قبل أيام هدد أبو مالك التلي أمير «جبهة النصرة – فرع القاعدة في سورية»، بأنه سيجعل من الزبداني ناراً بوجه حزب الله… هذا الوعيد له قصة بحسب معلومات تسربت من داخل أجواء المسلحين الإرهابيين الموجودين في آخر معاقلهم التي انسحبوا إليها في جرود عرسال.

مفاد القصة أن التلي خسر هيبته بين عناصر الجرود سواء من «جبهة النصرة» أو بقية الفصائل الإسلامية السلفية التكفيرية الموجودة معه فوق الرقعة المتبقية لهم من القلمون. هؤلاء أصلاً لديهم قصة مع التلي الذي لا يزال يقودهم منذ ثلاث سنوات من هزيمة لأخرى.

والواقع أن البنية الأساسية لمسلحي «النصرة» المنقادة من التلي والفصائل الأخرى المتعايشة معه عدا «داعش» هم من الحماصنة وأجانب كانوا مع التلي منذ كان بداية في حمص، ومن ثم اضطر للانسحاب بهم أمام تقدم الجيش السوري إلى بلدة القصير حيث طرده منها حزب الله، ومن ثم انسحب بهم أي مجموعات العناصر ذاتها تقريبا إلى بلدة يبرود التي هاجم الحزب مواقعهم فيها ما دفعهم أيضاً للانسحاب منها إلى القلمون حيث تقهقر التلي مرة رابعة مع مسلحيه عينهم المقدرين بألفي عنصر ليستقروا موقتاً في مربعهم الأخير الكائن على قسم من جرود عرسال.

قبل نحو أسبوعين أبلغت التلي حلقة المساعدين الأقرب إليه بأنه يجري اتصالات مع جهات من أحرار الشام في مدينة الزبداني من أجل انتقاله إليها سراً، وبرر ذلك بأن معركة البقاء في جرود عرسال لم تعد مهمة لكون الحصار على مواقعهم سيصبح ستاتيكو طويلاً، بالتالي فان بقاءه الشخصي في تلك المنطقة ما عاد يقدم أو يؤخر للجهد العسكري الاستراتيجي للمعارضة السورية، وأنه سيكلف أحد نوابه بمهمة قيادة جماعته في جرود عرسال فيما هو سيرتب أمر انتقاله إلى الزبداني لينشئ هناك مع أحرار الشام ائتلافاً عسكرياً يحصن المدينة، على أن يصار لتعميم هذه التجربة في الغوطة الشرقية ليتم هناك إنشاء تحالف ضد غريمة زهران علوش.

ولكن تمنيات التلي لم تطابق حقل التطورات، إذ إنه تفاجأ بأن الجيش العربي السوري والمقاومة شنا هجوماً لتحريرها من المسلحين. وتقول المعلومات المسربة من جماعة التلي، إن الأخير تلقى استغاثات من داخل الزبداني لإرسال مجموعات لنجدتها عبر نقاط كانت لا تزال مفتوحة. وطالبته هذه الاستغاثات بالوفاء بوعده السابق لأحرار الشام بأنه قرر التحالف معهم في الزبداني ونقل تجربة هذا التحالف إلى الغوطة الشرقية لإنهاء حالة علوش فيها. ووعد التلي بتلبية هذه الاستغاثة، ولكن مرت أيام وهو لم يفعل ذلك. وحالياً انقطعت إمكانية الاتصال بين التلي والزبداني، وتعاظم بين حلقة مساعديه اتهامه بأنه صاحب آراء وخيارات وخطط عسكرية تصاب دائماً بالفشل. وأن خيار الزبداني جاء ليؤكد هذه الحقيقة. لكن التلي يصر على أن لديه تدبيراً لمعركة الزبداني، وجاء توعده عبر الإعلام لحزب الله في الزبداني ضمن سياق جهده للرد على منتقديه المتعاظم أعدادهم بين صفوف جماعاته في جرود عرسال، والتأكيد غير المباشر لهم بأنه يعد فعلاً للانتقام من هزائمه بوجه الحزب وأنه مصر على أن موعد الأخذ بالثأر سيكون في الزبداني.

تضيف هذه المعلومات أن التلي بات يمارس نوعاً من التقنين في تنقلاته خشية أن يتآمر عليه طامحون للحلول مكانه في منصب الأمير، وذلك عبر القيام بقتله تحت مبرر أنه المسؤول عن إلحاق الهزيمة بهم منذ القصير حتى جرود القلمون. والتلي حالياً كما تتسرب عنه المعلومات يكثر من اتهام زهران علوش بالتآمر ضده، بدعوى أن الأخير لم يحرك ساكناً لنجدته في معركة القلمون الأولى قبل نحو شهرين، على رغم أنه أكثر المتضررين من إقفال الجيش السوري والمقاومة لهذه المنطقة.

العارفون بأوضاع الجماعات الإرهابية يقولون إن الخلاف بين التلي وعلوش قائم منذ ما قبل معركة القلمون، وهو عداء موروث بينهم ويعود لوجود حساسية بين بلدة التل التي منها أبو مالك وبلدة دوما مسقط رأس علوش. فالأخيرة تعتبر نفسها جزءاً من دمشق وتنظر لبلدة التل القريبة منها على رغم أنها تقع في محافظة ثانية، نظرة فوقية. فيما الأخيرة تأخذ على دوما أنها تنسب لنفسها صفة القرب من دمشق ومجتمعها على رغم أنها ريفية في اجتماعها.

طبعاً هذه الحساسيات القديمة كان طواها الزمن بعد تعمق سياسات الدولة الوطنية في بلدات وقرى سورية. ولكن الملاحظ بحسب متابعين لأوضاع الفصائل التكفيرية في سورية، أنها أعادت إحيائها بغرض استغلالها في حروبها البينية على استقطاب بلدات وقرى وأحياء.

  • فريق ماسة
  • 2015-07-09
  • 12763
  • من الأرشيف

بعد تهديده بالثأر في معركة الزبداني..ماذا فعل حزب الله بأبو مالك التلي؟!

قبل أيام هدد أبو مالك التلي أمير «جبهة النصرة – فرع القاعدة في سورية»، بأنه سيجعل من الزبداني ناراً بوجه حزب الله… هذا الوعيد له قصة بحسب معلومات تسربت من داخل أجواء المسلحين الإرهابيين الموجودين في آخر معاقلهم التي انسحبوا إليها في جرود عرسال. مفاد القصة أن التلي خسر هيبته بين عناصر الجرود سواء من «جبهة النصرة» أو بقية الفصائل الإسلامية السلفية التكفيرية الموجودة معه فوق الرقعة المتبقية لهم من القلمون. هؤلاء أصلاً لديهم قصة مع التلي الذي لا يزال يقودهم منذ ثلاث سنوات من هزيمة لأخرى. والواقع أن البنية الأساسية لمسلحي «النصرة» المنقادة من التلي والفصائل الأخرى المتعايشة معه عدا «داعش» هم من الحماصنة وأجانب كانوا مع التلي منذ كان بداية في حمص، ومن ثم اضطر للانسحاب بهم أمام تقدم الجيش السوري إلى بلدة القصير حيث طرده منها حزب الله، ومن ثم انسحب بهم أي مجموعات العناصر ذاتها تقريبا إلى بلدة يبرود التي هاجم الحزب مواقعهم فيها ما دفعهم أيضاً للانسحاب منها إلى القلمون حيث تقهقر التلي مرة رابعة مع مسلحيه عينهم المقدرين بألفي عنصر ليستقروا موقتاً في مربعهم الأخير الكائن على قسم من جرود عرسال. قبل نحو أسبوعين أبلغت التلي حلقة المساعدين الأقرب إليه بأنه يجري اتصالات مع جهات من أحرار الشام في مدينة الزبداني من أجل انتقاله إليها سراً، وبرر ذلك بأن معركة البقاء في جرود عرسال لم تعد مهمة لكون الحصار على مواقعهم سيصبح ستاتيكو طويلاً، بالتالي فان بقاءه الشخصي في تلك المنطقة ما عاد يقدم أو يؤخر للجهد العسكري الاستراتيجي للمعارضة السورية، وأنه سيكلف أحد نوابه بمهمة قيادة جماعته في جرود عرسال فيما هو سيرتب أمر انتقاله إلى الزبداني لينشئ هناك مع أحرار الشام ائتلافاً عسكرياً يحصن المدينة، على أن يصار لتعميم هذه التجربة في الغوطة الشرقية ليتم هناك إنشاء تحالف ضد غريمة زهران علوش. ولكن تمنيات التلي لم تطابق حقل التطورات، إذ إنه تفاجأ بأن الجيش العربي السوري والمقاومة شنا هجوماً لتحريرها من المسلحين. وتقول المعلومات المسربة من جماعة التلي، إن الأخير تلقى استغاثات من داخل الزبداني لإرسال مجموعات لنجدتها عبر نقاط كانت لا تزال مفتوحة. وطالبته هذه الاستغاثات بالوفاء بوعده السابق لأحرار الشام بأنه قرر التحالف معهم في الزبداني ونقل تجربة هذا التحالف إلى الغوطة الشرقية لإنهاء حالة علوش فيها. ووعد التلي بتلبية هذه الاستغاثة، ولكن مرت أيام وهو لم يفعل ذلك. وحالياً انقطعت إمكانية الاتصال بين التلي والزبداني، وتعاظم بين حلقة مساعديه اتهامه بأنه صاحب آراء وخيارات وخطط عسكرية تصاب دائماً بالفشل. وأن خيار الزبداني جاء ليؤكد هذه الحقيقة. لكن التلي يصر على أن لديه تدبيراً لمعركة الزبداني، وجاء توعده عبر الإعلام لحزب الله في الزبداني ضمن سياق جهده للرد على منتقديه المتعاظم أعدادهم بين صفوف جماعاته في جرود عرسال، والتأكيد غير المباشر لهم بأنه يعد فعلاً للانتقام من هزائمه بوجه الحزب وأنه مصر على أن موعد الأخذ بالثأر سيكون في الزبداني. تضيف هذه المعلومات أن التلي بات يمارس نوعاً من التقنين في تنقلاته خشية أن يتآمر عليه طامحون للحلول مكانه في منصب الأمير، وذلك عبر القيام بقتله تحت مبرر أنه المسؤول عن إلحاق الهزيمة بهم منذ القصير حتى جرود القلمون. والتلي حالياً كما تتسرب عنه المعلومات يكثر من اتهام زهران علوش بالتآمر ضده، بدعوى أن الأخير لم يحرك ساكناً لنجدته في معركة القلمون الأولى قبل نحو شهرين، على رغم أنه أكثر المتضررين من إقفال الجيش السوري والمقاومة لهذه المنطقة. العارفون بأوضاع الجماعات الإرهابية يقولون إن الخلاف بين التلي وعلوش قائم منذ ما قبل معركة القلمون، وهو عداء موروث بينهم ويعود لوجود حساسية بين بلدة التل التي منها أبو مالك وبلدة دوما مسقط رأس علوش. فالأخيرة تعتبر نفسها جزءاً من دمشق وتنظر لبلدة التل القريبة منها على رغم أنها تقع في محافظة ثانية، نظرة فوقية. فيما الأخيرة تأخذ على دوما أنها تنسب لنفسها صفة القرب من دمشق ومجتمعها على رغم أنها ريفية في اجتماعها. طبعاً هذه الحساسيات القديمة كان طواها الزمن بعد تعمق سياسات الدولة الوطنية في بلدات وقرى سورية. ولكن الملاحظ بحسب متابعين لأوضاع الفصائل التكفيرية في سورية، أنها أعادت إحيائها بغرض استغلالها في حروبها البينية على استقطاب بلدات وقرى وأحياء.

المصدر : البناء/ يوسف المصري


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة