صدر أخيراً عن مجلس الأمن الدولي بيان رئاسي مضى أكثر من أسبوع على مناقشته لتشجيع الحلّ السياسي في سورية، والبيان الذي جاء حصيلة تفاوض روسي أميركي، لم يتطرّق لا من قريب ولا من بعيد إلى الرئاسة السورية، ولا إلى مفهوم يوضح غموض بيان جنيف المختلف على تفسيره بين واشنطن وموسكو، واكتفى بمساندة مساعي المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، ودعوته إلى تشكيل فرق عمل تهتمّ بشؤون النازحين والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، وشؤون وقف القتال والبحث عن الحلّ السياسي.

 تزامن الإعلان عن بيان مجلس الأمن الدولي حول سورية مع فشل المساعي لتشكيل حكومة ائتلافية في تركيا، من جانب حزب العدالة والتنمية مع توجيه اتهامات قاسية للخصوم الانتخابيين، والإعلان عن التحضير للدخول إلى الانتخابات النيابية المبكرة، مع تراجع الآمال التي بناها ركنا الحزب رئيس الجمهورية رجب أردوغان ورئيس حكومته داود أوغلو على المتغيّرات في الدور التركي في سورية من بوابة الحرب على «داعش»، حيث الشريك الأميركي مطالب بسداد فواتير الشراكة التركية في هذه الحرب برأي أردوغان وأوغلو، خصوصاً بمنح الضوء الأخضر لإقامة منطقة حظر جوي في شمال سورية، والبدء بتحجيم النفوذ الكردي من بوابة سورية وصولاً إلى العمق التركي، وقطاف كلّ ذلك أصوات انتخابية خلال ثلاثة شهور، ليأتي القطاف يباساً، وفشلاً ذريعاً، فالأميركيون أعلنوا بعدما تورّط أردوغان في إفشال الائتلاف الحكومي أنهم سيسحبون صواريخ الباتريوت التي كان حلم أردوغان بمنطقة الحظر الجوي يستند إليها، وأبلغوا رسمياً وصرّحوا علناً أنهم يدعمون حلاً سياسياً مع الأكراد، بينما خصوم أردوغان، يستعدّون للانتخابات وحساباتهم أنّ الفوز بالأكثرية هذه المرة سيكون من نصيبهم.

 بينما تركيا تنكفئ إلى الداخل، وتستعدّ للانتخابات كان لقاء وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في موسكو مناسبة للردّ على الموقفين التركي والسعودي، بتأكيد أنّ الحلّ في سورية يتمّ تحت راية الرئيس السوري بشار الأسد، وما بعد الحلّ تصير الرئاسة شأناً سورياً خاصاً تقرّره صناديق الاقتراع، وبالتزامن كان الرئيس الأسد يتفقّد القوات على خطوط القتال التي شهدت تصاعداً واضحاً في اليومين الأخيرين، وحملت الأنباء الواردة من جبهة الزبداني خصوصاً ما يؤكد دخول القوات السورية ومقاتلي المقاومة قلب المدينة وحسم السيطرة على الكتل الأساسية من الأبنية، ما جعل مصدر عسكري متابع يقول إنها قضية أيام قليلة مع نهاية الأسبوع تكون الزبداني بيد الجيش السوري والمقاومة، ويبدأ تدحرج كرة الثلج نحو غوطتي دمشق والأحياء المحيطة لتنظيفها.

 في لبنان حيث الارتباك السياسي والحكومي، لم يحجبا الضوء عن الحدث الأبرز الذي بقي ليوم جديد محور الاهتمام، بما مثله وقوع المطلوب الفارّ أحمد الأسير في قبضة الأمن العام تتويجاً لعمليات تتبّع وملاحقة معقدة استدعت الإعجاب والتنويه محلياً وعربياً ودولياً للكفاءة العالية والحِرفية والمهنية التي يتسم بها عمل هذا الجهاز ومديره العام اللواء عباس إبراهيم، وفيما تحدّثت تكهّنات كثيرة عن دور أجهزة فلسطينية في مساعدة الأمن العام على الإنجاز، قالت مصادر متابعة للملف الأمني إنه لو صحّ ذلك فهو يقيّد في رصيد الأمن العام كعلامة على إتقان المهمة، وأضافت أنّ البعد الدولي والإقليمي الأهمّ في قراءة سقوط الأسير في قبضة الأمن العام، ليس في محاولات البعض التدليل على تعاون أجهزة أخرى مع الأمن العام بهدف التهوين من قيمة الإنجاز، بل في فهم كيف تسقط الرموز التي تتورّط في الأدوار الاستخبارية من دون التعاون في إسقاطها، فعندما يكون التدخل الدولي الإقليمي في بلد كلبنان في ذروته تحظى هذه الرموز بتغطية وتتبّع أمنيين يحولان دون الوصول إليها، عبر تزويدها بكلّ ما تضع الأجهزة الدولية الإقليمية يدها عليه من معطيات تتصل باستهدافها، وتوفير شبكات حماية وإمكانات تتيح لها النفاذ من الملاحقة، وعندما ينتهي دورها ترفع شبكات الدعم والحماية وتقفل أقنية المعلومات والتحذيرات، فتصير هذه الرموز عرضة عند أول استهداف جدّي مدروس ومحترف للسقوط، ورأت المصادر أنّ مرحلة ما بعد التفاهم النووي الإيراني ستكون مرحلة عمل استخباري بامتياز يبدو أنّ الأمن العام متنبّه وجاهز لها، كما يبدو أنّ الأسير فيها هو أول الغيث.

  • فريق ماسة
  • 2015-08-17
  • 6274
  • من الأرشيف

تركيا تنكفئ للداخل استعداداً للانتخابات... والزبداني تشهد آخر المعارك .. والأسد يتفقد الجيش

صدر أخيراً عن مجلس الأمن الدولي بيان رئاسي مضى أكثر من أسبوع على مناقشته لتشجيع الحلّ السياسي في سورية، والبيان الذي جاء حصيلة تفاوض روسي أميركي، لم يتطرّق لا من قريب ولا من بعيد إلى الرئاسة السورية، ولا إلى مفهوم يوضح غموض بيان جنيف المختلف على تفسيره بين واشنطن وموسكو، واكتفى بمساندة مساعي المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، ودعوته إلى تشكيل فرق عمل تهتمّ بشؤون النازحين والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، وشؤون وقف القتال والبحث عن الحلّ السياسي.  تزامن الإعلان عن بيان مجلس الأمن الدولي حول سورية مع فشل المساعي لتشكيل حكومة ائتلافية في تركيا، من جانب حزب العدالة والتنمية مع توجيه اتهامات قاسية للخصوم الانتخابيين، والإعلان عن التحضير للدخول إلى الانتخابات النيابية المبكرة، مع تراجع الآمال التي بناها ركنا الحزب رئيس الجمهورية رجب أردوغان ورئيس حكومته داود أوغلو على المتغيّرات في الدور التركي في سورية من بوابة الحرب على «داعش»، حيث الشريك الأميركي مطالب بسداد فواتير الشراكة التركية في هذه الحرب برأي أردوغان وأوغلو، خصوصاً بمنح الضوء الأخضر لإقامة منطقة حظر جوي في شمال سورية، والبدء بتحجيم النفوذ الكردي من بوابة سورية وصولاً إلى العمق التركي، وقطاف كلّ ذلك أصوات انتخابية خلال ثلاثة شهور، ليأتي القطاف يباساً، وفشلاً ذريعاً، فالأميركيون أعلنوا بعدما تورّط أردوغان في إفشال الائتلاف الحكومي أنهم سيسحبون صواريخ الباتريوت التي كان حلم أردوغان بمنطقة الحظر الجوي يستند إليها، وأبلغوا رسمياً وصرّحوا علناً أنهم يدعمون حلاً سياسياً مع الأكراد، بينما خصوم أردوغان، يستعدّون للانتخابات وحساباتهم أنّ الفوز بالأكثرية هذه المرة سيكون من نصيبهم.  بينما تركيا تنكفئ إلى الداخل، وتستعدّ للانتخابات كان لقاء وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في موسكو مناسبة للردّ على الموقفين التركي والسعودي، بتأكيد أنّ الحلّ في سورية يتمّ تحت راية الرئيس السوري بشار الأسد، وما بعد الحلّ تصير الرئاسة شأناً سورياً خاصاً تقرّره صناديق الاقتراع، وبالتزامن كان الرئيس الأسد يتفقّد القوات على خطوط القتال التي شهدت تصاعداً واضحاً في اليومين الأخيرين، وحملت الأنباء الواردة من جبهة الزبداني خصوصاً ما يؤكد دخول القوات السورية ومقاتلي المقاومة قلب المدينة وحسم السيطرة على الكتل الأساسية من الأبنية، ما جعل مصدر عسكري متابع يقول إنها قضية أيام قليلة مع نهاية الأسبوع تكون الزبداني بيد الجيش السوري والمقاومة، ويبدأ تدحرج كرة الثلج نحو غوطتي دمشق والأحياء المحيطة لتنظيفها.  في لبنان حيث الارتباك السياسي والحكومي، لم يحجبا الضوء عن الحدث الأبرز الذي بقي ليوم جديد محور الاهتمام، بما مثله وقوع المطلوب الفارّ أحمد الأسير في قبضة الأمن العام تتويجاً لعمليات تتبّع وملاحقة معقدة استدعت الإعجاب والتنويه محلياً وعربياً ودولياً للكفاءة العالية والحِرفية والمهنية التي يتسم بها عمل هذا الجهاز ومديره العام اللواء عباس إبراهيم، وفيما تحدّثت تكهّنات كثيرة عن دور أجهزة فلسطينية في مساعدة الأمن العام على الإنجاز، قالت مصادر متابعة للملف الأمني إنه لو صحّ ذلك فهو يقيّد في رصيد الأمن العام كعلامة على إتقان المهمة، وأضافت أنّ البعد الدولي والإقليمي الأهمّ في قراءة سقوط الأسير في قبضة الأمن العام، ليس في محاولات البعض التدليل على تعاون أجهزة أخرى مع الأمن العام بهدف التهوين من قيمة الإنجاز، بل في فهم كيف تسقط الرموز التي تتورّط في الأدوار الاستخبارية من دون التعاون في إسقاطها، فعندما يكون التدخل الدولي الإقليمي في بلد كلبنان في ذروته تحظى هذه الرموز بتغطية وتتبّع أمنيين يحولان دون الوصول إليها، عبر تزويدها بكلّ ما تضع الأجهزة الدولية الإقليمية يدها عليه من معطيات تتصل باستهدافها، وتوفير شبكات حماية وإمكانات تتيح لها النفاذ من الملاحقة، وعندما ينتهي دورها ترفع شبكات الدعم والحماية وتقفل أقنية المعلومات والتحذيرات، فتصير هذه الرموز عرضة عند أول استهداف جدّي مدروس ومحترف للسقوط، ورأت المصادر أنّ مرحلة ما بعد التفاهم النووي الإيراني ستكون مرحلة عمل استخباري بامتياز يبدو أنّ الأمن العام متنبّه وجاهز لها، كما يبدو أنّ الأسير فيها هو أول الغيث.

المصدر : الماسة السورية / البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة