دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم يستمر طويلاً الهدوء الذي رافق نضوج الاتفاق الخاص ببلدات الفوعة وكفريا والزبداني، هذا الهدوء الذي خرق بعد ان ادعت المجموعات المسلحة ان مروحية للجيش السوري قصفت قرية تفتناز في ريف ادلب، لتأخذ "جبهة النصرة ـ فرع القاعدة في سوريا" هذا الادعاء كحجة لتقوم بقصف بلدتي الفوعة وكفريا بعدد من الصواريخ، بالتزامن مع اعلانها ان هذا القصف لا ينهي الهدنة.
هذا الخرق الواضح للهدنة، لم يكن مصادفة، بل جاء بعد مرحلة تسويف ومماطلة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه، لإخراج الجرحى والمدنيين من داخل بلدة الفوعة وكفريا، والذي كان من المقرر ان يبدأ السبت، بالرغم من اكمال الدولة السورية لجميع الاستعدادات اللوجستية الخاصة بهذا الامر، وسهلت وصول الفريق الطبي إلى مدينة الزبداني لتسلم ومعاينة الجرحى الذين سيتم اخراجهم، بالإضافة الى تجهيز الحافلات المخصصة لنقل هؤلاء الجرحى مع من يرغب من عوائلهم الى ريف ادلب. لكن المجموعات المسلحة كان لها رأي اخر، وقد دار خلاف عميق بين هؤلاء وبين المجموعات المسلحة في ريف ادلب، وتحديداً في بلدة سراقب، الذين قاموا بقطع الطريق الوحيد الواصل بين ريف إدلب واللاذقية، وأشعلوا إطارات السيارات وهددوا باستهداف أي سيارة تعبر الطريق. يأتي هذا بعد اتهام مسلحي سراقب لـ"جيش الفتح" بالانفراد بالقرار، وعدم شمل بلدتهم بالهدنة المتفق عليها مع الدولة السورية.
الانقسامات بين المجموعات المسلحة، دفعت العديد من المسلحين في ريف إدلب الى المطالبة بالمشاركة في الهدنة، وان يكون لهم ممثلون في أي عملية لوجستية لتطبيق الهدنة والاشراف عليها، والمشاركة في مفاوضات المرحلة الثانية. وهددت بالعمل على إفشال الهدنة في حال تم تجاهلها من قبل ما يسمى بجيش الفتح و"جبهة النصرة"، وعدم اشراكها في الاتفاق، متهمين المجموعات المسلحة في بنش وتفتناز ورام حمدان، بأنهم يعملون وفق مصالحهم دون الالتفات للقرى والبلدات الاخرى في ريف ادلب.
ولم تكن هذه المطالب للمجموعات المسلحة في ريف ادلب عبثية، حيث تحدثت مصادر خاصة لـ"العهد"، ان تدابير خاصة اتخذتها غرفة العمليات المشتركة في انطاكية التركية، والتي تدير العمليات العسكرية للمسلحين في الشمال السوري، والتي تشرف عليها المخابرات السعودية والتركية، للمماطلة والتسويف في تنفيذ المرحلة الاولى من الاتفاق، بعد الايعاز السعودي لما يسمى بكتيبة "احرار سراقب"، بالإضافة الى "الجبهة الاسلامية" وما يطلق عليه جيش المجاهدين، الى العمل على تعطيل تنفيذ الاتفاق، بالذات بعد التوجيه التركي لمسلحي الجيش الاسلامي التركستاني وكتيبة الاوزبك، والذين يعتبرون من اشرس المجموعات التي تقود الهجوم على بلدتي الفوعة وكفريا، ان يقودوا الاحتجاجات مع مسلحي "جبهة النصرة" لإفشال الاتفاق من داخل ما يسمى بجيش الفتح، واختلاق أي حجة لمعاودة مهاجمة بلدتي الفوعة وكفريا.
اما جنوباً في ريف دمشق، فقد كان واضحاً دور المخابرات التركية والسعودية الذي سرب حديثا لزهران علوش يتهم فيه ما يسمى بجيش الفتح وحركة "احرار الشام"، بأنهم اداة في يد المخابرات التركية، بهدف تعميق الخلاف بين المجموعات المسلحة، لسهولة السيطرة عليها، وتمرير بعض المشاريع عبر اللعب على التناقضات بين تلك المجموعات، في الوقت الذي تسوق فيه تركيا والسعودية انها ملتزمة بتحويل وقف اطلاق النار الى هدنة دائمة، لكن في حقيقة الامر ان المخابرات التركية والسعودية لم تفقد الامل من العودة الى المعارك، واقتحام بلدتي الفوعة وكفريا، بهدف اعادة التوزيع الديمغرافي في ريف ادلب الشمالي، وخلق منطقة تتبع بشكل كامل لغرفة عمليات انطاكية، بالاضافة الى التظاهر بالتمسك بالهدنة، للحصول على مكاسب سياسية عبر الظهور بمظهر المتعاون في حل بعض القضايا المتعلقة بالحرب في سورية.
المصدر :
العهد | حسين مرتضى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة