المعادلة الأولى التي على المنطقة أن تعي تبعاتها وأخطارها وأهدافها، وبخاصة بعدما ضرب الإرهاب عمقها التاريخي والجغرافي والمجتمعي والإنساني، هو السؤال الأهم، كيف يمكن مواجهة الإرهاب التكفيري في المنطقة عامةً، وسورية خاصة؟

وهنا، لابد من النظر في نقطتين:

أولاهما: العمل على مكامن الصناعة الإرهابية ذات الماركات العالمية المسجّلة حصراً، لمن اعترف بها على الملأ، وقال: نحن صنّعنا «القاعدة»، وتالياً النظر بما تفرّع عن تلك «القاعدة» من أجيال إرهابية وتنظيمات تكفيرية، حملت مسميات متعددة، كان لوجودها أهداف متعددة، منها ما كان أهدافاً للصانع، ومنها ما صار أهدافاً للمصنوع.

أما عن أهداف الصانع الصهيو-أمريكي، فكانت تتبلور في رسم خريطة جغرافية جديدة، ضمن استراتيجية فكرية سياسية بسيناريوهات متنوعة الرؤى، حتى لو لم تنجح هذه الأهداف مبدئياً في الوصول إلى مبتغاها بكسر خط المقاومة، في تلك البقعة المهمة من المنطقة، فالعين الاستعمارية مازالت تتطلّع إلى المحاولات في إيجاد البدائل لتحقيق الهدف نفسه، عبر المصنوع «الداعشي» والتنظيمات الإرهابية الأخرى على الأرض.. والذي صار على طول هذه المدة الزمنية إرهاباً واقعاً ومرتداً في آن معاً.. واقعاً كما رسمه له الصانع، ومرتداً، لم يحسب الصانع لذلك حساباً صحيحاً، حيث بدأت دول الغرب تعاني وتنظر بقلق العارف والصانع إلى ترددات الذبذبات الحالية الإرهابية المرتدة، وهي تتوجس الشر بخطر الإرهاب قبل استفحاله في أراضيها.

ثانيتهما: الوقوف والتفكير ملياً بالدول الداعمة والممولة لنمو ذاك الإرهاب، واستمرار بقائه، دون إدراك لما يقوم به هذا الإرهاب التكفيري من مذابح وتدمير وقتل طال كل ما وقعت عليه العين من بشر وحجر.

وإذا كان لهذين البندين أن يتحولا إلى حقيقة واقعة تدخل في حيز التنفيذ الفعلي، بما على مجلس الأمن والأمم المتحدة، أن تنفذه وتقرره وتضع اليد عليه، عندما يقوم المجتمع الدولي بواجبه بالشكل الأمثل، إضافة لما على أي مفكّر ومثقف وسياسي وإعلامي وعاقل أن يعرف أن النتيجة في مكافحة سرطان الإرهاب، يجب أن تكون ضرورة الأولويات الإعلامية، التي على منظومة الإعلام السريع أن تقوم بها، بنسيج متشابك الهدف، بفضح أساليب العمل الإرهابي، ووحشيته، وفكره الوهابي، وتأثيره في المجتمعات الداخلية والعربية والعالمية، والعمل على وضع الاستراتيجيات قريبة المدى للعمل عليها إقليمياً وعربياً.

ومن هنا، على تلك المنظومة الإعلامية أن تأخذ منحنيات أكثر قوةً، وأكثر تشابكاً في فضح ومجابهة مشروع التقسيم الكبير بالسيطرة على تلك المنطقة، مع التأكيد على بُعد المصداقية الإعلامية في طرح كل الدلائل والمؤشرات الميدانية والعملية وتوزيعها على الإعلام المقاوم والصديق.. في مواجهة الإعلام «الداعشي» الذي ضرب عرض الحائط بكل ما كان يقال عن المصداقية الإعلامية، والتي كثيراً ما كانت قنوات التضليل والفتن الطائفية والمذهبية تتبرأ منها، والقنوات ذات الأهداف والأبعاد المفتوحة على مصراعيها في تطبيق أرضية المشروع الصهيوني..

الموضوع باختصار، بالضرورة العاملة على تصنيع بنية ذات منجز إعلامي، ثقافي، فكري، سياسي، يسير متوازياً مع المنجز السياسي والعسكري، والرؤية التي بلورت فكر الدولة السورية خلال خمس سنوات مضت من الحرب الإرهابية التي مورست عليها.

وبين أهداف الصانع للإرهاب.. والإرهاب المصنوع، تباينت أهداف ورؤى، وتقاطعت أهداف ورؤى.. وبقيت سورية القلعة الشامخة، بميدانها وإنسانها، عصية على الانكسار.. وما على الصانع والمصنوع إلا أن يعيا ماهية الانقلاب باستراتيجية الصمود العربي السوري.
  • فريق ماسة
  • 2015-07-27
  • 11290
  • من الأرشيف

بين الصانع والمصنوع .. واستراتيجية الصمود ....بقلم د. رغداء مارديني

المعادلة الأولى التي على المنطقة أن تعي تبعاتها وأخطارها وأهدافها، وبخاصة بعدما ضرب الإرهاب عمقها التاريخي والجغرافي والمجتمعي والإنساني، هو السؤال الأهم، كيف يمكن مواجهة الإرهاب التكفيري في المنطقة عامةً، وسورية خاصة؟ وهنا، لابد من النظر في نقطتين: أولاهما: العمل على مكامن الصناعة الإرهابية ذات الماركات العالمية المسجّلة حصراً، لمن اعترف بها على الملأ، وقال: نحن صنّعنا «القاعدة»، وتالياً النظر بما تفرّع عن تلك «القاعدة» من أجيال إرهابية وتنظيمات تكفيرية، حملت مسميات متعددة، كان لوجودها أهداف متعددة، منها ما كان أهدافاً للصانع، ومنها ما صار أهدافاً للمصنوع. أما عن أهداف الصانع الصهيو-أمريكي، فكانت تتبلور في رسم خريطة جغرافية جديدة، ضمن استراتيجية فكرية سياسية بسيناريوهات متنوعة الرؤى، حتى لو لم تنجح هذه الأهداف مبدئياً في الوصول إلى مبتغاها بكسر خط المقاومة، في تلك البقعة المهمة من المنطقة، فالعين الاستعمارية مازالت تتطلّع إلى المحاولات في إيجاد البدائل لتحقيق الهدف نفسه، عبر المصنوع «الداعشي» والتنظيمات الإرهابية الأخرى على الأرض.. والذي صار على طول هذه المدة الزمنية إرهاباً واقعاً ومرتداً في آن معاً.. واقعاً كما رسمه له الصانع، ومرتداً، لم يحسب الصانع لذلك حساباً صحيحاً، حيث بدأت دول الغرب تعاني وتنظر بقلق العارف والصانع إلى ترددات الذبذبات الحالية الإرهابية المرتدة، وهي تتوجس الشر بخطر الإرهاب قبل استفحاله في أراضيها. ثانيتهما: الوقوف والتفكير ملياً بالدول الداعمة والممولة لنمو ذاك الإرهاب، واستمرار بقائه، دون إدراك لما يقوم به هذا الإرهاب التكفيري من مذابح وتدمير وقتل طال كل ما وقعت عليه العين من بشر وحجر. وإذا كان لهذين البندين أن يتحولا إلى حقيقة واقعة تدخل في حيز التنفيذ الفعلي، بما على مجلس الأمن والأمم المتحدة، أن تنفذه وتقرره وتضع اليد عليه، عندما يقوم المجتمع الدولي بواجبه بالشكل الأمثل، إضافة لما على أي مفكّر ومثقف وسياسي وإعلامي وعاقل أن يعرف أن النتيجة في مكافحة سرطان الإرهاب، يجب أن تكون ضرورة الأولويات الإعلامية، التي على منظومة الإعلام السريع أن تقوم بها، بنسيج متشابك الهدف، بفضح أساليب العمل الإرهابي، ووحشيته، وفكره الوهابي، وتأثيره في المجتمعات الداخلية والعربية والعالمية، والعمل على وضع الاستراتيجيات قريبة المدى للعمل عليها إقليمياً وعربياً. ومن هنا، على تلك المنظومة الإعلامية أن تأخذ منحنيات أكثر قوةً، وأكثر تشابكاً في فضح ومجابهة مشروع التقسيم الكبير بالسيطرة على تلك المنطقة، مع التأكيد على بُعد المصداقية الإعلامية في طرح كل الدلائل والمؤشرات الميدانية والعملية وتوزيعها على الإعلام المقاوم والصديق.. في مواجهة الإعلام «الداعشي» الذي ضرب عرض الحائط بكل ما كان يقال عن المصداقية الإعلامية، والتي كثيراً ما كانت قنوات التضليل والفتن الطائفية والمذهبية تتبرأ منها، والقنوات ذات الأهداف والأبعاد المفتوحة على مصراعيها في تطبيق أرضية المشروع الصهيوني.. الموضوع باختصار، بالضرورة العاملة على تصنيع بنية ذات منجز إعلامي، ثقافي، فكري، سياسي، يسير متوازياً مع المنجز السياسي والعسكري، والرؤية التي بلورت فكر الدولة السورية خلال خمس سنوات مضت من الحرب الإرهابية التي مورست عليها. وبين أهداف الصانع للإرهاب.. والإرهاب المصنوع، تباينت أهداف ورؤى، وتقاطعت أهداف ورؤى.. وبقيت سورية القلعة الشامخة، بميدانها وإنسانها، عصية على الانكسار.. وما على الصانع والمصنوع إلا أن يعيا ماهية الانقلاب باستراتيجية الصمود العربي السوري.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة