دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم تكن تبريرات الانسحاب من محادثات مؤتمر جنيف التي ساقتها ما تسمى “الهيئة العليا للمفاوضات” كافية للإقناع، بقدر ما كانت كاشفة لحقيقة التواطؤ مع القوى المتآمرة على سورية شعبا وجيشا وقيادة، ودورها في تعطيل الحل السياسي منفِّذة ما تتلقاه من أوامر من صانعيها وداعميها؛
ليس فقط لإعطاء التنظيمات الإرهابية الغطاء السياسي اللازم والمزيد من الوقت، وإنما التمهيد لانطلاق ما أعده معسكر التآمر والإرهاب بأطرافه الأصيلة والوكيلة والعميلة والأدوات من جولة إرهابية جديدة ضد الشعب السوري بدأت عمليّا في مدينة حلب. ولذلك الادعاءات الواردة في معرض أحاديث رموز ما تسمى “الهيئة العليا للمفاوضات” وصانعيها عن “دعم” الشعب السوري و”مساعدته” و”الدفاع” عن حقوقه و”الوقوف” إلى جانبه حتى تحقيق تطلعاته ليست سوى مجرد صياغات خطابية، ومفردات سياسية فارغة من أي مضمون سياسي أو إنساني، وإنما اقتضاها الدور الوظيفي وفرضها التقليد، تقليد الوكيل للأصيل، ولذلك جاءت متخمة بنفاق فاق ما سبقه، وبلغة استعلاء كشفت عن هوة شاسعة بين واقع المشهد السوري وبين الذهنية التي تحكم قرار المشغِّلين، وتلقين الأدوات لقول ما يضمرونه من مؤامرات وعداوات وأحقاد وكراهيات ضد الشعب السوري.
هذا القدر المتيقن أخذ يظهر في ميدان الإرهاب بحكم العلاقة العضوية والترابط الواضح بين الأدوات الوظيفية جميعها لكونها تابعة لصانعيها ومشغِّليها، حيث الدور الملحوظ للتنظيمات الإرهابية المسماة أميركيا “معارضة معتدلة” بأن تلحق بالشعب السوري المزيد من الويلات والآلام والكوارث والمآسي، وهو دور لا يصلح كسند لنقض حقيقة أن هذه التنظيمات الإرهابية لا حاضنة شعبية لها، بل على العكس من ذلك إن الرفض الشعبي السوري، في المناطق التي تسيطر عليها هذه التنظيمات تحديدا يؤكد أنها لا تحظى، ولن تحظى، بحاضنة شعبية في مجتمع ينظر إلى التعايش وقبول الآخر كسمة حضارية عبر التاريخ، ووسط شعب انكشفت أمام أعينه جميع خطوط التآمر الإرهابي ضده.
ولذلك التصعيد الإرهابي الذي تشهده المدن السورية وأريافها مثلما يعلم أهدافه السوريون الوطنيون يعرفها أيضا الشرفاء والعقلاء والأسوياء والأحرار في العالم، أنه يهدف إلى أمرين؛ الأول معاقبة الشعب السوري على مواقفه الوطنية وصحوته وكشفه المتاجرين بحقوقه المتآمرين على وطنه سورية، لهذا يُمارس ضده الإرهاب بمختلف صنوفه؛ إما للتخلص منه، وإما لإجباره على تغيير مواقفه ليقف في صفوف المتآمرين والمتأبطين للإرهاب ويتحول إلى حاضنة شعبية للإرهاب وتفريخه. أما الأمر الثاني فهو مواصلة المساعي نحو إنجاز هدف تدمير الدولة السورية وتحويلها إلى أطلال لصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه الاحتلالي في المنطقة والهيمنة عليها؛ لأن بكل بساطة وبخاصة لمن يصعب عليه الفهم، أن لا علاقة بين الحديث عن دعم الشعب السوري ومساعدته وتجنيبه ويلات الصراع، وبين نسف كل ما يقود إلى تحقيق “الدعم والمساعدة”، فكيف تتأتى مصداقية ما تتفوه به “المعارضات” مع استمرارها في تعطيل الحل السياسي وعرقلته بناء على ما تتلقاه من أوامر من أسيادها، ومع مواصلتها تقديم الغطاء السياسي وتوفير المزيد من الوقت للعصابات الإرهابية؟ فضلا عن أن هذه “المعارضات” لم تتورع عن المجاهرة بالإرهاب وتبنيه حين اعتلى رموزها المنابر الإعلامية منادين بشن المزيد من الهجمات الإرهابية، ومدافعين عنها. فالتصعيد الإرهابي الجنوني من قبل معسكر التآمر والإرهاب في مدينة حلب لا يعكس أمرا غير حقيقة ذينك الأمرين الآنفين.
المصدر :
الوطن العمانية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة