هو المشهد ذاته يتكرر مرة أخرى في الجنوب السوري، غارات إسرائيلية على مواقع سورية في القنيطرة تزامناً مع انتصارات تخطها قوات الجيش السوري والمقاومة في الزبداني بريف دمشق وسهل الغاب بريف حماه على التوازي.

طائرة اسرائيلية بدون طيار نفذت غارة جوية على سيارة مدنية قرب سوق شعبي في مدينة الكوم بريف القنيطرة ذهب ضحيتها عدد من الشهداء من المدنيين العزل بعد يوم على استهدافها مواقع في المنطقة ذاتها، رداً على ما وصفته بأنه إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، حينها سارعت تل أبيب لاتهام حركة "الجهاد الإسلامي"، التي نفت من جانبها أي صلة لها بالسيارة التي أعلنت إسرائيل عن استهدافها في القنيطرة، مؤكداً أن "ليس هناك من وجود عسكري للجهاد الإسلامي في تلك المناطق"، وأن مقاتلي سرايا القدس، الجناح العسكري للحركة، وسلاحها وعملياتها "فقط على أرض فلسطين".

 لماذا القنيطرة مرة أخرى؟

 فشلت المجموعات المسلحة مؤخراً في إحداث أي تقدم ميداني في كل من الزبداني التي يحاول مسلحوها الوصول إلى تسوية مع الجيش والمقاومة تعيقها الأطراف الدولية، وفي سهل الغاب حيث لم تنجح المحاولات التركية في إحداث أي خرق، وفيما تتقدم قوات الجيش السوري والمقاومة في المنطقتين الاستراتيجيتين تأتي المحاولات الاسرائيلية لتحويل الأنظار نحو الجنوب السوري وتخفيف الضغط عن المسلحين في باقي المناطق، وسط محاولاتها المستمرة لإفشال الاتفاق النووي الإيراني الذي بدأت معالم توقيعه ترتسم جلياً على الأرض، الأمر الذي أقلق تل أبيب ودفعها لاتهام إيران دون غيرها بإطلاق الصواريخ الأربعة.

 تعليقا على ذلك، يتحدث المحلل السياسي السوري بسام أبو عبدالله لموقع "العهد الاخباري"، أن"الهدف الأول من توقيت هذه الغارة على القنيطرة هو دعم المجموعات المسلحة على الأرض، خاصة مع قرب سيطرة الجيش السوري والمقاومة على منطقة الزبداني وشعور اسرائيل أن المسلحين اليوم على وشك الانهيار تماماً، فنصر القصير مازال يخيم على أذهان المسلحين ومن يدعمهم لا يرغب بإنجاز جديد".

ويضيف أبو عبدالله: "الهدف الثاني للغارة هو توجيه الاتهام لإيران بعد الاتفاق النووي للقول أنها تدعم المقاومة على الحدود في الجولان من جهة وإيصال رسالة لمن يريدون تنفيذ الاتفاق أن إيران تعتبر أن اسرائيل عدواً لها من جهة ثانية، بالإضافة إلى استهداف مؤسسات الدولة السورية في الجنوب كما تفعل تركيا في الشمال السوري في محاولة لتفريغ مؤسسات الدولة السورية في المنطقة"، مؤكداً أن "ما حدث لن يؤثر على تنفيذ الاتفاق النووي بل هي محاولات للتضييق عليه فقط".

 البيان رقم 1 حرم "اسرائيل" من اتهام حزب الله

 لا يغيب صباح يوم 28 شباط/فبراير 2015 عن الأذهان، حينما أعلن البيان رقم واحد عن رد حزب الله الفوري وقيام مجموعة «شهداء القنيطرة الأبرار» في المقاومة الإسلامية باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطاً وجنوداً صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة مدمراً عددا منها وموقعاً قتلى وجرحى في صفوفهم، ومن بين القتلى قائد سرية في لواء "غفعاتي"

 لكن هذه المرة لم توجه اسرائيل اتهاماتها في سقوط الصواريخ لحزب الله كما العادة، فرد حزب الله على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت موكباً له في القنيطرة كان قاسياً في شبعا والاتهام يعني أن اسرائيل ستضطر للرد عليه وهذا يقود إلى استدراج حزب الله إلى مواجهة محتملة لا تستطيع اسرائيل تحمل تبعاتها، "من الواضح جداً أن اسرائيل اليوم لا تريد التصعيد"، يقول أبو عبد الله لـ"العهد"، "والدليل على ذلك هو تجنب اسرائيل التام لاتهام لحزب الله، فهي تعلم جيداً أن حزب الله سيرد كما فعل في مزارع شبعا".

 علاقة "اسرائيل" بالمجموعات المسلحة

 لم تكن الصورة الشهيرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نيتنياهو" في زيارة جرحى المجموعات المسلحة في أحد المشافي الاسرائيلية الدليل الوحيد على عمق التنسيق بين الطرفين بل هي واحدة من عشرات الأدلة، كان أبرزها زيارة العضو في الهيئة السياسية في «الائتلاف» المعارض كمال اللبواني اسرائيل للمشاركة في مؤتمر لمكافحة الإرهاب في اسرائيل، وكان ابن مدينة الزبداني التي تخوض اليوم أشرس المعارك ضد المجموعات المسلحة قد دعا أيضاً إلى التحالف مع إسرائيل من أجل "إلحاق الهزيمة بالنظام السوري وإيجاد منطقة عازلة".

 لا تخفي المجموعات المسلحة دعمها لتل أبيب، ومؤخراً نشرت المواقع التابعة لها فيديو يصور الغارة الاسرائيلية التي ضربت القنيطرة يوم الخميس الفائت وسط "تكبيرات" و"تهليلات" من قبل عناصر من المجموعات المسلحة، الأمر الذي لا يختلف كثيراً عن الفيديوهات ذاتها التي نشرتها "تنسيقيات المعارضة" حين نفذت اسرائيل سابقاً غارات على مواقع عسكرية سورية.

 وعليه، لا بد أن التغييرات السياسية التي تشهدها المنطقة عقب الاتفاق النووي الإيراني وتأثيرات ذلك على واقع الميدان في سورية كفيل بأن يسبب إرباكاً للمجموعات المسلحة ومن خلفها اسرائيل وخاصة في الشمال السوري دفعها لأحداث خرق قد يحدث فرقاً، لكن سير المعارك على الأرض يثبت أن لا شيء يوقف تقدم الجيش السوري والمقاومة في طريقهما نحو النصر.

  • فريق ماسة
  • 2015-08-24
  • 7255
  • من الأرشيف

لماذا أغارت ’تل أبيب’ على القنيطرة؟ .....بقلم عبير ديبة

هو المشهد ذاته يتكرر مرة أخرى في الجنوب السوري، غارات إسرائيلية على مواقع سورية في القنيطرة تزامناً مع انتصارات تخطها قوات الجيش السوري والمقاومة في الزبداني بريف دمشق وسهل الغاب بريف حماه على التوازي. طائرة اسرائيلية بدون طيار نفذت غارة جوية على سيارة مدنية قرب سوق شعبي في مدينة الكوم بريف القنيطرة ذهب ضحيتها عدد من الشهداء من المدنيين العزل بعد يوم على استهدافها مواقع في المنطقة ذاتها، رداً على ما وصفته بأنه إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، حينها سارعت تل أبيب لاتهام حركة "الجهاد الإسلامي"، التي نفت من جانبها أي صلة لها بالسيارة التي أعلنت إسرائيل عن استهدافها في القنيطرة، مؤكداً أن "ليس هناك من وجود عسكري للجهاد الإسلامي في تلك المناطق"، وأن مقاتلي سرايا القدس، الجناح العسكري للحركة، وسلاحها وعملياتها "فقط على أرض فلسطين".  لماذا القنيطرة مرة أخرى؟  فشلت المجموعات المسلحة مؤخراً في إحداث أي تقدم ميداني في كل من الزبداني التي يحاول مسلحوها الوصول إلى تسوية مع الجيش والمقاومة تعيقها الأطراف الدولية، وفي سهل الغاب حيث لم تنجح المحاولات التركية في إحداث أي خرق، وفيما تتقدم قوات الجيش السوري والمقاومة في المنطقتين الاستراتيجيتين تأتي المحاولات الاسرائيلية لتحويل الأنظار نحو الجنوب السوري وتخفيف الضغط عن المسلحين في باقي المناطق، وسط محاولاتها المستمرة لإفشال الاتفاق النووي الإيراني الذي بدأت معالم توقيعه ترتسم جلياً على الأرض، الأمر الذي أقلق تل أبيب ودفعها لاتهام إيران دون غيرها بإطلاق الصواريخ الأربعة.  تعليقا على ذلك، يتحدث المحلل السياسي السوري بسام أبو عبدالله لموقع "العهد الاخباري"، أن"الهدف الأول من توقيت هذه الغارة على القنيطرة هو دعم المجموعات المسلحة على الأرض، خاصة مع قرب سيطرة الجيش السوري والمقاومة على منطقة الزبداني وشعور اسرائيل أن المسلحين اليوم على وشك الانهيار تماماً، فنصر القصير مازال يخيم على أذهان المسلحين ومن يدعمهم لا يرغب بإنجاز جديد". ويضيف أبو عبدالله: "الهدف الثاني للغارة هو توجيه الاتهام لإيران بعد الاتفاق النووي للقول أنها تدعم المقاومة على الحدود في الجولان من جهة وإيصال رسالة لمن يريدون تنفيذ الاتفاق أن إيران تعتبر أن اسرائيل عدواً لها من جهة ثانية، بالإضافة إلى استهداف مؤسسات الدولة السورية في الجنوب كما تفعل تركيا في الشمال السوري في محاولة لتفريغ مؤسسات الدولة السورية في المنطقة"، مؤكداً أن "ما حدث لن يؤثر على تنفيذ الاتفاق النووي بل هي محاولات للتضييق عليه فقط".  البيان رقم 1 حرم "اسرائيل" من اتهام حزب الله  لا يغيب صباح يوم 28 شباط/فبراير 2015 عن الأذهان، حينما أعلن البيان رقم واحد عن رد حزب الله الفوري وقيام مجموعة «شهداء القنيطرة الأبرار» في المقاومة الإسلامية باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطاً وجنوداً صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة مدمراً عددا منها وموقعاً قتلى وجرحى في صفوفهم، ومن بين القتلى قائد سرية في لواء "غفعاتي"  لكن هذه المرة لم توجه اسرائيل اتهاماتها في سقوط الصواريخ لحزب الله كما العادة، فرد حزب الله على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت موكباً له في القنيطرة كان قاسياً في شبعا والاتهام يعني أن اسرائيل ستضطر للرد عليه وهذا يقود إلى استدراج حزب الله إلى مواجهة محتملة لا تستطيع اسرائيل تحمل تبعاتها، "من الواضح جداً أن اسرائيل اليوم لا تريد التصعيد"، يقول أبو عبد الله لـ"العهد"، "والدليل على ذلك هو تجنب اسرائيل التام لاتهام لحزب الله، فهي تعلم جيداً أن حزب الله سيرد كما فعل في مزارع شبعا".  علاقة "اسرائيل" بالمجموعات المسلحة  لم تكن الصورة الشهيرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نيتنياهو" في زيارة جرحى المجموعات المسلحة في أحد المشافي الاسرائيلية الدليل الوحيد على عمق التنسيق بين الطرفين بل هي واحدة من عشرات الأدلة، كان أبرزها زيارة العضو في الهيئة السياسية في «الائتلاف» المعارض كمال اللبواني اسرائيل للمشاركة في مؤتمر لمكافحة الإرهاب في اسرائيل، وكان ابن مدينة الزبداني التي تخوض اليوم أشرس المعارك ضد المجموعات المسلحة قد دعا أيضاً إلى التحالف مع إسرائيل من أجل "إلحاق الهزيمة بالنظام السوري وإيجاد منطقة عازلة".  لا تخفي المجموعات المسلحة دعمها لتل أبيب، ومؤخراً نشرت المواقع التابعة لها فيديو يصور الغارة الاسرائيلية التي ضربت القنيطرة يوم الخميس الفائت وسط "تكبيرات" و"تهليلات" من قبل عناصر من المجموعات المسلحة، الأمر الذي لا يختلف كثيراً عن الفيديوهات ذاتها التي نشرتها "تنسيقيات المعارضة" حين نفذت اسرائيل سابقاً غارات على مواقع عسكرية سورية.  وعليه، لا بد أن التغييرات السياسية التي تشهدها المنطقة عقب الاتفاق النووي الإيراني وتأثيرات ذلك على واقع الميدان في سورية كفيل بأن يسبب إرباكاً للمجموعات المسلحة ومن خلفها اسرائيل وخاصة في الشمال السوري دفعها لأحداث خرق قد يحدث فرقاً، لكن سير المعارك على الأرض يثبت أن لا شيء يوقف تقدم الجيش السوري والمقاومة في طريقهما نحو النصر.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة