«سنبقى ثلاثة او أربعة أيام لا أكثر في جنيف». استراحة يمنحها كلام بسمة قضماني عضو مجموعة الرياض لوفدها، ونزهة سويسرية ريثما تنجلي مفاعيل الضغوط الاميركية على الهيئة التفاوضية، والتي دفعت بها الى جنيف، لكي تعود الى رهاناتها التي لم تسقط على الحل العسكري، او تصوراتها التي لم تتبدد عن مفاوضات سريعة تفضي الى عودتها من جنيف الى دمشق لاستلام السلطة.

 مجموعة الرياض، وإمعانا في رفضها مجرد الخوض في المفاوضات غير المباشرة، رفضت حتى إسباغ الصفة الرسمية على اللقاء مع ستيفان دي ميستورا، كي لا يقال إنّها باشرت المفاوضات، ولم تمنح الوسيط الدولي فرصة القول إنه أقلع بالمحادثات.

وأكثر جدية، فالنبرة العالية التي كررها المتحدث باسم الوفد سالم المسلط، في اول مؤتمر صحافي يعقده في «جنيف ٣»، وقبل التئامه، تشبه الى حد كبير الساعات الاخيرة لـ «جنيف ٢»، وهو يحتضر في قلب السجال على ترتيب الاولويات التي فجرت المؤتمر، وأطالت الحرب عامين: مكافحة الارهاب او الحكومة الانتقالية.

ويبدو ان هذا اللغم الذي زرع في نهاية «جنيف ٢» وانفجر، قد زرع هذه المرة في الطريق التمهيدية الى «جنيف ٣» وحتى قبل ان يرى النور، اذ لم يفعل نزول وفد الرياض في جنيف، سوى نقل الخلافات والشروط التي كانت حبيسة اجتماعات الرياض تحت انظار الاوصياء الاقليميين الى فنادق جنيف، وامام حشد الكاميرات ووسائل الإعلام التي تنتظر الانتقال الى ضفة بحيرة ليمان، في حديقة قصر الامم المتحدة... لكن تصريحات القادمين من الرياض لا توحي بكثير من الامل.

رئيس الهيئة التفاوضية رياض حجاب قال إنه «نظراً لانتهاك النظام السوري وحلفائه ، فإن تواجد وفد الهيئة العليا للتفاوض لن يكون له ما يبرره وقد ينسحب»، وهو لم يبدأ مجرد الحديث الى الطرف الآخر، ولن يكون الانسحاب الا من الفندق الذي ينزل فيه ٣٣ عضواً، من المجموعة، ينضم اليهم اليوم رئيس المجلس السياسي لـ «جيش الاسلام» محمد مصطفى علوش.

وفتح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير هامشاً اكبر للراغبين بالعودة بسرعة الى الرياض، بالقول إنّ السعودية تدعم المعارضة، سواء ذهبت الى المفاوضات ام لم تذهب.

ويبدو ان العنصر الذي يلم شمل هذه المجموعة هو محاولة انتزاع تنازلات من الحكومة السورية عبر الامم المتحدة، من دون المرور في قاعة المفاوضات، واعتبار مسائل وقف اطلاق النار، او رفع الحصار عن المدن، او اطلاق المعتقلين، هي مقدمات لبناء الثقة، وليست جزءاً من العملية التفاوضية، فيما تتبدد الفرصة الجديدة، لإطلاق مسار تفاوضي، في السجال مجدداً حول الشروط المسبقة، التي تحاول مجموعة الرياض أن تفرضها من دون دفع ثمن سياسي .

وتقول الحكومة السورية، على لسان رئيس وفدها بشار الجعفري في جنيف، إنها تطالب هي ايضاً، برفع الحصار عن سوريا بأكملها، وهو حصار العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية والولايات المتحدة بشكل غير شرعي، والذي يؤدي الى هجرة الآلاف من السوريين بحثاً عن فرص عمل وحياة أسهل. وقال الجعفري إن «الحكومة السورية لا تتعاطى مع هذه المسألة بمنطق المقايضة، فكل المخطوفين والمفقودين ابناء سوريا، ولكن ينبغي طرح السؤال عن مصير ٧٥٠٠ مفقود خطفهم المسلحون من عدرا العمالية، واكثر من 400 إمرأة وطفل خطفوا قبل عامين ونصف من ارياف اللاذقية ونقلوا الى سلمى، وغيرهم».

ونفت بسمة قضماني أن يكون جانبها مستعدا للتفاوض، وقالت إن «الوفد جاء إلى جنيف بعدما تلقى ضمانات والتزامات»، وإن «لديه التزامات محددة بأن يتحقق تقدم جدي بشأن الوضع الإنساني».

وباستثناء الاميركيين، لا توجد جهة يمكنها ان تقدم لوفد الرياض ما تتحدث عنه من التزامات او ضمانات، اذ ليس بوسع الامم المتحدة ان تقدم أي ضمانات، كما ان وسيطها ستيفان دي ميستورا، لم يفعل سوى ارسال الدعوات، التي تتضمن أفكاراً تمهيدية تلخص القرار ٢٢٥٤، وتشكل أرضية لائحة المحادثات، التي لم يجرؤ احد على تسميتها بالمفاوضات توخياً للحذر وتخفيفاً لفشل... معلن.

وفي الساعات المقبلة يعكف فريق «الإنقاذ» الأميركي ــ الروسي على ضبط عقارب ساعة المحادثات السورية في سويسرا. آن باترسون، مساعدة وزير الخارجية الاميركي، وغينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، سيحاولان، اليوم وغداً، التذكير بمبادئ التفاهم الذي قام عليه «جنيف ٣»، ومحاولة توضيح الاطر التي سيعمل من خلالها.

وينبغي ان يجد الدبلوماسيان جواباً لحيرة رئيس الوفد السوري بشار الجعفري عمن سيفاوضه في جنيف، عندما قال ان «الموعد الرسمي الاول في الخامس والعشرين من كانون الثاني قد مضى عليه اكثر من اسبوع من دون ان تتحدد اسماء المفاوضين ... ونحن ما زلنا ننتظر».

 ويحمل غاتيلوف دعوة الى تثبيت وفد العلمانيين الديموقراطيين الذي تدعمه موسكو كوفد أصيل، وإنهاء الغموض الذي يمارسه ستيفان دي ميستورا في التعامل مع هذا الوفد، والذي يتجنب دعوته رسميا للقائه، وينأى عن استقباله حتى الآن، لكي يطمئن مجموعة الرياض انها لا تزال الوحيدة المقترحة للمفاوضات. ولكن من دون حسم قضية التمثيل الكردي لـ «حزب الاتحاد الديموقراطي» في عداد هذا الوفد، او ضوء اخضر روسي ــ اميركي مشترك، لن يستطيع الوسيط الدولي القيام باي خطوة عملية تفضي الى تكريسه نداً لمجموعة الرياض، ومساوياً له في الحقوق.

وتقول مصادر في المعارضة ان الروس سيعيدون تأكيد دعمهم لوفد العلمانيين الديموقراطيين.

اما مسألة التمثيل الكردي لـ «حزب الاتحاد الديموقراطي»، فتقول مصادر سورية ان الاتراك عرضوا في الايام الاخيرة مقايضة تقوم على استبعاد «حزب الاتحاد الديموقراطي» من اي مفاوضات لقاء القبول بأجندة فيينا كاملة، من الحكومة الموسعة الى الانتخابات التي يشارك فيها الرئيس بشار الاسد، فيما تقول مصادر كردية في جنيف ان عودة «حزب الاتحاد الديموقراطي» الى قاعة المفاوضات لن تتم خلال هذه الجولة، وان الاميركيين والروس وعدوا ببحث هذه القضية، وحسمها لمصلحتهم في مؤتمر مجموعة دعم سوريا في الحادي عشر من شباط المقبل وفقا" لصحيفة السفير اللبنانية.

  • فريق ماسة
  • 2016-01-31
  • 13723
  • من الأرشيف

«معارضة الرياض» تلغّم «جنيف السوري».. بالشروط المسبقة!...بقلم محمد بلوط

«سنبقى ثلاثة او أربعة أيام لا أكثر في جنيف». استراحة يمنحها كلام بسمة قضماني عضو مجموعة الرياض لوفدها، ونزهة سويسرية ريثما تنجلي مفاعيل الضغوط الاميركية على الهيئة التفاوضية، والتي دفعت بها الى جنيف، لكي تعود الى رهاناتها التي لم تسقط على الحل العسكري، او تصوراتها التي لم تتبدد عن مفاوضات سريعة تفضي الى عودتها من جنيف الى دمشق لاستلام السلطة.  مجموعة الرياض، وإمعانا في رفضها مجرد الخوض في المفاوضات غير المباشرة، رفضت حتى إسباغ الصفة الرسمية على اللقاء مع ستيفان دي ميستورا، كي لا يقال إنّها باشرت المفاوضات، ولم تمنح الوسيط الدولي فرصة القول إنه أقلع بالمحادثات. وأكثر جدية، فالنبرة العالية التي كررها المتحدث باسم الوفد سالم المسلط، في اول مؤتمر صحافي يعقده في «جنيف ٣»، وقبل التئامه، تشبه الى حد كبير الساعات الاخيرة لـ «جنيف ٢»، وهو يحتضر في قلب السجال على ترتيب الاولويات التي فجرت المؤتمر، وأطالت الحرب عامين: مكافحة الارهاب او الحكومة الانتقالية. ويبدو ان هذا اللغم الذي زرع في نهاية «جنيف ٢» وانفجر، قد زرع هذه المرة في الطريق التمهيدية الى «جنيف ٣» وحتى قبل ان يرى النور، اذ لم يفعل نزول وفد الرياض في جنيف، سوى نقل الخلافات والشروط التي كانت حبيسة اجتماعات الرياض تحت انظار الاوصياء الاقليميين الى فنادق جنيف، وامام حشد الكاميرات ووسائل الإعلام التي تنتظر الانتقال الى ضفة بحيرة ليمان، في حديقة قصر الامم المتحدة... لكن تصريحات القادمين من الرياض لا توحي بكثير من الامل. رئيس الهيئة التفاوضية رياض حجاب قال إنه «نظراً لانتهاك النظام السوري وحلفائه ، فإن تواجد وفد الهيئة العليا للتفاوض لن يكون له ما يبرره وقد ينسحب»، وهو لم يبدأ مجرد الحديث الى الطرف الآخر، ولن يكون الانسحاب الا من الفندق الذي ينزل فيه ٣٣ عضواً، من المجموعة، ينضم اليهم اليوم رئيس المجلس السياسي لـ «جيش الاسلام» محمد مصطفى علوش. وفتح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير هامشاً اكبر للراغبين بالعودة بسرعة الى الرياض، بالقول إنّ السعودية تدعم المعارضة، سواء ذهبت الى المفاوضات ام لم تذهب. ويبدو ان العنصر الذي يلم شمل هذه المجموعة هو محاولة انتزاع تنازلات من الحكومة السورية عبر الامم المتحدة، من دون المرور في قاعة المفاوضات، واعتبار مسائل وقف اطلاق النار، او رفع الحصار عن المدن، او اطلاق المعتقلين، هي مقدمات لبناء الثقة، وليست جزءاً من العملية التفاوضية، فيما تتبدد الفرصة الجديدة، لإطلاق مسار تفاوضي، في السجال مجدداً حول الشروط المسبقة، التي تحاول مجموعة الرياض أن تفرضها من دون دفع ثمن سياسي . وتقول الحكومة السورية، على لسان رئيس وفدها بشار الجعفري في جنيف، إنها تطالب هي ايضاً، برفع الحصار عن سوريا بأكملها، وهو حصار العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية والولايات المتحدة بشكل غير شرعي، والذي يؤدي الى هجرة الآلاف من السوريين بحثاً عن فرص عمل وحياة أسهل. وقال الجعفري إن «الحكومة السورية لا تتعاطى مع هذه المسألة بمنطق المقايضة، فكل المخطوفين والمفقودين ابناء سوريا، ولكن ينبغي طرح السؤال عن مصير ٧٥٠٠ مفقود خطفهم المسلحون من عدرا العمالية، واكثر من 400 إمرأة وطفل خطفوا قبل عامين ونصف من ارياف اللاذقية ونقلوا الى سلمى، وغيرهم». ونفت بسمة قضماني أن يكون جانبها مستعدا للتفاوض، وقالت إن «الوفد جاء إلى جنيف بعدما تلقى ضمانات والتزامات»، وإن «لديه التزامات محددة بأن يتحقق تقدم جدي بشأن الوضع الإنساني». وباستثناء الاميركيين، لا توجد جهة يمكنها ان تقدم لوفد الرياض ما تتحدث عنه من التزامات او ضمانات، اذ ليس بوسع الامم المتحدة ان تقدم أي ضمانات، كما ان وسيطها ستيفان دي ميستورا، لم يفعل سوى ارسال الدعوات، التي تتضمن أفكاراً تمهيدية تلخص القرار ٢٢٥٤، وتشكل أرضية لائحة المحادثات، التي لم يجرؤ احد على تسميتها بالمفاوضات توخياً للحذر وتخفيفاً لفشل... معلن. وفي الساعات المقبلة يعكف فريق «الإنقاذ» الأميركي ــ الروسي على ضبط عقارب ساعة المحادثات السورية في سويسرا. آن باترسون، مساعدة وزير الخارجية الاميركي، وغينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، سيحاولان، اليوم وغداً، التذكير بمبادئ التفاهم الذي قام عليه «جنيف ٣»، ومحاولة توضيح الاطر التي سيعمل من خلالها. وينبغي ان يجد الدبلوماسيان جواباً لحيرة رئيس الوفد السوري بشار الجعفري عمن سيفاوضه في جنيف، عندما قال ان «الموعد الرسمي الاول في الخامس والعشرين من كانون الثاني قد مضى عليه اكثر من اسبوع من دون ان تتحدد اسماء المفاوضين ... ونحن ما زلنا ننتظر».  ويحمل غاتيلوف دعوة الى تثبيت وفد العلمانيين الديموقراطيين الذي تدعمه موسكو كوفد أصيل، وإنهاء الغموض الذي يمارسه ستيفان دي ميستورا في التعامل مع هذا الوفد، والذي يتجنب دعوته رسميا للقائه، وينأى عن استقباله حتى الآن، لكي يطمئن مجموعة الرياض انها لا تزال الوحيدة المقترحة للمفاوضات. ولكن من دون حسم قضية التمثيل الكردي لـ «حزب الاتحاد الديموقراطي» في عداد هذا الوفد، او ضوء اخضر روسي ــ اميركي مشترك، لن يستطيع الوسيط الدولي القيام باي خطوة عملية تفضي الى تكريسه نداً لمجموعة الرياض، ومساوياً له في الحقوق. وتقول مصادر في المعارضة ان الروس سيعيدون تأكيد دعمهم لوفد العلمانيين الديموقراطيين. اما مسألة التمثيل الكردي لـ «حزب الاتحاد الديموقراطي»، فتقول مصادر سورية ان الاتراك عرضوا في الايام الاخيرة مقايضة تقوم على استبعاد «حزب الاتحاد الديموقراطي» من اي مفاوضات لقاء القبول بأجندة فيينا كاملة، من الحكومة الموسعة الى الانتخابات التي يشارك فيها الرئيس بشار الاسد، فيما تقول مصادر كردية في جنيف ان عودة «حزب الاتحاد الديموقراطي» الى قاعة المفاوضات لن تتم خلال هذه الجولة، وان الاميركيين والروس وعدوا ببحث هذه القضية، وحسمها لمصلحتهم في مؤتمر مجموعة دعم سوريا في الحادي عشر من شباط المقبل وفقا" لصحيفة السفير اللبنانية.

المصدر : الماسة السورية/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة