في كلمته التي ألقاها من منبر الأمم المتحدة في 28 أيلول الماضي، توجه الرئيس بوتين إلى كل من الولايات المتحدة وفرنسا متعجباً بالقول: «أود أن أسأل المسؤولين عن هذه الأوضاع: هل تدركون فعلاً ماذا فعلتم؟».

لكنني أخشى أن يبقى سؤالي معلقاً من دون جواب، لأن هؤلاء الناس لم يتخلوا حتى الآن عن سياستهم القائمة على ثقة بالنفس مبالغ فيها، وقناعة باستثنائيتهم، والإفلات من العقاب».

تعرضت فرنسا ليلة الجمعة 13 تشرين الثاني لهجوم في خمسة مواقع مختلفة، من العديد من المهاجمين في العاصمة باريس، أسفر عن مقتل 129 شخصاً على الأقل حتى الآن، تم الإعلان على أثرها عن فرض حالة الطوارئ في البلاد لمدة 12 يوماً، قابلة للتمديد، فقط من مجلس النواب.

لقد فهم الشعب الفرنسي أن بلدهم الآن في حالة حرب، وأن ما يجري هو نتيجة لقرارات اتخذت سراً في السنوات الخمس الماضية.

لكنهم يجهلون إيفاد جنود فرنسيين بمهمات رسمية إلى ليبيا وسورية للإشراف على تدريب الجهاديين، وجعلهم يرتكبون جرائم فظيعة. إنهم يجهلون في المحصلة أن بلدهم صار دولة داعمة للإرهاب.

ما من أحد في فرنسا قادر على تفسير سبب إصرار الرئيس هولاند على الوقوف ضد سورية، لدرجة أن شركاءه الأوروبيين بدؤوا يشكون من تصرفاته العمياء.

نحن نرى، من جانبنا، موقفه على أنه ثمرة فساد في العلاقة مع ديكتاتوريات النفط في الخليج، وانبثاق الحلم الاستعماري في مخيلته.

كان الفرنسيون يلاحظون ذلك بحزن، من دون أن يتبادر لذهنهم أن هذه الأمور ستعكر صفو حياتهم اليومية.

كانت الحكومة الفرنسية تجري استعداداتها لهذه الهجمات.

في 11 تشرين الثاني، أعلن رئيس الوزراء مانويل فالس أن فرنسا منخرطة في مكافحة الإرهاب.

وفي اليوم التالي، عرض وزير الداخلية، برنار كازانوف، تقريراً أكد فيه أن الإرهاب أصبح يحتل المرتبة الثانية، بعد البطالة، في اهتمامات الفرنسيين.

وفي اليوم الدامي نفسه، أعلن الوزير كازانوف نفسه عن اتخاذه تدابير من شأنها منع تهريب الأسلحة نحو فرنسا.

في صباح يوم الجمعة، كانت خدمات الإسعاف في المستشفيات تتمرن على الاستجابة «لهجوم محتمل على مواقع متعددة»، في حين أبلغت إسرائيل مسؤولي أمن الجالية اليهودية في باريس من خطر هجوم وشيك، واسع النطاق.

وتحققت المخاطر كلها، مساء اليوم نفسه.

الحكومة الفرنسية متورطة حالياً في مؤامرة ضد أنظمة عربية علمانية، إلى جانب ديكتاتوريات الخليج، وتركيا، وجماعة الإخوان المسلمين، وإسرائيل، ومسؤولين كبار في الولايات المتحدة (ديفيد بترايوس، جيفري فيلتمان، جون ماكين، وغيرهم) إضافة إلى شركات متعددة الجنسيات (إكسون موبايل، صندوق استثمار ك. ك. آر، الجيش الخاص آكاديمي، الذي كان يدعى سابقاً بلاك ووتر، وغيرهم).

من الواضح أن العلاقات بين المتآمرين ليست من السهولة بمكان، الأمر الذي يجعل من المستحيل لأي طرف الانسحاب من المؤامرة.

فرنسا، هي الآن أسيرة تحالفات مخزية، وضحية عمليات ابتزاز، قادت أحد حلفائها لرعاية الهجوم الذي نفذته داعش في باريس.

الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي شن الحرب الأولى على سورية عام 2011، قبل أن يتقاعد، إبان تحرير بابا عمرو، أشار إلى أن الفرنسيين لن ينعموا بالسلام بعد الآن، إذا لم يغير قصر الإليزيه سياسته شرق الأوسطية حالاً.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-11-17
  • 14688
  • من الأرشيف

فرنسا دولة داعمة وضحية للإرهاب

في كلمته التي ألقاها من منبر الأمم المتحدة في 28 أيلول الماضي، توجه الرئيس بوتين إلى كل من الولايات المتحدة وفرنسا متعجباً بالقول: «أود أن أسأل المسؤولين عن هذه الأوضاع: هل تدركون فعلاً ماذا فعلتم؟». لكنني أخشى أن يبقى سؤالي معلقاً من دون جواب، لأن هؤلاء الناس لم يتخلوا حتى الآن عن سياستهم القائمة على ثقة بالنفس مبالغ فيها، وقناعة باستثنائيتهم، والإفلات من العقاب». تعرضت فرنسا ليلة الجمعة 13 تشرين الثاني لهجوم في خمسة مواقع مختلفة، من العديد من المهاجمين في العاصمة باريس، أسفر عن مقتل 129 شخصاً على الأقل حتى الآن، تم الإعلان على أثرها عن فرض حالة الطوارئ في البلاد لمدة 12 يوماً، قابلة للتمديد، فقط من مجلس النواب. لقد فهم الشعب الفرنسي أن بلدهم الآن في حالة حرب، وأن ما يجري هو نتيجة لقرارات اتخذت سراً في السنوات الخمس الماضية. لكنهم يجهلون إيفاد جنود فرنسيين بمهمات رسمية إلى ليبيا وسورية للإشراف على تدريب الجهاديين، وجعلهم يرتكبون جرائم فظيعة. إنهم يجهلون في المحصلة أن بلدهم صار دولة داعمة للإرهاب. ما من أحد في فرنسا قادر على تفسير سبب إصرار الرئيس هولاند على الوقوف ضد سورية، لدرجة أن شركاءه الأوروبيين بدؤوا يشكون من تصرفاته العمياء. نحن نرى، من جانبنا، موقفه على أنه ثمرة فساد في العلاقة مع ديكتاتوريات النفط في الخليج، وانبثاق الحلم الاستعماري في مخيلته. كان الفرنسيون يلاحظون ذلك بحزن، من دون أن يتبادر لذهنهم أن هذه الأمور ستعكر صفو حياتهم اليومية. كانت الحكومة الفرنسية تجري استعداداتها لهذه الهجمات. في 11 تشرين الثاني، أعلن رئيس الوزراء مانويل فالس أن فرنسا منخرطة في مكافحة الإرهاب. وفي اليوم التالي، عرض وزير الداخلية، برنار كازانوف، تقريراً أكد فيه أن الإرهاب أصبح يحتل المرتبة الثانية، بعد البطالة، في اهتمامات الفرنسيين. وفي اليوم الدامي نفسه، أعلن الوزير كازانوف نفسه عن اتخاذه تدابير من شأنها منع تهريب الأسلحة نحو فرنسا. في صباح يوم الجمعة، كانت خدمات الإسعاف في المستشفيات تتمرن على الاستجابة «لهجوم محتمل على مواقع متعددة»، في حين أبلغت إسرائيل مسؤولي أمن الجالية اليهودية في باريس من خطر هجوم وشيك، واسع النطاق. وتحققت المخاطر كلها، مساء اليوم نفسه. الحكومة الفرنسية متورطة حالياً في مؤامرة ضد أنظمة عربية علمانية، إلى جانب ديكتاتوريات الخليج، وتركيا، وجماعة الإخوان المسلمين، وإسرائيل، ومسؤولين كبار في الولايات المتحدة (ديفيد بترايوس، جيفري فيلتمان، جون ماكين، وغيرهم) إضافة إلى شركات متعددة الجنسيات (إكسون موبايل، صندوق استثمار ك. ك. آر، الجيش الخاص آكاديمي، الذي كان يدعى سابقاً بلاك ووتر، وغيرهم). من الواضح أن العلاقات بين المتآمرين ليست من السهولة بمكان، الأمر الذي يجعل من المستحيل لأي طرف الانسحاب من المؤامرة. فرنسا، هي الآن أسيرة تحالفات مخزية، وضحية عمليات ابتزاز، قادت أحد حلفائها لرعاية الهجوم الذي نفذته داعش في باريس. الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي شن الحرب الأولى على سورية عام 2011، قبل أن يتقاعد، إبان تحرير بابا عمرو، أشار إلى أن الفرنسيين لن ينعموا بالسلام بعد الآن، إذا لم يغير قصر الإليزيه سياسته شرق الأوسطية حالاً.  

المصدر : تيري ميسان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة