بدأ التناقض الرسمي السعودي تجاه «حركة أحرار الشام الإسلامية» منذ عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، عندما صنّف كلاًّ من جماعة «الإخوان المسلمين» و «جبهة النصرة» كتنظيمات إرهابية، مستثنياً «أحرار الشام» من هذا التصنيف الذي صدرت به أوامر ملكية مطلع العام 2013.

ورغم أن هذا التصنيف بقي مجرد حبر على ورق، إلا أن المفارقة ظلت فاقعة، لدرجة أنه لا يمكن تجاهلها، فكيف يمكن تفسير أن يجري تصنيف الحدّين الأعلى والأدنى بين التنظيمات ضمن الإرهاب، ويستثنى ما يُعَدّ وسطاً بينهما؟

لكن ما ساعد على تغييب هذه المفارقة الفاقعة، أن السلطات السعودية نفسها سرعان ما أفرغت الأوامر الملكية من مضمونها، ووضعت جملة من الاستثناءات على تنفيذها جعلت من وجودها وعدمها سواء. وأهم هذه الاستثناءات إخراج جماعة «إخوان سوريا» من تصنيف الإرهاب بموجب تصريح إعلامي مجهول المصدر، لكنه كان كافياً لتعديل الأمر الملكي. وبناء عليه ما زال كبار شيوخ «الجماعة» وقادتها يقيمون في كنف المملكة التي دعمت ما يسمّونه «الانقلاب» على حكم جماعتهم في مصر.

ولم يقتصر الاستثناء على «الإخوان» فحسب، بل شمل بعد ذلك «جبهة النصرة» متمثلاً بقبول الرياض دعم «جيش الفتح في إدلب» وتسليحه، رغم أن «النصرة» (فرع «القاعدة» في الشام)، والمصنفة إرهابية بحسب قوائمها، هي الركن الأساسي فيه إلى جانب «جند الأقصى» و «أحرار الشام» و «فيلق الشام» الإخواني. ما يعني عملياً أن الأوامر الملكية الصادرة بتصنيف الجماعات فقدت أي قيمة عملية لها، بغض النظر بعد ذلك عن تفسير الأمر هل يأتي في سياق استكمال الملك سلمان بن عبد العزيز انقلابه على سياسات شقيقه الراحل، أم أن الأوامر الملكية ذاتها كانت منذ البداية غير جدية وكانت الغاية منها إعلامية بحتة؟

تجريم القتال في الخارج .. ودعم «الأحرار»

ولم تكتفِ المملكة بالدعم العسكري الذي تقدّمه لحركة «أحرار الشام» في إطار «جيش الفتح»، بل عمدت مؤخراً إلى تأمين غطاء سياسي لها، عبر إصرارها على أن تكون ممثلة في مؤتمر المعارضة المزمع عقده في السعودية خلال الأسبوعين المقبلين. كما أنها استبقت الجهود التي يبذلها الأردن بهدف تصنيف الفصائل في سوريا بناء على تكليف من اجتماع فيينا، وأعلنت رفضها ضمّ «أحرار الشام» إلى قائمة الإرهاب.

وقد يبرر البعض هذه المظلّة السياسية التي وضعتها السعودية فوق «أحرار الشام» بأنها نوع من البراغماتية، أو من قبيل تقاطع المصالح، أو الاستقواء ضد النظام السوري، أو غيرها من التفسيرات التي يمكن أن تبرّر خيار الرياض باحتضان الحركة سياسياً. ولكن ما لا شك فيه أن هذا الخيار يطرح العديد من التساؤلات والتحديات على السلطات السعودية، والتي تتدرّج من تحديات قانونية إلى تحديات أمنية، وبينهما تحديات دينية وقضائية واجتماعية وإعلامية.

فعلى الرغم من أن الأوامر الملكية أُفرغت من مضمونها، إلا أن شقّاً أساسياً من هذه الأوامر ما زال يشكل مركز اهتمام خاص لدى السلطات السعودية، خصوصاً بعد تعرّضها لبعض العمليات الانتحارية مؤخراً. وهذا الشق هو المتعلق بما تتضمنه الأوامر الملكية من «تجريم القتال في الخارج» ووضع عقوبات قاسية على كل مَن يفعل ذلك. وهناك جدية سعودية في تطبيق هذا الشق، وعدم التساهل فيه، فهي تعتقل وتحاكم وتسجن كل مَن يعود إليها إذا ثبت أنه كان يقاتل في الخارج، سواء في سوريا أو غيرها.

ولكن لماذا تجريم القتال في الخارج والتشديد على مرتكبيه في حال عودتهم؟ هل الغاية منه لدى السلطات السعودية هو حماية أمنها واستقرارها وردع مواطنيها من الوقوع ضحايا تأثير الجماعات المتطرفة، أم غايته هو حماية العائلة الحاكمة وضمان عدم تعرض حكمها لأي تحديات من قبل هذه الجماعات؟

إذا كانت الغاية الأولى هي المقصودة، فهذا يعني أن على السعودية ألا تكتفي بمعاقبة العائدين إليها من جبهات القتال في الخارج وحسب، بل عليها أن تتخذ إجراءات قاسية ضد الجماعات التي تستقطب أبناءها، وتزجّ بهم في لهيب قتال لا ناقة لهم فيه ولا جمل. وهنا تجد المملكة نفسها وجهاً لوجه أمام السياسة التي تتّبعها مع «أحرار الشام الإسلامية». فهذه الحركة التي تحظى بدعم مادي وغطاء سياسي سعودي، تضمّ بين قادتها وعناصرها المئات من حَمَلة الجنسية السعودية، وهي تمارس نشاطاً داخل المملكة نفسها لاستقطاب الشبان السعوديين وتجنيدهم للقتال في سوريا، مُسخّرةً لهذه الغاية عدداً من رجال الدين المعروفين وشبكة واسعة من الخلايا المنتشرة في أنحاء مختلفة من البلاد، والتي تعمل بين السر والعلن لتأمين المقاتلين أو المتبرّعين بالأموال من أبناء المملكة.

القضاء والإعلام السعوديان يحاربان «الأحرار»!

هذه المعلومات ليست أسراراً تُكشَف للمرة الأولى، بل هي بعض ما تحتويه ملفات القضاء والإعلام في السعودية نفسها. ففي آذار الماضي، على سبيل المثال، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصّصة بالعاصمة الرياض قراراً بسجن مواطن سعودي «لإدانته بتحريض زملائه على الانضمام إلى كتيبة أحرار الشام، التي تتّخذ من سوريا مكاناً لها، والتواصل معهم بعد انضمامهم هناك». وأشار القرار إلى أن المتّهم أُدين «لاعتناقه منهج الخوارج في الجهاد من دون إذن من ولي الأمر». وينبغي التركيز على مصطلح «الخوارج» لأنه أحد التهم الموجهة إلى تنظيم «داعش». كما كشفت التحقيقات مع المُدَان عن وجود شبكة واسعة ممتدة بين السعودية وتركيا لتجنيد السعوديين وإرسالهم للقتال لمصلحة «أحرار الشام».

وفي السياق ذاته، كشف سعودي يدعى «مسفر»، وهو أحد العائدين من سوريا، خلال مقابلة تلفزيونية بُثَّت في نيسان من العام الماضي، عن وجود مخاطر حقيقية تحيق بالسعوديين الذين يقاتلون في صفوف «أحرار الشام». وأهم هذه المخاطر أن الراغبين بالعودة يتعرّضون للتعذيب والقتل في حال انكشاف أمرهم من قبل الحركة، بالإضافة إلى ما كشفه «مسفر» وشاهده بنفسه، حسب قوله، من أن «عناصر من الحركة كانوا يأخذون غنائم، ومنها خمور ويشربونها».

وجدير بالإشارة إلى أن هذه المقابلة أحدثت جدلاً واسعاً داخل السعودية، شارك فيها بعض كبار رجال الدين، أمثال الشيخ محمد العريفي الذي حاول التشكيك في حقيقة الشخص والقصة نظراً لما تشكل تفاصيلها من فضح لمقاتلي «أحرار الشام».

هذه الوقائع تطرح تساؤلات حول الدعم العسكري والسياسي السعودي لجماعة يصفها القضاء السعودي بـ «الخوارج» ويروّج الإعلام لـ «فسقها» وعدم التزام أفرادها بأوامر الشرع الإسلامي. فكيف يمكن تفسير ذلك؟ وهل يُعقل أن السلطات السعودية تقوم بدعم «الخوارج» وتقدم لهم المال والسلاح ثم الغطاء السياسي والشرعي الإقليمي؟

وكيف تدعم المملكة تنظيماً أو فصيلاً يقاتل في بلد آخر، ثم تعاقب مواطنيها الذين ينضمون إليه؟ وكيف تعاقب مواطنيها في حال عودتهم إليها، أو انكشاف أمرهم، ثم تستضيف قادة التنظيم والفصيل على أراضيها، وتتيح لهم إقامة شعائر الحج أو العمرة كما فعل «الأمير» السابق لـ «أحرار الشام» أبو هاشم جابر في موسم الحج الماضي، أو توجه لهم دعوات للمشاركة في مؤتمرات واجتماعات سياسية؟ أليس هذا تناقضاً فادحاً؟!

ولنفترض أن هناك مصلحة سعودية تقتضي اتخاذ مثل هذا الموقف السياسي من بعض الجماعات، فهل يعني ذلك أن تسكت عما يُرتكب فوق أراضيها، ويعتبره قضاؤها انتهاكاً للقوانين ومخالفة «لأوامر ولي الأمر»؟ فهل سألت السعوديةُ أبا هاشم عن نشاط حركته فوق أراضيها، وطلبت منه الامتناع عن ذلك، لأن جميع المؤشرات تدل على أن هذا النشاط مستمر وبرعاية مباشرة من بعض رجال الدين المقربين من العائلة الحاكمة نفسها؟ وما هي الرسالة التي يفهمها المواطن السعودي في ظل هذه التناقضات، وهل يُلام على فهمه طالما أن رب البيت هو الذي يضرب بالطبل؟

  • فريق ماسة
  • 2015-12-03
  • 10139
  • من الأرشيف

انفصام سعودي حول «أحرار الشام»: القضاء يحاكم.. الإعلام يحارب.. والسياسة تدعم!

بدأ التناقض الرسمي السعودي تجاه «حركة أحرار الشام الإسلامية» منذ عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، عندما صنّف كلاًّ من جماعة «الإخوان المسلمين» و «جبهة النصرة» كتنظيمات إرهابية، مستثنياً «أحرار الشام» من هذا التصنيف الذي صدرت به أوامر ملكية مطلع العام 2013. ورغم أن هذا التصنيف بقي مجرد حبر على ورق، إلا أن المفارقة ظلت فاقعة، لدرجة أنه لا يمكن تجاهلها، فكيف يمكن تفسير أن يجري تصنيف الحدّين الأعلى والأدنى بين التنظيمات ضمن الإرهاب، ويستثنى ما يُعَدّ وسطاً بينهما؟ لكن ما ساعد على تغييب هذه المفارقة الفاقعة، أن السلطات السعودية نفسها سرعان ما أفرغت الأوامر الملكية من مضمونها، ووضعت جملة من الاستثناءات على تنفيذها جعلت من وجودها وعدمها سواء. وأهم هذه الاستثناءات إخراج جماعة «إخوان سوريا» من تصنيف الإرهاب بموجب تصريح إعلامي مجهول المصدر، لكنه كان كافياً لتعديل الأمر الملكي. وبناء عليه ما زال كبار شيوخ «الجماعة» وقادتها يقيمون في كنف المملكة التي دعمت ما يسمّونه «الانقلاب» على حكم جماعتهم في مصر. ولم يقتصر الاستثناء على «الإخوان» فحسب، بل شمل بعد ذلك «جبهة النصرة» متمثلاً بقبول الرياض دعم «جيش الفتح في إدلب» وتسليحه، رغم أن «النصرة» (فرع «القاعدة» في الشام)، والمصنفة إرهابية بحسب قوائمها، هي الركن الأساسي فيه إلى جانب «جند الأقصى» و «أحرار الشام» و «فيلق الشام» الإخواني. ما يعني عملياً أن الأوامر الملكية الصادرة بتصنيف الجماعات فقدت أي قيمة عملية لها، بغض النظر بعد ذلك عن تفسير الأمر هل يأتي في سياق استكمال الملك سلمان بن عبد العزيز انقلابه على سياسات شقيقه الراحل، أم أن الأوامر الملكية ذاتها كانت منذ البداية غير جدية وكانت الغاية منها إعلامية بحتة؟ تجريم القتال في الخارج .. ودعم «الأحرار» ولم تكتفِ المملكة بالدعم العسكري الذي تقدّمه لحركة «أحرار الشام» في إطار «جيش الفتح»، بل عمدت مؤخراً إلى تأمين غطاء سياسي لها، عبر إصرارها على أن تكون ممثلة في مؤتمر المعارضة المزمع عقده في السعودية خلال الأسبوعين المقبلين. كما أنها استبقت الجهود التي يبذلها الأردن بهدف تصنيف الفصائل في سوريا بناء على تكليف من اجتماع فيينا، وأعلنت رفضها ضمّ «أحرار الشام» إلى قائمة الإرهاب. وقد يبرر البعض هذه المظلّة السياسية التي وضعتها السعودية فوق «أحرار الشام» بأنها نوع من البراغماتية، أو من قبيل تقاطع المصالح، أو الاستقواء ضد النظام السوري، أو غيرها من التفسيرات التي يمكن أن تبرّر خيار الرياض باحتضان الحركة سياسياً. ولكن ما لا شك فيه أن هذا الخيار يطرح العديد من التساؤلات والتحديات على السلطات السعودية، والتي تتدرّج من تحديات قانونية إلى تحديات أمنية، وبينهما تحديات دينية وقضائية واجتماعية وإعلامية. فعلى الرغم من أن الأوامر الملكية أُفرغت من مضمونها، إلا أن شقّاً أساسياً من هذه الأوامر ما زال يشكل مركز اهتمام خاص لدى السلطات السعودية، خصوصاً بعد تعرّضها لبعض العمليات الانتحارية مؤخراً. وهذا الشق هو المتعلق بما تتضمنه الأوامر الملكية من «تجريم القتال في الخارج» ووضع عقوبات قاسية على كل مَن يفعل ذلك. وهناك جدية سعودية في تطبيق هذا الشق، وعدم التساهل فيه، فهي تعتقل وتحاكم وتسجن كل مَن يعود إليها إذا ثبت أنه كان يقاتل في الخارج، سواء في سوريا أو غيرها. ولكن لماذا تجريم القتال في الخارج والتشديد على مرتكبيه في حال عودتهم؟ هل الغاية منه لدى السلطات السعودية هو حماية أمنها واستقرارها وردع مواطنيها من الوقوع ضحايا تأثير الجماعات المتطرفة، أم غايته هو حماية العائلة الحاكمة وضمان عدم تعرض حكمها لأي تحديات من قبل هذه الجماعات؟ إذا كانت الغاية الأولى هي المقصودة، فهذا يعني أن على السعودية ألا تكتفي بمعاقبة العائدين إليها من جبهات القتال في الخارج وحسب، بل عليها أن تتخذ إجراءات قاسية ضد الجماعات التي تستقطب أبناءها، وتزجّ بهم في لهيب قتال لا ناقة لهم فيه ولا جمل. وهنا تجد المملكة نفسها وجهاً لوجه أمام السياسة التي تتّبعها مع «أحرار الشام الإسلامية». فهذه الحركة التي تحظى بدعم مادي وغطاء سياسي سعودي، تضمّ بين قادتها وعناصرها المئات من حَمَلة الجنسية السعودية، وهي تمارس نشاطاً داخل المملكة نفسها لاستقطاب الشبان السعوديين وتجنيدهم للقتال في سوريا، مُسخّرةً لهذه الغاية عدداً من رجال الدين المعروفين وشبكة واسعة من الخلايا المنتشرة في أنحاء مختلفة من البلاد، والتي تعمل بين السر والعلن لتأمين المقاتلين أو المتبرّعين بالأموال من أبناء المملكة. القضاء والإعلام السعوديان يحاربان «الأحرار»! هذه المعلومات ليست أسراراً تُكشَف للمرة الأولى، بل هي بعض ما تحتويه ملفات القضاء والإعلام في السعودية نفسها. ففي آذار الماضي، على سبيل المثال، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصّصة بالعاصمة الرياض قراراً بسجن مواطن سعودي «لإدانته بتحريض زملائه على الانضمام إلى كتيبة أحرار الشام، التي تتّخذ من سوريا مكاناً لها، والتواصل معهم بعد انضمامهم هناك». وأشار القرار إلى أن المتّهم أُدين «لاعتناقه منهج الخوارج في الجهاد من دون إذن من ولي الأمر». وينبغي التركيز على مصطلح «الخوارج» لأنه أحد التهم الموجهة إلى تنظيم «داعش». كما كشفت التحقيقات مع المُدَان عن وجود شبكة واسعة ممتدة بين السعودية وتركيا لتجنيد السعوديين وإرسالهم للقتال لمصلحة «أحرار الشام». وفي السياق ذاته، كشف سعودي يدعى «مسفر»، وهو أحد العائدين من سوريا، خلال مقابلة تلفزيونية بُثَّت في نيسان من العام الماضي، عن وجود مخاطر حقيقية تحيق بالسعوديين الذين يقاتلون في صفوف «أحرار الشام». وأهم هذه المخاطر أن الراغبين بالعودة يتعرّضون للتعذيب والقتل في حال انكشاف أمرهم من قبل الحركة، بالإضافة إلى ما كشفه «مسفر» وشاهده بنفسه، حسب قوله، من أن «عناصر من الحركة كانوا يأخذون غنائم، ومنها خمور ويشربونها». وجدير بالإشارة إلى أن هذه المقابلة أحدثت جدلاً واسعاً داخل السعودية، شارك فيها بعض كبار رجال الدين، أمثال الشيخ محمد العريفي الذي حاول التشكيك في حقيقة الشخص والقصة نظراً لما تشكل تفاصيلها من فضح لمقاتلي «أحرار الشام». هذه الوقائع تطرح تساؤلات حول الدعم العسكري والسياسي السعودي لجماعة يصفها القضاء السعودي بـ «الخوارج» ويروّج الإعلام لـ «فسقها» وعدم التزام أفرادها بأوامر الشرع الإسلامي. فكيف يمكن تفسير ذلك؟ وهل يُعقل أن السلطات السعودية تقوم بدعم «الخوارج» وتقدم لهم المال والسلاح ثم الغطاء السياسي والشرعي الإقليمي؟ وكيف تدعم المملكة تنظيماً أو فصيلاً يقاتل في بلد آخر، ثم تعاقب مواطنيها الذين ينضمون إليه؟ وكيف تعاقب مواطنيها في حال عودتهم إليها، أو انكشاف أمرهم، ثم تستضيف قادة التنظيم والفصيل على أراضيها، وتتيح لهم إقامة شعائر الحج أو العمرة كما فعل «الأمير» السابق لـ «أحرار الشام» أبو هاشم جابر في موسم الحج الماضي، أو توجه لهم دعوات للمشاركة في مؤتمرات واجتماعات سياسية؟ أليس هذا تناقضاً فادحاً؟! ولنفترض أن هناك مصلحة سعودية تقتضي اتخاذ مثل هذا الموقف السياسي من بعض الجماعات، فهل يعني ذلك أن تسكت عما يُرتكب فوق أراضيها، ويعتبره قضاؤها انتهاكاً للقوانين ومخالفة «لأوامر ولي الأمر»؟ فهل سألت السعوديةُ أبا هاشم عن نشاط حركته فوق أراضيها، وطلبت منه الامتناع عن ذلك، لأن جميع المؤشرات تدل على أن هذا النشاط مستمر وبرعاية مباشرة من بعض رجال الدين المقربين من العائلة الحاكمة نفسها؟ وما هي الرسالة التي يفهمها المواطن السعودي في ظل هذه التناقضات، وهل يُلام على فهمه طالما أن رب البيت هو الذي يضرب بالطبل؟

المصدر : السفير/ عبد الله علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة