دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أَلَمُ حلب، ودماء شهدائها المباركة سوف يكونان بوابة الخلاص لسورية كلها، وليس الأمر من باب المعنويات فقط، إنما من باب المؤمن بأنها مدينة الصمود الأسطوري التي ستحرق كل مخططاتهم، ومشاريعهم لإسقاط سورية عبر هذه البوابة التاريخية.
لم يبق شيء إلا وجربوه من التجويع، إلى العطش، قطع الدواء، وحتى حرق الأسواق التاريخية، وتدمير العشرات من المباني الأثرية، واستهداف المدارس، والجامعة، والجامع، والكنيسة، وآخر شيء استهداف المشافي والمباني السكنية، وكل أحياء حلب بلا استثناء، والهدف واحد: إركاع أهل حلب الشامخين- الأباة، وجعلهم يستسلمون لما يريده القتلة والإرهابيون، وداعموهم.
– سؤال منطقي قد يُطرح: لماذا هذا الحقد على حلب، وأهلها، ولماذا هذا السعار الإعلامي، السياسي، الإرهابي الآن، وفي هذه المرحلة؟
1- لم تتمكن جماعات الإرهاب، والثورجيون من دفع أهلها إلى أن يكونوا خنجراً في ظهر وطنهم، وشعبهم لمصلحة مشروع شيطاني تتكشف فصوله يوماً بعد يوم، ولذلك يُعاقب الحلبيون بهذا الحقد، وبهذا الإجرام المنفلت من عقاله.
2 إن السيطرة على حلب ظلت غصة في حلق أردوغان، وإرهابييه وفي حلق آل سعود، لأن إسقاط حلب سيعني خطوة أساسية في مشروع تقسيم سورية، وأخذ الشمال لعملاء المشروع الخارجي كي يكون مقراً لهم، وورقة أساسية لفرض شروطهم السياسية، وتركيب سورية المستقبل على هواهم، وإنزال عملائهم في بنية الحكم تمهيداً لتفكيك الدولة السورية، واستكمال عوامل تدميرها.
3- اصطدام المشروع التركي- السعودي المدعوم أميركياً بجدار الصمود الأسطوري لحلب، وأهلها، والسعي لكسره عبر هذا الهجوم الوحشي- البربري الأخير الذي استخدمت فيه جبهة النصرة، والتنظيمات الإرهابية الأخرى التي يراد تسميتها بـ«معارضة معتدلة» على الرغم من أنهم شركاء في القتل.
4- إثر إعلان اتفاق وقف الأعمال القتالية بين موسكو- وواشنطن وتثبيته في القرار الأممي (2268) تحقق إنجاز تدمر الإستراتيجي الذي يفتح الطريق باتجاه «دير الزور والرقة» وهو ما دفع قوى العدوان لإشعال جبهة حلب.
5- إعلان سورية، وحلفائها بعد خرق جبهة النصرة، والفصائل الإرهابية الأخرى لاتفاق وقف الأعمال القتالية، أنهم في حِلٍ منه، وأنهم سوف يشنون عملية عسكرية واسعة لإنهاء وجود الإرهابيين وتهديدهم لمدينة حلب، هو ما استنفر محور العدوان الذي أدرك أن نجاح الجيش العربي السوري وحلفائه في تنفيذ هذه العملية سيعني خسارة آخر الأوراق، والهزيمة الكاملة.
الآن: ما الذي يجري بين واشنطن وموسكو؟
من الواضح أن موسكو التي قبلت في الاتفاق الأول تصنيف «داعش والنصرة» كتنظيمين إرهابيين يجب على الجميع بمن فيهم من التزم بوقف الأعمال القتالية محاربتهما، لا يمكن لها بعد الآن إبقاء هذا التضليل، والكذب والنفاق تجاه العلاقة مع جبهة النصرة من القوى الإقليمية، أو التنظيمات المسلحة الأخرى التي تبين أنها شاركت مع النصرة في الهجمات الأخيرة على حلب، ولذلك طرح لافروف شروط محوره بوضوح:
أ- إخراج فصائل ما يسميه الغرب (معارضة معتدلة) من مناطق سيطرة النصرة.
ب- تأكيد ضرورة إغلاق الحدود السورية- التركية، التي تشير المعلومات إلى أن آلاف الإرهابيين تدفقوا من خلالها لدعم معركة اختراق حلب، وتدفقت منها الأسلحة.
ج- في حال الموافقة على ذلك يمكن العودة للهدنة خلال ساعات.
إن تطبيق مثل هذه الشروط التي لا رجعة عنها سيعني بدء المعركة مع تنظيم القاعدة في بلاد الشام (أي النصرة)، وعدم قدرة الغرب المنافق أو أدواته الإقليمية (السعودية وتركيا) على انتقاد ذلك باعتبار أن هناك اتفاقاً على ضرب النصرة بعد فصل مناطقها عن مناطق سيطرة باقي الفصائل الإرهابية، التي قالت موسكو عنها سابقاً إنها إرهابية «جيش الإسلام- أحرار الشام- نور الدين الزنكي- وغيرها»، ولكن سيتم تحييدها حالياً.
تدرك قوى العدوان على سورية أن استهداف «النصرة» وضربها وهي العمود الفقري لإرهابهم، سوف يعني فيما يعنيه أن الفصائل الأخرى الأقل قدرة على المواجهة سوف تجد نفسها في معركة خاسرة، وخاصة أن الذراع الأخرى أي «داعش» تعرضت لهزيمة منكرة في تدمر، ولذلك فإن واشنطن لا تستطيع الاستمرار في التهرب بعد اتهام لافروف لها بأنها لم تنفذ التزاماتها بموجب الاتفاق الروسي- الأميركي الأول حول «وقف الأعمال القتالية»، وبالتالي في حال عدم تنفيذها لالتزاماتها فإن هذا سيعني سقوط التفاهمات، وإمكانيات التسويات، مع موسكو، وهو ما لا تريده إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما كما يبدو، لأن موسكو تريد من ذلك وقف عمليات الابتزاز الإعلامية، والسياسية والإنسانية تحت لافتة قصف مواقع «المعارضة المعتدلة»!!!
تدرك واشنطن أن عدم سيرها بالتفاهمات مع موسكو سوف يعني انطلاق العمليات العسكرية الواسعة ضد هذه التنظيمات الإرهابية حيث أعلنت روسيا أنها لن تضغط على دمشق من أجل وقفها، وخاصة أنها تجاوبت مع كل مبادرات التهدئة، وكانت النتيجة المزيد من قتل السوريين، وسفك دمائهم.
تقديري: إنه لا إمكانية لمنع معركة حلب الحاسمة لأن ما يجري ليس سوى محاولات تخدير لتنظيمات لا تفهم إلا لغة القوة، ولدول إقليمية عادت مرة أخرى إلى المربع الأول، وخاصة «المملكة الوهابية» التي لا تزال تتحدث بعد خمس سنوات مثل «أهل الكهف» ولم تفهم بَعدْ معادلة سورية، والسوريين، ولا يمكن إفهامها إلا بطريقة واحدة هي الطريقة التدمرية مع داعش.
ودليل ذلك أن إعلام النفط، والغاز عاد لتكرار أساليبه التي استخدمها قبل خمس سنوات، من دون أن يدرك أن ما يكتب في الغرب عن تورطه، وإجرامه، ودعمه للإرهاب أكثر مما يكتب ويُنشر في إعلامنا، فورقة التوت سقطت تماماً، وما نشاهده منظر مقرف لوحوش تريد أن تظهر على أنها بشر.
أدرك أن الكلام لن يُعيد شهيداً ارتقى ولن يُضمد جراح طفل، أو شيخ، أو امرأة، أو يزيل خوفاً، وقلقاً ولكنه سيعبر عن كل ما يعتمل في صدورنا، وما نفهمه، لنعرف عن أي معركة نتحدث، وأي أعداء نواجه، وطبيعة معركتنا.
المعركة قاسية، ومصيرية، ولكن لا خيار إلا الانتصار فيها، لأن هذا الانتصار سيكون انتصاراً للحضارة في وجه الهمجية، وللأخلاق في وجه المنافقين- والدجالين، وللسيادة في وجه التبعية، إنه انتصار التحدي، والصمود، صمود سورية، وصمود حلب الذي سيهزمهم بكل تأكيد.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة