دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعد اشتداد إرهاب «ولاية سيناء» المنتمية لتنظيم «داعش»، لم يشكل الأمر مشكلة لمصر وقواتها الأمنية التي تعرضت لضربات مادية ومعنوية فحسب، وإنما أيضا لجهات أخرى.
وعدا الخلاف القائم بين مصر وسلطة «حماس» في قطاع غزة بشأن الاتهامات بمساندة أو عدم مساندة «داعش»، ظهر الاهتمام الإسرائيلي خصوصا بعد تنفيذ إسلاميين بعض عمليات إطلاق صواريخ ضد إسرائيل.
لكن الجديد في الأمر أن صحفاً أميركية أشارت قبل أسبوع أو أكثر إلى تفكير الإدارة الأميركية بسحب جنودها من القوة المتعددة الجنسيات التي أنشئت بموجب اتفاقيات كامب ديفيد.
وأمس نشر موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي أن كلا من مصر وإسرائيل، لاعتبارات متعددة، تعملان ضد سحب القوة المتعددة الجنسيات من سيناء على الأقل لمنع «داعش» من تحقيق انتصار معنوي.
وكتب المراسل السياسي للموقع، أمير تيفون، أن معضلة دولية نشأت في سيناء على خلفية تصاعد الاشتباكات بين الجيش المصري والجماعات السلفية في شبه جزيرة سيناء.
وأشار إلى أن الدول الغربية بدأت في دراسة أمر إبطال قوة السلام المتعددة الجنسيات العاملة في سيناء منذ إبرام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.
وأوضح أن مصر وإسرائيل أعربتا عن رغبتهما في استمرار هذه القوة، ما استدعى في الأيام الأخيرة إجراء اتصالات بين الدول الأعضاء في القوة ومصر لبثّ سبل زيادة الحماية التي توفرها مصر لهذه القوة.
ونُشرت عدة تقارير في الأسابيع الأخيرة عن دراسة الدول المشاركة في القوة المتعددة الجنسيات لأمر سحب جنودها من سيناء.
وتضم القوة جنودا من الولايات المتحدة، استراليا، كندا، كولومبيا، تشيكيا، فيجي، فرنسا، هنغاريا، إيطاليا، نيوزلندا، النروج، وأورغواي.
ونقل الموقع الإخباري الإسرائيلي عن مصدر ديبلوماسي غربي قالت إنه ضالع في الاتصالات بهذا الشأن قوله إن معضلة الاثنتي عشرة دولة هذه «هي أننا حائرون في متى تحين اللحظة التي يرتفع فيها مستوى الخطر بوضوح على مستوى مساهمة القوة».
وبحسب الديبلوماسي الغربي ذاته، فإن «الهدف الأصلي للقوة وقتما أنشأناها، كان المساعدة في التنسيق الجاري بين إسرائيل ومصر في المجال الأمني. وقد أعلنت سيناء كمنطقة عسكرية منزوعة السلاح، ودور القوة كان الحفاظ على الهدوء على الحدود. واليوم لا تحتاج إسرائيل ومصر لهذه القوة الدولية للتنسيق في ما بينهما، نتنياهو والسيسي يتحادثان كثيرا على الهاتف، وكبار المسؤولين الإسرائيليين يطيرون إلى القاهرة بل توقف. فضلا عن ذلك، وافقت إسرائيل على تمكين مصر من انتهاك اتفاق السلام وإدخال قوات عسكرية إلى سيناء، لأن من مصلحة الدولتين ضرب المنظمات الإرهابية هناك. في وضع كهذا ليس واضحا مقدار حاجتهم لنا».
وأضاف هذا الديبلوماسي أن «واقع أن القوة صارت أقل ضرورة مما كانت في الماضي لا يعني بالضرورة سحبها، لأن وضعا كهذا يمكن أن يتغير. والمشكلة هي أنه بموازاة العملية الجارية بين إسرائيل ومصر، طرأ تدهور في الوضع الأمني في سيناء ونشأ وضع صارت فيه القوة معرضة لخطر فعلي. حتى اليوم لم تضرب المنظمات الإرهابية في سيناء القوة الدولية، ربما من منطلق قرار بأن هذا لا يناسب مصلحتهم في هذا الوقت، لكنّ هناك تطرفاً متواصلاً في المنظمات العاملة هناك. فقط مؤخرا رأينا أن التنظيم المتماثل مع «داعش» قتل بوحشية مواطناً كرواتياً كان يعمل لمصلحة شركة نفط في القاهرة. يستحيل معرفة متى ستحين مرحلة يقررون فيها مهاجمة القوة المتعددة الجنسيات».
وأشار تقرير «والا» إلى أن قدرات القوة الدولية في سيناء العسكرية محدودة. فالقوة تضم أكثر من ألف جندي، لكنها موزعة في قواعد مختلفة وأسلحتهم لا تناسب قتالا كثيفا ومتواصلا. وفي حالة تعرض قواعد أو دوريات هذه القوة لهجمات من الإرهابيين فإنها تعرّض نفسها لخطر شديد. وتخشى الدول المشاركة في القوة أن لا يتمكن الجيش المصري من الرد بالسرعة والنجاعة الكافية، فضلا عن أن المصريين سيمنعون الإسرائيليين من التدخل خشية المساس بالسيادة المصرية.
كل الأسباب السالفة قادت الدول المشاركة في القوة إلى الشروع في الحديث علناً عن سحب القوة. ولكن القاهرة وتل أبيب تريدان بقاء القوة على الأقل في الفترة القريبة. إذ تخشى مصر أن يضر سحب القوة بصورة مصر الدولية، الأمر الذي سيزيد من الضرر الواقع على السياحة وعلى الاستثمارات في مصر في السنوات الأخيرة.
وفي إسرائيل تقديرات بأن سحب القوة سيشكل حقنة تشجيع للمتطرفين في شبه جزيرة سيناء، وهم سيعرضون الأمر كإنجاز لهم.
وبهدف منع الانسحاب الفوري تعمل الدول المشاركة مع مصر لمعرفة إن كان بالوسع زيادة الحماية التي يوفرها الجيش المصري للقوة.
وأشارت «والا» إلى أن نشر مسألة سحب القوة أوقف المصريين على خطورة المشكلة، لكن نشر المسألة أثار مخاوف لدى الغربيين من احتمال أن يشجع ذلك المنظمات الإرهابية في سيناء على العمل ضد هذه القوة.
ويخلص موقع «والا» إلى أن إسرائيل ترى أن سحب القوة الدولية لن يغير الوضع الأمني على الحدود الجنوبية في المدى المنظور، لكن ذلك يشكل إنجازاً معنوياً وإعلامياً للمنظمات الإرهابية في سيناء.
عدا ذلك، فإن سحب القوة يمكن أن يؤثر على موقف إسرائيل في المحادثات المستقبلية مع السلطة الفلسطينية.
ومعروف أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان قد عرض نشر قوة دولية بين الدولة الفلسطينية ونهر الأردن. ورفضت إسرائيل العرض وأصرت على وجود عسكري إسرائيلي على نهر الأردن.
وسحب القوة الدولية على خلفية تهديدات إرهابية يمكن أن يعزز معارضة إسرائيل نشر قوات دولية في الضفة الغربية مستقبلا.
المصدر :
الماسة السورية / حلمي موسى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة