دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعيداً عن هذه الضوضاء التي كما لو انها ضوضاء العدم، لا السعوديون قادرون على البقاء اكثر داخل مطحنة الدم، او مطحنة النار، في سوريا، ولا الايرانيون غافلون عن ان الدوران العبثي حول الحطام لا يمكن ان يعزز امتدادهم الجيوستراتيجي…
لو التقى عادل الجبير ومحمد جواد ظريف لتشاكيا: ماذا بقي من سوريا لنبقى في سوريا؟
لم توقع ايران على اتفاق فيينا، وكانت اصابعها قد لامست القنبلة النووية، من اجل ان تسقط (وتبقى) داخل النيران السورية. الرئيس حسن روحاني وعد بني قومه ربما بما ورد في احد ابيات الشيرازي «…وتصل صلاة الورود الى آذانكم». الايرانيون عاشوا الجحيم، وما بعد الجحيم، في ايام العقوبات الطويلة. حان الوقت لاعادة احياء …الحياة.
يفترض بنا، جميعا، وقد دخلت الازمة السورية، الحرائق السورية، الدماء السورية، الى كل بيت، ان نقول…لقد حان الوقت لاعادة احياء الحياة.
لا نتصور ان ثمة شعبا عربيا يستطيع ان يحقق الحد الادنى مما يتوق اليه. كل تلك الاساطيل التي حولنا، وربما في غرف نومنا، لكي نبقى حيث نحن. غابة من المومياءات (الناطقة). في هذا الشهر كانت المئوية الاولى، وحتما المئوية الاخيرة، لاتفاقية سايكس – بيكو. اي نظام في المنطقة العربية باستطاعته القول انه اقام دولة، دولة القانون ودولة الناس، لا دولة الادغال، والقصور ( والاقبية) والقهرمانات؟
السعوديون ايضا. من يصدق ان هاجسهم ان تنتقل سوريا من الديكتاتورية الى الديمقراطية، ومن حبس الانفاس الى الحرية، ومن الانتخابات المركبة الى صناديق الاقتراع التي قد تجد فيها توقيع السيد افلاطون ولو برؤوس اصابعه؟
كل ما في الامر اننا، كعرب، الورثة الشرعيين لقايين، وفي احيان كثيرة، الورثة الشرعيين لهابيل، وان في دورتنا الدموية تركض خيول البسوس، وقبور البسوس، وان شهرزاد لا تزال تمشي، عارية القدمين، على ظهورنا، عارية القدمين، في لاوعينا…
المملكة دفعت كل ذلك المال، واستجلبت المرتزقة من اصقاع الدنيا، واستنجدت بتلة الكابيتول من اجل ان تزيل التوماهوك كل اثر لبشار الاسد، ولكل ما يمت بصلة الى بشار الاسد، مع علمها بأنه مثلما نظامها باق لان قواعد اللعبة تقول بذلك، فإن النظام في سوريا باق لان قواعد اللعبة تقول بذلك…
نفهم ان الايرانيين ينظرون الى العرب بعيني كسرى انو شروان، وان النظام الاسلامي حديث خرافة. المستشرق النمساوي الشهير ليوبولد وايس الذي اشهر اسلامه وحج الى مكة قال ذلك بعدما عهد اليه محمد علي جناح باقامة هيكلية فلسفية وايديولوجية لنظام اسلامي في باكستان. خلص الى هذه النتيجة: لا وجود للنظام الاسلامي لا في القرآن ولا في الحديث…
كيف يكون هناك نظام اسلامي، حين تكون مرجعية النفط في روتردام، وحين تكون المرجعية النقدية في وول ستريت، وحين تراقب وزارة الخزينة في الولايات المتحدة حركة» الاموال» حتى داخل جيوبنا؟
تلك الكوميديا، بكل ابعادها التراجيدية، حول الصراع السني – الشيعي. هل ما يحدث في مصر، وقد بلغ عدد القتلى من الضباط المئات، يتصل ، بشكل او بآخر، بذلك الصراع. وهل من شيعة في ليبيا وفي تونس بل وفي بلاد البوكوحرام؟
السعوديون والايرانيون امام الجدار. وصلوا معا الى خط النهاية ليكتشفوا ان الهاوية لا تتطلب اكثر من خطوة الى الامام. التجربة اليمنية كانت قاتلة. بعد اكثر من عام، اين السعودية في اليمن؟ بل اين اليمن في اليمن الذي بدأت خارطته الجديدة تظهر للعيان؟
خارطة اليمن هي خارطة الفوضى والمجاعة والهجرة، هي خارطة الاوبئة، والهياكل العظمية التي تتكدس فوق الهياكل العظمية. من يصدق، في هذه الحال، ان تلك الدمية التي تدعى عبد ربه منصور هادي قادرة على الامساك بهذه الكمية من الكوارث؟ ومن يصدق ان باستطاعة عبد الملك الحوثي، بكل المطولات المملة، ان يقول هذه خطتي ليمن تموت فيه القبيلة، وتضمحل فيه ثنائية الخنجر والقات، لتعود اليه عبقرية سبأ، وكما قال شاعر يمني شاب «ليغتسل الدم بسيف…سيف بن ذي يزن».
السعودية والايرانيون في الدوامة. لا مجال البتة للقفز الى الاعلى، الى اعلى الحائط…
كل ذلك الضجيج لم يعد مجديا. كيف يمكن لعادل الجبير اقناعنا بأنه الفيلد مارشال مونتغمري؟ ليته يقول باخوانه في سوريا ما يقوله باخوانه في اليمن، وهو الذي يعلم انه مثلما لا يستطيع صناعة الحل السياسي لا يستطيع صناعة الحل العسكري…
الايرانيون كذلك. اهمية محمد جواد ظريف انه قليل الكلام، ولا يمسك برمح دونكيشوت ليقاتل به طواحين الهواء. غريب ان عندنا فقط طواحين الهواء، وطواحين الدم، وطواحين الكلام…
لا داعي لنقول للسعوديين والايرانيين من فضلكم حان الوقت لتتفاوضوا». القفازات الحريرية للايدي الكبيرة فقط. هم احرقت اصابعهم النيران، وينتظرون من يأتي اليهم بخشبة الخلاص.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة