دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعد أيام عدة من هدوء جبهات الجيش السوري في ريف حلب الشمالي، بدأت قوات الجيش إعادة تسخين الجبهات، تمهيداً لاستكمال العمليات العسكرية نحو الحدود التركية، على وقع تصعيد سياسي كبير تمثل السعودية رأس الحربة فيه،
الأمر الذي ردت عليه مصادر عسكرية سورية بأنها «لا تعطيه أي أهمية في الميدان»، مؤكدة في الوقت ذاته أن معادلة الريف الشمالي ستتغير بشكل كبير خلال الأيام المقبلة.
وأكد مصدر سوري كردي، لـ «السفير»، أن «وحدات حماية الشعب» الكردية عقدت تفاهماً ميدانياً يقضي بتقسيم جبهات القتال لتمهيد الأرض للمعارك مع تنظيم «داعش»، الذي تفصل كلًّا من قواتِ الجيش السوري والأكراد عنه عدةُ قرى، أبرزها مارع وتل رفعت، موضحاً أن «الوحدات تمكنت، تحت غطاء جوي روسي، من السيطرة على قرية منغ ومطارها العسكري ذائع الصيت بعد معارك عنيفة مع مسلحي جبهة النصرة وأحرار الشام»، مشيراً إلى أن «الوحدات» لن تتقدم إلى أبعد من منغ، وستنتظر تقدم قوات الجيش السوري نحو مارع وتل رفعت، والتي من المتوقع أن تشهد معارك عنيفة.
وينقسم ريف حلب الشمالي في الوقت الحالي إلى أربعة أجزاء، يسيطر تنظيم «داعش» على الجزء الشرقي منه وصولاً إلى تخوم مدينة مارع، وتسيطر الوحدات الكردية على عفرين ومحيطها، والجيش السوري على شريط يفصل الريف الشمالي عن أحياء المدينة، يمتد من أقصى شرق الشمال وصولا إلى بلدتي نبل والزهراء، والفصائل المسلحة بما فيها «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» تسيطر على مارع وتل رفعت وصولا إلى اعزاز.
وفي هذا السياق، قال مصدر ميداني إن قوات الجيش السوري توقفت، خلال اليومين الماضيين، عن متابعة التقدم البري لسببين، الأول هو إتمام الاتفاق الشفهي مع «الوحدات» حول خطوط العمل لعدم تضارب الجبهات، والآخر هو إفساح المجال للأصوات الأهلية المطالبة بإجراء مصالحات مقابل إخراج المسلحين ودفعهم نحو الحدود التركية، وتسليم المناطق من دون قتال.
على صعيد العمليات العسكرية، أوضح المصدر أن عيون الجيش السوري تتجه حالياً نحو تل رفعت وبعدها مارع، حيث تتمركز قوات الجيش السوري في الوقت الحالي في قرية كفين التي تبعد أقل من خمسة كيلومترات عن قرية تل رفعت، وتفصلها عنها قرية كفرنايا التي من المتوقع سقوطها خلال وقت قصير، في حين ستضيق الوحدات الكردية خناقها على مسلحي إعزاز بشكل تدريجي، الأمر الذي يعيد تقسيم الشمال إلى ثلاثة أقسام فقط، يمثل فيها الجيش السوري والوحدات الكردية طرفاً يواجه تنظيم «داعش» بعد إفراغ الساحة من الفصائل الأخرى على امتداد الريف الشمالي.
من جهتها، استقدمت «جبهة النصرة» تعزيزات جديدة إلى محاور القتال في الريف الشمالي، كذلك أرسلت «حركة أحرار الشام» مجموعات جديدة بهدف الحد من تقدم قوات الجيش السوري، وذلك بعد أن رضخت «الحركة» لقيادة «النصرة» بتوجيه تركي، وفق تأكيد مصدر سوري معارض. وبحسب المصدر، فقد وعدت تركيا بتقديم معونات عسكرية، وصفها بأنها «فعالة» لمواجهة تقدم الجيش السوري، وفي حال عدم تمكن هذه الفصائل من التصدي لتقدم الجيش و «الوحدات»، تنتظر «جبهة النصرة» الوعد السعودي بالتدخل البري الذي سيحمل شعار «محاربة داعش».
وفي حين لم يستبعد مصدر ميداني سوري أن تقحم السعودية نفسها بشكل فعلي في معارك الشمال، رأى أن خطوة الرياض ما هي إلا «زيادة في الغرق في المستنقع السوري»، موضحاً أن «القيادة العسكرية في أرض المعركة تتعامل مع هذا الأمر في الوقت الحالي على انه ضغط سياسي، وتركز بشكل كبير على إتمام العمليات التي بدأت في منطقة تعتبر ركيزة للفصائل التي تدعمها تركيا، ودول الخليج». وقال إن «السعودية موجودة بالفعل في الوقت الحالي في جبهات القتال، عن طريق الدعم الذي تقدمه لأذرعها في المنطقة، لذلك فإن فكرة التدخل العسكري لا تعتبر جديدة».
وأمام المعطيات الميدانية التي باتت واضحة في ريف حلب الشمالي، يرى المصدر الميداني أن الطريق، في الريف المفتوح على تركيا أصبح ممهداً، للقضاء على الفصائل المتمركزة ضمن شريط محاصر من ثلاث جهات، ومفتوح من جهته الرابعة على تركيا، وأصبحت سالكة لبدء معارك القضاء على فروع تنظيم «القاعدة» والتفرغ لتنظيم «داعش» المحاصر أصلاً في الشرق من جهتين، الوحدات الكردية القادمة من خلف نهر الفرات، وقوات الجيش السوري التي ستعمل على وصل الشمال بالشرق عن طريق تقدمها نحو معاقل التنظيم في مدينة الباب.
المصدر :
علاء حلبي / السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة