لم يؤد جلوس الوفدين الإيراني والسعودي حول طاولة واحدة في فيينا لإيجاد حل للأزمة السورية إلى إذابة الجليد بين البلدين، حيث ردّت طهران، أمس، على الرياض، مهددة بمقاطعة محادثات «فيينا السوري» إذا بقيت غير بنّاءة، ووبّخت وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي «يتحدث بوقاحة أمام من يكبرونه سناً».

 في هذا الوقت، اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن على روسيا المساعدة في البحث عن حل سياسي بسوريا، وألا تكتفي بدعم الرئيس بشار الأسد، فيما دعا المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، من دمشق، إلى وقف جديد لإطلاق النار، للبناء على الجهود الديبلوماسية المبذولة في فيينا لإنهاء النزاع.

وكان لافتاً أمس، ضمّ الطيران الروسي تدمر إلى دائرة أهدافه. وأعلن الجيش الروسي أن طائرات «سوخوي» أغارت للمرة الأولى على منطقة مدينة تدمر، التي يسيطر عليها تنظيم «داعش». وذكرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن «المقاتلات الروسية دمّرت موقعاً دفاعياً وبطاريات مضادة للطائرات للتنظيم في منطقة تدمر»، لافتة إلى قصف 237 هدفاً «إرهابياً» في اليومين الماضيين في محافظات حماه وحمص واللاذقية وحلب والرقة وحرستا في ريف دمشق.

وفي أحدث تطورات الخلاف بين طهران والرياض يمكن أن يؤثر على جهود تخفيف التوتر في الشرق الأوسط، خصوصاً سوريا، هددت طهران من إنها ستنسحب من محادثات «فيينا السورية» إذا وجدتها غير بنّاءة، مشيرة إلى «دور سلبي» للرياض.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في تصريح لقناة «العالم» الإيرانية، «في الجولة الأولى من المحادثات لعبت بعض الدول، وخاصة السعودية، دوراً سلبياً وغير بنّاء. لن تشارك إيران إن لم تكن المحادثات مثمرة».

وأكد «ضرورة إيجاد ظروف تمكّن الشعب السوري من اتخاذ قرار مستقبل بلده السياسي. إن أريد للاجتماعات أن تستمر في هذا الإطار فإن إيران ستدعم مسار الحوار ورفد العملية السياسية ومكافحة الإرهاب في سوريا، وإن توصلنا إلى إيجابية في هذه الاجتماعات فسوف نرافقها في المستقبل». وقال «نرى ضرورة أن تسير (عملية) مكافحة الإرهاب تزامناً مع العملية السياسية في سوريا وذلك وفقاً لما يريده الشعب السوري في محصلة الأمر».

وحذّر عبد اللهيان وزير الخارجية السعودي من «مغبّة اختبار صبرنا»، مشيراً إلى أن الجبير يصرّ على «أن يقرر الموجودون في الاجتماع مصير الرئيس الشرعي لسوريا عوضاً عن الشعب السوري». وقال «من النقاط الغريبة في اجتماع فيينا أن السعودية وبعض الدول كانت مصرّة على ألا يحسم موضوع بشار الأسد عن طريق الانتخابات ورأي الشعب السوري، وعلى أن تعطى ضمانات في هذا الاجتماع، أو من خلال عملية سياسية انتقالية، لكي يتنحى الرئيس الأسد عن السلطة».

وفي انتقادات شخصية غير معتادة بدا وكأن روحاني يوبّخ الجبير. وقال «لن يصل شاب قليل الخبرة في إحدى بلدان المنطقة لأي شيء حين يتحدث بوقاحة أمام من يكبرونه سناً». ولم يذكر «الشاب» الذي يقصده بالاسم، لكن يعتقد أنه كان يتحدث عن الجبير.

ودعا روحاني، في كلمة أمام سفراء إيران في الخارج المجتمعين في طهران، السعودية إلى وقف «تدخلاتها» في المنطقة للسماح بقيام تعاون بين البلدين. وقال «إذا اقتربت رؤية السعودية حول المسائل الإقليمية الكبرى من الواقع وأوقفت تدخلاتها، فسنتمكن من تسوية كثير من المشكلات ولا سيما في العلاقات» الثنائية.

 كيري ودي ميستورا

وقال كيري، في مقابلة مع قناة «مير» في كازاخستان، إن «روسيا والولايات المتحدة تمكنتا خلال اجتماعات فيينا من إحراز تقدم حول موضوع التسوية السورية»، واصفاً المحادثات بأنها كانت مثمرة للغاية، معتبراً أن «الأمر يتوقف فعلا بشكل كبير على الاختيارات التي تقوم بها روسيا سواء بالبحث عن حل سياسي أو الاكتفاء بدعم نظام الأسد. لو أن الأمر يتعلق فقط بالنظام فهناك مشكلة». وربط هذه المشكلة بموقف تركيا وقطر والسعودية والمعارضة السورية «الذين لن يتوقفوا عن حربهم ضد الأسد».

وشدد على أن «السبيل الوحيد لإنهاء الحرب يكمن في دعوة السيد الأسد إلى عدم المقاومة لتشكيل الحكومة الجديدة، إذ بإمكانه أن يساعد في ذلك لإنقاذ بلاده». واعتبر أن «وجود روسيا من أجل دعم النظام فقط يؤدي إلى ظهور قضايا جديدة في المنطقة».

وقال، رداً على سؤال عما إذا كانت واشنطن تخطط للتنسيق مع روسيا لدى إرسال عسكريين إلى سوريا، «طبعاً، إننا نريد تنسيق خطواتنا مع روسيا، لكننا لا نريد أن نكتفي بهذا القدر فقط، بل نريد تعاونا أوسع، لكن هذا الأمر مرتبط بروسيا وبالقرارات التي تتخذها في سياق الإجراءات السياسية لإحلال السلام».

وقال دي ميستورا، في ختام زيارة إلى دمشق وضع خلالها المسؤولين السوريين في أجواء محادثات فيينا، «ما نحتاجه هو بعض الوقائع على الأرض، بعض وقف إطلاق النار وخفض العنف». وأضاف «من شأن ذلك أن يحدث فرقاً كبيراً لإعطاء الشعب السوري انطباعاً بأن أجواء فيينا لها تأثير عليهم».

وأوضح دي ميستورا انه ناقش خلال لقاءاته في دمشق «جوانب محادثات فيينا، لان الحكومة السورية لم تكن حاضرة ولا المعارضة»، معتبراً انه «من المهم جدا أن يكون كل سوري مشاركاً ومطلعاً على هذا الموضوع. من واجبي القيام بهذه المهمة، وأنا أقوم بها».

واقترح دي ميستورا في 29 تموز الماضي خطة جديدة للسلام تتضمن تأليف أربعة «فرق عمل» بين السوريين لبحث المسائل الأكثر تعقيداً، والمتمثلة بالسلامة والحماية، ومكافحة الإرهاب، والقضايا السياسية والقانونية، وإعادة الاعمار. وقال، من دمشق، «نتجه إلى إطلاق مجموعات العمل الخاصة التي ستكون كما تعرفون أحد جوانب متابعة محادثات فيينا، واعتقد أن الوزير (وليد) المعلم أعلن في الجمعية العامة (للأمم المتحدة) بأنهم (الحكومة السورية) سيكونون جزءا منها».

  • فريق ماسة
  • 2015-11-03
  • 9948
  • من الأرشيف

دي ميستورا يطالب بوقف للنار.. و«السوخوي» تستهدف تدمر ..وطهران تهدّد بمقاطعة «فيينا السوري»

لم يؤد جلوس الوفدين الإيراني والسعودي حول طاولة واحدة في فيينا لإيجاد حل للأزمة السورية إلى إذابة الجليد بين البلدين، حيث ردّت طهران، أمس، على الرياض، مهددة بمقاطعة محادثات «فيينا السوري» إذا بقيت غير بنّاءة، ووبّخت وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي «يتحدث بوقاحة أمام من يكبرونه سناً».  في هذا الوقت، اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن على روسيا المساعدة في البحث عن حل سياسي بسوريا، وألا تكتفي بدعم الرئيس بشار الأسد، فيما دعا المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، من دمشق، إلى وقف جديد لإطلاق النار، للبناء على الجهود الديبلوماسية المبذولة في فيينا لإنهاء النزاع. وكان لافتاً أمس، ضمّ الطيران الروسي تدمر إلى دائرة أهدافه. وأعلن الجيش الروسي أن طائرات «سوخوي» أغارت للمرة الأولى على منطقة مدينة تدمر، التي يسيطر عليها تنظيم «داعش». وذكرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن «المقاتلات الروسية دمّرت موقعاً دفاعياً وبطاريات مضادة للطائرات للتنظيم في منطقة تدمر»، لافتة إلى قصف 237 هدفاً «إرهابياً» في اليومين الماضيين في محافظات حماه وحمص واللاذقية وحلب والرقة وحرستا في ريف دمشق. وفي أحدث تطورات الخلاف بين طهران والرياض يمكن أن يؤثر على جهود تخفيف التوتر في الشرق الأوسط، خصوصاً سوريا، هددت طهران من إنها ستنسحب من محادثات «فيينا السورية» إذا وجدتها غير بنّاءة، مشيرة إلى «دور سلبي» للرياض. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في تصريح لقناة «العالم» الإيرانية، «في الجولة الأولى من المحادثات لعبت بعض الدول، وخاصة السعودية، دوراً سلبياً وغير بنّاء. لن تشارك إيران إن لم تكن المحادثات مثمرة». وأكد «ضرورة إيجاد ظروف تمكّن الشعب السوري من اتخاذ قرار مستقبل بلده السياسي. إن أريد للاجتماعات أن تستمر في هذا الإطار فإن إيران ستدعم مسار الحوار ورفد العملية السياسية ومكافحة الإرهاب في سوريا، وإن توصلنا إلى إيجابية في هذه الاجتماعات فسوف نرافقها في المستقبل». وقال «نرى ضرورة أن تسير (عملية) مكافحة الإرهاب تزامناً مع العملية السياسية في سوريا وذلك وفقاً لما يريده الشعب السوري في محصلة الأمر». وحذّر عبد اللهيان وزير الخارجية السعودي من «مغبّة اختبار صبرنا»، مشيراً إلى أن الجبير يصرّ على «أن يقرر الموجودون في الاجتماع مصير الرئيس الشرعي لسوريا عوضاً عن الشعب السوري». وقال «من النقاط الغريبة في اجتماع فيينا أن السعودية وبعض الدول كانت مصرّة على ألا يحسم موضوع بشار الأسد عن طريق الانتخابات ورأي الشعب السوري، وعلى أن تعطى ضمانات في هذا الاجتماع، أو من خلال عملية سياسية انتقالية، لكي يتنحى الرئيس الأسد عن السلطة». وفي انتقادات شخصية غير معتادة بدا وكأن روحاني يوبّخ الجبير. وقال «لن يصل شاب قليل الخبرة في إحدى بلدان المنطقة لأي شيء حين يتحدث بوقاحة أمام من يكبرونه سناً». ولم يذكر «الشاب» الذي يقصده بالاسم، لكن يعتقد أنه كان يتحدث عن الجبير. ودعا روحاني، في كلمة أمام سفراء إيران في الخارج المجتمعين في طهران، السعودية إلى وقف «تدخلاتها» في المنطقة للسماح بقيام تعاون بين البلدين. وقال «إذا اقتربت رؤية السعودية حول المسائل الإقليمية الكبرى من الواقع وأوقفت تدخلاتها، فسنتمكن من تسوية كثير من المشكلات ولا سيما في العلاقات» الثنائية.  كيري ودي ميستورا وقال كيري، في مقابلة مع قناة «مير» في كازاخستان، إن «روسيا والولايات المتحدة تمكنتا خلال اجتماعات فيينا من إحراز تقدم حول موضوع التسوية السورية»، واصفاً المحادثات بأنها كانت مثمرة للغاية، معتبراً أن «الأمر يتوقف فعلا بشكل كبير على الاختيارات التي تقوم بها روسيا سواء بالبحث عن حل سياسي أو الاكتفاء بدعم نظام الأسد. لو أن الأمر يتعلق فقط بالنظام فهناك مشكلة». وربط هذه المشكلة بموقف تركيا وقطر والسعودية والمعارضة السورية «الذين لن يتوقفوا عن حربهم ضد الأسد». وشدد على أن «السبيل الوحيد لإنهاء الحرب يكمن في دعوة السيد الأسد إلى عدم المقاومة لتشكيل الحكومة الجديدة، إذ بإمكانه أن يساعد في ذلك لإنقاذ بلاده». واعتبر أن «وجود روسيا من أجل دعم النظام فقط يؤدي إلى ظهور قضايا جديدة في المنطقة». وقال، رداً على سؤال عما إذا كانت واشنطن تخطط للتنسيق مع روسيا لدى إرسال عسكريين إلى سوريا، «طبعاً، إننا نريد تنسيق خطواتنا مع روسيا، لكننا لا نريد أن نكتفي بهذا القدر فقط، بل نريد تعاونا أوسع، لكن هذا الأمر مرتبط بروسيا وبالقرارات التي تتخذها في سياق الإجراءات السياسية لإحلال السلام». وقال دي ميستورا، في ختام زيارة إلى دمشق وضع خلالها المسؤولين السوريين في أجواء محادثات فيينا، «ما نحتاجه هو بعض الوقائع على الأرض، بعض وقف إطلاق النار وخفض العنف». وأضاف «من شأن ذلك أن يحدث فرقاً كبيراً لإعطاء الشعب السوري انطباعاً بأن أجواء فيينا لها تأثير عليهم». وأوضح دي ميستورا انه ناقش خلال لقاءاته في دمشق «جوانب محادثات فيينا، لان الحكومة السورية لم تكن حاضرة ولا المعارضة»، معتبراً انه «من المهم جدا أن يكون كل سوري مشاركاً ومطلعاً على هذا الموضوع. من واجبي القيام بهذه المهمة، وأنا أقوم بها». واقترح دي ميستورا في 29 تموز الماضي خطة جديدة للسلام تتضمن تأليف أربعة «فرق عمل» بين السوريين لبحث المسائل الأكثر تعقيداً، والمتمثلة بالسلامة والحماية، ومكافحة الإرهاب، والقضايا السياسية والقانونية، وإعادة الاعمار. وقال، من دمشق، «نتجه إلى إطلاق مجموعات العمل الخاصة التي ستكون كما تعرفون أحد جوانب متابعة محادثات فيينا، واعتقد أن الوزير (وليد) المعلم أعلن في الجمعية العامة (للأمم المتحدة) بأنهم (الحكومة السورية) سيكونون جزءا منها».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة