المجزرة الرهيبة التي شهدتها انقرة امس السبت، والتي اسفرت عن مقتل 97 شابا وشابة (حتى هذه اللحظة)، والعدد مرشح للارتفاع لوجود 48 لا يزالون في العناية المركزة في مستشفى بانقرة، اكدت ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، لم يتعظ بعد، ومازال يأمل في الحصول على اغلبية مطلقة في البرلمان التركي، حتى لو اغرق تركيا ب”الدواعش” والفوضى والدمار.

التفجير المزدوج الذي نفذه انتحاريان استهدفا تظاهرة من اجل السلام نظمتها المعارضة القريبة من الاكراد، في محيط محطة القطارات الرئيسية في انقرة، حيث جاء الاف الناشطين من كل انحاء تركيا بدعوة من مختلف النقابات ومنظمات غير حكومية واحزاب اليسار للتجمع تنديدا باستئناف النزاع بين الحكومة والاكراد، يعتبر الاعتداء الاشد دموية في تاريخ تركيا، حيث قارب القتلى من 100 والجرحى تجاوزوا 300، في مشهد دموي لم تشهده تركيا من قبل.

كثر الحديث بعد هذه المجزرة الفظيعة، عن الورطة التي ورط بها اردوغان تركيا، عندما تواطأ مع التكفيريين وفي مقدمتهم “داعش” و”جبهة النصرة”، لضرب امن واستقرار جيرانه ومن بينهم سوريا والعراق، وانه يحصد ما زرعه هناك، وان انقرة مقبلة على ايام سوداء، كما هي ايام بغداد ودمشق، وان الشعب التركي مع موعد مع الارهاب الذي، غذاه ورباه ورعاه اردوغان، ولكن وبالرغم من ان ما قيل في هذا الشان صحيح، الا ان فات الجميع امرا في غاية الاهمية، وهو ان اردوغان، مازال راكبا راسه، ويعتقد ان بامكانه ان يفرض نفسه وحزبه على تركيا، ليعيد مجد اجداده العثمانيين، بعد ان انهزم في الانتخابات التشريعية الماضية، عبر استخدام سلاح “داعش”، ضد كل من نغص عليه حلمه في الحصول على اغلبية مطلقة في البرلمان، ومن ثم تغيير الدستور التركي بهدف فرض هيمنته بالمطلق على مقدرات البلاد، وفي مقدمة هؤلاء الاكراد واليسار التركي.

يحاول اردوغان، الانتقام من الاكراد واليسار وارعابهم، ومداعبة مشاعر القاعدة الشعبية للاحزاب اليمنية المتطرفة، لكسب اصواتهم في الانتخابات التي ستجري في الاول من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وارهاب الشعب التركي باكمله، لتسويق نفسه ك”قائد ضرورة” لابد منه، عبر سلاحه القذر “داعش”، دون اي وازع انساني او ديني او وطني.

لا نحتاج لتحليل سياسي معقد لاثبات ان منفذي مجزرة انقرة هم من التكفيريين، الذين تتولاهم تركيا والسعودية وقطر و”اسرائيل”وامريكا، فهذه العمليات الانتحارية الجبانة والخسيسة، التي تستهدف الابرياء، هي من تخصص هؤلاء المسخ، هذا اولا، ثانيا، ان مجزرة انقرة، لم تكن الاولى، رغم انها الاولى من حيث عدد القتلى والجرحى، فكلنا يتذكر مجزرة مدينة سوروتش الكردية القريبة من الحدود السورية التي وقعت في 20 تموز/يوليو الماضي، والتي ذهب ضحيتها 32 قتيلا في صفوف ناشطين مناصرين للقضية الكردية، ونفذها انتحاري.

وعلى ذكر مجزرة سوروتش، التي تشبه بكل تفاصيلها مجزرة انقرة، فالتفجير كان انتحاريا، والضحايا من الاكراد واليساريين، والشارع التركي اتهم اردوغان وحزبه بانه يقف وراء المجزرة، للانتقام لخسارته في الاغلبية في الانتخابات التشريعية، واخيرا وهو المهم ان التفجير لم تتبناه اي جهة، ومازال الفاعل مجهولا.

وأعتقد ان مجزرة انقرة، سيبقى ايضا فاعلها مجهولا، كما هو فاعل مجزرة سوروتش، والسبب بسيط جدا، وهو ان “داعش” والقاعدة وجميع التكفيريين، الذين يعملون لصالح اردوغان في سوريا والعراق، لن يحرجوا “سيدهم” امام شعبه بتبنيهم تفجير انقرة، ليبقى الباب مفتوحا امام التكهنات الغبية، كما هي تكهنات رئيس وزراء تركيا احمد داود اوغلو، عندما اتهم حزب العمال الكردستاني بانه من يقف وراء مجزرة انقرة.

ان مجزرة سوروتش وانقرة، ليستا الا عربون محبة ووفاء من “الدواعش” لاردوغان، و”جهد متواضع ” منهم لدعم اردوغان لتثبيت عرشه في تركيا، ليُبقي على دعمه المفتوح لهم، حتى تدمير سوريا وان امكن مصر ايضا، وان الايام والاشهر المقبلة، ستشهد مساهمات “متواضعة ” اخرى ل”الدواعش” من اجل اسكات جميع الاصوات المعارضة لاردوغان وحزبه، والانتقام ممن حرمه من حلمه في اعادة بعض مجد ال عثمان.

يبدو ان الشعب التركي قرأ رسالة اردوغان “الداعشية” بشكل واضح، وزاد من وضوح الرسالة، عدم مهاجمة “الدواعش” والقاعدة والتكفيريين، لاي هدف لاردوغان وحزبه في تركيا، رغم انتشار”الدواعش” في الكثير من المناطق التركية كالسرطان، ولكن يبدو ايضا، ان الشعب التركي، فهم من هذه الرسالة شيئا اخر، غير الذي اراد اردوغان ايصالها له، بقرينة ان الشابات والشباب وهم يغطون اجساد زملائهم الممزقة، بالاعلام واليافطات كانوا يقولون بصوت واحد “اردوغان قاتل، وترددت هذه الجملة في وقت قياسي جدا، في العديد من المدن التركية والاوروبية، فكان الشعب التركي والشعوب الاخرى ارسلت بذلك رسالة جوابية، ردا على رسالة اردوغان “الداعشية”، ولكن لا نظن ان شخصا بمواصفات اردوغان، سيقرأ هذه الرسالة، فضلا عن فهمها.

  • فريق ماسة
  • 2015-10-10
  • 12958
  • من الأرشيف

مجزرة أنقرة رسالة "داعشية" من أردوغان لللشعب التركي

المجزرة الرهيبة التي شهدتها انقرة امس السبت، والتي اسفرت عن مقتل 97 شابا وشابة (حتى هذه اللحظة)، والعدد مرشح للارتفاع لوجود 48 لا يزالون في العناية المركزة في مستشفى بانقرة، اكدت ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، لم يتعظ بعد، ومازال يأمل في الحصول على اغلبية مطلقة في البرلمان التركي، حتى لو اغرق تركيا ب”الدواعش” والفوضى والدمار. التفجير المزدوج الذي نفذه انتحاريان استهدفا تظاهرة من اجل السلام نظمتها المعارضة القريبة من الاكراد، في محيط محطة القطارات الرئيسية في انقرة، حيث جاء الاف الناشطين من كل انحاء تركيا بدعوة من مختلف النقابات ومنظمات غير حكومية واحزاب اليسار للتجمع تنديدا باستئناف النزاع بين الحكومة والاكراد، يعتبر الاعتداء الاشد دموية في تاريخ تركيا، حيث قارب القتلى من 100 والجرحى تجاوزوا 300، في مشهد دموي لم تشهده تركيا من قبل. كثر الحديث بعد هذه المجزرة الفظيعة، عن الورطة التي ورط بها اردوغان تركيا، عندما تواطأ مع التكفيريين وفي مقدمتهم “داعش” و”جبهة النصرة”، لضرب امن واستقرار جيرانه ومن بينهم سوريا والعراق، وانه يحصد ما زرعه هناك، وان انقرة مقبلة على ايام سوداء، كما هي ايام بغداد ودمشق، وان الشعب التركي مع موعد مع الارهاب الذي، غذاه ورباه ورعاه اردوغان، ولكن وبالرغم من ان ما قيل في هذا الشان صحيح، الا ان فات الجميع امرا في غاية الاهمية، وهو ان اردوغان، مازال راكبا راسه، ويعتقد ان بامكانه ان يفرض نفسه وحزبه على تركيا، ليعيد مجد اجداده العثمانيين، بعد ان انهزم في الانتخابات التشريعية الماضية، عبر استخدام سلاح “داعش”، ضد كل من نغص عليه حلمه في الحصول على اغلبية مطلقة في البرلمان، ومن ثم تغيير الدستور التركي بهدف فرض هيمنته بالمطلق على مقدرات البلاد، وفي مقدمة هؤلاء الاكراد واليسار التركي. يحاول اردوغان، الانتقام من الاكراد واليسار وارعابهم، ومداعبة مشاعر القاعدة الشعبية للاحزاب اليمنية المتطرفة، لكسب اصواتهم في الانتخابات التي ستجري في الاول من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وارهاب الشعب التركي باكمله، لتسويق نفسه ك”قائد ضرورة” لابد منه، عبر سلاحه القذر “داعش”، دون اي وازع انساني او ديني او وطني. لا نحتاج لتحليل سياسي معقد لاثبات ان منفذي مجزرة انقرة هم من التكفيريين، الذين تتولاهم تركيا والسعودية وقطر و”اسرائيل”وامريكا، فهذه العمليات الانتحارية الجبانة والخسيسة، التي تستهدف الابرياء، هي من تخصص هؤلاء المسخ، هذا اولا، ثانيا، ان مجزرة انقرة، لم تكن الاولى، رغم انها الاولى من حيث عدد القتلى والجرحى، فكلنا يتذكر مجزرة مدينة سوروتش الكردية القريبة من الحدود السورية التي وقعت في 20 تموز/يوليو الماضي، والتي ذهب ضحيتها 32 قتيلا في صفوف ناشطين مناصرين للقضية الكردية، ونفذها انتحاري. وعلى ذكر مجزرة سوروتش، التي تشبه بكل تفاصيلها مجزرة انقرة، فالتفجير كان انتحاريا، والضحايا من الاكراد واليساريين، والشارع التركي اتهم اردوغان وحزبه بانه يقف وراء المجزرة، للانتقام لخسارته في الاغلبية في الانتخابات التشريعية، واخيرا وهو المهم ان التفجير لم تتبناه اي جهة، ومازال الفاعل مجهولا. وأعتقد ان مجزرة انقرة، سيبقى ايضا فاعلها مجهولا، كما هو فاعل مجزرة سوروتش، والسبب بسيط جدا، وهو ان “داعش” والقاعدة وجميع التكفيريين، الذين يعملون لصالح اردوغان في سوريا والعراق، لن يحرجوا “سيدهم” امام شعبه بتبنيهم تفجير انقرة، ليبقى الباب مفتوحا امام التكهنات الغبية، كما هي تكهنات رئيس وزراء تركيا احمد داود اوغلو، عندما اتهم حزب العمال الكردستاني بانه من يقف وراء مجزرة انقرة. ان مجزرة سوروتش وانقرة، ليستا الا عربون محبة ووفاء من “الدواعش” لاردوغان، و”جهد متواضع ” منهم لدعم اردوغان لتثبيت عرشه في تركيا، ليُبقي على دعمه المفتوح لهم، حتى تدمير سوريا وان امكن مصر ايضا، وان الايام والاشهر المقبلة، ستشهد مساهمات “متواضعة ” اخرى ل”الدواعش” من اجل اسكات جميع الاصوات المعارضة لاردوغان وحزبه، والانتقام ممن حرمه من حلمه في اعادة بعض مجد ال عثمان. يبدو ان الشعب التركي قرأ رسالة اردوغان “الداعشية” بشكل واضح، وزاد من وضوح الرسالة، عدم مهاجمة “الدواعش” والقاعدة والتكفيريين، لاي هدف لاردوغان وحزبه في تركيا، رغم انتشار”الدواعش” في الكثير من المناطق التركية كالسرطان، ولكن يبدو ايضا، ان الشعب التركي، فهم من هذه الرسالة شيئا اخر، غير الذي اراد اردوغان ايصالها له، بقرينة ان الشابات والشباب وهم يغطون اجساد زملائهم الممزقة، بالاعلام واليافطات كانوا يقولون بصوت واحد “اردوغان قاتل، وترددت هذه الجملة في وقت قياسي جدا، في العديد من المدن التركية والاوروبية، فكان الشعب التركي والشعوب الاخرى ارسلت بذلك رسالة جوابية، ردا على رسالة اردوغان “الداعشية”، ولكن لا نظن ان شخصا بمواصفات اردوغان، سيقرأ هذه الرسالة، فضلا عن فهمها.

المصدر : نبيل لطيف - شفقنا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة