عندما قررت الولايات المتحدة مهاجمة سورية عام 2003، طلبت من ألمانيا وإسرائيل ذلك، قبل أن توكل العملية لكل من بريطانيا وفرنسا.

كانت أجهزة الاستخبارات الألمانية في ذلك الوقت تشارك إلى جانب الموساد في اغتيال رفيق الحريري، بتوفيرهم سلاحا لا يملكه غيرهم. وكانت الفكرة تقوم على إثارة رد فعل شعبي مناهض لسورية، يستدعي تحرك قوات المارينز لطرد «المحتل».

لكن العملية لم تنجح لأن سورية أثبتت أن وجودها العسكري في لبنان كان بموجب طلب من المجتمع الدولي، وأنها على استعداد للخروج من البلاد حين يطلب الشارع منها ذلك.

كانت ألمانيا لا تزال تلعب دوراً حاسما مع إسرائيل حين أهدتها ديتليف ميليس، المدعي العام الألماني سابقا، الذي قدم لوكالة الاستخبارات الأميركية خدمات مذهلة عبر إبعاد الشبهة عن الموساد في عملية التفجير في برلين، ونسبها لمعمر القذافي، كما قدمت لهم أيضاً مفوض شرطتها وعميل الاستخبارات الألمانية غير هارد ليمان.

وكما فشلت العملية السابقة، فشلت هذه أيضا، لأنهم بعد اتهام الرئيس إميل لحود والرئيس بشار الأسد بتدبير اغتيال رفيق الحريري، انهارت لجنة التحقيق برئاسة ميليس في فضيحة شهود الزور.

لا تزال ألمانيا متورطة في الحرب الحالية، لكن هذه المرة، متخفية بظل كل من بريطانيا وفرنسا عبر منح منصب رئيس « مجموعة العمل للنهوض الاقتصادي والتنمية «التابعة «لأصدقاء سورية»، إلى كليمان فون غوتس، وهو دبلوماسي ألماني رفيع المستوى.

عام 2012، قام فون غوتس بتقسيم ثروات سورية على الدول التي أعلنت عن استعدادها لتخريب مؤتمر جنيف، إبان انعقاد لقاء للمجموعة في أبوظبي.

أما وزير المالية، فولفغانغ شوبل، فقد أسس أمانة عامة دائمة لإدارة عمليات نهب النفط والغاز، عهد بها للألماني غونر فالفهولز.

في تموز 2012، ساعدت ألمانيا في التنسيق بين المجموعات الإرهابية لإغراق البلاد في الدماء، عبر وضع هيكلية الإخوان المسلمين الذين يعيشون منذ الحرب الباردة فوق أراضيها، في مدينة آخن، بتصرف هذه الجماعات.

لقد لمست حكومة ميركل فعالية الضربات الجوية الروسية، مقابل المماطلة الأميركية. لهذا تسعى إلى الانسحاب حالياً من هذه المعركة الخاسرة سلفا، والتقرب من سورية.

يمكن لألمانيا تفسير هذا القرار لجمهورها مع انفجار أزمة المهاجرين. فقد بات معلوما أن هذا القرار قد تم تحضيره منذ عام، بناء على طلب من وزير الصناعات الثقيلة أولريتش غيلو، وأحيل للتطبيق من الرئيس رجب طيب أردوغان، والمفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيرس، إضافة إلى مضارب البورصة جورج سوروس، وتأسيسا على ذلك، تم فتح طرق البلقان فعبرتها مئات الألوف من المهاجرين للعمل في ألمانيا بأجور بخسة.

لكن عملية استقطاب المزيد من المهاجرين توقفت مع التدخل العسكري الروسي، لخشية الألمان من احتمال اندساس جهاديين بين المهاجرين هربا من القصف الروسي.

الشعب الألماني بدأ يتخذ موقفا مجافيا من المهاجرين بسبب إقدام أرباب العمل على استغلال الأوضاع الجديدة بإلغائهم الحد الأدنى للأجور في العديد من المقاطعات الاتحادية.

يتمنى وزير الخارجية، رئيس الاستخبارات الألمانية سابقا، فرانك فالتر شتاينماير، إمكانية تنظيم لقاء على شاكلة 5+1 لإنهاء النزاع في سورية. لكن روسيا تحثه على أن يكون أقل تكلفاً، وأكثر طموحا، كي يدعو إلى طاولة تضم المستشارة ميركل، والرؤساء بوتين، وهولاند… والرئيس الأسد.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-10-28
  • 8983
  • من الأرشيف

سورية وألمانيا .....بقلم تيري ميسان

عندما قررت الولايات المتحدة مهاجمة سورية عام 2003، طلبت من ألمانيا وإسرائيل ذلك، قبل أن توكل العملية لكل من بريطانيا وفرنسا. كانت أجهزة الاستخبارات الألمانية في ذلك الوقت تشارك إلى جانب الموساد في اغتيال رفيق الحريري، بتوفيرهم سلاحا لا يملكه غيرهم. وكانت الفكرة تقوم على إثارة رد فعل شعبي مناهض لسورية، يستدعي تحرك قوات المارينز لطرد «المحتل». لكن العملية لم تنجح لأن سورية أثبتت أن وجودها العسكري في لبنان كان بموجب طلب من المجتمع الدولي، وأنها على استعداد للخروج من البلاد حين يطلب الشارع منها ذلك. كانت ألمانيا لا تزال تلعب دوراً حاسما مع إسرائيل حين أهدتها ديتليف ميليس، المدعي العام الألماني سابقا، الذي قدم لوكالة الاستخبارات الأميركية خدمات مذهلة عبر إبعاد الشبهة عن الموساد في عملية التفجير في برلين، ونسبها لمعمر القذافي، كما قدمت لهم أيضاً مفوض شرطتها وعميل الاستخبارات الألمانية غير هارد ليمان. وكما فشلت العملية السابقة، فشلت هذه أيضا، لأنهم بعد اتهام الرئيس إميل لحود والرئيس بشار الأسد بتدبير اغتيال رفيق الحريري، انهارت لجنة التحقيق برئاسة ميليس في فضيحة شهود الزور. لا تزال ألمانيا متورطة في الحرب الحالية، لكن هذه المرة، متخفية بظل كل من بريطانيا وفرنسا عبر منح منصب رئيس « مجموعة العمل للنهوض الاقتصادي والتنمية «التابعة «لأصدقاء سورية»، إلى كليمان فون غوتس، وهو دبلوماسي ألماني رفيع المستوى. عام 2012، قام فون غوتس بتقسيم ثروات سورية على الدول التي أعلنت عن استعدادها لتخريب مؤتمر جنيف، إبان انعقاد لقاء للمجموعة في أبوظبي. أما وزير المالية، فولفغانغ شوبل، فقد أسس أمانة عامة دائمة لإدارة عمليات نهب النفط والغاز، عهد بها للألماني غونر فالفهولز. في تموز 2012، ساعدت ألمانيا في التنسيق بين المجموعات الإرهابية لإغراق البلاد في الدماء، عبر وضع هيكلية الإخوان المسلمين الذين يعيشون منذ الحرب الباردة فوق أراضيها، في مدينة آخن، بتصرف هذه الجماعات. لقد لمست حكومة ميركل فعالية الضربات الجوية الروسية، مقابل المماطلة الأميركية. لهذا تسعى إلى الانسحاب حالياً من هذه المعركة الخاسرة سلفا، والتقرب من سورية. يمكن لألمانيا تفسير هذا القرار لجمهورها مع انفجار أزمة المهاجرين. فقد بات معلوما أن هذا القرار قد تم تحضيره منذ عام، بناء على طلب من وزير الصناعات الثقيلة أولريتش غيلو، وأحيل للتطبيق من الرئيس رجب طيب أردوغان، والمفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيرس، إضافة إلى مضارب البورصة جورج سوروس، وتأسيسا على ذلك، تم فتح طرق البلقان فعبرتها مئات الألوف من المهاجرين للعمل في ألمانيا بأجور بخسة. لكن عملية استقطاب المزيد من المهاجرين توقفت مع التدخل العسكري الروسي، لخشية الألمان من احتمال اندساس جهاديين بين المهاجرين هربا من القصف الروسي. الشعب الألماني بدأ يتخذ موقفا مجافيا من المهاجرين بسبب إقدام أرباب العمل على استغلال الأوضاع الجديدة بإلغائهم الحد الأدنى للأجور في العديد من المقاطعات الاتحادية. يتمنى وزير الخارجية، رئيس الاستخبارات الألمانية سابقا، فرانك فالتر شتاينماير، إمكانية تنظيم لقاء على شاكلة 5+1 لإنهاء النزاع في سورية. لكن روسيا تحثه على أن يكون أقل تكلفاً، وأكثر طموحا، كي يدعو إلى طاولة تضم المستشارة ميركل، والرؤساء بوتين، وهولاند… والرئيس الأسد.  

المصدر : الوطن /تيري ميسان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة