دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أكثر فأكثر، اتضح أن الحرب على سوريا هي حرب عالمية بوجه جديد وأن نتائجها ستكون فاعلة على مستوى العالم كله وستشكل قفزة كبرى نحو قيام عالم جديد أكثر عدلاً.
أكبر دليل على ذلك أن معسكر الهيمنة لم يعد الجهة الوحيدة التي تقرر مصير العالم في ظل انقسام العالم إلى معسكرين كبيرين :
معسكر المقاومة والتحرر المكون، مع اختلاف في درجة الالتزام، من إيران وسوريا والعراق وروسيا والصين وبلدان البريكس، إضافة إلى قوى وحركات عديدة في طليعتها حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن.
ومعسكر الهيمنة الذي يضم اليد الخفية المحركة لقوى وكيانات كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصهيونية العالمية وتجسدها المتمثل بمؤسسات كالكيان الصهيوني، والأدوات الإقليمية كالسعودية وتركيا والجماعات الإرهابية والتكفيرية على اختلاف تسمياتها.
تصعيد وردع
وتأخذ المواجهة بين المعسكرين أشكالاً مختلفة بحسب طبيعتها السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية-العسكرية. وقد شهد العام 2015 تصعيداً واضحاً من قبل معسكر الهيمنة، لكنه قوبل بمواقف دفاعية رادعة من قبل محور المقاومة والتحرر.
أما النقاط الأكثر بروزاً في عملية التصعيد تلك فتتمثل بوقائع يمكن استعراضها على الشكل التالي :
نفذت داعش عملية تفجير الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء، في حين وجهت تركيا طعنة في الظهر إلى روسيا عبر إسقاط طائرة السو 24. كما فازت قوى اليمين في الانتخابات التشريعية الفنزويلية، وحقق حزب اردوغان فوزاً مشابهاً في تركيا. وبالرغم من عدم انتماء مصر الرسمية، ومعها السودان الرسمي، إلى معسكر المقاومة والتحرر، فقد وجه معسكر الهيمنة ضربة استباقية قاسية إلى إمكانية عودة مصر إلى موقعها التحرري الطليعي، وذلك مع بدء إثيوبيا بتحويل مياه النيل نحو سد النهضة. والمعروف أن التوجه الإثيوبي نحو وضع اليد على القسم الأكبر من الثروة المائية التي يشكلها نهر النيل إنما يتم بدعم وتشجيع من قبل الدوائر الاستعمارية، ومنها الصهيونية، وأيضاً من قبل بلدان الخليج التي تمتلك استثمارات ضخمة في الأنشطة الزراعية الإثيوبية.
وإذا كان معسكر الهيمنة قد اعتمد، حتى الآن، استراتيجية الحرب غير المباشرة عبر استخدام الجماعات الإرهابية في سعيه لتحقيق أهدافه، فإن المملكة السعودية، ومعها مشيخات الخليج، أضافت إلى عنجهيتها العسكرية في البحرين عنجهية وصلفاً أبعد مدى بكثير عندما شكلت، بالتوافق مع أميركا والكيان الصهيوني، حلفها العربي وشنت حربها الواسعة النطاق على اليمن.
وتأتي العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا وبلداناً أوروبية أخرى، إضافة إلى الولايات المتحدة، لتدخل في إطار الهجمة التي يشنها معسكر الهيمنة على شعوبه بالذات. أما الأهداف فتتمثل بتجييش تلك الشعوب لكسب تأييدها لحروب العدوان الممكنة ولتحريضها على الأجانب (المهاجرين واللاجئين العرب والمسلمين).
أما العمليات التي نفذها الإرهابيون في تونس وكينيا ومالي، فهي على غرار الانشطة التي تمارس ضد الشعوب في سوريا والعراق ولبنان وليبيا ومصر وباكستان وأفغانستان. وكذلك في نيجيريا حيث تعرضت الحركة الإسلامية لعملية قمع دموي ذهب ضحيتها مئات الشهداء والجرحى.
الإرهاب يتقهقر
وفي الوقت الذي تذهب فيه المؤشرات باتجاه دخول الإرهاب في حالة تقهقر في سوريا والعراق، نسمع كلاماً عن توجهات نحو إعلان إمارات "جهادية" في الفيليبين وإندونيسيا في الشرق الأقصى.
وبالطبع، يشكل اغتيال المجاهد سمير القنطار مظهراً من مظاهر الهجمة وكذلك من مظاهر إرهاب الكيان الصهيوني الخائف من تنامي حركة المقاومة للاحتلال الإسرائيلي للجولان والتي كان الشهيد القنطار قد قطع شوطاً لا بأس به على مستوى تأسيسها وقيادة أنشطتها.
ومع اغتيال القنطار، بات على الكيان الصهيوني أن يعيش حالة من القلق المتعدد الوجوه إزاء الرد الذي سيصدر لا محالة عن حزب الله، والتصاعد اليومي في حركة الانتفاضة الحالية، وإمكانية عودة الصراع العربي-الإسرائيلي إلى الواجهة مع تباشير انهيار الجماعات الإرهابية والتكفيرية.
والأكيد أن خطر الانهيار بات يشكل تهديداً جدياً للسعودية ومشيخات النفط، حيث ارتد عليها كسر أسعار النفط في العام الماضي بخسائر فادحة تضاف إلى خسائرها في حربها الظالمة على اليمن. وبالطبع، فإن الحلف الإسلامي الذي أعلنت عنه السعودية مؤخراً هو تعبير إضافي عن إحساس آل سعود العميق بقرب النهاية.
لكن العام 2015 شهد حدثين في منتهى الأهمية لما يحملانه من دلالات على القوة التي بات يتمتع بها معسكر المقاومة في المنطقة والعالم، وبالتالي على اقتراب عالم اليوم من امتلاك القدرة على التخلص من نير الهيمنة.
الحدث الأول هو انتصار إيران في معركة ملفها النووي السلمي رغم كل أشكال الضغط التي مورست ضدها خلال السنوات والعقود المنصرمة، وما يفتحه هذا الانتصار من آفاق واعدة بالمزيد من الازدهار للجمهورية الإسلامية، وبالمزيد من القدرة على مد يد المساعدة إلى حركات التحرر في المنطقة والعالم.
الحدث الثاني هو دخول روسيا المباشر على خط الحرب في سوريا، والذي يتجاوز بقيمته مجرد تغيير موازين القوى على الأرض لغير صالح الإرهاب والقوى الداعمة له، إلى التدليل على إن روسيا وحلفاءها يمتلكون القدرة على ما يكفي من التحدي الضروري لإقناع معسكر الهيمنة بأن زمن الهيمنة قد ولى إلى غير رجعة.
المصدر :
الماسة السورية/عقيل الشيخ حسين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة