كشفت وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية النقاب عن صفقة سرية بين السعودية وأميركا منتصف سبعينيات القرن الماضي، توضح حرصا أميركيا على التعاون مع السعودية، في المجال النفطي، بهدف وقف تدهور الاقتصاد الأميركي.

 وتبدأ حكاية الصفقة في شهر تموز العام 1974  حين قام ويليام سيمون وزير المالية المعين حديثاً في الحكومة الأميركية بالتوجه إلى منطقة الشرق الأوسط لتدارك الموقف الاقتصادي الصعب لبلاده، نتيجة للحظر الذي فرضته دول مجموعة أوبك ردًا على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل في تلك الفترة والتي رفعت سعر النفط أربعة أضعاف، مما أسهم في زيادة التضخم وانهيار السوق المالي وإصابة الاقتصاد بالعجز.

 المهمة الخفية التي حرصت حكومة الرئيس ريتشارد نيكسون على إبقائها سرية ضمن أضيق الحدود والتي كانت ستنفذ خلال مدة أربعة أيام في مدينة جدة كانت أبعد من ذلك بكثير واستمرت لأكثر من 40 عامًا.

 وتشير الوكالة في تقريرها إلى أن الهدف من المهمة كان تحييد النفط الخام كسلاح اقتصادي ومحاولة إيجاد طريقة لإقناع السعودية لتمويل العجز الحاصل لدى الولايات المتحدة.

 وكان الرئيس نيكسون واضحاً حيال عدم العودة خالي الوفاض من دون تحقيق هذا الهدف، لأن الفشل في تحقيق هذا الهدف لا يعني فقط تعريض اقتصاد الولايات المتحدة للخطر، ولكنه أيضاً قد يعطي فرصة للاتحاد السوفيتي بأن يحقق نجاحات جديدة في العالم العربي، وبهذا لا يوجد خيارات أخرى سوى تحقيق هذا الهدف.

 وكان الإطار العام للمهمة بسيطاً حيث يقضي بأن تشتري أميركا النفط من السعودية مقابل تزويد الأخيرة بحاجتها من المعدات والمساعدات العسكرية، وفي المقابل فإن السعودية ستقوم بضخ المليارات من عوائد النفط  في الخزائن الأميركية وتمويل نفقات الحكومة الأمريكية.

 كان هناك العديد من الاجتماعات السرية للتخطيط لهذه المهمة والعناية بكافة تفاصيلها، وبعد عدة شهور من هذه الاجتماعات والمفاوضات بقيت عقبة واحدة صغيرة ولكنها مهمة جداً، حيث طالب الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود أن يتم التكتم تماماً على هذه الصفقة، وهذا ما تبين في إحدى البرقيات التي حصلت عليها “بلومبيرغ” من الأرشيف الوطني الأميركي.

 وطبقاً لقانون حرية الحصول على المعلومات والطلب الذي تقدمت به “بلومبيرغ” للحصول على معلومات حول هذه الصفقة وعملاً بقانون الشفافية، فقد تم الكشف عن العديد من البيانات التي تخص الحسابات السعودية وكافة المعلومات عن هذه الصفقة والتي أفصحت عن كون السعودية اكبر مقرضي الولايات المتحدة الأميركية، حيث بلغت قيمة هذه القروض ما يقارب 117 مليار دولار.

 وقد تمخضت هذه المعلومات عن العديد من الأسئلة التي كانت أكثر بكثير من الأجوبة التي كشفتها.. فيما صرح أحد المسؤولين في وزارة المالية الأميركية الذي طالب بعدم الإفصاح عن هويته بأن الرقم الرسمي لهذه القروض يقل إلى حد كبير عن الرقم الحقيقي والذي قد يكون الضعف أو أكثر.

 فالرقم الحالي يمثل حوالي 20% فقط من احتياط  النقد الأجنبي والبالغ 587 مليار دولار والذي يعتبر أقل بحوالي الثلثين من احتياطي موجودات البنك المركزي العادية من الدولارات. ويعتقد بعض المحللين بأن السعودية تقوم بإخفاء قروضها لأميركا عن طريق اعتبارها استثمارات في مراكز مالية حول العالم والتي قد تظهر أحياناً في بيانات حسابات بعض الدول.

 وفي الحقيقة ان قيمة هذه القروض تبدو مهمة جداً الآن أكثر من أي وقت مضى، لاسيما مع توتر العلاقات بين البلدين وحاجة السعودية إلى المزيد من التمويل لدعم خططها ما بعد النفظ.

 بين الماضي واليوم.. السعودية وأوراق القوة

 وبالنظر لأزمة النفط الحالية والتي زادت من حاجة السعودية للسيولة النقدية، فإن هناك قلقا كبيرا لدى السعودية حيال أهمية استخدام موقفها المالي القوي كسلاح سياسي في العالم كما فعلت في فترة السبعينات.

 وفي شهر نيسان حذرت السعودية بأنها ستبدأ بالقيام ببيع سندات مالية بقيمة 750 مليار دولار وغيرها من الأصول في حال قام مجلس الشيوخ الأميركي بالموافقة على قانون يسمح لمتضرري هجمات الحادي عشر من أيلول بمقاضاة السعودية.. ويأتي هذا التهديد وسط الحملات الانتخابية التي يتصارع فيها المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون لرفع السرية عن المخطوطة رقم 28 في تقرير الحكومة لعام 2004 والتي قد تؤكد ضلوع المملكة السعودية بالهجمات المذكورة، والقانون حاليا يتم النظر فيه من قبل مجلس النواب بعد الموافقة عليه من قبل مجلس الشيوخ الأميركي.

 في حين رفض وزير المالية السعودية التعليق حول نية رياض بالقيام ببيع السندات، وحتى الآن لم تقدم مؤسسة النقد العربي السعودية أي إجابات حول تفاصيل وحجم القروض المذكورة.

  • فريق ماسة
  • 2016-06-01
  • 14221
  • من الأرشيف

الصفقة الأميركية–السعودية التي بقيت طي الكتمان لأكثر من 40 عامًا؟!

كشفت وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية النقاب عن صفقة سرية بين السعودية وأميركا منتصف سبعينيات القرن الماضي، توضح حرصا أميركيا على التعاون مع السعودية، في المجال النفطي، بهدف وقف تدهور الاقتصاد الأميركي.  وتبدأ حكاية الصفقة في شهر تموز العام 1974  حين قام ويليام سيمون وزير المالية المعين حديثاً في الحكومة الأميركية بالتوجه إلى منطقة الشرق الأوسط لتدارك الموقف الاقتصادي الصعب لبلاده، نتيجة للحظر الذي فرضته دول مجموعة أوبك ردًا على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل في تلك الفترة والتي رفعت سعر النفط أربعة أضعاف، مما أسهم في زيادة التضخم وانهيار السوق المالي وإصابة الاقتصاد بالعجز.  المهمة الخفية التي حرصت حكومة الرئيس ريتشارد نيكسون على إبقائها سرية ضمن أضيق الحدود والتي كانت ستنفذ خلال مدة أربعة أيام في مدينة جدة كانت أبعد من ذلك بكثير واستمرت لأكثر من 40 عامًا.  وتشير الوكالة في تقريرها إلى أن الهدف من المهمة كان تحييد النفط الخام كسلاح اقتصادي ومحاولة إيجاد طريقة لإقناع السعودية لتمويل العجز الحاصل لدى الولايات المتحدة.  وكان الرئيس نيكسون واضحاً حيال عدم العودة خالي الوفاض من دون تحقيق هذا الهدف، لأن الفشل في تحقيق هذا الهدف لا يعني فقط تعريض اقتصاد الولايات المتحدة للخطر، ولكنه أيضاً قد يعطي فرصة للاتحاد السوفيتي بأن يحقق نجاحات جديدة في العالم العربي، وبهذا لا يوجد خيارات أخرى سوى تحقيق هذا الهدف.  وكان الإطار العام للمهمة بسيطاً حيث يقضي بأن تشتري أميركا النفط من السعودية مقابل تزويد الأخيرة بحاجتها من المعدات والمساعدات العسكرية، وفي المقابل فإن السعودية ستقوم بضخ المليارات من عوائد النفط  في الخزائن الأميركية وتمويل نفقات الحكومة الأمريكية.  كان هناك العديد من الاجتماعات السرية للتخطيط لهذه المهمة والعناية بكافة تفاصيلها، وبعد عدة شهور من هذه الاجتماعات والمفاوضات بقيت عقبة واحدة صغيرة ولكنها مهمة جداً، حيث طالب الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود أن يتم التكتم تماماً على هذه الصفقة، وهذا ما تبين في إحدى البرقيات التي حصلت عليها “بلومبيرغ” من الأرشيف الوطني الأميركي.  وطبقاً لقانون حرية الحصول على المعلومات والطلب الذي تقدمت به “بلومبيرغ” للحصول على معلومات حول هذه الصفقة وعملاً بقانون الشفافية، فقد تم الكشف عن العديد من البيانات التي تخص الحسابات السعودية وكافة المعلومات عن هذه الصفقة والتي أفصحت عن كون السعودية اكبر مقرضي الولايات المتحدة الأميركية، حيث بلغت قيمة هذه القروض ما يقارب 117 مليار دولار.  وقد تمخضت هذه المعلومات عن العديد من الأسئلة التي كانت أكثر بكثير من الأجوبة التي كشفتها.. فيما صرح أحد المسؤولين في وزارة المالية الأميركية الذي طالب بعدم الإفصاح عن هويته بأن الرقم الرسمي لهذه القروض يقل إلى حد كبير عن الرقم الحقيقي والذي قد يكون الضعف أو أكثر.  فالرقم الحالي يمثل حوالي 20% فقط من احتياط  النقد الأجنبي والبالغ 587 مليار دولار والذي يعتبر أقل بحوالي الثلثين من احتياطي موجودات البنك المركزي العادية من الدولارات. ويعتقد بعض المحللين بأن السعودية تقوم بإخفاء قروضها لأميركا عن طريق اعتبارها استثمارات في مراكز مالية حول العالم والتي قد تظهر أحياناً في بيانات حسابات بعض الدول.  وفي الحقيقة ان قيمة هذه القروض تبدو مهمة جداً الآن أكثر من أي وقت مضى، لاسيما مع توتر العلاقات بين البلدين وحاجة السعودية إلى المزيد من التمويل لدعم خططها ما بعد النفظ.  بين الماضي واليوم.. السعودية وأوراق القوة  وبالنظر لأزمة النفط الحالية والتي زادت من حاجة السعودية للسيولة النقدية، فإن هناك قلقا كبيرا لدى السعودية حيال أهمية استخدام موقفها المالي القوي كسلاح سياسي في العالم كما فعلت في فترة السبعينات.  وفي شهر نيسان حذرت السعودية بأنها ستبدأ بالقيام ببيع سندات مالية بقيمة 750 مليار دولار وغيرها من الأصول في حال قام مجلس الشيوخ الأميركي بالموافقة على قانون يسمح لمتضرري هجمات الحادي عشر من أيلول بمقاضاة السعودية.. ويأتي هذا التهديد وسط الحملات الانتخابية التي يتصارع فيها المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون لرفع السرية عن المخطوطة رقم 28 في تقرير الحكومة لعام 2004 والتي قد تؤكد ضلوع المملكة السعودية بالهجمات المذكورة، والقانون حاليا يتم النظر فيه من قبل مجلس النواب بعد الموافقة عليه من قبل مجلس الشيوخ الأميركي.  في حين رفض وزير المالية السعودية التعليق حول نية رياض بالقيام ببيع السندات، وحتى الآن لم تقدم مؤسسة النقد العربي السعودية أي إجابات حول تفاصيل وحجم القروض المذكورة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة