لم تكتمل بعد خريطة النهاية التي خطط لها أن تكون مفجعة للمنطقة العربية وتحديدا لأقطار بعينها دون غيرها نظرا لما تشكله من خطر على "اسرائيل".

  فلا الجيش السوري تم فرطه، ولا المصري أيضا .. ما تم تحقيقه هما الجيش العراقي والليبي اللذان تم فرطهما تماما بحيث يحتاجان لإعادة تركيب من جديد، ثم للملمة تقام على أسس مختلفة عما تم بناؤهما عليه.

لم ينتبه أحد في غمرة الأحداث الكبرى المؤلمة، إن جيشا عربيا بوشرت المؤامرات به واعتبر مقدمة نموذجية لما ستصله بقية الجيوش المشار اليها .. فالجيش اللبناني الذي تأثر بالأحداث التي عصفت بلبنان في سبعينيات القرن الماضي وما تلاها، تشرذم وتقسم، فخرج منه ما يسمى ” بجيش لبنان العربي ” وهم المسلمون فيه أو جزء كبير منهم وهؤلاء وجدوا ضالتهم في المقاومة الفلسطينية، ثم ما سمي بالجيش اللبناني الذي قسمه الأكبر من المسيحيين وكانوا خصوما لهذا الجيش ولعقائديته.. وبعد الحرب تمت إعادة دمج هذا الجيش من جديد ضمن سياق وحدوي بين كافة طوائفه ومذاهبه وتم بالتالي شحنه عقائديا ضد إسرائيل ، جرى كل ذلك بتخطيط وتنفيذ سوري ولكن بأيد لبنانية. كان واضحا أين يكمن الكيان العبري وماذا استفاد من هذه التجربة التقسيمية التي أعطته درسا لمستقبل الجيوش في المنطقة. صحيح أن الجيش اللبناني لا يشكل حرجا لإسرائيل، لكنه عبرة.

الآن يواجه الإسرائيلي جيشا محاربا من الطراز الرفيع ومازالت عقيدته الأساسية محاربة "إسرائيل"، وهو الجيش العربي السوري الذي يحارب على عشرات الجبهات تكفيريين ارهابيين لكنه يعتبرهم ذراعا إسرائيلية في الداخل، فهو بالتالي يقاتل إسرائيل من خلالهم دون التخلي عن قتالها مباشرة اذا ما تطلب الأمر ذلك. وقصة فرط الجيش السوري ليست جديدة على كل حال، فلقد كشفت معلومات انه في العام 1956 وفي ظل العمل على تخريب سوريا آنذاك اطلقت تسمية ” جيش سورية الحر” على التحول الذي كان يعتمد عليه في مستقبل تطور الأمور في سوريا. وهكذا دأب المستعمرون دائما على توجيه سهامهم باتجاه الجيش العربي السوري، حتى قيل مؤخرا إن الانقلابات المتعددة التي جرت في سوريا كان الهدف منها أضعاف جيشها قدر الامكان لأن كل انقلاب يضعف الجيش كثيرا .

الجيش المصري سيظل عنوانا كبيرا في الحرب عليه، ولأنه جيش قوي وصنف كثاني عشر جيش في العالم، فقد يأخذ وقتا طويلا كي تتم معالجة فرطه كما يتوهم العاملون على هذا المبدأ .. لكن ماهو محتم أن المؤامرة عليه شغالة ولديها تعبيرات مختلفة، وليس ما يجري ضده في سيناء أو في أمكنة مصرية أخرى سوى القليل أو البدايات المرسومة لما هو أوسع وأشمل. ولهذا لجأت القيادة المصرية مؤخرا إلى تنويع مصادر السلاح من كل من فرنسا وروسيا والصين كيلا يكون احتكارها أميركيا فرصة للمحتكرين في لحظة الحاجة للسلاح. فإسرائيل مازالت ترى في الجيش المصري عدوا لها يجب إزاحته، وأنه رغم معاهدة ” كامب ديفيد ” بينها وبين مصر، إلا أن أي جيش في العالم يجب أن تكون له عقيدة ، وبالتالي فعقيدة هذا الجيش مبنية على أساس أن إسرائيل هي العدو، بمعنى أنه من يضمن أن لايأتي يوم ما تفك فيه المعاهدة وتعود الحرب من جديد ، رغم السيطرة التامة على ثبات المعاهدة على ماهي عليه.

  • فريق ماسة
  • 2016-05-28
  • 16117
  • من الأرشيف

باختصار : قتل الجيوش العربية

لم تكتمل بعد خريطة النهاية التي خطط لها أن تكون مفجعة للمنطقة العربية وتحديدا لأقطار بعينها دون غيرها نظرا لما تشكله من خطر على "اسرائيل".   فلا الجيش السوري تم فرطه، ولا المصري أيضا .. ما تم تحقيقه هما الجيش العراقي والليبي اللذان تم فرطهما تماما بحيث يحتاجان لإعادة تركيب من جديد، ثم للملمة تقام على أسس مختلفة عما تم بناؤهما عليه. لم ينتبه أحد في غمرة الأحداث الكبرى المؤلمة، إن جيشا عربيا بوشرت المؤامرات به واعتبر مقدمة نموذجية لما ستصله بقية الجيوش المشار اليها .. فالجيش اللبناني الذي تأثر بالأحداث التي عصفت بلبنان في سبعينيات القرن الماضي وما تلاها، تشرذم وتقسم، فخرج منه ما يسمى ” بجيش لبنان العربي ” وهم المسلمون فيه أو جزء كبير منهم وهؤلاء وجدوا ضالتهم في المقاومة الفلسطينية، ثم ما سمي بالجيش اللبناني الذي قسمه الأكبر من المسيحيين وكانوا خصوما لهذا الجيش ولعقائديته.. وبعد الحرب تمت إعادة دمج هذا الجيش من جديد ضمن سياق وحدوي بين كافة طوائفه ومذاهبه وتم بالتالي شحنه عقائديا ضد إسرائيل ، جرى كل ذلك بتخطيط وتنفيذ سوري ولكن بأيد لبنانية. كان واضحا أين يكمن الكيان العبري وماذا استفاد من هذه التجربة التقسيمية التي أعطته درسا لمستقبل الجيوش في المنطقة. صحيح أن الجيش اللبناني لا يشكل حرجا لإسرائيل، لكنه عبرة. الآن يواجه الإسرائيلي جيشا محاربا من الطراز الرفيع ومازالت عقيدته الأساسية محاربة "إسرائيل"، وهو الجيش العربي السوري الذي يحارب على عشرات الجبهات تكفيريين ارهابيين لكنه يعتبرهم ذراعا إسرائيلية في الداخل، فهو بالتالي يقاتل إسرائيل من خلالهم دون التخلي عن قتالها مباشرة اذا ما تطلب الأمر ذلك. وقصة فرط الجيش السوري ليست جديدة على كل حال، فلقد كشفت معلومات انه في العام 1956 وفي ظل العمل على تخريب سوريا آنذاك اطلقت تسمية ” جيش سورية الحر” على التحول الذي كان يعتمد عليه في مستقبل تطور الأمور في سوريا. وهكذا دأب المستعمرون دائما على توجيه سهامهم باتجاه الجيش العربي السوري، حتى قيل مؤخرا إن الانقلابات المتعددة التي جرت في سوريا كان الهدف منها أضعاف جيشها قدر الامكان لأن كل انقلاب يضعف الجيش كثيرا . الجيش المصري سيظل عنوانا كبيرا في الحرب عليه، ولأنه جيش قوي وصنف كثاني عشر جيش في العالم، فقد يأخذ وقتا طويلا كي تتم معالجة فرطه كما يتوهم العاملون على هذا المبدأ .. لكن ماهو محتم أن المؤامرة عليه شغالة ولديها تعبيرات مختلفة، وليس ما يجري ضده في سيناء أو في أمكنة مصرية أخرى سوى القليل أو البدايات المرسومة لما هو أوسع وأشمل. ولهذا لجأت القيادة المصرية مؤخرا إلى تنويع مصادر السلاح من كل من فرنسا وروسيا والصين كيلا يكون احتكارها أميركيا فرصة للمحتكرين في لحظة الحاجة للسلاح. فإسرائيل مازالت ترى في الجيش المصري عدوا لها يجب إزاحته، وأنه رغم معاهدة ” كامب ديفيد ” بينها وبين مصر، إلا أن أي جيش في العالم يجب أن تكون له عقيدة ، وبالتالي فعقيدة هذا الجيش مبنية على أساس أن إسرائيل هي العدو، بمعنى أنه من يضمن أن لايأتي يوم ما تفك فيه المعاهدة وتعود الحرب من جديد ، رغم السيطرة التامة على ثبات المعاهدة على ماهي عليه.

المصدر : زهير ماجد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة