دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران، حيث التقى قائد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي، والسعودية وقطر تكثفان من صفقات تسليح المعارضة المسلحة في مواجهة الانخراط الروسي في سوريا.
طليعة الدبابات «تي 90» الروسية، وسرايا من القوات البرية الروسية المصفحة، بدأت بدخول الشمال السوري، انطلاقاً من مطار النيرب العسكري. وتحدثت مصادر سورية عن قوة من 20 دبابة «تي 90»، بطواقم روسية، أُنزلت في الساعات الماضية في المطار العسكري السوري الأهم في شمال سوريا.
ومن المرجح أن تكون قاعدة النيرب المطار الثالث الذي تنتشر فيه أسراب المقاتلات الروسية، بعد حميميم في اللاذقية والشعيرات في حمص، في إطار توسيع العمليات الجوية الروسية، ومدخلا لنشر قوات برية روسية في منطقة يميل الكثير من الخبراء إلى ترشيحها لتكون مسرحاً لأم المعارك السورية في حلب، مع اصطدام كل القوى الإقليمية وجماعاتها في ريف حلب الشمالي، في معركة من المنتظر أن تكون احد عناوين الحسم.
وللمرة الأولى في ميادين المعارك في سوريا، تدخل «تي 90» مسارح العمليات، وهي دبابة لا يملك الجيش السوري أياً منها في عداد قواته المدرعة. الدبابات قد تكون من بين الإجراءات التي يتخذها الروس في المرحلة الثانية من العمليات، بعد العملية التي بدأت تتزامن مع رفع الروس وتيرة العمليات الجوية، وحشد المزيد من طائرات «السوخوي» والطوافات التي أصبحت تقدر بـ 80، وتكثيف الغارات التي زادت عن 200 في اليومين الأخيرين، واستهدفت خاصة مواقع «داعش» في دير الزور والرقة وتدمر، فيما شاركت في العمليات أسراب القاذفات الإستراتيجية من طراز «توبوليف 95 و160»، وعادت صواريخ بحر قزوين الجوالة تعبر إيران والعراق، وصواريخ مجنحة أخرى تنطلق من غواصات المتوسط الروسية، لتقصف مقار وتجمعات ومستودعات أسلحة المجموعات المسلحة في الشمال والشرق السوريين.
وتمتاز الدبابة الروسية الواصلة إلى النيرب، بحيازتها نظام حماية «بشتورا» (الستارة). ويتضمّن هذا النظام مشوشيْن يعملان بالأشعة تحت الحمراء، وهو قادر على إعماء نظام توجيه بعض الصواريخ الموجّهة المضادّة للدبابات، وحرفها عن مسارها بعيداً عن جسم الدبابة. وكانت الدبابات السورية من طراز «تي 72» قد عانت في معارك الشمال، من زخات صواريخ الـ «تاو» التي اشترت منها السعودية، غالباً لتسليح المعارضة، أكثر من 13 ألف صاروخ من الولايات المتحدة، ونجحت بتحويل مجرى المعارك، وتعطيل الكثير من دبابات الجيش، لا سيما في معارك ريف حماه الشمالي.
وكانت السعودية وقطر استبقتا الانخراط الروسي في سوريا، أو واكبتا الجسر الجوي والبحري الروسي نحو سوريا، بدءاً من مطلع أيلول الماضي. ولم تنتظر السعودية بدء العمليات الروسية لتكثف عمليات تسليح المجموعات المسلحة التي تعمل تحت إمرتها في الشمال السوري، وعبر الحدود التركية، على العكس مما يقال من أن السعودية أو قطر أو تركيا لجأت إلى تكثيف التسليح بعد الانخراط الروسي أو بسببه.
وتشير معلومات روسية إلى عقد قطري وُقّع مع «الكونسورسيوم» الأوكراني للصناعات الدفاعية، لتوريد منظومة صواريخ ارض ـ جو من الطراز المعروف شعبياً باسم «سام 3»، والذي قامت أوكرانيا بتحديثه منذ بضع سنوات لزيادة كفاءته، وليصبح سقف عمله نحو 21 كيلومتراً وبمدى يصل إلى 35 كيلومتراً. ويقول خبير روسي، لـ «السفير»، إن المنظومة الصاروخية المتنقلة، التي تم الاتفاق عليها بين الأوكرانيين والقطريين، قد تتضمن أيضاً إرسال طاقم أوكراني للعمل عليها، لأن تدريب طواقم سورية على تشغيلها قد يحتاج إلى ستة أشهر على الأقل. وكان الأوكرانيون قاموا بتشغيل منظومة صاروخية جوية مماثلة لحساب جورجيا، ضد الطيران الروسي في آب العام 2008، خلال الحرب القصيرة بين روسيا وجورجيا، وأسقطوا خلالها قاذفة روسية إستراتيجية من طراز «توبوليف 22». وعند المجموعات المسلحة بعض العناصر المنشقة عن الجيش السوري التي يمكنها هي أيضاً تشغيل المنظومة.
وكان موقع «Cyber-Berkut» الروسي نشر في 21 تشرين الثاني، مراسلات إلكترونية، قام بقرصنتها، تعود إلى مؤسسات بولندية وأوكرانية، وهي مراسلات الكترونية لشركات خليجية وملحقين تجاريين واقتصاديين أوكرانيين في سفارات كييف في دبي والدوحة والرياض، تتضمن عروضاً بصفقات أسلحة لا تدخل في نطاق التسليح القطري أو السعودي التقليدي، لا سيما أنظمة الدفاع الجوي، فضلاً عن الذخائر التي تستخدمها دبابات المجموعات المسلحة السورية، لا سيما «تي 62» و «تي 72»، ولا تمتلك لا قطر ولا السعودية أياً منها أو ما يبرر شراءها، فضلاً عن أن السعودية نفسها لم تشتر لحربها في اليمن ما تشتريه من ذخائر للمجموعات المسلحة السورية التي تعمل تحت إمرتها، إذ لم يتجاوز عقد سعودي ـ أميركي، جرى توقيعه في 29 تموز الماضي في واشنطن، أكثر من 60 ألف قذيفة مدفع مضاد للدبابات من عيار 105 ملليمترات أو 60 ألف قذيفة لمدافع «هاوتزر» من عيار 155، فيما لم تتوانَ عن شراء 100 ألف قذيفة من عيار 105 ملليمترات للمجموعات المسلحة، و 100 ألف قذيفة من عيار 155 في الحرب على الجيش السوري.
وبلغ عدد القذائف التي تم التعاقد عليها لمواجهة الجيش السوري والروس ما يوازي نصف مليون قذيفة مدفع وهاون من عيارات مختلفة. ولا توجد إحصاءات دقيقة حتى الآن لمعرفة كمية الإنفاق الخليجي على تسليح المجموعات المسلحة، لكن صفقة صواريخ الـ «تاو» التي عقدتها السعودية في كانون الأول العام 2013، بلغت كلفتها ما يقارب المليار دولار لاحتواء الهجوم السوري في الشمال، فيما كانت صحيفة «الإيكونوميست» قد ذكرت، قبل عامين، أن القطريين أنفقوا حتى نهاية العام 2013، ما يقارب الأربعة مليارات دولار، فيما لا تزال الأرقام الحقيقية للإنفاق على الجماعات المسلحة غير معروفة، ولكنها تتجاوز 10 مليارات دولار في أكثر التقديرات تواضعاً.
ويبرز أحد الإيميلات الموجه من فاسيلي بابيتسك، وهو أوكراني ونائب رئيس شركة «Level 11» البولندية المتخصصة بالسلاح، إلى فولوديمير يانوفيتش كوروت، وهو مستشار التجارة والشؤون الاقتصادية في السفارة الأوكرانية في قطر، وتقول الرسالة إنه التقى وفداً من وزارة الدفاع القطرية خلال معرض «كييف للسلاح والأمن 2015» بين 22 و27 أيلول. وبحسب الرسالة فقد ضم الوفد محمد خليفة الكواري، وحسين علي عبدالعزيز، وخالد احمد الكواري، وباقي صالح الانصاري، وخلفان عبدالله السويدي. وتحتوي المراسلة الموجهة من شركة التوريدات الدفاعية الخاصة إلى «الكونسورسيوم» الأوكراني لصناعات الدفاعات، وهي الشركة الأم، معلومات حول طلبين لوزارة الدفاع القطرية التي تبحث عن سبل للحصول على أنظمة دفاع جوي.
وبحسب المراســلات فقد توصــلت قطر إلى اتفاق لشراء منظومة «S-125-2D Pechora» المعروفة غربياً باسم «سام 3»، وتم توقيع الاتفاق خلال المعرض المذكور. وتقول الرسالة الموجهة إلى دنيس الكسندروفيتش إن «الشركة الحكومية بيتس تخنو اكسبورت مهتمة بالتعاون مع الشركة الحكومية اوكو ابورون سيرفيس في ما يتعلق بتوريد منظومات صاروخية للدفاع الجوي (سام 3) لمصلحة القوات المسلحة لدولة قطر، وهذا لا يتعارض مع الاتفاقيات الضرورية ضمن الشروط المدرجة في قائمتكم».
أما المراسلات بين الديبلوماسي الأوكراني ونائب شركة «Level 11» البولندية فيبدو أنها كانت محاولة للحصول على عمولات من عقود نقل تلك الأسلحة إلى قطر أو إلى أماكن أخرى، بحسب ما تذكر المراسلات. وكان الموقع الروسي قد نشر في 23 تشرين الأول الماضي مراسلات إلكترونية تعود للشركة البولندية موجهة إلى وزارة الدفاع الأوكرانية وإلى شركة سعودية تدعى «القابش». وبحسب التسريبات فإن الشركة البولندية قد وقعت عقداً، عبر الحكومة البولندية، لتوريد 265 مدفعاً رشاشاً مضاداً للطيران من عيار 23 ملليمتراً، بقيمة 14 مليون يورو، وذلك لمصلحة الحرس الوطني الأوكراني. ويُعدّ هذا النوع من المدافع المزدوجة السبطانة احد أشهر المدافع المضادة للطيران، ويملك مدى فعالاً يتراوح بين 2.5 و3 كلم، ويبدو العدد كبيراً بالمقارنة مع ما كان يملكه الجيش السوري نفسه منها، والمقدرة ما بين 500 إلى 600 مدفع. وتم الاتفاق على تنفيذ العقد بين الشركة البولندية ووزارة الدفاع الأوكرانية عبر متعاقد آخر، وهو شركة «Blessway ltd» المسجلة في قبرص ويديرها فاسيلي بابيتسك ـ نائب مدير «11 Level» البولندية.
وبحسب الوثائق التي نشرها موقع «Cyber Berkut» فإن هذه الشركة، قد وقعت عقداً مع شركة «القابش» للتجارة، وهي شركة سعودية لتوريد معدات لمصلحة وزارة الدفاع السعودية. واللافت، بحسب الموقع هو أن أحد العقود بين هاتين الشركتين شمل 265 مدفعاً رشاشاً مضاداً للطيران من عيار 23 ملليمتراً، وهو العدد نفسه الذي ستقوم الشركة القبرصية بتوريده إلى الحرس الوطني الأوكراني.
ما يحاول الموقع الإشارة إليه هو أن هناك عمليات لتمرير هذه الأسلحة إلى السعودية عبر عمليات بيع عبر شركات متعددة وذلك للالتفاف على القيود التي تفرضها بعض الحكومات. وإشارة الموقع لبولندا وأوكرانيا وقبرص يُقصد منها أن بعض الأسلحة سيتم تصديرها من بولندا على أنها موردة للحرس الوطني الأوكراني وذلك عبر الشركة القبرصية التي ستنقلها في الحقيقة للشركة السعودية. وهذه العملية ليست بالفريدة من نوعها بل إنها حيلة تقليدية تلجأ إليها الشركات التي تريد توريد السلاح للأطراف المتورطة بحروب والتي تعاني مشاكل في الحصول على حاجتها من السلاح والذخيرة، وعادة ما تتضاعف قيمة الأسلحة بسبب عمليات الفساد والرشى التي تشوبها، وهذا ما قد يجعل قيمة الصفقة تصل إلى مئات ملايين الدولارات. وتشمل الصفقة الموقعة بين الشركتين القبرصية والسعودية ملايين طلقات المضادات للطيران ورشاشات «دوشكا» والقذائف من كل الانواع، بالإضافة الى 70 قناصة «M93» من عيار 12.7 ملليمتراً.
المصدر :
محمد بلوط – السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة