دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في ظلّ تطورات "خطيرة" ومتلاحقة تعيشها المنطقة ككل وفي ظل واقع سياسي وأمني ساخن يفرض وجوده بقوة في المنطقة، ومن منطلق أن السياسة هي من تحرك مصالح الدول ، وبما أن السياسة هي لغة المصالح وهي من تحرك براغماتية أغلب دول الإقليم، فالسياسة البراغماتية هي التي تدفع الآن وبقوة كل دول المنطقة للبحث عن حلول "مرحلية" تقيها من أتون نار متسارعة، ومخططات صهيو-أميركية هدفها إغراق المنطقة ككل في جحيم الفوضى، فلهذا فمن الطبيعي أن نسمع عن نشوء تقارب في الرؤى والآراء بين بعض الدول المتأثرة إلى حد ما من مايجري بعموم المنطقة العربية وبين بعض القوى الدولية المتصاعد نفوذها بالمنطقة العربية ، والهدف هذه المرة هو تفادي السقوط في جحيم هذه الأزمات التي تمر بها المنطقة بشكل عام، والهروب من بعض الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الداخلية التي يمرّ بها بعض الدول في المنطقة، وهذه العوامل بدورها هي من أسست لتبلور معالم لتقارب جديد متوقع مستقبلاً وبقوة بين عمّان وموسكو.
ومع مؤشرات هذا التقارب "المرحلي" المتوقع مستقبلاً، والذي بدأت تتضح معالمه تدريجياً في الوقت الحالي بعد الزيارة الإخيرة للملك الأردني إلى موسكو ولقائه بالرئيس الروسي ودعم الأردن لحرب روسيا على الأرهاب وتنسيق جهود محاربة الإرهاب بالجنوب السوري مع الروس، وهنا من الطبيعي أن نرى كنتيجة أولية لهذا التقارب وهذا التنسيق بين الحين والآخر بعض التقارب في الآراء بين العاصمتين في مجموعة ملفات إقليمية، سواء في العراق أو في سورية أو في اليمن إلى حدّ ما، والسبب بذلك يعود مرحلياً إلى مرحلة تقاطع المصالح بين الاستراتيجية الإقليمية للدولة والنظام الأردني الساعي إلى أحتوء اضظرابات المنطقة ومنعها من الامتداد إلى الداخل الأردني ، واستراتيجية ورؤية الدولة الروسية التي بدأت حرب شاملة على الإرهاب بالمنطقة ككل لحماية نفسها ودعم حلفائها، وبالطبع هنا تجدر الإشارة إلى أن هذا التقارب إن تم فعلاً وتحوّل إلى شراكة فعلية، فسيكون هذا التقارب عنواناً لمرحلة جديدة لكل أحداث المنطقة وسيخلط أوراق الإقليم ككل من جديد، وسيؤثر بشكل بناء في مسار وضع الحلول لفوضى الإقليم بشكل عام.
ولكن هناك محددات لشكل هذا التقارب وطبيعته، ومع الحديث عن تبلور نقاط التقاء روسية–أردنية ،برز الدور السعودي-الخليجي المعارض من الأساس لفكرة التقارب هذه، ومع زيادة الضغط السعودي –القطري على النظام الأردني اقتصادياً وسياسياً بخصوص منع فكرة التقارب مع روسيا و إيران، فقد برزت بالفترة الإخيرة بعض التناقضات بين صناع القرار الأردني، وهذه التناقضات بدأت تتحدث فعليآ عن وجوب تخلي الأردن عن المرجعية السعودية، والتوجه السريع نحو موسكو وطهران لتعديل ميزان التحالفات الأردنية على ضوء مايجري من تطورات متسارعة بالمنطقة ،واليوم بدأت بالفعل بعض دوائر صنع القرار الاردني تتحدث عن وجوب وجود دورتنسيقي عربي –إيراني للمساعدة في إخماد نار الحروب الطائفية والمذهبية في المنطقة،وعن وجوب وجود دور تنسيقي عربي –روسي يساعد على وضع حلول عاجلة لأزمات المنطقة .
وهنا تبرز إلى الواجهة حقيقة أن بعض دوائر صنع القرار للنظام الأردني بدأت تدفع النظام فعليآ إلى أتخاذ قرار تدريجي للخروج من تحت عباءة بعض دول الخليج والسعودية تحديداً، والتوسع بتحالفاته مع القوى الدولية و الإقليمية الفاعلة، فهناك اليوم حقائق جديدة وخفايا بدأت تظهر على أرض الواقع، وهذه الحقائق والخفايا تقول أن الدولة الأردنية أصبحت الآن تعيش في محيط جغرافي ساخن أمنياً وسياسياً "فلسطين - العراق - سورية"وفي وضع داخلي مضطرب سياسيآ واقتصاديآ إلى حد ما.
وهذا ما أفرز بدوره نوعاً من التقارب بالآراء بين كلتي العاصمتين عمّان – موسكو، إلى حد ما بخصوص الملفات الساخنة بالإقليم ككل، فهذه الملفات بشكل خاص وضعت كلا الدولتين في خانة واحدة من جهة الخطر المحدق بهما ، فهذه المرحلة الحالية ونظراً إلى صعوبتها وتطور وتلاحق الأحداث في المنطقة، هي من دفعت إلى أن تكون هناك حالة من التقارب بالآراء والرؤى بين البلدين والنظامين، ولو مرحلياً.
ختاماً، يعتبر المراقبون أن النظامين الروسي والأردني يملكان من الأوراق ما يجعلهما قادرين على إنقاذ المنطقة ككل من جحيم الفوضى ،ولكن معادلة أكتمال هذا التقارب ليتحول إلى شراكة حقيقية ،مازال بحاجة إلى كثير من العمل من قبل الجانبين ،وبحاجة إلى مزيد من القرارات الصعبة من قبل النظام الأردني ،الذي مازل للأن يدور وإلى حد ما بفلك رؤية المحور الخليجي – الأمريكي لنتائج وتطورات ملفات المنطقة .
المصدر :
الماسة السورية//هشام الهبيشان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة