دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
وصل الى دمشق بشكل غير معلن الرؤساء الثلاثة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية والألمانية والتشيكية، قبل ايام قليلة من الهجمات الارهابية التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس.
فقد اشارت مصادر سورية لصحيفة "الجمهورية" الى ان تلك الزيارة كانت مقرّرة قبل تفجيرات 13 تشرين الثاني في باريس، لكنّ هذا التطوّر الأخير عزَّز حاجة الفرنسيين خصوصاً والألمان لإجرائها، وذلك بدلاً من أن يُصار كما كان متوقَعاً لتأجيلها تحت مبرّر انشغال كلّ المؤسسات الاستخباريّة الأوروبيّة بحال الطوارئ التي أعلنها معظم دولها تحسّباً لهجمات إرهابية في أوروبا تستتبع هجمات باريس.
وكشف مصدر سوري عن فحوى نقاشات قادة تلك الأجهزة الأوروبية الثلاثة في دمشق، وهي تتمثّل في ثلاثة مطالب حمَلها مسؤولا جهازَي الاستخبارات الفرنسية والالمانية الى المسؤولين السوريّين، فيما أدّى رئيس الاستخبارات التشيكية دور عراب إيجاد صيغ تُوافق دمشق عليها:
واضاف المصدر ان المطلب الأوّل يتعلّق بطلب باريس من دمشق موافقتها على تزويدها باللوائح الاسمية الموجودة لدى الاجهزة الامنية السورية عن "الجهاديين" حاملي الجنسيات الفرنسية الذين يُقاتلون الى جانب تنظيمي "الدولة الاسلامية" و"جبهة النصرة" في سوريا.
وقد نجحت زيارة رئيس جهاز الاستخبارات الفرنسية في تحقيق توافق مع دمشق على إنجاز هذا الهدف، اذ اشارت المعلومات الى ان تنظيم "الدولة الاسلامية" بمفردها نجحت خلال أعوام قليلة في تجنيد واستقطاب نحو 2500 "جهادي" يحملون جنسيات أوروبية وهم يقاتلون اليوم بين صفوفها في سوريا مع الإشارة الى أنّ نسبة عالية منهم فرنسيون.
اما المطلب الثاني، بحسب المصدر فقد ركّزت عليه ألمانيا خصوصاً، ومفاده الطلب من الحكومة السورية أن تُنسّق مع الاستخبارات الألمانية في التدقيق بأسماء النازحين السوريين الذين يصلون الى ألمانيا، وذلك عبر مطابقة الأوراق الثبوتية التي يقدمونها إلى السلطات الألمانية مع سجلّاتهم الشخصية بحسب ما هي موثّقة في الدوائر الرسمية السورية.
كما وفّرت الزيارة مناسبة لألمانيا لكي تستفسر من الأجهزة الامنية السورية عن ظاهرة تُثير شكوك أجهزتها الأمنية، وقوامها ملاحظتها أنّ نسبة عالية جداً من النازحين السوريين الى ألمانيا، هم من الشباب والكهول الأزواج الذين يتركون نساءهم وأولادهم في سوريا.
كما أثار مسؤولا الأجهزة الاستخبارية الفرنسية والألمانية، بحسب المصدر مسألة تتعلق بإنشاء تعاون أمني فرنسي ألماني، وأيضاً أوروبي - سوري بخصوص العمليات الارهابية الخارجية.
وكشف المصدر السوري أنّ تشيكيا لعبت دوراً في تعريب هذه الزيارة منذ نحو ثلاثة أشهر، ونجحت في تذليل تباينات كانت قائمة بين الحكومة السورية وباريس خصوصاً.
واشار المصدر الى ان القيادة السياسية السورية اشترطت في الماضي لكي تتعاون معلوماتياً مع الاستخبارات الفرنسية حول "الجهاديين الفرنسيين" الذين التحقوا بتنظيم "الدولة الاسلامية" و"النصرة" في سوريا أن يتم ذلك في إطار سياسي وعبر قنوات ديبلوماسية وليس عبر القنوات الامنية الصرفة.وذكرت الصحيفة ان لقاء عُقد بدايات هذا العام بين وسطاء فرنسيّين ورئيس مجلس الامن الوطني السوري ، شدّد الأخير على أنّ دمشق لن تتعاون أمنياً مع فرنسا طالما أنّها تنحو سياسة عدائية وتتبنّى قطيعة كاملة مع الحكومة السورية.
واقترحت سورية كحلّ وسط لتجاوز هذا الشرط السوري أن تُعيد باريس تفعيل سفارتها في سوريا ولو على مستوى قنصل، ويقوم من موقعه الديبلوماسي في دمشق بمتابعة قضايا الارهاب المعولم مع الجهات السورية الرسمية المختصة.
كما اقترحت سورية أن تُعيّن فرنسا قنصلاً أو ملحقاً أمنياً ليُتابع هذه الملفات انطلاقاً من احدى سفارات الدول المفتوحة في دمشق، كالسفارة التشيكية مثلاً.
وقد رفضت باريس آنذاك هذا الطلب، نظراً لإصرارها على عدم إنشاء أيّ اعتراف سياسي بالنظام السوري. ويبدو أنّ الدولة التشيكية توصّلت من خلال جهودها الاخيرة الى حلّ لهذه العقدة.
واشارت الصحيفة الى ان أحد الحلول المطروحة حالياً بشكل مبدئي، هو اعتماد صيغة لتدشين تعاون استخباري بين باريس ودمشق في الملفات الثلاثة ، وأن تعتمد فرنسا السفارة التشيكية في دمشق مقراً تُتابع منه عملية تنسيقها الامني مع الاستخبارات السورية.
وبحسب المصادر السورية، فإنّ الثقة الامنية بين دمشق وألمانيا لا تُواجه درجة الاهتزاز الحادة نفسها التي تسود العلاقة بين فرنسا وسوريا. وتاريخياً فإنّ المانيا أبقت على صلات استخبارية مع دول المشرق العربي وأحزابها الكبيرة حتى حزب الله، وبالعادة تستخدم ألمانيا هذه الصلات في مواجهة الارهاب التكفيري أو في حلّ أزمات تنتج عن الخطف والأسر عبر تنظيم عمليات تبادل للأسرى بين دول أو بين أحزاب ودول.
ولفتت الصحيفة الى ان الزيارة الامنية الفرنسية رفيعة المستوى الى سوريا انتهت بتحقيق تقدّم على مستوى التنسيق الاستخباري ضدّ تنظيم "الدولة الاسلامية"، موضحة في الوقت عينه ان نائب وزير خارجية تشيكيا زار الشهر الماضي سوريا وتباحث مع مسؤوليها عن دور بلده في إعادة الإعمار في سوريا، إضافة إلى ملف التوسط التشيكي بين دمشق وأوروبا.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة