دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تتسارع الأحداث في سوريا حيث تسير الدولة السورية نحو بسط سيطرتها على حدودها مع تركيا مما يعني قطع الإمدادات عن الجماعات الإرهابية.
الانهيارات السريعة في صفوف المجموعات المسلحة تبشّر بسقوط قريب لمدينة حلب الاستراتيجية في الأسابيع المقبلة وهو ما يعني خروج تركيا نهائيا من المعادلة السورية.
نفس التطورات تقريبًا في الجنوب حيث لن تتأخر كثيرا تحرير مدينة درعا وأيضا مدينة القنيطرة الحدودية مع إسرائيل.
لا تبدو الولايات المتحدة منزعجة من هذه التطورات، بل إن تصرفاتها على الأرض توحي بأنها على تنسيق تام مع روسيا من أجل القضاء على داعش في سوريا بينما تتولى أمريكا نفس الدور في العراق أين يتقدم الجيش العراقي والعشائر بدعم أمريكي وإيراني نحو مدينة الموصل لتحريرها.
وقد يكون مبرمجًا التقاء تحالف واشنطن وحلف روسيا في مدينة الرقة السورية للاحتفال الجماعي بالإجهاز النهائي على داعش في الشرق.
ولا تبدو الإدارة الامريكية متأثرة بردود الأفعال التركية ولا القطرية ، ولا حتى الإسرائيلية، فالاتفاق مع روسيا يتجاوز الحرص على مصالح حلفائها المتورطين (والمهزومين) في سوريا، ولا يراعي خسائرهم ولا طموحاتهم ولا شروطهم: الاتفاق يبدو أنه استراتيجي بامتياز بما أن الولايات المتحدة وأوروبا تستعدان لتنفيذ عملية عسكرية في ليبيا ضد ما تبقى من داعش ومن الواضح أن روسيا لا تعترض على ذلك بما يعني أنه تم تقسيم مسرح العمليات ضد داعش بين محور روسيا ومحور أمريكا.
وحسب معطيات مؤكدة، حُسمَ قرار التدخل العسكري الامريكي في ليبيا منذ أواسط السنة الفارطة، وأبلغته واشنطن الى أعلى قيادات العواصم المعنية بهذا التدخل، ولم يتأخر الأمر إلا انتظارًا لتشكيل الحكومة الليبية الشرعية التي ستتكفل بإعطاء الغطاء الشرعي والقانوني للتدخل الأميركي، (وهو ما يفسّر تلكّؤ حكومة فجر ليبيا وبرلمان طرابلس عن توقيع اتفاق المصالحة وتشكيل الحكومة في ليبيا طمعًا في تعطيل العمل العسكري ضد داعش)
إذًا، تتجه الأحداث نحو تصفية مرحلة داعش بعد إنتهاء دورها أو بعد فشل مهمتها أو بعد أن أصبح خطرها(على أوروبا وأمريكا) يفوق بكثير فوائدها، ولن يبقى سوى الدواعش المنفردين الذين سيتم التعامل معهم كما تعامل العالم في السابق مع أعضاء تنظيم القاعدة بعد انتهاء مهمتهم في أفغانستان (مطاردة من بلد الى آخر، سجن، نفي، اغتيالات موجّهة، عمليات إرهابية متفرقة تقابل بعمليات اعتقال واسعة إلخ).
يبقى أن ثمن هذا الفاصل المجنون والمتوحش في تاريخ المنطقة قد دَفع ثمنه شعوبنا في العراق وسوريا وليبيا وتونس ومصر وستبقى تدفع ثمنها لأجيال قادمة من دماء أبنائها ومقدّراتها.
يبقى أيضا، أن نلاحظ أن دوَلاً استثمرت وراهنت كثيرًا على داعش لتحقيق مكاسب جيوسياسية، ستندفع أثمانًا كبيرة نتيجة فشل رهانها (قطر، تركيا).
تيار الاسلام السياسي بجميع أطيافه يمكن اعتباره الخاسر الأكبر مما ستؤول اليه الأحداث، هذا التيار الذي بسط نفوذه وسيطرته بمباركة غربية على تونس وليبيا ومصر واليمن وجزأ كبير من سوريا في بدايات الربيع العربي، وبعد ان فقد تدريجيا أهم قلاعه... يتجه اليوم نحو خسارة آخر مواقعه: ليبيا، ويتآكل نفوذ وتأثير أهم دولة في المنظومة الاسلامية : تركيا، بينما عرَّت تطورات الخمس سنوات الفارطة التداخل الكبير بين مختلف مكوناته وفروعه فكرا وممارسة وتمويلا وتحالفا وأهدافًا مما سيؤثر حتما على فاعلية منظومة العلاقات الإقليمية والدولية التي ساندت الإسلام السياسي طيلة السنوات الماضية.
المصدر :
الصحبي بن فرج - البوابة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة