دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تمكنت لجان الدفاع الشعبي من فرض سيطرتها على كامل مطار منغ في ريف حلب الشمالي، وفق ما أفادت مصادر للمنار.
من جانبه، أقر مرصد المعارض بأنّ "وحدات حماية الشعب الكردي" مدعومة بقوات عربية سورية معارضة تمكنت، يوم الاربعاء، من السيطرة على قرية منغ واجزاء واسعة من مطار منغ العسكري بريف حلب الشمالي التي كانت بايدي فصائل مسلحة.
لماذا قرر ملك السعودية زيارة موسكو “فجأة”؟ وهل للقرار صلة بتقدم الجيش السوري نحو الحدود التركية ؟ وهل كان “سيف النصر الدمشقي” المؤشر؟
ربما لم نبالغ كثيرا عندما قلنا في هذا المكان ان المشهد السوري بشقيه السياسي والعسكري يقف على اعتاب تغييرات جذرية متسارعة منذ انهيار مفاوضات جنيف الثالثة،
والتقدم الكبير الذي حققته قوات الجيش العربي السوري في ميادين القتال، ومحاصرته لمحافظة حلب بغطاء جوي روسي، وليس ادل على هذه التغييرات، و”الانقلاب” بالاحرى، الاعلان الذي صدر عن الكرملين عصر اليوم، واكد ان الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز سيحط الرحال في العاصمة الروسية منتصف الشهر المقبل، ودون اي مقدمات.
زيارة العاهل السعودي كانت مقررة اواخر العام الماضي، ولكنها تأجلت حسب تحليلات وتقارير اخبارية احتجاجا على التدخل العسكري الروسي..
الاعلام الرسمي السعودي، وكتابه المقربون من النظام، شنوا طوال الاشهر القليلة الماضية حملات شرسة ضد روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، بسبب سياسته الداعمه للرئيس السوري، وايران وحلفائها في العراق وسورية ولبنان، الامر الذي اعطى انطباعا بان هذه الزيارة الملكية الى موسكو لن تتم، لان الزيارات التي قام بها الامير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد الى العاصمة الروسية اكثر من مرة، لم تنجح في تغيير موقف القيادة الروسية من دعم النظام السوري، رغم “المغريات” المادية الكثيرة التي طرحت اثناء المباحثات، ومن بينها شراء مفاعلات نووية، وصفقات اسلحة روسية واستثمارات تفوق قيمتها عشرين مليار دولار.
هناك خلافات رئيسية بين المضيف الروسي بوتين وضيفه السعودي الملك سلمان يمكن ايجازها في نقطتين رئيسيتين:
اولى: الحرب المستعرة في سورية، ودعم المملكة العربية السعوديةللمجموعات المسلحة وتزويدها بالمال والسلاح، وتوفير مقر لها في الرياض، واصرارها، وعبر تصريحات مسؤوليها، وخاصة عادل الجبير وزير الخارجية، بحتمية رحيل الرئيس بشار الاسد قبل بدء اي عملية سياسية، تطبيقا لقرار مجلس الامن الدولي رقم 2254، الامر الذي رفضته موسكو بشدة وما زالت.
الثانية: الصدام الحاد بين البلدين حول السياسات النفطية، وكيفية وقف الانهيار الحالي في اسعار النفط، فالمملكة العربية السعودية ضخت اكثر من مليوني برميل اضافي من النفط، واغرقت الاسواق لشلّ الاقتصادين الروسي والايراني، قبل ان تكتشف ان واشنطن حليفها التاريخي تتفاوض مع ايران سرا، وتنسق مع موسكو حول تغيير الاولويات في سورية، وبما يؤدي الى بقاء القيادة السورية، والتركيز على القضاء على “داعش”.
تحديد منتصف الشهر المقبل، اي بعد حوالي 35 يوما تقريبا من الآن لزيارة الملك السعودي لموسكو، ربما يكون مقصودا ولاعطاء القيادة السورية وحلفائها الروس الفترة الكافية للاجهاز على المجموعات المسلحة، او معظمها، مثلما تنبأ جون كيري وزير الخارجية الامريكي في صدامه مع احد النشطاء السوريين، واكمال احكام سيطرة الجانبين على محافظة حلب، واستعادة السيادة السورية الرسمية على الحدود مع تركيا، واغلاق المعابر، وبما يمنع وصول اي امدادات عسكرية الى المجموعات المسلحة، فالانباء الواردة من جبهات القتال في ريف حلب الشمالي، تؤكد ان قوات الجيش السوري باتت على بعد بضعة كيلومترات من هذه المعابر الحدودية مع تركيا.
ما نريد قوله ان العاهل السعودي قد يصل الى موسكو في وقت تملك القيادة الروسية وحليفها السوري اليد العليا في الملف السوري، وبما يؤدي الى مرحلة جديدة من التركيز على كيفية التنسيق بين البلدين في القضايا المشتركة، وابرزها التعايش مع الواقع الجديد في سورية، وبقاء الرئيس الاسد، والتركيز على كيفية مواجهة خطر “الدولة الاسلامية” التي تشكل خطرا استراتيجيا على الطرفين.
السفير الروسي في الرياض لمحّ الى هذه المسألة بوضوح في حديثه الذي ادلى به لوكالة “تاس″ الرسمية الروسية حول زيارة العاهل السعودي عندما قال “ان روسيا والسعودية تعملان معا بنشاط من اجل منع القوى الهدامة من هدفها الرامي الى اطلاق دوامة الصراع بين الحضارات، وهو الشيء الذي يسعى اليه تنظيم داعش والتنظيمات المشابهة الاخرى”.
وبشأن الملف السوري اوضح السفير “في اطار المشاورات المشتركة يبحث البلدان عن تفهم موحد لسبل حل القضايا الانسانية في سورية ووقف اطلاق النار وتحقيق الاهداف الاخرى ذات الاولوية في استعادة الاستقرار في سورية”.
كلام السفير الروسي ينطوي على قدر كبير من الدبلوماسية، ولكنه يسلط الاضواء على مرحلة جديدة في سورية تؤكد على تثبيت الوضع الراهن، اي بقاء النظام ورئيسه، والتعاطي مع الامور الاقل اهمية مثل وقف اطلاق النار والقضايا الانسانية، واستعادة الاستقرار في سورية، او هكذا نفهمه.
العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفه العائد للتو من زيارة لموسكو، ربما كان الاسرع التقاطا للتغييرات في المشهد السوري والنوايا السعودية المستقبلية للتعاطي بايجابية اكبر مع الوقائع الجديدة على الساحتين السياسية والعسكرية والميدانية، عندما اهدى الرئيس بوتين ما سماه “سيف النصر الدمشقي”، وهو سيف عربي فاخر، وقيل انه تمنى “ضمنيا” النصر لروسيا، ونسبت بعض المصادر الى الشيخ خالد بن حمد آل خليفة وزير خارجية البحرين قوله “ان الملك حمد بن عيسى يقدر دور روسيا في مساعدة سورية على الخروج من المحنة الصعبة، لان دورها، اي روسيا، مهم وعلى جميع دول العالم التعاون معها لتثبيت الامن والاستقرار في سورية”.
العاهل البحريني الحليف الاوثق للمملكة العربية السعودية، والذي تدخلت قوات الاخيرة عسكريا لحماية عرشه، في مواجهة حراك شعبي تزامنت مع انتفاضات “الربيع العربي”، ما كان يتخذ مثل هذه المواقف التي لم يصدر اي نفي رسمي لها حتى كتابة هذه السطور، دون ادراكه حدوث تغيير في الموقف السعودي تجاه الازمة السورية، والاقتراب بالتالي بشكل اكبر للموقف الروسي حول كيفية حلها.
زيارة العاهل السعودي لموسكو هي “رسالة غضب”، وليس “عتابا” فقط، للادارة الامريكية التي خذلت المملكة وحلفاءها الاتراك والقطريين، وتبنت وجهة النظر الروسية حول كيفية حل الازمة السورية، وكأن لسان حال العاهل السعودي يقول للامريكان ما قاله الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لهم بالامس لانهم رفضوا اعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي حركة “ارهابية” “لقد فقدنا الثقة بكم كحلفاء خلص، وسنذهب الى موسكو مباشرة دون الاستعانة ببوابتكم”.
ربما من السابق لاوانه التكهن بكل ما يمكن ان تسفر عنه زيارة العاهل السعودي من اتفاقات مع موسكو، ولكن ما يمكن قوله انها تعكس استعدادا للتعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية، بما في ذلك التنسيق المشترك، والتفاهم حول كيفية السيطرة على اسعار النفط، من خلال تخفيض الانتاج وانهاء التخمة في الاسواق العالمية، خاصة ان هناك انباء ترددت قبل ايام توحي بمثل هذه الخطوات بين الجانبين السعودي والروسي، هذا الى جانب الملف السوري طبعا.
الادارة الامريكية ربما تكون الخاسر الاكبر من هذه الزيارة الملكية، ولو على المدى القصير على الاقل، ومن غير المستبعد ان تهيىء، اي الزيارة، السلّم لخروج السعودية من حفرة اليمن العميقة التي وقعت فيها، ولم تتمكن من الخروج منها طوال الاشهر العشرة الماضية.
القيادة السعودية ربما ادركت ان السياسات التي تبنتها طوال العام الماضي اعطت نتائج عكسية تماما، ولا بد من مراجعتها، وزيارة الملك سلمان هي الخطوة الابرز في هذا الصدد، او هكذا نعتقد.. والايام بيننا.
المصدر :
رأي اليوم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة