بعد بدء حملتها العسكرية الفعالة ضد المنظمات الإرهابية داعش واخواتها، في سوريا، وبطلب رسمي من الحكومة الشرعية السورية، المعترف بها دوليا، ومن ضمن القوانين الدولية المرعية، اخذت روسيا تتعرض لحملة دعائية مضادة لم يسبق لها مثيل.

 

ولتعزيز هذه الحملة تواطأت الكتلة الدولية الموالية لاميركا مع تركيا لاطلاق عشرات آلاف اللاجئين السوريين باتجاه البلدان الأوروبية، بهدف استغلال مأساتهم خدمة للدعاية المعادية لروسيا، بالادعاء ان سبب تشريد وتهجير جماهير اللاجئين السوريين هو قمع (النظام السوري)، وان الطائرات الروسية لا تقصف داعش، وانما تقوم بدعم (النظام) وقصف "المعارضة المعتدلة"، وقصف البنى التحتية والمدنيين العزل في المناطق التي لا يسيطر عليها النظام ولا داعش. وجرت وتجري محاولات محمومة مأجورة لتحريض قسم من اللاجئين على التظاهر ورفع الشعارات واللافتات في هذا الاتجاه. ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، لما فيها من تبرئة لداعش والمنظمات الإرهابية من الجرائم التي ارتكبتها ولا تزال ضد جماهير الشعب السوري.

 

ولا يثير أي عجب، بل من طبيعة الأشياء ان ما يسمى "المعارضة المعتدلة" السورية، "الوطنية" او "الدينية" او "العلمانية"، قد انضمت فورا الى الحملة المعادية لروسيا، وهي تزايد على اميركا والسعودية وقطر ذاتها.

على سبيل المثال لا القطع، عندما كانت العصابات المسلحة للمعارضة تهاجم مدينة معلولا، وتقتل المدنيين الى جانب العسكريين النظاميين وتحطم الكنائس وتخطف الراهبات، كان جورج صبرا يصرخ على شاشات التلفزيون بأن لا وجود للطائفية في سوريا.

 

جاهزون للحملة ضد روسيا قبل بدء القصف

 

وبالمثل، فإن ممثلي هذه "المعارضة المعتدلة" السورية الذين لا يجدون شائبة في سياسة الكتلة الغربية بزعامة اميركا تجاه سوريا، وفي تمويل وتدريب وتسليح ودعم المنظمات الإرهابية، انبروا فورا لمهاجمة روسيا واشهروا بوجهها صور المستشفيات والمدارس التي زعموا ان الطائرات الروسية قصفتها، حتى قبل ان يبدأ القصف. وهم يتهمون روسيا ـ كما سبق واتهموا حزب الله ـ بالعدوان على سوريا. وذهب بعضهم الى حد اتهام روسيا باحتلال سوريا.

 

ان هذه الحملة الدعائية السوداء ضد روسيا الصديقة التاريخية للعرب، ليس الهدف منها فقط تشويه وجهها وتبييض وجوه الأعداء التاريخيين لسوريا والعرب وروسيا، من اميركا ودول الناتو وتركيا وإسرائيل الى بعض الدول العربية التي تجند وتمول وتسلح الإرهابيين، بل ان هذه الحملة هي جزء من مخطط أوسع لمحاربة واستنزاف وضرب روسيا بمختلف الاشكال، من اجل اجبارها على سحب يدها من سوريا، وترك الشعب السوري المظلوم، والشعوب العربية كلها، تحت رحمة الامبريالية والصهيونية والعثمانية الجديدة والأنظمة العربية الغارقة في الرجعية، وتحت رحمة داعش واخواتها. ونشير فيما يلي الى بعض اهم المخاطر التي يراد تعريض روسيا لها، وامكانيات واحتمالات رد روسيا عليها:

 

العمليات الارهابية في الخارج

 

على ضوء سقوط (او إسقاط) الطائرة الروسية التي قتل فيها اكثر من 200 راكب مدني يوم السبت 31 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإن اول ما يتبادر الى الذهن هو توجيه المنظمات الإرهابية لشن حرب إرهاب عالمية ضد الوجود المدني الروسي في الخارج. والواقع ان شن حرب إرهابية خارجية ضد روسيا هو على جدول اعمال القوى المعادية لروسيا قبل ان تبدأ الحرب الجوية الروسية في سوريا. ونشير هنا الى 17 تموز 2014 تاريخ قيام طائرة حربية اوكرانية باسقاط الطائرة المدنية الماليزية بصاروخ جو ـ جو (حسب المعطيات الروسية الموثقة) والاتهام الفوري لروسيا وحلفائها الاوكرانيين باسقاط تلك الطائرة المنكوبة بصاروخ ارض ـ جو. وحتى الان ترفض اميركا والناتو والاتحاد الأوروبي والحكومة الانقلابية الأوكرانية تقديم الأدلة التي لديها والمساعدة في اجراء تحقيق دولي محايد في جريمة اسقاط الطائرة الماليزية. ومع ذلك يصرون على اتهام روسيا، مما ينم عن نوايا التحريض على القيام بعمليات إرهابية ضد الأهداف المدنية الروسية في الخارج. والان تنضم "المعارضة المعتدلة" السورية الى جوقة التحريض ضد روسيا لتشجيع وتبرير ضرب الوجود المدني والدبلوماسي الروسي في العالم.

 

"المعارضة المعتدلة" غطاء سياسي للارهاب

 

لقد استخدمت المعارضة السورية "المعتدلة" و"السلمية" في السابق كشاهد زور وكغطاء اعلامي وسياسي لاختراق الحدود السورية وإدخال (على دفعات) جيش مؤلف من مئات الاف المقاتلين من الخارج لضرب سوريا من الداخل باسم الإصلاح وتغيير النظام والدمقراطية.

 

وجاء التدخل العسكري الروسي المشروع، جنبا الى جنب مع الجيش السوري، وبالتعاون مع حزب الله والمتطوعين الإيرانيين والعراقيين وغيرهم ليضع حدا لهذه "اللعبة القذرة"، وللقضاء على المنظمات الإرهابية. وحتى لو تمت "تسوية سياسية" قريبة او غير قريبة للازمة السورية، فإن كل هذه المعارضة، ستدفع سياسيا وقانونيا ثمن ما ارتكبت اياديها القذرة.

 

ان حملة التحريض التي تشنها المعارضة السورية "المعتدلة" و"السلمية" ضد حزب الله وايران وروسيا، تعتمد على الأكاذيب والمعلومات المحرفة والمفبركة ـ مثلها مثل الدعاية النازية في أوروبا، ودعاية الكوكلوكس كلان المعادية للزنوج في اميركا، والدعاية اليهودية والصهيونية المعادية للفلسطينيين والعرب والمسلمين في إسرائيل وخارجها ـ هي دعاية عنصرية تشجع وتبرر وتساعد الإرهاب، وتقع تحت طائلة القانون، وينبغي تقديم أصحابها للمحاكمة وزجهم في السجون.

 

لمصلحة من ادعاء اسقاط الطائرة المدنية الروسية؟

 

ولقد نشرت بعض وسائل التواصل الاجتماعي فيديو كليب (على طريقة المعارضة السورية في مطلع "الثورة السورية!") يستفاد منه ان الطائرة الروسية المنكوبة أسقطت بصاروخ محمول على الكتف. ولكن مراجع التحقيق الروسية والمصرية (التي لم تقل كلمتها الاخيرة بعد) تؤكد ان الطائرة كانت تطير على ارتفاع اكثر من 30 الف قدم، أي انها كانت بعيدة جدا عن متناول مثل هذه الصواريخ (ستينغر او امثاله). وبالتالي فإن الهدف من بث هذا "الفيديو كليب" هو "الاستغلال السياسي"، من جهة، وتضليل وتشتيت التحقيق، من جهة ثانية.

 

روسيا وحلفاؤها دعوا الى الحل السياسي منذ سنوات

 

ان روسيا، ومعها حلفاؤها الصين وايران وحزب الله وبمن فيهم الرئيس السوري، مارسوا مستويات عالية من ضبط النفس، ودعوا الى "الحل السياسي والسلمي" للازمة السورية منذ بدايتها منذ سنوات. ولكن المعارضة "السلمية" السورية كانت تزأر وتطالب من أسموهم "أصدقاء سوريا" بالسلاح، وتغض النظر بل وتساعد على ادخال عشرات الاف المسلحين الإرهابيين من شتى انحاء العالم لاحتلال سوريا وتخريبها وتدميرها من الداخل. وبعد مرور قرابة خمس سنوات على بدء الازمة، ومرور اكثر من سنة على تشكيل ما سمي "التحالف الدولي" لمكافحة الإرهاب بزعامة اميركا وقيام هذا التحالف بشن هجماته المسرحية والمشبوهة بالطيران ضد داعش، فإن داعش توسعت في الأراضي السورية، كما ان قادة المعارضة "السلمية" السورية ازدادوا ثراء، بموازاة زيادة افتراءاتهم وحملاتهم الإعلامية ضد حزب الله وايران وروسيا بسبب دعمهم للدولة السورية ووحدة وسلامة أراضيها والحل السياسي السلمي لازمتها.

 

روسيا اضطرت للتدخل العسكري لحماية سوريا

 

وأخيرا اضطرت روسيا للتدخل العسكري المحدود بالضربات الجوية لوقف العدوان الإرهابي الخارجي على سوريا ومساعدة الشعب السوري على الخروج من محنته.

ويبدو انه كان على روسيا ان ترفع "العصا لمن عصا" قبل الان. اذ قبل مضي شهر على بدء الحملة العسكرية الروسية، وافقت جميع الأطراف الدولية والإقليمية التي هي على صلة مباشرة بالازمة السورية على حضور اجتماع فيينا للبحث في الاقتراح الروسي القديم بإيجاد حل سياسي سلمي للازمة.

 

وصار من الواضح الان ان "دولة داعش" في سوريا ستسقط سلما او حربا. ثم إن دور المعارضة السورية "السلمية" و"المعتدلة"، بوصفها أداة إعلامية وتحريضية بيد داعش سيسقط أيضا، وسيسقط معها "مصدر رزقها".

 

وبناء على قاعدة "قطع الاعناق ولا قطع الارزاق"، عجلت المعارضة السورية "المعتدلة" و"السلمية"، مع او بدون دواعشها، بإصدار وترويج الفيديو كليب الذي يدعي اسقاط الطائرة المدنية الروسية بصاروخ يطلق عن الكتف.

 

ان المحققين الاختصاصيين الروس والمصريين والدوليين ينكبون الان على التحقيق في أسباب وقوع هذه الكارثة، وفيما اذا كان نتيجة عطل فني او عمل اجرامي ـ إرهابي.

واذا استبعدنا ـ تبعا للمراجع الروسية ـ ان تكون الطائرة المنكوبة أسقطت بصاروخ كتف ـ يبقى ان نتساءل: ما الدافع وراء حماس المعارضة السورية "المعتدلة" و"السلمية" لاسقاط الطائرة الروسية، بأي وسيلة كانت؟

 

المعارضة لا تريد تسوية سياسية

 

الجواب المنطقي في رأينا هو ما يلي:

 

ـ ان المعارضة السورية سواء "المعتدلة" منها أو"السلمية" أو"الداعشية" لا يهمها لا من قريب ولا من بعيد مصلحة الشعب السوري وإعادة السلم الأهلي الى سوريا، وهي متضايقة جدا من فرضية التوصل الى حل سياسي ضمن اطار لقاءات فيينا. وقد استغلت كارثة الطائرة لصب الزيت على النار، واستثارة القيادة الروسية وتحريضها على التخلي عن مساعيها للحل السياسي او حتى التخلي عن "الملف السوري" وترك الشعب السوري لمصيره تحت رحمة المعارضة وداعش واخواتها.

  • فريق ماسة
  • 2015-11-07
  • 9550
  • من الأرشيف

هذه هي التحديات الكبرى التي تواجه روسيا في الحرب السورية؟

بعد بدء حملتها العسكرية الفعالة ضد المنظمات الإرهابية داعش واخواتها، في سوريا، وبطلب رسمي من الحكومة الشرعية السورية، المعترف بها دوليا، ومن ضمن القوانين الدولية المرعية، اخذت روسيا تتعرض لحملة دعائية مضادة لم يسبق لها مثيل.   ولتعزيز هذه الحملة تواطأت الكتلة الدولية الموالية لاميركا مع تركيا لاطلاق عشرات آلاف اللاجئين السوريين باتجاه البلدان الأوروبية، بهدف استغلال مأساتهم خدمة للدعاية المعادية لروسيا، بالادعاء ان سبب تشريد وتهجير جماهير اللاجئين السوريين هو قمع (النظام السوري)، وان الطائرات الروسية لا تقصف داعش، وانما تقوم بدعم (النظام) وقصف "المعارضة المعتدلة"، وقصف البنى التحتية والمدنيين العزل في المناطق التي لا يسيطر عليها النظام ولا داعش. وجرت وتجري محاولات محمومة مأجورة لتحريض قسم من اللاجئين على التظاهر ورفع الشعارات واللافتات في هذا الاتجاه. ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، لما فيها من تبرئة لداعش والمنظمات الإرهابية من الجرائم التي ارتكبتها ولا تزال ضد جماهير الشعب السوري.   ولا يثير أي عجب، بل من طبيعة الأشياء ان ما يسمى "المعارضة المعتدلة" السورية، "الوطنية" او "الدينية" او "العلمانية"، قد انضمت فورا الى الحملة المعادية لروسيا، وهي تزايد على اميركا والسعودية وقطر ذاتها. على سبيل المثال لا القطع، عندما كانت العصابات المسلحة للمعارضة تهاجم مدينة معلولا، وتقتل المدنيين الى جانب العسكريين النظاميين وتحطم الكنائس وتخطف الراهبات، كان جورج صبرا يصرخ على شاشات التلفزيون بأن لا وجود للطائفية في سوريا.   جاهزون للحملة ضد روسيا قبل بدء القصف   وبالمثل، فإن ممثلي هذه "المعارضة المعتدلة" السورية الذين لا يجدون شائبة في سياسة الكتلة الغربية بزعامة اميركا تجاه سوريا، وفي تمويل وتدريب وتسليح ودعم المنظمات الإرهابية، انبروا فورا لمهاجمة روسيا واشهروا بوجهها صور المستشفيات والمدارس التي زعموا ان الطائرات الروسية قصفتها، حتى قبل ان يبدأ القصف. وهم يتهمون روسيا ـ كما سبق واتهموا حزب الله ـ بالعدوان على سوريا. وذهب بعضهم الى حد اتهام روسيا باحتلال سوريا.   ان هذه الحملة الدعائية السوداء ضد روسيا الصديقة التاريخية للعرب، ليس الهدف منها فقط تشويه وجهها وتبييض وجوه الأعداء التاريخيين لسوريا والعرب وروسيا، من اميركا ودول الناتو وتركيا وإسرائيل الى بعض الدول العربية التي تجند وتمول وتسلح الإرهابيين، بل ان هذه الحملة هي جزء من مخطط أوسع لمحاربة واستنزاف وضرب روسيا بمختلف الاشكال، من اجل اجبارها على سحب يدها من سوريا، وترك الشعب السوري المظلوم، والشعوب العربية كلها، تحت رحمة الامبريالية والصهيونية والعثمانية الجديدة والأنظمة العربية الغارقة في الرجعية، وتحت رحمة داعش واخواتها. ونشير فيما يلي الى بعض اهم المخاطر التي يراد تعريض روسيا لها، وامكانيات واحتمالات رد روسيا عليها:   العمليات الارهابية في الخارج   على ضوء سقوط (او إسقاط) الطائرة الروسية التي قتل فيها اكثر من 200 راكب مدني يوم السبت 31 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإن اول ما يتبادر الى الذهن هو توجيه المنظمات الإرهابية لشن حرب إرهاب عالمية ضد الوجود المدني الروسي في الخارج. والواقع ان شن حرب إرهابية خارجية ضد روسيا هو على جدول اعمال القوى المعادية لروسيا قبل ان تبدأ الحرب الجوية الروسية في سوريا. ونشير هنا الى 17 تموز 2014 تاريخ قيام طائرة حربية اوكرانية باسقاط الطائرة المدنية الماليزية بصاروخ جو ـ جو (حسب المعطيات الروسية الموثقة) والاتهام الفوري لروسيا وحلفائها الاوكرانيين باسقاط تلك الطائرة المنكوبة بصاروخ ارض ـ جو. وحتى الان ترفض اميركا والناتو والاتحاد الأوروبي والحكومة الانقلابية الأوكرانية تقديم الأدلة التي لديها والمساعدة في اجراء تحقيق دولي محايد في جريمة اسقاط الطائرة الماليزية. ومع ذلك يصرون على اتهام روسيا، مما ينم عن نوايا التحريض على القيام بعمليات إرهابية ضد الأهداف المدنية الروسية في الخارج. والان تنضم "المعارضة المعتدلة" السورية الى جوقة التحريض ضد روسيا لتشجيع وتبرير ضرب الوجود المدني والدبلوماسي الروسي في العالم.   "المعارضة المعتدلة" غطاء سياسي للارهاب   لقد استخدمت المعارضة السورية "المعتدلة" و"السلمية" في السابق كشاهد زور وكغطاء اعلامي وسياسي لاختراق الحدود السورية وإدخال (على دفعات) جيش مؤلف من مئات الاف المقاتلين من الخارج لضرب سوريا من الداخل باسم الإصلاح وتغيير النظام والدمقراطية.   وجاء التدخل العسكري الروسي المشروع، جنبا الى جنب مع الجيش السوري، وبالتعاون مع حزب الله والمتطوعين الإيرانيين والعراقيين وغيرهم ليضع حدا لهذه "اللعبة القذرة"، وللقضاء على المنظمات الإرهابية. وحتى لو تمت "تسوية سياسية" قريبة او غير قريبة للازمة السورية، فإن كل هذه المعارضة، ستدفع سياسيا وقانونيا ثمن ما ارتكبت اياديها القذرة.   ان حملة التحريض التي تشنها المعارضة السورية "المعتدلة" و"السلمية" ضد حزب الله وايران وروسيا، تعتمد على الأكاذيب والمعلومات المحرفة والمفبركة ـ مثلها مثل الدعاية النازية في أوروبا، ودعاية الكوكلوكس كلان المعادية للزنوج في اميركا، والدعاية اليهودية والصهيونية المعادية للفلسطينيين والعرب والمسلمين في إسرائيل وخارجها ـ هي دعاية عنصرية تشجع وتبرر وتساعد الإرهاب، وتقع تحت طائلة القانون، وينبغي تقديم أصحابها للمحاكمة وزجهم في السجون.   لمصلحة من ادعاء اسقاط الطائرة المدنية الروسية؟   ولقد نشرت بعض وسائل التواصل الاجتماعي فيديو كليب (على طريقة المعارضة السورية في مطلع "الثورة السورية!") يستفاد منه ان الطائرة الروسية المنكوبة أسقطت بصاروخ محمول على الكتف. ولكن مراجع التحقيق الروسية والمصرية (التي لم تقل كلمتها الاخيرة بعد) تؤكد ان الطائرة كانت تطير على ارتفاع اكثر من 30 الف قدم، أي انها كانت بعيدة جدا عن متناول مثل هذه الصواريخ (ستينغر او امثاله). وبالتالي فإن الهدف من بث هذا "الفيديو كليب" هو "الاستغلال السياسي"، من جهة، وتضليل وتشتيت التحقيق، من جهة ثانية.   روسيا وحلفاؤها دعوا الى الحل السياسي منذ سنوات   ان روسيا، ومعها حلفاؤها الصين وايران وحزب الله وبمن فيهم الرئيس السوري، مارسوا مستويات عالية من ضبط النفس، ودعوا الى "الحل السياسي والسلمي" للازمة السورية منذ بدايتها منذ سنوات. ولكن المعارضة "السلمية" السورية كانت تزأر وتطالب من أسموهم "أصدقاء سوريا" بالسلاح، وتغض النظر بل وتساعد على ادخال عشرات الاف المسلحين الإرهابيين من شتى انحاء العالم لاحتلال سوريا وتخريبها وتدميرها من الداخل. وبعد مرور قرابة خمس سنوات على بدء الازمة، ومرور اكثر من سنة على تشكيل ما سمي "التحالف الدولي" لمكافحة الإرهاب بزعامة اميركا وقيام هذا التحالف بشن هجماته المسرحية والمشبوهة بالطيران ضد داعش، فإن داعش توسعت في الأراضي السورية، كما ان قادة المعارضة "السلمية" السورية ازدادوا ثراء، بموازاة زيادة افتراءاتهم وحملاتهم الإعلامية ضد حزب الله وايران وروسيا بسبب دعمهم للدولة السورية ووحدة وسلامة أراضيها والحل السياسي السلمي لازمتها.   روسيا اضطرت للتدخل العسكري لحماية سوريا   وأخيرا اضطرت روسيا للتدخل العسكري المحدود بالضربات الجوية لوقف العدوان الإرهابي الخارجي على سوريا ومساعدة الشعب السوري على الخروج من محنته. ويبدو انه كان على روسيا ان ترفع "العصا لمن عصا" قبل الان. اذ قبل مضي شهر على بدء الحملة العسكرية الروسية، وافقت جميع الأطراف الدولية والإقليمية التي هي على صلة مباشرة بالازمة السورية على حضور اجتماع فيينا للبحث في الاقتراح الروسي القديم بإيجاد حل سياسي سلمي للازمة.   وصار من الواضح الان ان "دولة داعش" في سوريا ستسقط سلما او حربا. ثم إن دور المعارضة السورية "السلمية" و"المعتدلة"، بوصفها أداة إعلامية وتحريضية بيد داعش سيسقط أيضا، وسيسقط معها "مصدر رزقها".   وبناء على قاعدة "قطع الاعناق ولا قطع الارزاق"، عجلت المعارضة السورية "المعتدلة" و"السلمية"، مع او بدون دواعشها، بإصدار وترويج الفيديو كليب الذي يدعي اسقاط الطائرة المدنية الروسية بصاروخ يطلق عن الكتف.   ان المحققين الاختصاصيين الروس والمصريين والدوليين ينكبون الان على التحقيق في أسباب وقوع هذه الكارثة، وفيما اذا كان نتيجة عطل فني او عمل اجرامي ـ إرهابي. واذا استبعدنا ـ تبعا للمراجع الروسية ـ ان تكون الطائرة المنكوبة أسقطت بصاروخ كتف ـ يبقى ان نتساءل: ما الدافع وراء حماس المعارضة السورية "المعتدلة" و"السلمية" لاسقاط الطائرة الروسية، بأي وسيلة كانت؟   المعارضة لا تريد تسوية سياسية   الجواب المنطقي في رأينا هو ما يلي:   ـ ان المعارضة السورية سواء "المعتدلة" منها أو"السلمية" أو"الداعشية" لا يهمها لا من قريب ولا من بعيد مصلحة الشعب السوري وإعادة السلم الأهلي الى سوريا، وهي متضايقة جدا من فرضية التوصل الى حل سياسي ضمن اطار لقاءات فيينا. وقد استغلت كارثة الطائرة لصب الزيت على النار، واستثارة القيادة الروسية وتحريضها على التخلي عن مساعيها للحل السياسي او حتى التخلي عن "الملف السوري" وترك الشعب السوري لمصيره تحت رحمة المعارضة وداعش واخواتها.

المصدر : صوفيا جورج حداد/ العهد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة