دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
اتهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، روسيا بحشد عسكري كبير في سوريا يتضمن نشر قوات برية وسفن في شرق البحر المتوسط، وهو ما نفته موسكو. وشكك ستولتنبرغ في الرواية الروسية لواقعة الانتهاكين المجال الجوي لتركيا في مطلع الأسبوع التي تقول روسيا إنها حدثت بطريق الخطأ، وطالب روسيا بعدم تكرار ذلك. وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي «لن أتكهن بشيء عن الدوافع لكن هذا لا يبدو حادثا عارضا وهناك واقعتان» قال إنهما «استمرتا فترة طويلة».
وردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على الاتهام بأنه ليس من الوارد قيام بلادها بعملية برية في سوريا. وقالت في مؤتمر صحافي في موسكو، أمس، «لا توجد أي وحدة برية لروسيا في سوريا، ولا يمكن أن تكون، وقلنا ذلك مرارا».
غير أن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لم يستبعد أمس إمكانية انضمام متطوعين روس للقتال إلى جانب قوات نظام بشار الأسد. لكنه أكد أن بلاده لن تدعم مثل هذه المجموعات، مشيرا إلى أن روابط المتطوعين موجودة في كل مكان في العالم وهم يتصرفون بشكل مستقل.
وكان سياسي روسي مختص بشؤون الدفاع قد طرح في وقت سابق إمكانية قتال متطوعين روس إلى جانب قوات الأسد في سورية، وذلك بما اكتسبوه من خبرة قتالية في شرق أوكرانيا.
وفي محاولة لتجنب صدام روسي أمريكي فوق سوريا قال مسؤول أمريكي إن روسيا أبلغت الولايات المتحدة باستعدادها لاستئناف محادثات عسكرية بغية تلافي اصطدام الطائرات من الجانبين خلال العمليات العسكرية في سوريا.
وتؤكد الأحداث التي وقعت بين طائرة مقاتلة روسية وطائرتي أف 16 تركيتين، يوم الأحد وخرق الأجواء التركية، عدم استبعاد روسيا قصف سلاح الجو التركي بسبب سوريا إذا اقتضى الأمر، وهو ما يفسر النبرة الحادة لحلف الأطلسي بالتنديد والتنبيه من خطورة ما جرى.
واعترف الجيش التركي في بيان له يوم الثلاثاء بتعرض طائرتين من نوع أف 16 للمضايقة من طرف ميغ 29 دون تحديد هويتها. والحديث عن طائرة مجهولة الهوية هو تصرف مثير، لا يمكن أن تكون سورية بل روسية وفق كل المعطيات. في الوقت ذاته لا يتعلق الأمر بميغ 29 بل بطائرة قد تكون من نوع سوخوي 34 لأن روسيا لا تتوفر على ميغ 29 في أسطولها الحربي في سوريا الآن.
والبيان العسكري يؤكد تعرض الطائرتين التركية لعملية الرصد بالرادار الخاص بالتصويب لضرب الهدف من طرف المقاتلة الروسية، وليس فقط الرصد من طرف رادار الإنذار المبكر.وهذا يعني في القاموس العسكري أن المقاتلة الروسية قد شغلت صواريخها لضرب الطائرتين التركيتين ومنحهما مهلة زمنية لتغيير مسارهما والهبوط آلاف الأقدام لتفادي ضربة عسكرية. بينما لم تشغل الطائرتان التركيتان رادارات ضرب الأهداف للرد والتخويف والاستعداد للمواجهة بل انسحبتا.
وهذا التصرف في القاموس العسكري يكشف حصول الربابنة الروس على أوامر واضحة بالضرب في حالة عدم استجابة الطرف الآخر والقيام بالانسحاب، بينما لا يتوفر الربابنة الأتراك على أوامر مماثلة بالضرب.
وتكررت عملية المضايقة والتحرش، أمس الثلاثاء، من خلال قيام أنظمة مضادة للطيران، صواريخ، بتعمد رصد الطائرات التركية من نوع أف 16 وجعلها في مربع التصويب والضرب.
ويعتبر إصدار الجيش التركي بيان الاعتراف بما جرى، وهو سابقة من نوعها، تنازلا من طرف جيش يعتبر قويا، ولكن الأصح قد يكون قيام الجيش التركي بوضع الحلف الأطلسي أمام واقع خطورة الأمر وما يعتبره «عدوانية روسيا» وضرورة التحرك الجماعي للحلف في ظل مستجد تدخل روسيا.
ويتزامن هذا مع خرق المقاتلات الروسية مرتين الأجواء التركية، الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الجاري. وعملية خرق الأجواء هي متعمدة كما ذهب الى ذلك الأمين العام للحلف الأطلسي، ينس ستولنبرغ.
وعمليا، لا تقع عمليات خرق الأجواء إبان أجواء التوتر لتفادي الاصطدام، خاصة إذا تعلق الأمر بمقاتلات دولة كبرى مثل روسيا تتوفر على أقمار اصطناعية دقيقة وأنظمة رادار للمسح الجغرافي المكاني لا ترتكب أخطاء حتى في مسافة سنتيمتر.
ورغم التبريرات الدبلوماسية الصادرة عن مسؤولين في موسكو، كل هذه التطورات العسكرية توحي باستعداد الكرملين الدخول في مواجهة مسلحة جوية مع سلاح الجو التركي إذا لم يحافظ على مسافة معينة من حدود سوريا، واستمر في معاكسة المقاتلات الروسية في مهامها في الأراضي السورية.
وتدرك روسيا أن الحلف الأطلسي لن يدخل في حرب معها بل سيطلب من تركيا ضبط النفس وعدم استفزاز المقاتلات الروسية، لاسيما في ظل وجود سفن حربية صينية بالقرب من السواحل السورية.
المصدر :
القدس العربي”
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة