نشرت صحيفة "إيزفيستيا" مقالا عن السبب الذي من أجله يبيع "السلطان" التركي المهاجرين ويشتريهم.

 جاء في مقال الصحيفة:

 يبدو أن اتفاق الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن تبادل المهاجرين هو على حافة الانهيار. فتصريحات الرئيس التركي بأن بلاده لا تنوي تنفيذ شروط بروكسل لإلغاء تأشيرات السفر، أضاعت عمليا كل الجهود التي بذلها رئيس وزرائه السابق أحمد داود أوغلو، الذي تَفاوض ليس فقط من أجل الحصول على 6 مليارات يورو لتوطين المهاجرين، بل ومن أجل إلغاء تأشيرات السفر، والتعجيل في انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

 تصريحات أردوغان الأخيرة أنفدت صبر المسؤولين الأوروبيين، الذين غضوا خلال أشهر عديدة النظر عن دعم أردوغان للإرهابيين في سوريا، ومنع الصحافة المعارضة، وعن الحرب ضد الأكراد في جنوب شرق تركيا.

 ويبدو الآن أن أوروبا "نضجت"، وبدأت تبدي قلقها بشأن حقوق الإنسان في البلد المجاور.

 فقد أعلن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس أن الجمهورية التركية مستمرة في السير نحو نظام الدولة الشمولية، وأن سبعة وسبعين في المئة من الألمان دعوا أنغيلا ميركل إلى اتخاذ موقف أكثر حزما في التفاوض مع أردوغان.

 لكن، كان واضحا منذ البداية أن الاتفاق بشأن المهاجرين محكوم عليه بالفشل، ليس فقط لعدم أخلاقيته للمتاجرة بالمهاجرين ومبادلتهم كبضائع، بل لأن تصريحات أردوغان جاءت فورا بعد إعلان داود أوغلو عن استقالته. وهذا يشير إلى أن لدى "السلطان" التركي خطة خاصة، وأنه مستعد للتخلي عن الأموال الأوروبية وعن إلغاء التأشيرات. ولكن، ما هو جوهر هذه الخطة؟

 سيبقى السوريون(المناصرون لأردوغان)، من حملة الشهادات العليا، وأصحاب الحرف المختلفة، يقيمون في تركيا، ويعملون في خدمة الاقتصاد التركي. وبعد حصولهم على الجنسية التركية مستقبلا، سيصبح بإمكانهم المشاركة في الانتخابات، والانضمام إلى الناخبين الموالين لأردوغان.

كما أن بعض وسائل الإعلام تشير إلى أن هناك خطة لتوطين هؤلاء السوريين في المناطق والقرى والبلدات التي نزح عنها الأكراد في جنوب شرق تركيا، أي لإجراء عملية تعريب لهذه المناطق؛ وبالتالي لإلغاء مطالبة الأكراد بحكم ذاتي فيها. وإضافة إلى ذلك، سيرسل قسما من المهاجرين إلى أوروبا من جديد، لخلق أزمة مهاجرين، وقد يحدث ذلك في المستقبل القريب العاجل.

 ومن المعلوم أن أحد أهداف أردوغان هو تعزيز سلطته بتحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي. ولأنه لا يملك الأكثرية اللازمة لتحقيق هذا الهدف في البرلمان، فقد تمكن الحزب الحاكم من الحصول على موافقة البرلمان على رفع الحصانة عن بعض أعضائه. أي أصبح بالإمكان ملاحقتهم وتوجيه تهمة الإرهاب إليهم؛ وهؤلاء هم أعضاء كتلة "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي، ليحل محلهم الذين يصوتون لمصلحة إجراء استفتاء عام بشأن تحويل نظام الحكم إلى رئاسي.

 وقد بدأت أنغيلا ميركل تطرح على أردوغان أسئلة محرجة بشأن ديمقراطية هذا القانون وأهدافه الحقيقية، ولا سيما أن إغراق الرئيس التركي أوروبا بموجة جديدة من المهاجرين إلى أوروبا سيسمح له من جديد بابتزاز زعماء أوروبا والاستمرار في اغتصاب السلطة.

 والهدف الآخر لأردوغان هو سعيه لأن يصبح زعيما غير معلن لمسلمي أوروبا. وبالطبع، فلا يوجد أدنى شك بوصول الإرهابيين إلى أوروبا ضمن موجات المهاجرين، الذين ستكون مهمتهم القيام بأعمال إرهابية هدفها خلق صدامات بين السكان المحليين والمهاجرين.

 كل هذا في نهاية المطاف سيزيد من شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة، وسيجبر زعماء أوروبا على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ النظام واتخاذ موقف متشدد من المهاجرين، وخاصة القادمين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعندئذ سيكون بإمكان أردوغان البدء بحملة إعلامية مظهرا نفسه مدافعا عن المسلمين المقيمين في أوروبا.

 والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف ستتعامل أوروبا مع هذه التحديات؟

 الجواب الطبيعي على هذا السؤال، هو إدراك أن تركيا وحلفاءها الإقليميين و"الأخ الكبير" من وراء المحيط، ليس من مصلحتهم استقرار أوروبا، أو مكافحة أسباب المشكلة، وليس نتائجها. لأجل ذلك، يجب التعاون مع روسيا بنشاط؛ لأن روسيا تبذل جهودا كبيرة من أجل استقرار الأوضاع في سوريا. وهي دائما تقف ضد التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والذي ينشر الفوضى.

 ولكن ومع الأسف، وبسبب موقف زعماء أوروبا، لا يمكننا التعويل على مثل هذا السيناريو حاليا.

  • فريق ماسة
  • 2016-06-01
  • 16052
  • من الأرشيف

الخطة (باء) لرجب أردوغان

نشرت صحيفة "إيزفيستيا" مقالا عن السبب الذي من أجله يبيع "السلطان" التركي المهاجرين ويشتريهم.  جاء في مقال الصحيفة:  يبدو أن اتفاق الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن تبادل المهاجرين هو على حافة الانهيار. فتصريحات الرئيس التركي بأن بلاده لا تنوي تنفيذ شروط بروكسل لإلغاء تأشيرات السفر، أضاعت عمليا كل الجهود التي بذلها رئيس وزرائه السابق أحمد داود أوغلو، الذي تَفاوض ليس فقط من أجل الحصول على 6 مليارات يورو لتوطين المهاجرين، بل ومن أجل إلغاء تأشيرات السفر، والتعجيل في انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.  تصريحات أردوغان الأخيرة أنفدت صبر المسؤولين الأوروبيين، الذين غضوا خلال أشهر عديدة النظر عن دعم أردوغان للإرهابيين في سوريا، ومنع الصحافة المعارضة، وعن الحرب ضد الأكراد في جنوب شرق تركيا.  ويبدو الآن أن أوروبا "نضجت"، وبدأت تبدي قلقها بشأن حقوق الإنسان في البلد المجاور.  فقد أعلن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس أن الجمهورية التركية مستمرة في السير نحو نظام الدولة الشمولية، وأن سبعة وسبعين في المئة من الألمان دعوا أنغيلا ميركل إلى اتخاذ موقف أكثر حزما في التفاوض مع أردوغان.  لكن، كان واضحا منذ البداية أن الاتفاق بشأن المهاجرين محكوم عليه بالفشل، ليس فقط لعدم أخلاقيته للمتاجرة بالمهاجرين ومبادلتهم كبضائع، بل لأن تصريحات أردوغان جاءت فورا بعد إعلان داود أوغلو عن استقالته. وهذا يشير إلى أن لدى "السلطان" التركي خطة خاصة، وأنه مستعد للتخلي عن الأموال الأوروبية وعن إلغاء التأشيرات. ولكن، ما هو جوهر هذه الخطة؟  سيبقى السوريون(المناصرون لأردوغان)، من حملة الشهادات العليا، وأصحاب الحرف المختلفة، يقيمون في تركيا، ويعملون في خدمة الاقتصاد التركي. وبعد حصولهم على الجنسية التركية مستقبلا، سيصبح بإمكانهم المشاركة في الانتخابات، والانضمام إلى الناخبين الموالين لأردوغان. كما أن بعض وسائل الإعلام تشير إلى أن هناك خطة لتوطين هؤلاء السوريين في المناطق والقرى والبلدات التي نزح عنها الأكراد في جنوب شرق تركيا، أي لإجراء عملية تعريب لهذه المناطق؛ وبالتالي لإلغاء مطالبة الأكراد بحكم ذاتي فيها. وإضافة إلى ذلك، سيرسل قسما من المهاجرين إلى أوروبا من جديد، لخلق أزمة مهاجرين، وقد يحدث ذلك في المستقبل القريب العاجل.  ومن المعلوم أن أحد أهداف أردوغان هو تعزيز سلطته بتحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي. ولأنه لا يملك الأكثرية اللازمة لتحقيق هذا الهدف في البرلمان، فقد تمكن الحزب الحاكم من الحصول على موافقة البرلمان على رفع الحصانة عن بعض أعضائه. أي أصبح بالإمكان ملاحقتهم وتوجيه تهمة الإرهاب إليهم؛ وهؤلاء هم أعضاء كتلة "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي، ليحل محلهم الذين يصوتون لمصلحة إجراء استفتاء عام بشأن تحويل نظام الحكم إلى رئاسي.  وقد بدأت أنغيلا ميركل تطرح على أردوغان أسئلة محرجة بشأن ديمقراطية هذا القانون وأهدافه الحقيقية، ولا سيما أن إغراق الرئيس التركي أوروبا بموجة جديدة من المهاجرين إلى أوروبا سيسمح له من جديد بابتزاز زعماء أوروبا والاستمرار في اغتصاب السلطة.  والهدف الآخر لأردوغان هو سعيه لأن يصبح زعيما غير معلن لمسلمي أوروبا. وبالطبع، فلا يوجد أدنى شك بوصول الإرهابيين إلى أوروبا ضمن موجات المهاجرين، الذين ستكون مهمتهم القيام بأعمال إرهابية هدفها خلق صدامات بين السكان المحليين والمهاجرين.  كل هذا في نهاية المطاف سيزيد من شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة، وسيجبر زعماء أوروبا على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ النظام واتخاذ موقف متشدد من المهاجرين، وخاصة القادمين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعندئذ سيكون بإمكان أردوغان البدء بحملة إعلامية مظهرا نفسه مدافعا عن المسلمين المقيمين في أوروبا.  والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف ستتعامل أوروبا مع هذه التحديات؟  الجواب الطبيعي على هذا السؤال، هو إدراك أن تركيا وحلفاءها الإقليميين و"الأخ الكبير" من وراء المحيط، ليس من مصلحتهم استقرار أوروبا، أو مكافحة أسباب المشكلة، وليس نتائجها. لأجل ذلك، يجب التعاون مع روسيا بنشاط؛ لأن روسيا تبذل جهودا كبيرة من أجل استقرار الأوضاع في سوريا. وهي دائما تقف ضد التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والذي ينشر الفوضى.  ولكن ومع الأسف، وبسبب موقف زعماء أوروبا، لا يمكننا التعويل على مثل هذا السيناريو حاليا.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة