في التاسع من أيلول ظهرت في النسخة البريطانية من صحيفة ديلي اكسبرس، معلومات تتحدث عن بناء قاعدة جوية روسية في سورية، وفي اليوم نفسه قال مسؤولون في الحكومة الأمريكية أن طائرات مقاتلة روسية قد هبطت في سوريا.

 وسبق ذلك كله شريط فيديو تم تسجيله في سورية ظهرت فيه دبابات روسية جديدة بالتزامن مع صور لجنود من الجيش الروسي في احدى المدن السورية ملأت شبكات التواصل الاجتماعية.

 أما ما يمكن تسميته بهستيريا الغرب حول زيادة الدعم والمساعدات العسكرية الروسية للرئيس السوري بشار الأسد فقد بدأت في أول الشهر الحالي، وأولى وسائل الاعلام المذعورة كانت الاسرائيلية تليها وسائل الإعلام الأوروبية ثم الأميركية.

 وكان قد صرّح سابقاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا تقدم دعماً كافياً لسورية وسوف تقوم بزيادة هذا الدعم ولكن الحديث عن مشاركة موسكو في العمليات العسكرية ضد المتطرفين سابق لأوانه. وخطاب بوتين في ذلك الوقت كان قد أكده وزير الخارجية السوري وليد المعلم في حديثه مع وسائل اعلام غربية حيث قال أنه في الوقت الحاضر الجيش الروسي لا يشارك في القتال إلى جانب الجيش السوري. لكن سورية في أي لحظة يمكن أن تطلب ذلك من روسيا. أي أنه لم يكن هناك انكار أو نفي صريح لوجود قوات روسية في سورية بل وحتى هناك تلميح من قبل مسؤولين رفيعي المستوى لوجود هذه القوات.

 وحول هذا الموضوع، قدم موقع "روسيا الأرثوذكسية" التحليلي معلومات مهمة، وجاء فيه:

 إن أول دليل على أن روسيا تساعد القوات السورية بالأسلحة والذخيرة ظهرت في منتصف عام 2011 في ميناء طرطوس التي تقع فيه القاعدة البحرية العسكرية الروسية الوحيدة خارج أراضي الاتحاد الروسي، بدأت منها واليها رحلات بحرية مستمرة قامت بها سفينة الإنزال الكبيرة نيكولاي فيلتشينكوف.

 لا توجد احصاءات دقيقة حول عدد الرحلات التي قامت بها خلال عامي 2011 و 2012 لكن من المعلوم أنه في عام 2013 قامت 6 من سفن أسطول البحر الأسود وبحر البلطيق بـ 11 رحلة الى الميناء المذكور. وبعد مرور عام وصل عدد الرحلات إلى 23 رحلة قامت بها سفن روسية، وفي عام 2015 قامت بعبور مضيق البوسفور 18 مرة دون أن يلاحَظ وجود حمولة فيها بسبب تصميم تلك السفن الذي يسمح بتخزين الحمولات داخل جسمها.

 على الرغم من ذلك كان هناك صور ظهرت قبل عام ونصف العام، وتماماً في فبراير شباط من العام2014 ، حيث أظهرت تلك الصور وجود أسلحة روسية حديثة لدى الجيش السوري ومن ضمنها منظومة /سميرتش/ الصاروخية والتي لم تكن موجودة سابقاً ضمن العتاد الحربي للجيش السوري.

 في أكتوبر من نفس العام ظهرت صور لكاسحة الألغام UR77 (بالروسية – УР-77) بالإضافة إلى الأسلحة الثقيلة والخفيفة التي تم تزويد الجيش السوري بها.

 في ربيع عام 2013 قامت سورية بطلب منظومات أسلحة جديدة مثل طلب عشرين ألف بندقية من نوع M74-AK2000 بالإضافة إلى 400 رشاش من نوع كورد ورشاشات من نوع PKC وقناصات حديثة من نوع KCVK التي تصيب أهدافها من على بعد 1300 متر.

 الحديث عن خبراء عسكريين وفنيين روسيين في سورية بدأ في أكتوبر تشرين الاول من العام 2014 عندما ظهرت مقاطع مصورة في تل الحارة في محافظة درعا الحدودية والتي كانت تظهر منظومات الكترونية وعليها كتابات باللغتين الروسية والعربية، وهذه المعدات حسب خبراء يمكن أن تستخدم لالتقاط محادثات الارهابيين.

 “سلوك روسيا حول سورية مفهوم تماماً، فالرئيس السوري بشار الأسد يبقى عمليا الحليف الوحيد الموثوق في منطقة الشرق الأوسط لذلك أي خيانة من جانبنا ستكون بمثابة ضربة قوية للهيبة الروسية الدولية فنحن بالفعل في السنوات ال 30 الماضية تخلينا عن العديد من الحلفاء”

 إضافة إلى ذلك روسيا لا يمكنها أن تكون مرتاحة لاحتمال انتصار تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي في سورية وخصوصاً أن الكثير من مقاتلي هذا التنظيم قد أتوا من دول الاتحاد السوفييتي السابق والعديد منهم يحمل الجنسية الروسية لذلك يمكن أن يعودوا الى بلدانهم الأساسية ويشكلوا بذلك خطراً مباشراً على روسيا.

 ما الذي تسبب اذاً في “الهستيريا الغربية” وموجة الهجمات الاعلامية المعادية لروسيا؟

 منطق الحس السليم يقول أن الرئيس بشار الأسد هو الوحيد الذي يمكنه أن يقف في مواجهة التنظيم الارهابي، والجيش السوري هو الطرف الوحيد الذي يقوم بشكل جدي بالدفاع ليس فقط عن سورية بل عن كل العالم المتحضّر.

 ومع ذلك الغرب لا يريد أن يستوعب هذه الحقيقة وعلاوة على ذلك بدأت واشنطن تهدد موسكو بعزلة دولية جديدة في حال لم تقطع الأخيرة المساعدات عن السلطات السورية، حيث أن الولايات المتحدة طوال الوقت تبحث عن ذريعة لتعزيز العقوبات ضد روسيا بالتزامن مع الأحداث في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه أنضم الرئيس الأوكراني بيتر بوروشينكو الى حملة النقد ضد روسيا واصفاً التدخل الروسي في سورية بأنه شكل جديد من أشكال الامبريالية الروسية وان روسيا تستعد لاحتلال الشرق الأوسط عسكرياً.

 طبعاً هذه الادعاءات يمكن وصفها بالهراء الغربي والذي لايستحق أن نأخذه على محمل الجد ويضاف اليه أيضاً تلك الادعاءات الأخرى مثل القاء اللوم على نظام الأسد فيما يخص موجة المهاجرين السوريين والقول أن نظام الأسد هو السبب الرئيس في هذه الهجرة.

 من كل ذلك يمكن الاستنتاج أن فرض عقوبات إضافية على موسكو يعد هدفاً أساسياً لدى الغرب.

 العملية العسكرية الروسية ضد تنظيم داعش قد أفشلت مخططات الولايات المتحدة الأميركية في اسقاط نظام الرئيس الأسد حيث أن الخطة الأميركية كانت ستبدأ بقصف أميركي لمواقع الجيش السوري ومن ثم – وتحت غطاء جوي أميركي – يتم التدخل برياً من قبل الجيش التركي تحت ذريعة مواجهة خطر المعارضة الكردية المسلحة المتمثلة أساساً بحزب العمال الكردستاني، حيث أن السلطات التركية كانت قد اتهمت الأكراد بوقوفهم وراء سلسلة من العمليات الإرهابية داخل الأراضي التركية، علما أنه ليس من الواضح حتى الآن ان كانت تلك العمليات فعلاً من تنفيذ الأكراد أم أنها عمليات مدبرة قامت بها أجهزة الأمن التركية.

 القوات التركية ضمن الخطة المذكورة ستقوم بإنشاء منطقة عازلة شمالي سورية بحيث تكون خالية من المسلحين الأكراد المزعومين على طول الحدود التركية السورية بطول 100 كم وعرض 90 كم. وتم اعتماد قرار إنشاء تلك المنطقة في  28 يوليو في اجتماع طارئ لمجلس حلف شمال الأطلسي /الناتو/ الذي عقد بناء على طلب من أنقرة.

 وعلى أساس الخطة الموضوعة كان من المفترض أن تكون المنطقة العازلة هي القاعدة الرئيسية للمعارضة السورية المعتدلة  ليأتي بعد ذلك موعد بدء حملة عسكرية ضد دمشق، ولا يستبعد أنه تحت ستار المعارضة سوف تضم عناصر من القوات المسلحة التركية ووحدات خاصة من قوات حلف شمال الاطلسي.

 كل هذا كان ينبغي أن يؤدي إلى القضاء على نظام بشار الأسد،

 ولكن تحرك روسيا المفاجئ قد وضع كل تلك الأفكار والمخططات في موضع الخطر. كما عبر بعض المسؤولين الغربيين عن قلقهم حيال المعلومات التي تتحدث عن خطط روسية وإيرانية على بناء مخيمات خاصة للاجئين السوريين حيث تحدثت تلك المعلومات عن طلب رئيس الحكومة السوري وائل الحلقي من وزارة الطوارئ الروسية المساعدة في تنظيم عدة مناطق من أجل انشاء تلك المخيمات ولقد تم نقل العديد من المعدات اللازمة الى سوريا.

 في أوائل شهر سبتمبر تلقت طهران نداءً مماثلا من القيادة السورية

 وكما أصبح من المعروف مؤخراً أن سورية فتحت مخيمها الاول للاجئين في مدينة حماة السورية على مساحة 500 متر مربع وهو تحت حماية القوات الروسية. والشي نفسه يمكن أن يقال عن المخيم الإيراني والذي سوف يكون تحت رعاية القوات الايرانية.

 هذا يعني أن أي استفزاز مسلح من الخارج ضد الحكومة السورية سيوجه ليس فقط ضد دمشق ولكن بشكل مباشر ضد موسكو وطهران. واليوم يمكننا قراءة تعليقات في وسائل إعلام تركية تتحدث عن أن الجيش التركي من غير المرجح أن يلعب دوراً قيادياً في أي عملية برية ضد سورية. ودون عملية برية فإن الاطاحة بالرئيس السوري ستفشل .

 فقاعة صابون وليست معارضة

  لم تقدم الولايات المتحدة للعالم بديل جدي عن بشار الأسد من المعارضة التي تسميها بالمعتدلة. وفي الآونة الأخيرة طفت على السطح فضيحة تدريب مقاتلي ما يسمى بالجيش السوري الحر قامت بها الولايات المتحدة ضمن الأراضي التركية حيث أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد طلب من الكونغرس مبلغاً قدره 500 مليون دولار اميركي لتمويل عملية تدريب المعارضة السورية المسلحة.. واستمر برنامج التدريب لسنتين وشمل عدة الاف من المقاتلين.. لتليها بعد ذلك المرحلة الثانية من التدريب والتي استمرت 6 أشهر لتأتي بنتائج كارثية بالنسبة لواشنطن. ففي جلسة استماع أمام الكونغرس الأميركي أعترف الأدميرال جون كيربي أنه من بين 5 الاف مقاتل سوري جرى تدريبهم هناك 4 أو 5 مقاتلين فقط ممن يحاربون ضمن صفوف المعارضة “المعتدلة”.

 في حقيقة الامر، في بداية هذا العام قامت السلطات الاميركية بتدريب نحو 60 مقاتل سوري وانفقت على عملية التدريب حوالي 40 مليون دولار

 لكن كلهم قد لقوا حتفهم في أول مواجهة عسكرية على الأراضي السورية، وبذلك فإن الادارة الاميركية اعترفت بعدم جدوى عمليات التدريب تلك، وكذلك لم يحالفها الحظ في ايجاد المزيد من المتطوعين، إذ يتدرب الآن حوالي 100 مقاتل فقط.

 وبذلك يمكن القول أن النصف مليار دولار الذي أنفقته واشنطن قد ذهب مع الريح ودون أي فائدة تذكر.. علاوة على ذلك أصبح من المعروف اليوم أن أفضل مقاتل ممن دربتهم واشنطن يقاتل الآن لصالح تنظيم “داعش” الارهابي حسب ما جاء في مجلة BusinessInsider والتي نشرت مقالاً تتحدث فيه عن أبو عمر الشيشاني واصفةً اياه بأحد أفضل القادة الميدانيين لدى التنظيمات الاسلامية.

 وتتحدث المجلة في مقالها عن أبو عمر الشيشاني بأنه شيشاني جورجي أسمه الحقيقي هو /تارخان باتيراشفيلي/ والذي تلقى قبل عدة سنوات تدريباً على أيدي الخبراء الأميركيين ضمن ايطار تدريب واشنطن للجيش الجورجي الجديد. وكان باتيراشفيلي كان قد خاض معاركاً ضد القوات الروسية في جورجيا في شهر أب من العام 2008 ليصبح بعدها مقاتلاً متشدد وينضم لصفوف “داعش”.

 بشكل عام يمكن القول أن هناك فشل ذريع في سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية وهو ما يمكن اعتباره السبب الرئيس في ظهور مجموعة من التقديرات والآراء في السنوات الأخيرة والتي تقدم بها العديد من الخبراء معتبرين أنه على واشنطن نسيان فكرة الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد كهدف أساسي لسياستها في الشرق الأوسط، بل وإن عليها ببساطة أن تنسق مع روسيا بشكل فعال في الحرب ضد تنظيم الدولة الارهابي.

  المحلل السياسي /توماس غراهام/  نشر في صحيفة المصلحة الوطنية – The National Interest

 “الولايات المتحدة يجب عليها أولا أن تقوم بتحديد الأولويات حتى نتمكن من التعامل مع المسائل الملحة مع عدم التضحية بالمصالح طويلة الأمد الخاصة بنا والتفكير في كيف يمكننا جعل العمليات الروسية تصب في مصلحتنا

 بالإضافة إلى ذلك يجب أن نتعاون مع موسكو حول مسألة تغيير النظام السياسي في سورية، وبغض النظر عن عدد المشاكل التي قد تنشأ من هذه العملية فإننا وبادئ ذي بدء علينا الاعتراف ببديهية أن أحدا لن يستطيع القيام بإعادة تجميع سورية لتعود دولة واحدة كما كانت عليه، وحتى لو قمنا بهزيمة تنظيم داعش فأنه على الأرجح سوف تتشكل على الأرض السورية عدة دويلات والتي حدودها في نهاية المطاف قد تمتد لخارج الحدود السورية الحالية. وبالأخذ بعين الاعتبار علاقة موسكو مع النظام السوري فأن موسكو بلا شك ستلعب دوراً مفصلياً في رسم حدود هذه الدويلات لذلك علين أن نحاول الاتفاق مع موسكو إن كنا نريد أن نوجد معارضة معتدلة لنظام الأسد بغض النظر عن الصعوبات التي قد نواجهها”

 لكن أن تقوم الولايات المتحدة بمحاولة التوافق مع روسيا حول سورية هو أمر مشكوك به نظراً للثقة المتهورة لدى الأميركيين أنهم يستطيعون حل كل المشكلات بمفردهم في العالم

 وحسب ما قال /سيمون باغداساروف/ :

 “عندما أرى كيف أن قناة الجزيرة القطرية تستضيف بشكل متكرر السيد جولاني وهو زعيم جبهة النصرة في سورية فرع تنظيم القاعدة وكيف أنهم يحاولون اظهاره على انه معتدل فأنني أفهم أن هناك شيء جدي وخطير يتم التحضير له”

 وبالنظر إلى أن قطر هي حليف مجرب وحقيقي للولايات المتحدة في الخليج العربي (الخليج الفارسي) وأن قناة الجزيرة هي في الواقع فرع من آلة الدعاية في وزارة الخارجية القطرية فإنه من الواضح جداً ان الامور قد تتفاقم مستقبلاً وأن هناك احتمال حقيقي لحدوث مواجهة خطيرة عسكرية بين الدول الكبرى ونتائج هذه المواجهة لا أحد يستطيع التكهن بها اليوم.

  • فريق ماسة
  • 2015-10-30
  • 14907
  • من الأرشيف

مجدداً.. بوتين يفشل الخطط الأمريكية في سورية

في التاسع من أيلول ظهرت في النسخة البريطانية من صحيفة ديلي اكسبرس، معلومات تتحدث عن بناء قاعدة جوية روسية في سورية، وفي اليوم نفسه قال مسؤولون في الحكومة الأمريكية أن طائرات مقاتلة روسية قد هبطت في سوريا.  وسبق ذلك كله شريط فيديو تم تسجيله في سورية ظهرت فيه دبابات روسية جديدة بالتزامن مع صور لجنود من الجيش الروسي في احدى المدن السورية ملأت شبكات التواصل الاجتماعية.  أما ما يمكن تسميته بهستيريا الغرب حول زيادة الدعم والمساعدات العسكرية الروسية للرئيس السوري بشار الأسد فقد بدأت في أول الشهر الحالي، وأولى وسائل الاعلام المذعورة كانت الاسرائيلية تليها وسائل الإعلام الأوروبية ثم الأميركية.  وكان قد صرّح سابقاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا تقدم دعماً كافياً لسورية وسوف تقوم بزيادة هذا الدعم ولكن الحديث عن مشاركة موسكو في العمليات العسكرية ضد المتطرفين سابق لأوانه. وخطاب بوتين في ذلك الوقت كان قد أكده وزير الخارجية السوري وليد المعلم في حديثه مع وسائل اعلام غربية حيث قال أنه في الوقت الحاضر الجيش الروسي لا يشارك في القتال إلى جانب الجيش السوري. لكن سورية في أي لحظة يمكن أن تطلب ذلك من روسيا. أي أنه لم يكن هناك انكار أو نفي صريح لوجود قوات روسية في سورية بل وحتى هناك تلميح من قبل مسؤولين رفيعي المستوى لوجود هذه القوات.  وحول هذا الموضوع، قدم موقع "روسيا الأرثوذكسية" التحليلي معلومات مهمة، وجاء فيه:  إن أول دليل على أن روسيا تساعد القوات السورية بالأسلحة والذخيرة ظهرت في منتصف عام 2011 في ميناء طرطوس التي تقع فيه القاعدة البحرية العسكرية الروسية الوحيدة خارج أراضي الاتحاد الروسي، بدأت منها واليها رحلات بحرية مستمرة قامت بها سفينة الإنزال الكبيرة نيكولاي فيلتشينكوف.  لا توجد احصاءات دقيقة حول عدد الرحلات التي قامت بها خلال عامي 2011 و 2012 لكن من المعلوم أنه في عام 2013 قامت 6 من سفن أسطول البحر الأسود وبحر البلطيق بـ 11 رحلة الى الميناء المذكور. وبعد مرور عام وصل عدد الرحلات إلى 23 رحلة قامت بها سفن روسية، وفي عام 2015 قامت بعبور مضيق البوسفور 18 مرة دون أن يلاحَظ وجود حمولة فيها بسبب تصميم تلك السفن الذي يسمح بتخزين الحمولات داخل جسمها.  على الرغم من ذلك كان هناك صور ظهرت قبل عام ونصف العام، وتماماً في فبراير شباط من العام2014 ، حيث أظهرت تلك الصور وجود أسلحة روسية حديثة لدى الجيش السوري ومن ضمنها منظومة /سميرتش/ الصاروخية والتي لم تكن موجودة سابقاً ضمن العتاد الحربي للجيش السوري.  في أكتوبر من نفس العام ظهرت صور لكاسحة الألغام UR77 (بالروسية – УР-77) بالإضافة إلى الأسلحة الثقيلة والخفيفة التي تم تزويد الجيش السوري بها.  في ربيع عام 2013 قامت سورية بطلب منظومات أسلحة جديدة مثل طلب عشرين ألف بندقية من نوع M74-AK2000 بالإضافة إلى 400 رشاش من نوع كورد ورشاشات من نوع PKC وقناصات حديثة من نوع KCVK التي تصيب أهدافها من على بعد 1300 متر.  الحديث عن خبراء عسكريين وفنيين روسيين في سورية بدأ في أكتوبر تشرين الاول من العام 2014 عندما ظهرت مقاطع مصورة في تل الحارة في محافظة درعا الحدودية والتي كانت تظهر منظومات الكترونية وعليها كتابات باللغتين الروسية والعربية، وهذه المعدات حسب خبراء يمكن أن تستخدم لالتقاط محادثات الارهابيين.  “سلوك روسيا حول سورية مفهوم تماماً، فالرئيس السوري بشار الأسد يبقى عمليا الحليف الوحيد الموثوق في منطقة الشرق الأوسط لذلك أي خيانة من جانبنا ستكون بمثابة ضربة قوية للهيبة الروسية الدولية فنحن بالفعل في السنوات ال 30 الماضية تخلينا عن العديد من الحلفاء”  إضافة إلى ذلك روسيا لا يمكنها أن تكون مرتاحة لاحتمال انتصار تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي في سورية وخصوصاً أن الكثير من مقاتلي هذا التنظيم قد أتوا من دول الاتحاد السوفييتي السابق والعديد منهم يحمل الجنسية الروسية لذلك يمكن أن يعودوا الى بلدانهم الأساسية ويشكلوا بذلك خطراً مباشراً على روسيا.  ما الذي تسبب اذاً في “الهستيريا الغربية” وموجة الهجمات الاعلامية المعادية لروسيا؟  منطق الحس السليم يقول أن الرئيس بشار الأسد هو الوحيد الذي يمكنه أن يقف في مواجهة التنظيم الارهابي، والجيش السوري هو الطرف الوحيد الذي يقوم بشكل جدي بالدفاع ليس فقط عن سورية بل عن كل العالم المتحضّر.  ومع ذلك الغرب لا يريد أن يستوعب هذه الحقيقة وعلاوة على ذلك بدأت واشنطن تهدد موسكو بعزلة دولية جديدة في حال لم تقطع الأخيرة المساعدات عن السلطات السورية، حيث أن الولايات المتحدة طوال الوقت تبحث عن ذريعة لتعزيز العقوبات ضد روسيا بالتزامن مع الأحداث في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه أنضم الرئيس الأوكراني بيتر بوروشينكو الى حملة النقد ضد روسيا واصفاً التدخل الروسي في سورية بأنه شكل جديد من أشكال الامبريالية الروسية وان روسيا تستعد لاحتلال الشرق الأوسط عسكرياً.  طبعاً هذه الادعاءات يمكن وصفها بالهراء الغربي والذي لايستحق أن نأخذه على محمل الجد ويضاف اليه أيضاً تلك الادعاءات الأخرى مثل القاء اللوم على نظام الأسد فيما يخص موجة المهاجرين السوريين والقول أن نظام الأسد هو السبب الرئيس في هذه الهجرة.  من كل ذلك يمكن الاستنتاج أن فرض عقوبات إضافية على موسكو يعد هدفاً أساسياً لدى الغرب.  العملية العسكرية الروسية ضد تنظيم داعش قد أفشلت مخططات الولايات المتحدة الأميركية في اسقاط نظام الرئيس الأسد حيث أن الخطة الأميركية كانت ستبدأ بقصف أميركي لمواقع الجيش السوري ومن ثم – وتحت غطاء جوي أميركي – يتم التدخل برياً من قبل الجيش التركي تحت ذريعة مواجهة خطر المعارضة الكردية المسلحة المتمثلة أساساً بحزب العمال الكردستاني، حيث أن السلطات التركية كانت قد اتهمت الأكراد بوقوفهم وراء سلسلة من العمليات الإرهابية داخل الأراضي التركية، علما أنه ليس من الواضح حتى الآن ان كانت تلك العمليات فعلاً من تنفيذ الأكراد أم أنها عمليات مدبرة قامت بها أجهزة الأمن التركية.  القوات التركية ضمن الخطة المذكورة ستقوم بإنشاء منطقة عازلة شمالي سورية بحيث تكون خالية من المسلحين الأكراد المزعومين على طول الحدود التركية السورية بطول 100 كم وعرض 90 كم. وتم اعتماد قرار إنشاء تلك المنطقة في  28 يوليو في اجتماع طارئ لمجلس حلف شمال الأطلسي /الناتو/ الذي عقد بناء على طلب من أنقرة.  وعلى أساس الخطة الموضوعة كان من المفترض أن تكون المنطقة العازلة هي القاعدة الرئيسية للمعارضة السورية المعتدلة  ليأتي بعد ذلك موعد بدء حملة عسكرية ضد دمشق، ولا يستبعد أنه تحت ستار المعارضة سوف تضم عناصر من القوات المسلحة التركية ووحدات خاصة من قوات حلف شمال الاطلسي.  كل هذا كان ينبغي أن يؤدي إلى القضاء على نظام بشار الأسد،  ولكن تحرك روسيا المفاجئ قد وضع كل تلك الأفكار والمخططات في موضع الخطر. كما عبر بعض المسؤولين الغربيين عن قلقهم حيال المعلومات التي تتحدث عن خطط روسية وإيرانية على بناء مخيمات خاصة للاجئين السوريين حيث تحدثت تلك المعلومات عن طلب رئيس الحكومة السوري وائل الحلقي من وزارة الطوارئ الروسية المساعدة في تنظيم عدة مناطق من أجل انشاء تلك المخيمات ولقد تم نقل العديد من المعدات اللازمة الى سوريا.  في أوائل شهر سبتمبر تلقت طهران نداءً مماثلا من القيادة السورية  وكما أصبح من المعروف مؤخراً أن سورية فتحت مخيمها الاول للاجئين في مدينة حماة السورية على مساحة 500 متر مربع وهو تحت حماية القوات الروسية. والشي نفسه يمكن أن يقال عن المخيم الإيراني والذي سوف يكون تحت رعاية القوات الايرانية.  هذا يعني أن أي استفزاز مسلح من الخارج ضد الحكومة السورية سيوجه ليس فقط ضد دمشق ولكن بشكل مباشر ضد موسكو وطهران. واليوم يمكننا قراءة تعليقات في وسائل إعلام تركية تتحدث عن أن الجيش التركي من غير المرجح أن يلعب دوراً قيادياً في أي عملية برية ضد سورية. ودون عملية برية فإن الاطاحة بالرئيس السوري ستفشل .  فقاعة صابون وليست معارضة   لم تقدم الولايات المتحدة للعالم بديل جدي عن بشار الأسد من المعارضة التي تسميها بالمعتدلة. وفي الآونة الأخيرة طفت على السطح فضيحة تدريب مقاتلي ما يسمى بالجيش السوري الحر قامت بها الولايات المتحدة ضمن الأراضي التركية حيث أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد طلب من الكونغرس مبلغاً قدره 500 مليون دولار اميركي لتمويل عملية تدريب المعارضة السورية المسلحة.. واستمر برنامج التدريب لسنتين وشمل عدة الاف من المقاتلين.. لتليها بعد ذلك المرحلة الثانية من التدريب والتي استمرت 6 أشهر لتأتي بنتائج كارثية بالنسبة لواشنطن. ففي جلسة استماع أمام الكونغرس الأميركي أعترف الأدميرال جون كيربي أنه من بين 5 الاف مقاتل سوري جرى تدريبهم هناك 4 أو 5 مقاتلين فقط ممن يحاربون ضمن صفوف المعارضة “المعتدلة”.  في حقيقة الامر، في بداية هذا العام قامت السلطات الاميركية بتدريب نحو 60 مقاتل سوري وانفقت على عملية التدريب حوالي 40 مليون دولار  لكن كلهم قد لقوا حتفهم في أول مواجهة عسكرية على الأراضي السورية، وبذلك فإن الادارة الاميركية اعترفت بعدم جدوى عمليات التدريب تلك، وكذلك لم يحالفها الحظ في ايجاد المزيد من المتطوعين، إذ يتدرب الآن حوالي 100 مقاتل فقط.  وبذلك يمكن القول أن النصف مليار دولار الذي أنفقته واشنطن قد ذهب مع الريح ودون أي فائدة تذكر.. علاوة على ذلك أصبح من المعروف اليوم أن أفضل مقاتل ممن دربتهم واشنطن يقاتل الآن لصالح تنظيم “داعش” الارهابي حسب ما جاء في مجلة BusinessInsider والتي نشرت مقالاً تتحدث فيه عن أبو عمر الشيشاني واصفةً اياه بأحد أفضل القادة الميدانيين لدى التنظيمات الاسلامية.  وتتحدث المجلة في مقالها عن أبو عمر الشيشاني بأنه شيشاني جورجي أسمه الحقيقي هو /تارخان باتيراشفيلي/ والذي تلقى قبل عدة سنوات تدريباً على أيدي الخبراء الأميركيين ضمن ايطار تدريب واشنطن للجيش الجورجي الجديد. وكان باتيراشفيلي كان قد خاض معاركاً ضد القوات الروسية في جورجيا في شهر أب من العام 2008 ليصبح بعدها مقاتلاً متشدد وينضم لصفوف “داعش”.  بشكل عام يمكن القول أن هناك فشل ذريع في سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية وهو ما يمكن اعتباره السبب الرئيس في ظهور مجموعة من التقديرات والآراء في السنوات الأخيرة والتي تقدم بها العديد من الخبراء معتبرين أنه على واشنطن نسيان فكرة الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد كهدف أساسي لسياستها في الشرق الأوسط، بل وإن عليها ببساطة أن تنسق مع روسيا بشكل فعال في الحرب ضد تنظيم الدولة الارهابي.   المحلل السياسي /توماس غراهام/  نشر في صحيفة المصلحة الوطنية – The National Interest  “الولايات المتحدة يجب عليها أولا أن تقوم بتحديد الأولويات حتى نتمكن من التعامل مع المسائل الملحة مع عدم التضحية بالمصالح طويلة الأمد الخاصة بنا والتفكير في كيف يمكننا جعل العمليات الروسية تصب في مصلحتنا  بالإضافة إلى ذلك يجب أن نتعاون مع موسكو حول مسألة تغيير النظام السياسي في سورية، وبغض النظر عن عدد المشاكل التي قد تنشأ من هذه العملية فإننا وبادئ ذي بدء علينا الاعتراف ببديهية أن أحدا لن يستطيع القيام بإعادة تجميع سورية لتعود دولة واحدة كما كانت عليه، وحتى لو قمنا بهزيمة تنظيم داعش فأنه على الأرجح سوف تتشكل على الأرض السورية عدة دويلات والتي حدودها في نهاية المطاف قد تمتد لخارج الحدود السورية الحالية. وبالأخذ بعين الاعتبار علاقة موسكو مع النظام السوري فأن موسكو بلا شك ستلعب دوراً مفصلياً في رسم حدود هذه الدويلات لذلك علين أن نحاول الاتفاق مع موسكو إن كنا نريد أن نوجد معارضة معتدلة لنظام الأسد بغض النظر عن الصعوبات التي قد نواجهها”  لكن أن تقوم الولايات المتحدة بمحاولة التوافق مع روسيا حول سورية هو أمر مشكوك به نظراً للثقة المتهورة لدى الأميركيين أنهم يستطيعون حل كل المشكلات بمفردهم في العالم  وحسب ما قال /سيمون باغداساروف/ :  “عندما أرى كيف أن قناة الجزيرة القطرية تستضيف بشكل متكرر السيد جولاني وهو زعيم جبهة النصرة في سورية فرع تنظيم القاعدة وكيف أنهم يحاولون اظهاره على انه معتدل فأنني أفهم أن هناك شيء جدي وخطير يتم التحضير له”  وبالنظر إلى أن قطر هي حليف مجرب وحقيقي للولايات المتحدة في الخليج العربي (الخليج الفارسي) وأن قناة الجزيرة هي في الواقع فرع من آلة الدعاية في وزارة الخارجية القطرية فإنه من الواضح جداً ان الامور قد تتفاقم مستقبلاً وأن هناك احتمال حقيقي لحدوث مواجهة خطيرة عسكرية بين الدول الكبرى ونتائج هذه المواجهة لا أحد يستطيع التكهن بها اليوم.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة