استبق وزير الخارجية السوري وليد المعلم الموعد الثاني للجولة التفاوضية في جنيف لإعادة التأكيد على «ثوابت» دمشق، في رسائل وجهت علناً للمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، لكنها حملت أيضاً تحدّياً مبطناً لكل محاولات اجتراح سيناريو جديد في المسار السياسي، بما في ذلك تحويل عملية جنيف إلى حالة استنزاف طويل للوقت، تتحضّر فيه جبهات جديدة ميدانياً، وذلك على الرغم من تعبير المسؤول السوري عن قناعته بأن «الأزمة بدأت تسير نحو النهاية» في معرض تشجيعه مقاتلي المعارضة على المصالحة.

ودعت وزارة الخارجية السورية أمس الأول، إلى مؤتمر صحافي عاجل ومفاجئ للمعلم، وذلك بعد قبل ساعات من انطلاق الوفد الرسمي لجنيف للمشاركة في الجولة الجديدة من المحادثات.

وأراد المسؤولون في الخارجية على ما يبدو انتظار اكتمال كل الترتيبات المعنية بانعقاد جنيف، وتأكد مشاركة الأطراف المدعوّة، كما اكتمال ظروف الانعقاد والاتفاق على متابعة الهدنة، إضافة لمتابعة التصريحات التي ستحدّد السقوف السياسية لكل طرف، سواء كانوا حلفاء أو خصوماً.

وبدأ المعلم حديثه بالتأكيد على أن «الوفد الحكومي الرسمي لن ينتظر أكثر من 24 ساعة»، وصول وفد المعارضة إلى مبنى الأمم المتحدة في جنيف للمشاركة في الجولة الثانية من المحادثات المرتقبة اليوم، منتقداً في الوقت ذاته اقتراح دي ميستورا لجدول أعمال الجولة، والذي تتضمّن الحديث عن انتخابات برلمانية ورئاسية وتعديلات دستورية وغيرها، معتبراً أن ذلك «ليس من حقه».

وقال المعلم إن «وفدنا لن يكرّر الأخطاء التي جرت في الجولة السابقة، بمعنى أنه لن ينتظر في جنيف أكثر من 24 ساعة، وسيراقب وصول وفود المعارضة إلى مبنى الأمم المتحدة لاستمرار الحوار، وإن لم يجد أحداً فسيعود، ويتحمّل الطرف الآخر مسؤولية الفشل». وأضاف «نتطلع لأن يجري الحوار مع أكبر شريحة من المعارضات تنفيذاً لتفويض دي ميستورا من مجلس الأمن وبيانات ميونيخ وفيينا».

وتابع المعلم «أولاً بالعودة إلى الوثائق الأممية لا يحق لدي ميستورا اقتراح جدول أعمال. هذا ما يجب أن يتم التوافق عليه بين المتحاورين، ووفدنا جاهز لأن يناقش جدول أعمال الجولة المقبلة».

وأكد المعلم أن «دي ميستورا عندما يتحدّث عن الدستور فهو يعرف أن حكومة الوحدة الوطنية التي ستناقش في المستقبل هي التي تعيّن لجنة دستورية لوضع دستور جديد، أو تعديل الدستور القائم، ثم يتمّ الاستفتاء على ما يتم التوافق عليه في لجنة الدستور من الشعب السوري، وبعد إقراره يصبح نافذاً».

وبشأن تصريحات دي ميستورا عن انتخابات برلمانية ورئاسية خلال مهلة زمنية تمتد 18 شهراً، قال المعلم انتخابات «برلمانية هذا نص موجود في وثائق فيينا وقرار مجلس الأمن، أما رئاسية فلا يحقّ له ولا لغيره، كائناً من كان، أن يتحدث عن انتخابات رئاسية»، مشدداً على أن «هذا حق حصري للشعب السوري، وبالتالي ما قاله دي ميستورا هو خروج عن كل الوثائق الأممية التي يجري الحوار بموجبها. وأكرر هذا الأمر ملك للشعب السوري وحده، كما نصت كل الوثائق الأممية، وبيانات ميونيخ وفيينا جاء فيها أن مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري»، مؤكداً في وقت لاحق أن «الرئيس (السوري بشار) الأسد خط أحمر».

وفيما اعتبر المعلم أنه يمكن التفاؤل بجنيف، إلا أن النجاح ليس «بيد الوفد الحكومي وحده»، الذي يسافر وهو لا يعرف «مَن هو الوفد المعارض أو الوفود التي ستتواجد». وقال، موجهاً خطابه للطرف المفاوض الآخر، «إذا كان في ذهنها (المعارضة) أو تعليماتها أوهام بأنها سوف تستلم السلطة في جنيف التي فشلت في استلامها في الميدان فسوف يفشل جنيف».

وأضاف «لا يوجد شيء في وثائق الأمم المتحدة يتحدّث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة، لذلك لا بدّ من التوافق على تعريف ماهية المرحلة الانتقالية. نحن في مفهومنا أن المرحلة الانتقالية هي الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد. من حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر، أما مقام الرئاسة فهو ملك الشعب السوري حصراً».

وأكد المعلم التزام دمشق باتفاق وقف الأعمال العدائية، مشدداً على حق الجيش بالردّ على الخروقات. ودعا «كل من حمل السلاح إلى الاستفادة من وقف الأعمال القتالية بالتوجه نحو المصالحات وتسوية الأوضاع». وأضاف أن «الأزمة بدأت تسير نحو النهاية، ومن هنا نرحّب بكل من يرغب بالمشاركة إلى جانب قواتنا المسلحة في مكافحة إرهاب داعش وجبهة النصرة والتنظيمات المرتبطة بهما».

وتطرق المعلم للمصالحات التي تجري، ولاسيما عبر الوسيط الروسي، معتبراً أن «المصالحات الوطنية من أولويات السياسة السورية، وأن التخفيف من لهيب الأزمة يكون من خلال المصالحات»، مضيفاً أن «الدور الروسي هنا هو استمرار لهذه المصالحات وشريك في إجرائها. ربما هناك مجموعات تثق أكثر بالضمانات الروسية فذهبت إلى مطار حميميم. نحن لا اعتراض لدينا. المهم النتائج».

وفيما يخصّ الحديث عن «تدخل بري» أو «تقسيم فيدرالي»، أوضح المعلم أن «أحداً لا يجرؤ على التدخل في حرب برية في سوريا، ولذلك تراجع هذا الحديث». وقال إن «شعبنا سيرفض أي محاولة للتقسيم. نحن نرفض الحديث عن الفيدرالية، ونحن مع وحدة سوريا، أرضاً وشعباً واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها»، لكنه أشار في السياق ذاته إلى أن «إخواننا الأكراد هم مواطنون سوريون يجلسون معنا في خندق واحد في محاربة داعش»، مضيفاً «إلى أن ننتهي من هذا الكفاح ضد الإرهاب التكفيري، لن يكون إخوتنا سوى راضين ومشاركين في بناء مستقبل سوريا في إطار الجمهورية العربية السورية».

ورداً على سؤال حول التصريحات السعودية التي تطالب بتنحّي الأسد، قال المعلم «ما قاله (وزير الخارجية السعودي عادل) الجبير تافه، وهو يكرّر كلامه في كل المناسبات.. لكن أقول مَنْ بيته من زجاج فعليه أن يمتنع عن رمي الآخرين بالحجارة. ملفات عديدة يمكن فتحها عن هذا البيت الزجاجي».

ووصف قرار الجامعة العربية باعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية بالسخيف. وقال «لم أستغرب من الجامعة التي فوّضت حلف الناتو بضرب ليبيا أن تتخذ مثل هذا القرار. الحمد لله لسنا أعضاء في الجامعة العربية».

  • فريق ماسة
  • 2016-03-13
  • 15037
  • من الأرشيف

دمشق ترفض اقتراح دي ميستورا لجدول أعمال المفاوضات ..المعلم يحدّد مهلة 24 ساعة لاستمرار جنيف

استبق وزير الخارجية السوري وليد المعلم الموعد الثاني للجولة التفاوضية في جنيف لإعادة التأكيد على «ثوابت» دمشق، في رسائل وجهت علناً للمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، لكنها حملت أيضاً تحدّياً مبطناً لكل محاولات اجتراح سيناريو جديد في المسار السياسي، بما في ذلك تحويل عملية جنيف إلى حالة استنزاف طويل للوقت، تتحضّر فيه جبهات جديدة ميدانياً، وذلك على الرغم من تعبير المسؤول السوري عن قناعته بأن «الأزمة بدأت تسير نحو النهاية» في معرض تشجيعه مقاتلي المعارضة على المصالحة. ودعت وزارة الخارجية السورية أمس الأول، إلى مؤتمر صحافي عاجل ومفاجئ للمعلم، وذلك بعد قبل ساعات من انطلاق الوفد الرسمي لجنيف للمشاركة في الجولة الجديدة من المحادثات. وأراد المسؤولون في الخارجية على ما يبدو انتظار اكتمال كل الترتيبات المعنية بانعقاد جنيف، وتأكد مشاركة الأطراف المدعوّة، كما اكتمال ظروف الانعقاد والاتفاق على متابعة الهدنة، إضافة لمتابعة التصريحات التي ستحدّد السقوف السياسية لكل طرف، سواء كانوا حلفاء أو خصوماً. وبدأ المعلم حديثه بالتأكيد على أن «الوفد الحكومي الرسمي لن ينتظر أكثر من 24 ساعة»، وصول وفد المعارضة إلى مبنى الأمم المتحدة في جنيف للمشاركة في الجولة الثانية من المحادثات المرتقبة اليوم، منتقداً في الوقت ذاته اقتراح دي ميستورا لجدول أعمال الجولة، والذي تتضمّن الحديث عن انتخابات برلمانية ورئاسية وتعديلات دستورية وغيرها، معتبراً أن ذلك «ليس من حقه». وقال المعلم إن «وفدنا لن يكرّر الأخطاء التي جرت في الجولة السابقة، بمعنى أنه لن ينتظر في جنيف أكثر من 24 ساعة، وسيراقب وصول وفود المعارضة إلى مبنى الأمم المتحدة لاستمرار الحوار، وإن لم يجد أحداً فسيعود، ويتحمّل الطرف الآخر مسؤولية الفشل». وأضاف «نتطلع لأن يجري الحوار مع أكبر شريحة من المعارضات تنفيذاً لتفويض دي ميستورا من مجلس الأمن وبيانات ميونيخ وفيينا». وتابع المعلم «أولاً بالعودة إلى الوثائق الأممية لا يحق لدي ميستورا اقتراح جدول أعمال. هذا ما يجب أن يتم التوافق عليه بين المتحاورين، ووفدنا جاهز لأن يناقش جدول أعمال الجولة المقبلة». وأكد المعلم أن «دي ميستورا عندما يتحدّث عن الدستور فهو يعرف أن حكومة الوحدة الوطنية التي ستناقش في المستقبل هي التي تعيّن لجنة دستورية لوضع دستور جديد، أو تعديل الدستور القائم، ثم يتمّ الاستفتاء على ما يتم التوافق عليه في لجنة الدستور من الشعب السوري، وبعد إقراره يصبح نافذاً». وبشأن تصريحات دي ميستورا عن انتخابات برلمانية ورئاسية خلال مهلة زمنية تمتد 18 شهراً، قال المعلم انتخابات «برلمانية هذا نص موجود في وثائق فيينا وقرار مجلس الأمن، أما رئاسية فلا يحقّ له ولا لغيره، كائناً من كان، أن يتحدث عن انتخابات رئاسية»، مشدداً على أن «هذا حق حصري للشعب السوري، وبالتالي ما قاله دي ميستورا هو خروج عن كل الوثائق الأممية التي يجري الحوار بموجبها. وأكرر هذا الأمر ملك للشعب السوري وحده، كما نصت كل الوثائق الأممية، وبيانات ميونيخ وفيينا جاء فيها أن مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري»، مؤكداً في وقت لاحق أن «الرئيس (السوري بشار) الأسد خط أحمر». وفيما اعتبر المعلم أنه يمكن التفاؤل بجنيف، إلا أن النجاح ليس «بيد الوفد الحكومي وحده»، الذي يسافر وهو لا يعرف «مَن هو الوفد المعارض أو الوفود التي ستتواجد». وقال، موجهاً خطابه للطرف المفاوض الآخر، «إذا كان في ذهنها (المعارضة) أو تعليماتها أوهام بأنها سوف تستلم السلطة في جنيف التي فشلت في استلامها في الميدان فسوف يفشل جنيف». وأضاف «لا يوجد شيء في وثائق الأمم المتحدة يتحدّث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة، لذلك لا بدّ من التوافق على تعريف ماهية المرحلة الانتقالية. نحن في مفهومنا أن المرحلة الانتقالية هي الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد. من حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر، أما مقام الرئاسة فهو ملك الشعب السوري حصراً». وأكد المعلم التزام دمشق باتفاق وقف الأعمال العدائية، مشدداً على حق الجيش بالردّ على الخروقات. ودعا «كل من حمل السلاح إلى الاستفادة من وقف الأعمال القتالية بالتوجه نحو المصالحات وتسوية الأوضاع». وأضاف أن «الأزمة بدأت تسير نحو النهاية، ومن هنا نرحّب بكل من يرغب بالمشاركة إلى جانب قواتنا المسلحة في مكافحة إرهاب داعش وجبهة النصرة والتنظيمات المرتبطة بهما». وتطرق المعلم للمصالحات التي تجري، ولاسيما عبر الوسيط الروسي، معتبراً أن «المصالحات الوطنية من أولويات السياسة السورية، وأن التخفيف من لهيب الأزمة يكون من خلال المصالحات»، مضيفاً أن «الدور الروسي هنا هو استمرار لهذه المصالحات وشريك في إجرائها. ربما هناك مجموعات تثق أكثر بالضمانات الروسية فذهبت إلى مطار حميميم. نحن لا اعتراض لدينا. المهم النتائج». وفيما يخصّ الحديث عن «تدخل بري» أو «تقسيم فيدرالي»، أوضح المعلم أن «أحداً لا يجرؤ على التدخل في حرب برية في سوريا، ولذلك تراجع هذا الحديث». وقال إن «شعبنا سيرفض أي محاولة للتقسيم. نحن نرفض الحديث عن الفيدرالية، ونحن مع وحدة سوريا، أرضاً وشعباً واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها»، لكنه أشار في السياق ذاته إلى أن «إخواننا الأكراد هم مواطنون سوريون يجلسون معنا في خندق واحد في محاربة داعش»، مضيفاً «إلى أن ننتهي من هذا الكفاح ضد الإرهاب التكفيري، لن يكون إخوتنا سوى راضين ومشاركين في بناء مستقبل سوريا في إطار الجمهورية العربية السورية». ورداً على سؤال حول التصريحات السعودية التي تطالب بتنحّي الأسد، قال المعلم «ما قاله (وزير الخارجية السعودي عادل) الجبير تافه، وهو يكرّر كلامه في كل المناسبات.. لكن أقول مَنْ بيته من زجاج فعليه أن يمتنع عن رمي الآخرين بالحجارة. ملفات عديدة يمكن فتحها عن هذا البيت الزجاجي». ووصف قرار الجامعة العربية باعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية بالسخيف. وقال «لم أستغرب من الجامعة التي فوّضت حلف الناتو بضرب ليبيا أن تتخذ مثل هذا القرار. الحمد لله لسنا أعضاء في الجامعة العربية».

المصدر : السفير / زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة