دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
حملت الساعات الأخيرة تطورات جديدة من شأنها قلب الأوضاع وموازين القوى على الأرض في سوريا رأسا على عقب سياسيا وعسكريا وظهور قوة جديدة تقود العملية السياسية الحقيقية وإحلال السلام و الاستقرار في المدن والمناطق السورية.
لم يكن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه ونظيره الأمريكي باراك أوباما اتفقا على بيان مشترك لوقف إطلاق النار في سوريا ابتداء من السبت 27 فبراير/شباط مفاجأة للمهتمين في شؤون السياسة الدولية بشكل عام والشرق أوسطية بشكل خاص، ولكن الإعلان وجه ضربة قاسية وموجعة في المنطقة الحساسة لكل المعارضات السورية أينما كان منشؤها (واشنطن، موسكو، اسطنبول، الرياض، القاهرة..) حيث لم يُبق حجة لأحد من المعارضين في المشاركة في الحوار السياسي السوري-السوري تحت الرعاية الأممية للوصول الى صيغة لتشكيل حكومة وطنية (بيان فيينا) تسعى إلى تشكيلها دمشق بأسرع وقت للخروج من الأزمة لأنها، أي دمشق، بأمس الحاجة لها.
فمن من المعارضين يمكن له المشاركة في حكومة وطنية ينبثق عنها الحوار السوري-السوري المرتقب، هل من رئيس للوزراء يوما ما أَم نائبه للشؤون الاقتصادية- وزير التموين والتجارة الداخلية ام الوزراء المتقاعدين ؟؟؟
إن مشروع وقف إطلاق النار سيضع النقاط على الحروف في المشهدين السياسي والعسكري لمستقبل المعارضة السورية الخارجية و رموزها ...
فمن خلال لقاءاتي الخاصة مع أغلبية المعارضين البارزين أو اثناء المناظرات التلفزيونية واللقاءات الإعلامية كنت أشعر (من خلال كلامهم) أن كل واحد منهم يتحكم ويسيطر على جزءٍ كبير من جغرافية سوريا من حدودها الشمالية إلى الجنوبية مروراً بحلب وحمص وغوطة دمشق وريفها. و إن نقلت كلامهم إلى لغة الأرقام ربما يصل عدد المقاتلين تحت إمرتهم الى مائتي ألف مقاتل من ضمنهم ثلاثة عشر ألف ضابط وصف ضابط وجندي منشق حدثني عنهم اللواء م.م يرابطون في معسكرات على الحدود السورية الأردنية (العلم عند الله)
إذاً عصر البطولات الإعلامية والكلامية قارب على الانتهاء وحان وقت الأفعال حيث سيثبت كل معارض أو جهة تدّعي تمثيل المجموعات المسلحة صِدقها!!!
عندها سيتبين للجميع من تمثل المعارضة فعلياً على الأرض وليس على محطات التلفزيون العالمية ومدى فاعليتها وتأثيرها، هل ستستطيع إعطاء اوامرها للمجموعات المسلحة (المعتدلة) بوقف الأعمال القتالية...هل المعارضة السورية الخارجية هي التي تموّل المقاتلين بالمال والسلاح لتستطيع إصدار الأوامر لهم ... وهل هي التي تحدد المعارضين (لتمثيل )الشعب السوري ومطالبه في أي حوار مع وفد الحكومة السورية أٓمْ الدول الراعية والممولة لها...؟؟؟؟؟
من الطبيعي والمتوقع أن ترفض المجموعات المسلحة الكبيرة مشروع وقف إطلاق النار بإيعاز من المعارضة الخارجية ( وفد مؤتمر الرياض) بل ستفضل القيام بذلك مباشرة مع الدولة الراعية والممولة لها أو مباشرة مع الحكومة السورية من خلال محادثات جنيف 3 أو مباشرة مع دمشق بوساطة دولية أو بدونها.
فالكل يعلم أن نصيب المشاركة في الحياة السياسية بعد الوصول إلى حل لأي نزاع مسلح لممثلي المجموعات المسلحة الفاعلة على الأرض أو من تقترحهم وتؤيدهم وهذا العامل سيؤدي إلى ظهور قوى قادرة بالفعل على الانخراط بحوار سياسي إذا رَغبت او سُمِحٓ لها بذلك مع دمشق..!!!
والمعادلة بسيطة فالمقاتلون السوريون المعارضون أقرب الى الواقع من المعارضة الخارجية، والسلطات الرسمية تفضل التعامل والتعاون معهم للوصول الى الأمان والاستقرار ...
وهنا يأتي دور الحكومة السورية في جرأتها بإشراك هؤلاء المقاتلين والمعارضين في المسؤولية الإدارية والمعيشية والأمنية في مناطقهم وجعلهم موضع ثقة من الدولة و ليس الاكتفاء بتسوية وضعهم القانوني أو السماح لهم بالمغادرة، فهم سوريون لا وطن ثان لهم...
يتساءل الكثيرون هل مشروع وقف إطلاق النار قابل للتطبيق وما هي أهميته؟
أبدأ من أهمية المشروع حيث أنه سيكشف المجموعات الإجرامية الشاذة التي تقتل السوريين من كل مكونات المجتمع تحت شعارات متعددة أو فقط بهدف السلب والنهب والعبث بأمن المواطن ( داعش وجبهة النصرة لا يشملهم قرار مشروع وقف إطلاق النار)
اتفاق روسيا و أميركا على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يبدأ بوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية الى جميع المناطق المنكوبة ..
وقف حدة التوتر والتهديدات بالتدخل العسكري البري التركي السعودي حيث أعلنت تركيا على لسان رئيس وزرائها داوود اوغلو عن عدم وجود نية لدى الدولتين بأي تدخل بري في سوريا ...
يبقى موضوع الخلاف بين تركيا ووحدات الحماية الكردية من جهة وتمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي في مباحثات جنيف 3 من جهة أخرى ... و العمل الدبلوماسي الروسي الأمريكي الأوروبي الأممي التركي يتواصل بنشاط وجدية للخروج بحل يحفظ ماء الوجه للطرفين التركي والكردي لضمانة نجاح المشروع السياسي لحل الأزمة السورية.
وفي هذا المشروع دلالات واضحة على نجاح روسيا في الاختبار الصعب والمهم في المحافظة على دعمها للسلطة الشرعية في دمشق وعدم تفريطها بالعلاقات السياسية والاقتصادية والتعاون العسكري مع دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر .... وسيكون لروسيا دور مهم في إعادة العلاقات بين الجمهورية العربية السورية ودول العالم.
وما لفت نظر المراقبين السياسيين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالا هاتفياً قبل إعلانه عن الاتفاق الروسي الأمريكي لمشروع وقف إطلاق النار في سوريا مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آلِ ثاني تناول معهما الوضع في سوريا ومشروع اتفاق وقف إطلاق النار و ضرورة وضع حد للمأساة للشعب السوري وحل الأزمة السورية.
ويعتبر هذا الاتفاق الروسي الأمريكي الإنجاز الثاني الناجح بعد توقيع اتفاقية مينسك 2 حول تسوية الأزمة في أوكرانيا للتفاهم الروسي الأميركي في حل النزاعات في العالم مما يقرب عودة العلاقات الطبيعية بين الدولتين العظميين ضمن نظام عالمي متعدد الأقطاب تم وضع أساسه يوم أمس بالاتفاق المذكور، الأمر الذي ينتظر العالم بأجمعه.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة