تأخرت الولايات المتحدة في إعلان ترحيبها بتحرير تدمر من تنظيم «داعش». عكَس هذا التأخر إرباكاً وإحراجاً، ونبع هذا الإحراج من حقيقة أنّ الدولة السورية وحلفاءها وعلى رأسهم الاتحاد الروسي،

 

نجحوا في أيام قليلة في تحقيق ما عجز عنه التحالف الأميركي ضدّ «داعش» على امتداد سنتين، كما أنّ هذا الحرج يعود إلى حقيقة أنّ الولايات المتحدة والحكومات الغربية دأبت على اتهام روسيا منذ أن بدأت الإسهام إلى جانب الجيش السوري في مكافحة الإرهابعلى ترويج زعم مفاده أنّ الطائرات الروسية تستهدف المعارضة المعتدلة ولم تستهدف «داعش»، علماً أنّ روسيا منذ بداية دخولها إلى سورية سعت إلى تحييد ما يسمّى بالمعارضة المعتدلة وقدّمت لها إغراءات وضمانات للمشاركة في الحلّ السياسي، واستهدفت المواقع التي تتمركز فيها تشكيلات مسلحة تابعة لـ»القاعدة» مثل «جبهة النصرة» و»أجناد الشام» والجيش التركستاني والمجاميع الشيشانية و»جند الأقصى».

 

في الحرب من أجل تحرير تدمر من سيطرة «داعش» لم يعد بوسع الحكومات الغربية وعلى رأسها الإدارة الأميركية تكرار الزعم بأنّ القوات الروسية تستهدف الفصائل المعارضة ولا تركز على تنظيم «داعش»، لأنّ معركة تدمر جاءت أولاً في سياق وقف العمليات على الجبهات الأخرى، بما في ذلك العمليات التي كانت تستهدف «جبهة النصرة» المصنّفة من قبل مجلس الأمن ومن قبل الولايات المتحدة والحكومات الغربية بأنها تنظيم إرهابي، وثانياً لم يكن هناك أيّ تشكيل مسلح آخر يشارك «داعش» السيطرة على مدينة تدمر، وبالتالي يمكن القول إنّ معركة تدمر هي معركة نظيفة ضدّ الإرهاب، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال التشويش عليها، ولعلّ هذا ما شكل أحد مصادر الحرج للإدارة الأميركية.

 

ثمة مصدر ثالث لحرج الإدارة الأميركية أشارت إليه صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» بتاريخ 27 3 – 2016، إذ جاء في تقرير نشرته الصحيفة وأعدّه باتريك ماكدونيل أنّ «العديد من الجماعات المتمرّدة التي كانت تعتبر معتدلة والتي تتلقى المساعدات من الولايات المتحدة وحلفائها قد أقرّوا بأنهم يتعاونون مع جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سورية، والآن تستعدّ قوات الرئيس الأسد للتوجه نحو الرقة، مقرّ الخلافة المعلنة للدولة الإسلامية، على بعد حوالى 100كم شمال شرق تدمر، وفي صياغة سياستهم المقبلة نحو سورية يواجه المسؤولون الأميركيون مفارقة، فهم يسعون نحو إضعاف حكومة الأسد، ولكن ليس كثيراً وذلك لتعزيز الدولة الإسلامية والفصائل المسلحة، والهدف من ذلك دفع حكومة الأسد لتقديم تنازلات أثناء المفاوضات التي من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تنحّيه عن منصبه»، وبالتالي يخلص التقرير إلى العبارة الآتية: «بالنسبة لإدارة أوباما وحلفائها، فإنّ استرداد السيطرة على تدمر من قبل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ومدعومة بعشرات الغارات الجوية الروسية، يسلّط الضوء على المعضلة، وذلك لأنّ واشنطن سعت لتصوير المعركة ضدّ الدولة الإسلامية كمشروع خاص بالولايات المتحدة وحلفائها».

  • فريق ماسة
  • 2016-04-07
  • 5946
  • من الأرشيف

لماذا إدارة أوباما محرجة من تحرير تدمر؟

تأخرت الولايات المتحدة في إعلان ترحيبها بتحرير تدمر من تنظيم «داعش». عكَس هذا التأخر إرباكاً وإحراجاً، ونبع هذا الإحراج من حقيقة أنّ الدولة السورية وحلفاءها وعلى رأسهم الاتحاد الروسي،   نجحوا في أيام قليلة في تحقيق ما عجز عنه التحالف الأميركي ضدّ «داعش» على امتداد سنتين، كما أنّ هذا الحرج يعود إلى حقيقة أنّ الولايات المتحدة والحكومات الغربية دأبت على اتهام روسيا منذ أن بدأت الإسهام إلى جانب الجيش السوري في مكافحة الإرهابعلى ترويج زعم مفاده أنّ الطائرات الروسية تستهدف المعارضة المعتدلة ولم تستهدف «داعش»، علماً أنّ روسيا منذ بداية دخولها إلى سورية سعت إلى تحييد ما يسمّى بالمعارضة المعتدلة وقدّمت لها إغراءات وضمانات للمشاركة في الحلّ السياسي، واستهدفت المواقع التي تتمركز فيها تشكيلات مسلحة تابعة لـ»القاعدة» مثل «جبهة النصرة» و»أجناد الشام» والجيش التركستاني والمجاميع الشيشانية و»جند الأقصى».   في الحرب من أجل تحرير تدمر من سيطرة «داعش» لم يعد بوسع الحكومات الغربية وعلى رأسها الإدارة الأميركية تكرار الزعم بأنّ القوات الروسية تستهدف الفصائل المعارضة ولا تركز على تنظيم «داعش»، لأنّ معركة تدمر جاءت أولاً في سياق وقف العمليات على الجبهات الأخرى، بما في ذلك العمليات التي كانت تستهدف «جبهة النصرة» المصنّفة من قبل مجلس الأمن ومن قبل الولايات المتحدة والحكومات الغربية بأنها تنظيم إرهابي، وثانياً لم يكن هناك أيّ تشكيل مسلح آخر يشارك «داعش» السيطرة على مدينة تدمر، وبالتالي يمكن القول إنّ معركة تدمر هي معركة نظيفة ضدّ الإرهاب، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال التشويش عليها، ولعلّ هذا ما شكل أحد مصادر الحرج للإدارة الأميركية.   ثمة مصدر ثالث لحرج الإدارة الأميركية أشارت إليه صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» بتاريخ 27 3 – 2016، إذ جاء في تقرير نشرته الصحيفة وأعدّه باتريك ماكدونيل أنّ «العديد من الجماعات المتمرّدة التي كانت تعتبر معتدلة والتي تتلقى المساعدات من الولايات المتحدة وحلفائها قد أقرّوا بأنهم يتعاونون مع جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سورية، والآن تستعدّ قوات الرئيس الأسد للتوجه نحو الرقة، مقرّ الخلافة المعلنة للدولة الإسلامية، على بعد حوالى 100كم شمال شرق تدمر، وفي صياغة سياستهم المقبلة نحو سورية يواجه المسؤولون الأميركيون مفارقة، فهم يسعون نحو إضعاف حكومة الأسد، ولكن ليس كثيراً وذلك لتعزيز الدولة الإسلامية والفصائل المسلحة، والهدف من ذلك دفع حكومة الأسد لتقديم تنازلات أثناء المفاوضات التي من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تنحّيه عن منصبه»، وبالتالي يخلص التقرير إلى العبارة الآتية: «بالنسبة لإدارة أوباما وحلفائها، فإنّ استرداد السيطرة على تدمر من قبل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ومدعومة بعشرات الغارات الجوية الروسية، يسلّط الضوء على المعضلة، وذلك لأنّ واشنطن سعت لتصوير المعركة ضدّ الدولة الإسلامية كمشروع خاص بالولايات المتحدة وحلفائها».

المصدر : البناء / حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة