حلفاء الولايات المتحدة في سوريا يتساقطون فصيلاً إثر فصيل من دون أن يستدعي ذلك أي رد فعل من قبلها، بينما الأسلحة الحديثة، التي كانت واشنطن تزود بها هذه الفصائل، بما فيها صواريخ «تاو» المضادة للدروع، ينتهي بها الأمر غنيمةً في مخازن ومستودعات «جبهة النصرة» الموضوعة على قائمة الإرهاب الدولية.

ساعات قليلة من مساء أمس الأول كانت كافية لتنضم «الفرقة 13» المدعومة والمدربة من قبل الولايات المتحدة إلى قائمة الفصائل «المعتدلة» التي أبيدت على يد «جبهة النصرة». وبلغ عدد هذه الفصائل 11 فصيلاً، في مدة لا تتجاوز العام الواحد، من بينها «جبهة ثوار سوريا» و «حركة حزم».

وما يسترعي الانتباه هو سرعة انهيار فصائل «الاعتدال» أمام «جبهة النصرة»، وعدم الدخول معها في معارك قوية. إذ غالباً ما ينتهي الأمر باستسلام الفصيل المدرب أميركياً وتسليم مقاره ومستودعات أسلحته إلى «النصرة»، مقابل الإبقاء على حياة عناصره والسماح لهم بمغادرة المنطقة. في حين أن «الفرقة 13»، على سبيل المثال، كانت منذ حوالي ثلاثة شهور تقول أنها ارتكبت مجزرة بدبابات الجيش السوري أثناء المعركة في ريف حماه الشمالي.

يأتي ذلك رغم ادّعاء الولايات المتحدة أن برنامج التدريب الذي كانت تقوده كان يشترط القتال ضد تنظيم «داعش» فقط. أما الحقيقة فهي أن واشنطن تعد الداعم الأول للفصائل التي تقاتل ضد الجيش السوري، وهي التي أدخلت إلى ترسانة هذه الفصائل صاروخ «تاو» الذي لعب دوراً كبيراً في عرقلة تقدم الجيش في أكثر من منطقة.

ولم تكن إبادة «الفرقة 13» مفاجئة، لأن محافظة إدلب كانت تغلي منذ عدة أيام على وقع الخلافات على «علم الثورة»، وعلى طبيعة ونوعية الحراك الذي ينبغي أن يظهر في شوارع المدينة لمناسبة الذكرى الخامسة على اندلاع الأزمة السورية.

ففي حين أراد تيار يقوده ظاهرياً بعض الناشطين الإعلاميين، وتقف من خلفه فصائل ودول داعمة، استرجاع علم «الجيش الحر»، أي علم الانتداب الفرنسي، لإعطاء صورة عن عودة هذا «الجيش» إلى الحياة بعدما دفن في معبر باب الهوى قبل سنتين ونصف السنة بجهود «الجبهة الإسلامية» آنذاك، وبالتالي محاولة نفي أن يكون العنصر المتطرف هو المسيطر على المناطق الخاضعة تحت سيطرة المسلحين، أراد تيار آخر، تقوده «جبهة النصرة» و «جند الأقصى»، أن يستغل المناسبة لتكريس الراية السوداء وترسيخ الطبيعة الإسلامية للفصائل التي تقاتل ضد النظام السوري.

وقد دلّت حدة التجاذبات الحاصلة وضراوة الحملات الإعلامية المتبادلة بين التيارين أن الأمور ذاهبة نحو اشتباك جديد وفرز جديد، خصوصاً بعد أن أصبح التعايش بين هذين المشروعين شبه مستحيل.

وبالرغم من أن «الفرقة 13» هي التي دفعت ثمن هذا الصراع، إلا أن كافة المؤشرات تدل على أن ضرب «الفرقة» كان وسيلة لتوجيه رسالة إلى فصيل آخر أكثر أهمية منها، هو «أحرار الشام». ففي ظل الضغوط التي كانت تتعرض لها «جبهة النصرة»، وعدم قدرتها على السكوت في وجه تصاعد تيار «علم الثورة» لأنها تدرك أن هدفه في النهاية هو ابتلاعها والجلوس مكانها على عرش إدلب، فقد كانت أمام خيار شبه وحيد هو إظهار جديتها في الذهاب بعيداً في مواجهة هذا التيار، بغض النظر عمن يقف وراءه ويدعمه من الدول، أو يسانده من الفصائل. وقد ازداد غضبها عندما لمست انحيازاً من قادة «أحرار الشام» لهذا التيار، فقررت توجيه رسالة عبر «الفرقة 13» بأن تجاوز «النصرة» غير ممكن بهذه الطريقة أو غيرها.

في المقابل، كان لافتاً الصمت الذي خيم على قيادة «أحرار الشام» طوال ساعات الاشتباك بين «النصرة» و «الفرقة 13»، بحيث لم يصدر أي تصريح عن قياداتها، ولو على سبيل محاولة التهدئة، خصوصاً من قادة «الجناح السياسي» الذين كانوا في العادة يسارعون إلى الغمز من قناة «النصرة» في مثل هذه الأحداث. والأرجح أن قادة الجناح السياسي شعروا بارتياح ما، وهم يشاهدون هجوم «جبهة النصرة» على معاقل «الفرقة 13» في معرة النعمان ومحيطها، لأن ذلك سيساعد في تعرية «النصرة»، وإعطاء انطباع عنها أنها صورة مستنسخة عن تنظيم «داعش»، وهو ما سيساعدهم مستقبلاً في حال وصلت علاقتهم معها إلى نقطة الانفجار.

 

مَن هي «الفرقة 13»

تشكلت «الفرقة 13» منتصف العام 2013 من اجتماع الفصائل التالية:

١ـ «لواء عباد الرحمن» بقيادة المقدم احمد السعود/ معرة النعمان وهو قائد «الفرقة» أيضاً.

٢ـ «لواء درع ادلب» بقيادة ايمن العباس/معصران.

٣ـ «لواء درع الشمال» بقيادة مهنا عمار الدين /خان السبل.

٤ـ «لواء فرسان الحق» بقيادة المقدم فارس البيوش / كفرنبل.

٥ـ «لواء ثوار الأحرار» بقيادة محمد المؤيد / معرشمشة.

٦ـ تجمع «كتائب درع خان شيخون» بقيادة الرائد مصطفى الكنج/ خان شيخون.

٧ـ «لواء أحرار 15 آذار» بقيادة الرائد موسى الخالد / كفرومة.

٨ـ «لواء الإمام البخاري» بقيادة النقيب علي السلوم / حيش.

٩ـ «لواء ذي قار» بقيادة المقدم حسن جاويش / حزانو.

١٠ـ «لواء الحسم» بقيادة عبد السلام الابراهيم / معرتحرمة.

١١ـ «لواء الحمزة» بقيادة محمد الاطرش / معرة النعمان

١٢ـ «لواء التوحيد» بقيادة وسام الزين/ ادلب.

  • فريق ماسة
  • 2016-03-13
  • 13868
  • من الأرشيف

«الفرقة 13» أولى ضحايا «معركة العلم».. من التالي؟

حلفاء الولايات المتحدة في سوريا يتساقطون فصيلاً إثر فصيل من دون أن يستدعي ذلك أي رد فعل من قبلها، بينما الأسلحة الحديثة، التي كانت واشنطن تزود بها هذه الفصائل، بما فيها صواريخ «تاو» المضادة للدروع، ينتهي بها الأمر غنيمةً في مخازن ومستودعات «جبهة النصرة» الموضوعة على قائمة الإرهاب الدولية. ساعات قليلة من مساء أمس الأول كانت كافية لتنضم «الفرقة 13» المدعومة والمدربة من قبل الولايات المتحدة إلى قائمة الفصائل «المعتدلة» التي أبيدت على يد «جبهة النصرة». وبلغ عدد هذه الفصائل 11 فصيلاً، في مدة لا تتجاوز العام الواحد، من بينها «جبهة ثوار سوريا» و «حركة حزم». وما يسترعي الانتباه هو سرعة انهيار فصائل «الاعتدال» أمام «جبهة النصرة»، وعدم الدخول معها في معارك قوية. إذ غالباً ما ينتهي الأمر باستسلام الفصيل المدرب أميركياً وتسليم مقاره ومستودعات أسلحته إلى «النصرة»، مقابل الإبقاء على حياة عناصره والسماح لهم بمغادرة المنطقة. في حين أن «الفرقة 13»، على سبيل المثال، كانت منذ حوالي ثلاثة شهور تقول أنها ارتكبت مجزرة بدبابات الجيش السوري أثناء المعركة في ريف حماه الشمالي. يأتي ذلك رغم ادّعاء الولايات المتحدة أن برنامج التدريب الذي كانت تقوده كان يشترط القتال ضد تنظيم «داعش» فقط. أما الحقيقة فهي أن واشنطن تعد الداعم الأول للفصائل التي تقاتل ضد الجيش السوري، وهي التي أدخلت إلى ترسانة هذه الفصائل صاروخ «تاو» الذي لعب دوراً كبيراً في عرقلة تقدم الجيش في أكثر من منطقة. ولم تكن إبادة «الفرقة 13» مفاجئة، لأن محافظة إدلب كانت تغلي منذ عدة أيام على وقع الخلافات على «علم الثورة»، وعلى طبيعة ونوعية الحراك الذي ينبغي أن يظهر في شوارع المدينة لمناسبة الذكرى الخامسة على اندلاع الأزمة السورية. ففي حين أراد تيار يقوده ظاهرياً بعض الناشطين الإعلاميين، وتقف من خلفه فصائل ودول داعمة، استرجاع علم «الجيش الحر»، أي علم الانتداب الفرنسي، لإعطاء صورة عن عودة هذا «الجيش» إلى الحياة بعدما دفن في معبر باب الهوى قبل سنتين ونصف السنة بجهود «الجبهة الإسلامية» آنذاك، وبالتالي محاولة نفي أن يكون العنصر المتطرف هو المسيطر على المناطق الخاضعة تحت سيطرة المسلحين، أراد تيار آخر، تقوده «جبهة النصرة» و «جند الأقصى»، أن يستغل المناسبة لتكريس الراية السوداء وترسيخ الطبيعة الإسلامية للفصائل التي تقاتل ضد النظام السوري. وقد دلّت حدة التجاذبات الحاصلة وضراوة الحملات الإعلامية المتبادلة بين التيارين أن الأمور ذاهبة نحو اشتباك جديد وفرز جديد، خصوصاً بعد أن أصبح التعايش بين هذين المشروعين شبه مستحيل. وبالرغم من أن «الفرقة 13» هي التي دفعت ثمن هذا الصراع، إلا أن كافة المؤشرات تدل على أن ضرب «الفرقة» كان وسيلة لتوجيه رسالة إلى فصيل آخر أكثر أهمية منها، هو «أحرار الشام». ففي ظل الضغوط التي كانت تتعرض لها «جبهة النصرة»، وعدم قدرتها على السكوت في وجه تصاعد تيار «علم الثورة» لأنها تدرك أن هدفه في النهاية هو ابتلاعها والجلوس مكانها على عرش إدلب، فقد كانت أمام خيار شبه وحيد هو إظهار جديتها في الذهاب بعيداً في مواجهة هذا التيار، بغض النظر عمن يقف وراءه ويدعمه من الدول، أو يسانده من الفصائل. وقد ازداد غضبها عندما لمست انحيازاً من قادة «أحرار الشام» لهذا التيار، فقررت توجيه رسالة عبر «الفرقة 13» بأن تجاوز «النصرة» غير ممكن بهذه الطريقة أو غيرها. في المقابل، كان لافتاً الصمت الذي خيم على قيادة «أحرار الشام» طوال ساعات الاشتباك بين «النصرة» و «الفرقة 13»، بحيث لم يصدر أي تصريح عن قياداتها، ولو على سبيل محاولة التهدئة، خصوصاً من قادة «الجناح السياسي» الذين كانوا في العادة يسارعون إلى الغمز من قناة «النصرة» في مثل هذه الأحداث. والأرجح أن قادة الجناح السياسي شعروا بارتياح ما، وهم يشاهدون هجوم «جبهة النصرة» على معاقل «الفرقة 13» في معرة النعمان ومحيطها، لأن ذلك سيساعد في تعرية «النصرة»، وإعطاء انطباع عنها أنها صورة مستنسخة عن تنظيم «داعش»، وهو ما سيساعدهم مستقبلاً في حال وصلت علاقتهم معها إلى نقطة الانفجار.   مَن هي «الفرقة 13» تشكلت «الفرقة 13» منتصف العام 2013 من اجتماع الفصائل التالية: ١ـ «لواء عباد الرحمن» بقيادة المقدم احمد السعود/ معرة النعمان وهو قائد «الفرقة» أيضاً. ٢ـ «لواء درع ادلب» بقيادة ايمن العباس/معصران. ٣ـ «لواء درع الشمال» بقيادة مهنا عمار الدين /خان السبل. ٤ـ «لواء فرسان الحق» بقيادة المقدم فارس البيوش / كفرنبل. ٥ـ «لواء ثوار الأحرار» بقيادة محمد المؤيد / معرشمشة. ٦ـ تجمع «كتائب درع خان شيخون» بقيادة الرائد مصطفى الكنج/ خان شيخون. ٧ـ «لواء أحرار 15 آذار» بقيادة الرائد موسى الخالد / كفرومة. ٨ـ «لواء الإمام البخاري» بقيادة النقيب علي السلوم / حيش. ٩ـ «لواء ذي قار» بقيادة المقدم حسن جاويش / حزانو. ١٠ـ «لواء الحسم» بقيادة عبد السلام الابراهيم / معرتحرمة. ١١ـ «لواء الحمزة» بقيادة محمد الاطرش / معرة النعمان ١٢ـ «لواء التوحيد» بقيادة وسام الزين/ ادلب.

المصدر : عبد الله سليمان علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة