلا في نفسه …سنرى لا نخترع العجلة اذا قلنا أن الاجتماع العسكري الثلاثي لوزراء دفاع الدول المتحالفة ( روسيا إيران سوريا ) انعقد لتقدير الموقف العسكري على أبواب استحقاقات كبرى في الميدان السوري الجانب الإيراني السوري يضع حلب نصب عينيه كاولوية لانجاز عملية كسر إستراتيجي للجبهة  المقابلة . بينما يسابق الروسي نحو الرقة بوضع قدم الى جانب قوات سوريا الديمقراطية التي دعمت عمودها الفقري وحدات الحماية الكردية في وقت مبكر قبل أن تعمل واشنطن على توسيعها في إطار قوة عسكرية تضم الكرد وغير الكرد ، كبديل عن فشل مشروع تدريب قوة عسكرية معتدلة حليفة لها على الأرض. بينما تقف القدم الروسية الأخرى مع الجيش السوري وحلفائه للمشاركة في قطف إنجاز الرقة . لكن التنسيق العسكري الطبيعي بين حلفاء يقاتلون على رقعة جغرافية واحدة على أهميته لم يكن السبب الجوهري للقاء العسكري الثلاثي في طهران ، هناك ما هو  أهم في إطار التنسيق نفسه ، ولا أتردد مطلقا في قول  أن هناك ثمة  قرار استراتيجي كبيركانت طهران تريد تأكيد موافقة الحلفاء عليه رسميا وهو محدد في إطار الميدان السوري واولوياته .أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شامخاني  رأى أنه على المجتمع الدولي أن يدرك دور ايران وروسيا وسوريا في محاربة الارهاب ويتعاون معها من خلال حشد كل الطاقات للتضييق على الدول التي تدعم الارهاب التكفيري سرا وعلانية. أذا الامر الآخر  يتعلق بتركيا وحدودها ومعضلة تدفق السلاح والمقاتلين عبرها ، إذ سيتجاوز الثلاثي زمن الشكوى منه والانتقال إلى مرحلة حسمه بخيارات جديدة .الأتراك يدرسون خيارات جديدة أيضا . ويحتاجون للوقت فقط لإتاحة فرصة طرحها ، ولا يرغبون أن تطرح على وقع الضغط العسكري . وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان  عبر عن ذلك بعد الاجتماع وأوضح أنه تم تحديد الاولويات والبرنامج الزمني للمرحلة المقبلة وتم الاتفاق على الخطط بشكل شامل كما تم تشكيل لجنة تنسيق مشتركة، مشددا على أن الايام المقبلة ستشهد ما تم الاتفاق عليه. مخطئ من يراهن على كشف تفاصيل الاجتماع بالمدى المنظور وماهو الأمر المهم الذي أرادت إيران أخذ قرار نهائي به أو ماهي خيارات التعامل مع الحدود المفتوحه للدعم العسكري من الشمال ، إلا أن الإجابات يمكن التقاطها في متغيرات جبهات القتال ، أكاد أجزم أننا سنكون أمام جولة مختلفة عن كل سابقاتها في جنيف السوري ، حيث ستكون المعطيات العسكرية والسياسية وخيارات وسقوف التسوية قد اختلفت عند الأطراف.

المصدر : الماسة السورية/كمال خلف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة