يسعى الإتحاد الأوروبي لمساعدة تركيا لوقف تدفق اللاجئين من سوريا والعراق، لكن مقدار التنازلات التي يطلبها الرئيس أردوغان من أوروبا لا يطاق ، كما تقول باربرا فيسل في مقالة الرأي التالية.

" تقع المسؤولية على عاتق الأوربيين بالنسبة للوضع السياسي الصعب الذي يجدون أنفسهم عالقين فيه بسبب اللاجئين" .هذه هي أحدى الرسائل التي وجهها أردوغان إلى الاتحاد الأوروبي. فالرئيس التركي يرى أن الاتحاد تجاهل معاناة اللاجئين السوريين الفارين من الحرب، . ولقد وجد حولي أربعة ملايين لاجئ الحماية في دول الجوار، نصفهم تقريبا في تركيا. لذلك فإن الرئيس التركي معه الحق عندما يشير الى أن الذعر تملك الأوروبيين بعد رؤيتهم التدفق الكبير في أعداد اللاجئين العابرين لحدودهم. ألان أصبح أردوغان صاحب اليد الطولى ويحاول بكل الطرق ابتزاز الاتحاد الأوروبي.

 

هل تُلقي أوروبا بمبادئها إلى البحر؟

 

الاجتماع الذي عقد في بروكسل بين قادة الإتحاد الأوروبي وبين الرئيس التركي، كان مشهدا حزينا مليئا بالرجاء والتملق له. رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ناشده باسم صداقتهم الوثيقة، وأشار له بصفته المصلح العظيم في تركيا. من الطبيعي أن يكون أدب الحوار جزءا من العمل الدبلوماسي، إلا أن ما حصل لا يمكن وصفه إلا أنه تملق لأردوغان.

 

كيف يمكن لرئيس استبدادي أوتوقراطي، طالما تعرض لانتقادات بخصوص حقوق الإنسان في بلده ، وبخصوص سياساته غير الديمقراطية، كيف يمكن أن يتحول فجأة الى شريك رئيسي للإتحاد الأوروبي؟

 

السبب هو القصور والمخاوف التي تملكتنا بسبب عدم الاستقرار الداخلي. فالحرب في سوريا مستمرة منذ 4 سنوات ونتائج الحرب كانت معروفة للجميع.

 

أوروبا لا تستطيع أن تكون سيئة مع أردوغان

 

على أية حال فقد غادر أردوغان بروكسل دون شك وفي قبضته أكبر ثمن ممكن الحصول عليه جراء تعاونه بخصوص موضوع اللاجئين. الاتحاد الأوروبي سوف يغض النظر عن معاركه ضد الأكراد في العراق، وأيضا في سوريا. حيث ذهب أردوغان بعيدا ووصفهم بالإرهاب وساوى بين تنظيماتهم وبين تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بداعش . ودعا إلى الكفاح المشترك ضدهم. وهو – ويا للمفارقة - يدعم "داعش " منذ البداية أملا بالحصول على نجاح مزدوج يتمثل في سقوط الأسد و استهداف الأكراد مجددا.

 

ألان تحول الوضع فجأة ليصبح أردوغان الشخص الذي يحارب داعش أمام الأوربيين وليحصل أيضا على غطاء أوروبي لحروبه الشخصية ضد جميع الأكراد في المنطقة. هؤلاء الأكراد هم بالمناسبة نفس الأكراد الذين كانوا جيدين في نظر المجتمع الدولي أثناء معارك كوباني (عين العرب)، و الذين حصلوا على مساعدات وأسلحة من دول العالم.

 

السياسة الحقيقية تعني رمي المبادئ في البحر. إلا انه على الأوربيين التمعن في تصرفاتهم إن كانوا لا يريدون التفريط بصدقيتهم. فمعظم المواضيع التي تناقش ألان مع تركيا هي فقط للاستهلاك المحلي، ولا طائل منها. مكافحة المهربين في تركيا لن تنجح بسبب حجم الأموال الهائل الذي تدره، كما أنّ فكرة تقديم طلبات اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي من داخل المخيمات الموجودة على الأراضي التركية هي الأخرى غير مجدية، ويعتبر تطبيقها صعبا لأمور واقعية وقانونية. الأهم من ذلك، كيف يمكن إجبار جميع السوريين المتواجدين في تركيا، على البقاء داخل المخيمات حتى انتهاء الحرب؟ ولماذا يجب على أردوغان الموافقة على ذلك، وهو في نيته دفع نصف مليون لاجئ لأوروبا على أيّ حال؟

 

يكفي ندبا للأزمة

 

تركيا غير قادرة أن تحل لنا مشكلة اللاجئين،علينا أن نقوم بذلك بأنفسنا، لذلك من غير المعقول ومن غير المتصور أن نقدم تنازلات لأردوغان لا يمكن تحمل مسؤوليتها. كما أنه ليس مقبولا أوروبيا دعم أردوغان في المضي في طريقه ليصبح ديكتاتورا. ولا أن نكون في جانبه تحت أي ظرف من الظروف، عندما يبدأ بالتحريض على حرب أهلية في المنطقة الكردية.

 

بغض النظر عما جرى قد يكون من المفيد التوقف عن ندب الأزمة. هناك 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم فارين من الحروب والاضطهاد والكوارث الطبيعية. نسبة صغيرة منهم فقط جاءت إلى أوروبا. ونحن لن نهلك حتى لو قدم إلينا مليون أخر من سوريا والعراق. حيث يعيش على القارة الأوربية نصف مليار نسمة، وهي قابلة لاستقبال المزيد، أنها مسألة أرادة سياسية وإنسانية، وفي نفس الوقت أظهار ما هو ممكن. اتفاقيات غير مثمرة مع حكومة أنقرة لا ينبغي أن تكون موجودة على الخطط المستقبلية.

  • فريق ماسة
  • 2015-10-06
  • 3511
  • من الأرشيف

صحيفة المانية: أردوغان يطلب ثمنا سياسيا باهظا.. لايطاق!؟

يسعى الإتحاد الأوروبي لمساعدة تركيا لوقف تدفق اللاجئين من سوريا والعراق، لكن مقدار التنازلات التي يطلبها الرئيس أردوغان من أوروبا لا يطاق ، كما تقول باربرا فيسل في مقالة الرأي التالية. " تقع المسؤولية على عاتق الأوربيين بالنسبة للوضع السياسي الصعب الذي يجدون أنفسهم عالقين فيه بسبب اللاجئين" .هذه هي أحدى الرسائل التي وجهها أردوغان إلى الاتحاد الأوروبي. فالرئيس التركي يرى أن الاتحاد تجاهل معاناة اللاجئين السوريين الفارين من الحرب، . ولقد وجد حولي أربعة ملايين لاجئ الحماية في دول الجوار، نصفهم تقريبا في تركيا. لذلك فإن الرئيس التركي معه الحق عندما يشير الى أن الذعر تملك الأوروبيين بعد رؤيتهم التدفق الكبير في أعداد اللاجئين العابرين لحدودهم. ألان أصبح أردوغان صاحب اليد الطولى ويحاول بكل الطرق ابتزاز الاتحاد الأوروبي.   هل تُلقي أوروبا بمبادئها إلى البحر؟   الاجتماع الذي عقد في بروكسل بين قادة الإتحاد الأوروبي وبين الرئيس التركي، كان مشهدا حزينا مليئا بالرجاء والتملق له. رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ناشده باسم صداقتهم الوثيقة، وأشار له بصفته المصلح العظيم في تركيا. من الطبيعي أن يكون أدب الحوار جزءا من العمل الدبلوماسي، إلا أن ما حصل لا يمكن وصفه إلا أنه تملق لأردوغان.   كيف يمكن لرئيس استبدادي أوتوقراطي، طالما تعرض لانتقادات بخصوص حقوق الإنسان في بلده ، وبخصوص سياساته غير الديمقراطية، كيف يمكن أن يتحول فجأة الى شريك رئيسي للإتحاد الأوروبي؟   السبب هو القصور والمخاوف التي تملكتنا بسبب عدم الاستقرار الداخلي. فالحرب في سوريا مستمرة منذ 4 سنوات ونتائج الحرب كانت معروفة للجميع.   أوروبا لا تستطيع أن تكون سيئة مع أردوغان   على أية حال فقد غادر أردوغان بروكسل دون شك وفي قبضته أكبر ثمن ممكن الحصول عليه جراء تعاونه بخصوص موضوع اللاجئين. الاتحاد الأوروبي سوف يغض النظر عن معاركه ضد الأكراد في العراق، وأيضا في سوريا. حيث ذهب أردوغان بعيدا ووصفهم بالإرهاب وساوى بين تنظيماتهم وبين تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بداعش . ودعا إلى الكفاح المشترك ضدهم. وهو – ويا للمفارقة - يدعم "داعش " منذ البداية أملا بالحصول على نجاح مزدوج يتمثل في سقوط الأسد و استهداف الأكراد مجددا.   ألان تحول الوضع فجأة ليصبح أردوغان الشخص الذي يحارب داعش أمام الأوربيين وليحصل أيضا على غطاء أوروبي لحروبه الشخصية ضد جميع الأكراد في المنطقة. هؤلاء الأكراد هم بالمناسبة نفس الأكراد الذين كانوا جيدين في نظر المجتمع الدولي أثناء معارك كوباني (عين العرب)، و الذين حصلوا على مساعدات وأسلحة من دول العالم.   السياسة الحقيقية تعني رمي المبادئ في البحر. إلا انه على الأوربيين التمعن في تصرفاتهم إن كانوا لا يريدون التفريط بصدقيتهم. فمعظم المواضيع التي تناقش ألان مع تركيا هي فقط للاستهلاك المحلي، ولا طائل منها. مكافحة المهربين في تركيا لن تنجح بسبب حجم الأموال الهائل الذي تدره، كما أنّ فكرة تقديم طلبات اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي من داخل المخيمات الموجودة على الأراضي التركية هي الأخرى غير مجدية، ويعتبر تطبيقها صعبا لأمور واقعية وقانونية. الأهم من ذلك، كيف يمكن إجبار جميع السوريين المتواجدين في تركيا، على البقاء داخل المخيمات حتى انتهاء الحرب؟ ولماذا يجب على أردوغان الموافقة على ذلك، وهو في نيته دفع نصف مليون لاجئ لأوروبا على أيّ حال؟   يكفي ندبا للأزمة   تركيا غير قادرة أن تحل لنا مشكلة اللاجئين،علينا أن نقوم بذلك بأنفسنا، لذلك من غير المعقول ومن غير المتصور أن نقدم تنازلات لأردوغان لا يمكن تحمل مسؤوليتها. كما أنه ليس مقبولا أوروبيا دعم أردوغان في المضي في طريقه ليصبح ديكتاتورا. ولا أن نكون في جانبه تحت أي ظرف من الظروف، عندما يبدأ بالتحريض على حرب أهلية في المنطقة الكردية.   بغض النظر عما جرى قد يكون من المفيد التوقف عن ندب الأزمة. هناك 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم فارين من الحروب والاضطهاد والكوارث الطبيعية. نسبة صغيرة منهم فقط جاءت إلى أوروبا. ونحن لن نهلك حتى لو قدم إلينا مليون أخر من سوريا والعراق. حيث يعيش على القارة الأوربية نصف مليار نسمة، وهي قابلة لاستقبال المزيد، أنها مسألة أرادة سياسية وإنسانية، وفي نفس الوقت أظهار ما هو ممكن. اتفاقيات غير مثمرة مع حكومة أنقرة لا ينبغي أن تكون موجودة على الخطط المستقبلية.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة